اليوم: 5 سبتمبر، 2022

فكيني من شرك يا لطيفة

كنا في السابق نشكو لشركات الاتصالات وهيئة الاتصالات من إزعاج الرسائل الدعائية على الهواتف المتنقلة وأنها زادت عن الحد الذي يمكن تحمله، ولم يحدث تطور يذكر في أمر الحد من إزعاج تلك الرسائل، بل لعل الأمر تطور إلى اتصالات مباشرة على رقم الهاتف الجوال وفي أوقات الراحة، خاصة الظهيرة، ووقت الغداء أو الاسترخاء بعده.

الجوال ملكية خاصة ورقمه يفترض أن يكون له خصوصية، وبعض الأشخاص هاتفه الجوال خصصه لحالات طارئة ليلا ونهارا ولا يستطيع قفل الصوت، والفقير إلى عفو ربه أحدهم، فقد جعلت هاتفي الجوال تطوعيا على أهبة الاستعداد لمباشرة حالات عض الثعابين أو لدغات العقارب في غرف الطوارئ في المملكة ودول الخليج عند الحاجة حتى بعد تقاعدي عن العمل في المستشفى.

مشكلة الإزعاج بالرسائل والاتصالات في تزايد، فلا يمر يوم إلا جاءك اتصال أو أكثر لينكد عليك راحتك رغم نعومة الصوت (النكدي) قائلا: (معك تغريد وقتك يسمح لعرض مفيد؟) أو (معك أنغام وقتك تمام؟) والحقيقة أن الاتصال لم يكن تغريدا ولا أنغاما بل تنكيد وإرغام على سماع عرض لاستثمار عقاري أو ترويج لسلعة ليس لي فيها لا رغبة ولا شأن ولم تكن في الحسبان.

شكونا هذا الإزعاج كثيرا ورجونا شركات الاتصالات أن تحمينا منه، لكن يبدو أن مقدم الخدمة، ومن كثرة الشكاوى، وجد الفكرة مناسبة لتسويق باقاته، فأصبح الاتصال الأكثر يأتي من مقدم الخدمة نفسه (معك لطيفة، أنت باقتك كذا ولم تستفد منها في كذا ولدينا عرض لباقة جديدة لا تزيد إلا 200 ريال فقط وتحصل على دقائق مجانية داخل الشبكة وخارج الشبكة ودقائق مجانية دولية) شكرا لطيفة لست في حاجة لدقائق مجانية، أنا في حاجة لدقائق أرتاح فيها من عناء يومي بنومي، فكوني لطيفة حقا ودعيني في حالي وفكيني من شرك يا لطيفة.

الأهم أن نجد من يكفينا شر ذلك الإزعاج الدعائي البحت، فثمة طرق للدعاية والإعلان تتم دون اختراق لخصوصية المستهدف وعبر قنوات مدفوعة يترك فيها الخيار لمن يريد المشاهدة والاستماع والاختيار بحرية ودون إجبار.

نشر في صحيفة الرياض يوم الثلاثاء 3 صفر 1444هـ 30 أغسطس 2022م

مريضتا سرطان وأسنان وطبيبان (مزوغان)

مريضة السرطان – شفاها الله وأثابها – بلغ منها المرض العضال مبلغا فوصل للعمود الفقري وتسبب في شل حركتها وأصبحت في حاجة إلى نقلها لمواعيدها في المستشفى المتخصص بواسطة سيارة إسعاف وهي خدمة تقدمها الدولة – رعاها الله – لهذه الفئة من المرضى بعد تقرير طبي من طبيبها المختص يفيد بتفاصيل حالتها وحاجتها، لكن الطبيب لم يحضر لكتابة التقرير وما زالت المنسقة تنتظره حتى كتابة هذا المقال فجر الاثنين.

أما مريضة الأسنان فقد جاءت إلى المستشفى متأخرة عن موعدها سبع دقائق فقط بسبب تحويلة جديدة عطلت السير، ومع أن نظام المستشفى الحكومي يمنح المريض فرصة التأخر عشر دقائق إلا أن طبيبة الأسنان رفضت إدخال المريضة ولم تقبل توسلها وعذرها وحجتها بأنها لم تتجاوز سبع دقائق وأصرت الطبيبة على عودتها من حيث أتت رغم بعد المسافات وبعد المواعيد، وأمام إصرار الطبيبة اقترحت المريضة أن تعاقب بالانتظار حتى تنتهي الطبيبة من جميع مرضاها، لكن الاقتراح رفض، ثم أشفقت عليها مريضة أخرى وتنازلت لها عن موعدها مع ذات الطبيبة لكن الطبيبة أصرت، ورحمها الله بموظف مواعيد مخلص في قلبه رحمه فنسق لها مع طبيب أسنان آخر فتولى أمرها.

كما تلاحظون فإنني لا أذكر أسماء أطباء ولا مستشفيات ولا تفاصيل حالات، لأن الهدف ليس التشهير بأحد ولا تخصيص القصور على مستشفى بعينه ولا تخصص معين، وإنما التنبيه لظاهرة حرص بعض أطباء المستشفيات الحكومية على مغادرة مقر عملهم الحكومي لمستشفى خاص واختلاف تعامل بعضهم مع مرضى المستشفى الحكومي ومرضى الخاص بما يسيء للمستشفى الحكومي، (وهو من السوء براء)، وأشهد بالله أن الدولة والوطن ممثلا في وزارة الصحة ومستشفيات القطاعات الأخرى سواء العسكرية أو الجامعية لم تقصر ولم تألُ جهدا لكن القطاع الخاص أفسد بعض ضعاف النفوس من الأطباء بسرقة وقتهم وجعلهم في عجلة من أمرهم للذهاب لمستشفى خاص من أجل كسب إضافي غير مشروع وغير نظامي وهو ما أسميه دوما (تزويغ) من الدوام وبالمناسبة فإن “زوغ” كلمة عربية فصيحة في معاجم اللغة تستخدم لمن زوغ عن محاضرة أو عن عمله.

كل الأمل والرجاء من معالي وزير الصحة ومديري الشؤون الصحية بالقطاعات الأخرى مراقبة هذه السلوكيات والمخالفات وإيقافها تماما فليس من حق أي ممارس صحي ولا غيره من الموظفين الإساءة إلى جهود جبارة إنسانية عظيمة تقدمها الدولة – أعزها الله – من أجل جشع وطمع وأنانية ومحاولة كسب إضافي غير نظامي وعلى حساب مرضى فيهم ما يكفيهم من الألم والمعاناة ووطنهم يقدم لهم رعاية لا مثيل لها لولا تقصير أفراد يجب ردعهم، وقد صدر من مجلس الوزراء الموقر ضوابط دقيقة ومحكمة ومراقبة إلكترونيا كفيلة بتنظيم العلاقة بين الممارس الصحي الحكومي والقطاع الخاص بما يحفظ حق المريض أولا وحق الوطن وصدرت منذ أربعة أشهر وحسبما علمت أن مثل هذه الضوابط تدخل حيز التنفيذ خلال ثلاثة أشهر.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأربعاء 26 محرم 1444هـ 24 أغسطس 2022م