اليوم: أوت 16, 2023

فصيلة دم يا وزارة الصحة

أولا أرجو ألا يعتقد أحد أننا نتحدث هنا عن قصور في إمكانات تقنية أو أجهزة، فوطننا بلغ في مجال تسخير التقنية والتجهيز والإمكانات الفنية في جميع المجالات، ومنها الصحية، مبلغا عظيما تفوق على دول متقدمة كانت قد سبقتنا فتخطيناها بمراحل ولعل تعاطينا المتميز مع أزمة كورونا خير شاهد ودليل.

وفحص فصيلة الدم عمل مخبري سهل جدا وبدائي، كنا نجريه لبعضنا البعض ونحن طلاب المراحل الأولى في كلية الصيدلة، فهو لا يحتاج لأجهزة وكل ما يحتاجه هو ثلاث شرائح زجاجية عادية صغيرة وثلاث نقط دم من المفحوص فصيلته وثلاثة أنواع من الكواشف يوضع نوع منها على كل نقطة دم وبناء على حدوث ترسيب مع أحد الكواشف نحدد الفصيلة.

نحن هنا نتحدث عن ضعف في التنسيق الإداري قد يؤدي إلى إرهاق المراجع وتتحطم عليه جهود بذلت منذ عام 2017م للتسهيل على المريض وأقاربه عندما تم التطبيق الفعلي للخدمات الإلكترونية بالتطبيق العملي الحقيقي لخدمات الرقم 937، حيث بلغ ذروته أثناء أزمة كورونا مع بداية منع التجول في أبريل 2020م من حيث عدد الاتصالات وإنجاز الخدمات عن بعد، ثم القفزة النوعية بتسخير تقنيات الأتمتة المتقدمة جدا وعلى رأسها تطبيقات (توكلنا) و(صحتي).

ولعلي ألخص تنبيهي بالقول إن أحد متطلبات إصدار البطاقة الجامعية في الجامعات هو إصدار شهادة بنوع فصيلة الدم، وهذا أمر رائع ومهم، وقد طلبت جامعة نورة هذه الوثيقة من ابنتي فبادرت بالاتصال بالرقم 937 للسؤال عن كيفية الحصول على شهادة بفصيلة الدم فتم إبلاغها بالحصول عليها من أقرب مركز صحي بعد حجز موعد للفحص، وتم حجز موعد بعد أسبوع في مركز صحي حي النزهة بالرياض وعندما توجهنا للمركز في الموعد المحدد أفادوني بأنه لا يوجد مختبر في المركز!، ولذا فليس لديهم فحص فصيلة الدم!، وهنا سؤال يطرح نفسه: لماذا يتم تحويل المراجع لمركز لا يجري الفحص؟ ففي ذلك القصور الإداري إرهاق للمراجع وأحد أسباب ازدحام الطرق وتضييع لوقت المركز الصحي، وبالسؤال عن سبب الإحالة من 937 لهذا المركز طالما لا يتوفر فيه الفحص أفادونا بأن الرقم إدارة مختلفة وتحيل دون علم بما يتوفر لدى المراكز.

طلبت إحالتنا لمركز آخر لديه الفحص فأفادوا بأن مركز صحي الازدهار هو الأقرب ولديه مختبر لكنه لا يجري فحص فصيلة الدم، فطلبت إحالتنا إليه عله يحيلنا إلى مستشفى حكومي يجري فحص الفصيلة، خصوصا وأن الأمر (قد) يتطلب ربط النتيجة إلكترونيا بنظام أبشر وإلا لكنت أجريت الفحص في أي مستوصف أهلي، لكن أكثر من مستوصف تجاري أفاد بعدم القدرة على الربط بالنظام الآلي.

ومن الإفادات غير الدقيقة التي أفادنا بها مركز صحي النزهة أن جميع شهادات الميلاد لمواليد عام 2005م وما بعده توجد بها فصيلة الدم ولا حاجة للفحص، وهذا غير صحيح فلا يوجد ذكر لفصيلة الدم في شهادة الميلاد رغم أنها بعد 2005م.

وعند طلب التحويل إلى مركز صحي الازدهار بدأ مركز النزهة في إجراءات التعامل مع المراجعة كمريض بتسجيل المعلومات من جديد وفحص الوظائف الحيوية لدى طاقم التمريض ثم الإحالة إلى طبيبة المركز التي طلبت بدورها تعبئة بيانات نموذج رقم واحد المفصلة ثم الإحالة لطلب موعد سيصل برسالة جوال خلال أيام واستغرقت هذه الإجراءات وقتا وجهدا على المركز والمراجع والطرق والإشارات والتقاطعات (اللي ما هي ناقصة زحمة في الرياض) كان يمكن تلافيها لو أحسن المنسق الإداري التعامل وتم تحويل المراجع إلى حيث يستطيع الحصول على الشهادة المطلوبة منذ البداية.

ثم إن فصيلة الدم متطلب مهم ومفصلي منقذ للحياة يحتاجه المرور في رخص القيادة وسيارة الإسعاف وغرف الطوارئ في حالات الطوارئ وفرق استقبال التبرع بالدم والكليات لغرض التسجيل وربما جهات أخرى فلماذا لا يسهل الحصول عليه رغم سهولة عمله؟!

نشر في صحيفة الرياض يوم  الأربعاء 29 محرم 1445هـ 16 أغسطس 2023م

المرأة العربية.. لماذا نفخ الشفاه؟!

يجب أن نعترف أننا في البلاد العربية لم نعطِ اهتماما يذكر للأبحاث والدراسات الاجتماعية، رغم أن لدينا مراكز أبحاث وعلماء اجتماع، ولدينا ظواهر اجتماعية تستحق البحث والدراسة، ومن تلك الظواهر ما هو غريب ومستغرب يستحق التوقف عنده كثيرا، خاصة كل ما له علاقة بالثقة بالنفس والتقليد الأعمى.

يجب أن نعترف أيضا أننا، مثل كل البشر، نعجب بالجمال وننظر إليه، حتى لو ادعى بعضنا غض البصر وعدم النظر، فإن لنا النظرة الأولى التي قد تطول، وأغلبنا نعشق الجمال مثلما نمقت القبح، بل إن من العرب القدامى من مات عاشقا وجن جنونه وهام محبا، هذه صراحة وحقيقة يجب أن نعترف بها ونتناولها بشفافية وإلا فإننا نغالط أنفسنا.

ومما يلفت انتباهنا التغيرات والتغييرات التي تحدثها المرأة في نفسها، خاصة إذا كان تغيير مكلف إلى الأسوأ أو الأقبح، وعندما يكون السلوك مكلفا ماليا ومشوها جماليا فهو أمر يدعو للدراسة والبحث، علنا نجد سبيلا للتوجيه والتوعية بالسلوك الصحيح ليضاد حملة الترغيب التي تمارسها المراكز المستفيدة من الترويج للتغيير في الملامح والشكل إلى ملامح جديدة لا تضيف جمالا، بل تؤدي إلى تشوه اشتكت منه كثير من النسوة ورفعت بسببه قضايا تشويه بل ومضاعفات طبية خطيرة بعضها أدى إلى بتر أعضاء، ومن عمليات (التجميل) مجازا، وهو إلى التشويه أقرب، عمليات نفخ الشفاه ونفخ بعض أجزاء من الجسم وهي عمليات أصبحت رائجة وأدت لأخطاء وكوارث طبية، خاصة مع تحولها لعمل تجاري بحت وانتشار مراكزها بشكل عشوائي تصعب مراقبته.

هنا لن أعمم كما قلت عن النظر للجمال أو العشق، وسوف أقول إنني وبعض الرجال ننظر لأخبار دول أوروبية وولايات أميركية ونرى نساءهم في الأخبار، وفي الأنشطة والحفلات والمناسبات، بل وحتى في الأفلام، ومما يلفت النظر أن غالبية نسائهم لا يجرين عمليات نفخ الشفاه ولا غيرها ويبدين أقرب لطبيعتهن دون تكلف ولا مزيد تجميل ولا تشويه، ليس لأنهن أجمل من العربيات، فجمال العربيات مشهود ومعروف، لكن ربما لأنهن أقل تأثرا بخداع المروجين وأكثر ثقة في النفس وأكثر خبرة في عناصر الجمال الحقيقي وملامحه.

النفخ والتفخ والقص والتقليص وعمليات التصغير والتكبير وتعديل الأنف وتضييق المنخرين وغير هذه العمليات التي تسمى تجاوزا بعمليات تجميل، هي شأن شخصي لا دخل لنا فيه، لكنها حينما تتحول إلى عمليات تشويه وحدوث مضاعفات تستدعي تدخلا طبيا مكلفا، تستوجب أن ندرس أبعادها وقبل ذلك مسببات رواجها، ومن أهم الأسئلة التي يجب طرحها (في ظني) هو: ما هي الدوافع النفسية التي تجعل المرأة العربية تلجأ لهذه العمليات؟! وهل للثقة في النفس دور في إجراء مثل هذه التعديلات دون حاجة حقيقية؟! وهل علينا أن نكثف الحملات المضادة وأن نركز مستقبلا على غرس بذور الثقة في النفس وتقوية جذورها في المنزل والمدرسة ووسائل الإعلام؟!.

كل ما عليك هو أن تركز في النظرة الأولى على شفاه الكاشفات من العربيات وتقارنها بشفاه الغربيات ولا تطيل النظرة الأولى وإن أطلت لغرض البحث والتأكد فعسى أن لا يكون عليك حرج، وستجد أن انتفاخ الشفاه وامتلاءها ينم عن شخصية فارغة من الثقة.

نشر في صحيفة الرياض يوم  السبت 25 محرم 1445هـ 12 أغسطس 2023م

دعوهم فإنكم الأعلون

وجهة نظري القديمة – الجديدة المستمرة، ما لم يثبت عدم صحتها، هي أن من الخطأ الكبير أن تعيد نشر مقطع مرئي أو مسموع أو مكتوب أو حتى مصور ولو بلغة الإشارة، وهو مقطع مسيء لك أو لوطنك أو لرموز الوطن وذلك لكي ترد عليه، مهما كان ردك مفحما مقنعا وحجتك دامغة وردك محرج له.

هذا لأن مجرد نشرك لذلك المقطع المسيء يخدم خصمك وعدو وطنك بترويج للمقطع لم يكن يحلم به، ورأيي هذا أحسب أنه من أبجديات الإعلام، بل ومن الحد الأدنى من الذكاء الإعلامي، لذلك كنت قاسيا وقلت ذات مقال وتغريدة أن إعادة نشر تغريدة مسيئة أو مقطع مسيء لمجرد الرد على صاحبها هو من الغباء الإعلامي، خاصة إذا كان الشخص الذي أعاد التغريدة أو أعاد نشر المقطع لديه عدد كبير من المتابعين يفوق عدد المتابعين للمسيء، فهنا يكون الغباء الإعلامي أكبر، ولكن ليس بكثير، لأن مبدأ إعادة نشر المسيء هو إساءة مضاعفة في كل الأحوال.

كانت تلك وجهة نظري القديمة الجديدة المستمرة، واليوم أجد ما يجعلني أؤكد عليها وأجزم بها أكثر وأكثر، ذلك أننا، وبكل ثقة وبعد ما شهدنا تطورا ملحوظا في جميع المجالات، لم نعد نقارن بغيرنا كائن من كان فقد تخطينا دول كثيرة كانت قد سبقتنا أو تعتقد أنها سبقتنا لكن واقعنا أثبت أننا أفضل منهم فكريا وسياسيا وصحيا واقتصاديا وتقدم تكنولوجي وإنسانية وفي مجال البيئة، وكنا ولازلنا وسنستمر، بحول الله وفضله، نتقدم عليهم وبمراحل في مجال الالتزام الديني والقيم الأخلاقية.

لذا فإنني أستغرب أن ينبري من يرد على وزير إعلام سابق أو حالي لدولة لا يمكن أن تقارن بنا في أي شيء، ليس هذا وحسب بل يعيد نشر حديثه فيروج له بحسن نية، أو أن يعيد أحدهم هراء لسفيه في إحدى المساحات المغمورة في (تويتر) يتهمنا فيه بتهم ينضح بها إناءه ويتحدث بعين طبعه ومن حوله.

الفارق الكبير بيننا وبين دول ومجتمعات هؤلاء الذين يحاولون عبثا الإساءة لنا، تدعوني لإعادة المطالبة بوقف إعادة نشر أي مقطع مسيء سواء كان مرئيا أو مسموعا أو مكتوبا أو مصورا، حتى بلغة الإشارة، وأقول دعوهم فإنكم الأعلون.

نشر في صحيفة الرياض يوم  الأربعاء 15 محرم 1445هـ 2 أغسطس 2023م