اليوم: 26 مارس، 2001

إيقاف الجمعان وترك العابث

* كتبت ذات مرة أنني أحسد الإعلام الرياضي على هامش الحرية المتاح لهذا الاعلام. بل إن المجتمع الرياضي ككل يعتبر المجتمع الامثل في هذا الخصوص فهو يناقش قضاياه بوضوح ويجد صدى سريعا وتجاوبا اسرع للنقد بل وينتقد الاسماء دون تحفظ وتتقبل شخصياته النقد برحابة صدر.

هذا المناخ الصحي الذي تنعم به الرياضة والاعلام الرياضي خلّف مجتمعاً رياضياً واعيا وخلوقا له مثل وأخلاقيات ومبادئ انعكست على اخلاق اللاعبين انفسهم “اسعد كثيراً حينما ارى ان صغار اللاعبين قبل كبارهم يبدأ الاجابة على اي سؤال في احلى الظروف واحلكها وسط قمة الفرح او الحزن قائلاً: “اولاً بسم الله الرحمن الرحيم” ثم يتحدث بمنتهى اللباقة والحرص على عدم الزلل كل هذا رغم انخفاض مستوى التعليم لكثير من اللاعبين. لكنه تعليم المجتمع والاعلام الحر الرزين.

منذ ايام اخطأ واحد من افراد الاسرة الرياضية بأن رفض لبضع دقائق الاستجابة لطلب مدرب فريقه باستبداله لا لشيء الا لانه كان متحمساً ويريد مواصلة النزال. هذا الشاب عبدالله الجمعان عوقب بالايقاف لمدة شهر وعقوبات اخرى من ناديه، وهاجمه الاعلام الرياضي على اختلاف ميوله رغم ان هذا الشاب واحد من فئة الشباب الذي يبدأ قوله وعمله “باسم الله الرحمن الرحيم” وكل هذا النقد والعقاب صحي وتربوي وهو اساس الشخصية الرزينة الملتزمة بالدين لممثلي بلادنا في مجال الرياضة.

على الجانب الآخر كرم الله القراء والسامعين نعق بوم في احتفالات الكويت “هلا فبراير” بموال اغنية ردد خلاله كلمات تميز بها الذكر الحكيم فأثار استهجان الجميع حتى جمهور الغناء وحضوره فهاجمت الصحافة الكويتية هذا المغني “طلال سلامة” الذي ينتمي لهذا البلد بطريقة او بأخرى.

لكننا هنا لم نحرك ساكناً تجاهه رغم اعتلاء اصوات النقد. وهذا المتهور غير المدرك وغير المتزن يحاول جاهداً تبرير فعلته او ايجاد مخرج لزلته الناجمة عن خفة متناهية في العقل والاتزان والادراك بلغت حداً يجعل العقل يطير بتصفيقة الجمهور ولا يعيده الا صفعة، لكنه لم يجد من يقوّم اعوجاجه بعصا غليظة تذكره انه وبعد ان اصبح ينتمي لهذا الوطن فالامر يختلف كثيراً اذ يجب ان يكون في مستوى الانتماء لبلد طاهر.

انه وان حاول ان ينفي عن نفسه ما وصفه به النقاد فإن موقفه جد ضعيف وحجته مردودة مهما كانت، فقد سبق لنفس هذا المغنى ان استأجر بائعة استعراض الجسد لتكون خلفية لاحدى اغنياته واعطى نفسه حق قدرها حينما اخذ يتلوى على تلك الماجنة ويستجديها العطف ويسمح لها بأن تدفعه تارة وترفسه اخرى ثم تصفعه وهو يستمتع بتلك الاهانات، فكلما دفعت وجهه من جهة ادار لها الاخرى “انه آخر الزمن تستأجر من يهينك وتوزع الاهانة على محطات الفضاء”.

ما يمارسه المغنون وبعض الممثلين من هفوات لا تليق بمنءتمٍ لهذا البلد امر يجب ايقافه عند حد واضح، فلو نعم مجتمع الفن بنفس محاسبة مجتمع الرياضة لتأدب افراده بنفس اخلاق شباب الرياضة رغم تباين الممارسة فأهل الرياضة يمارسون نشاطاً يتماشى مع الدين والسنة شأنه شأن السباحة وركوب الخيل.

ان علينا ان نقتنع بحقيقة هامة هي ان ابناء هذا البلد الطاهر تتجه لهم الانظار على اساس تميز خاص يجعلهم تحت المجهر، ويطالبهم بالسلوك الافضل، فهم احفاد علماء دين وابناء مجتمع محافظ قدوة لغيره من المجتمعات، لذا فإنك تجد قنوات الفضاء تلاحق ابناء هذا الوطن وتجري معهم الحوار تلو الآخر علها تصطاد زلة او تسجل عثرة، وهذا الإرث الاخلاقي ليس بغريب والمحافظة عليه ليست جديدة، ومحاسبة من يخرج عنه يجب ان تكون شديدة جداً ورادعة.