اليوم: 22 أبريل، 2002

ستر تسليم اللقيط

عندما طالبت بإيجاد آلية إنسانية مرنة لاستقبال اللقيط بستر وسهولة تمنع والدته من رميه في دورة مياه أو قرب حاوية قمامة وذلك تفاعلاً مع عدد من الحالات وصل إلى خمسة نشرتها الصحف عن أطفال لقطاء وجدوا إما قرب حاوية النفايات أو قرب نفق سيل أو في دورة مياه عامة خلال أقل من أسبوع.

أقول عندما طالبت بإيجاد هذه الآلية، فإن ذلك لا يعني التقليل من الدور الإنساني والاجتماعي الذي تلعبه دور حضانة هؤلاء الأطفال، وأعتقد أن سوء الفهم غير وارد في هذا الصدد، لكنه حدث من إحدى العاملات في هذه الدور والتي لم أذكر اسمها لأنها لم توضح في رسالتها عبر البريد الالكتروني إن كانت توافق على الرد عليها مع ذكر الاسم، لمناقشة ملاحظاتها التي أحترمها كثيراً وإن كانت مبنية على سوء فهم أستغرب أن يحدث.

ذلك أن ما طالبت به يتعلق بحماية روح بشرية غضة لا ذنب لها فيما يحدث، ومنع تعذيبها أو التسبب في إزهاقها “قبل” وأشدد على “قبل” وصولها إلى دور الحضانة، أما بعد وصولها إلى الدار فإن الأمر يختلف.

نحن نقدر ما تقوم به هذه الدور من جهود إنسانية واجتماعية عظيمة هي من صميم عملها وواجبها ومع ذلك تشكر عليه، ونطالب ولازلنا بأن تدعم بالإمكانات البشرية الوطنية المخلصة والأمينة وأن تدعم بميزانيات توازي أدوارها الكبيرة وأن لا تترك للاعتماد على مصادرها الخاصة المبنية على التبرعات والهبات والصدقات، كما يجب ألا تترك مضطرة، بسبب شح الموارد المالية، لتوظيف عناصر غير وطنية سواء في مجال المتابعة والتوجيه أو مجال الرعاية الاجتماعية. كما نطالب ألا تترك، بسبب شح الموارد، تعاني من الازدحام وقلة المأكل والملبس والمأوى المريح.

نحن لم نتعرض لوضع هؤلاء النزلاء والنزيلات داخل الدور، وما إذا كان العدد الكبير والتساؤلات الكبيرة والهموم النفسية التي تتراكم كلما تقدم السن بالنزيل تتناسب وحجم الامكانات المتاحة سواء من حيث عدد المشرفين الاجتماعيين والمشرفات أو تأهيلهم وقدراتهم الذاتية أو حماسهم أو نسبة المتعاقدين والمتعاقدات من غير العنصر الوطني الموجودة وامكانية قيام هذه الفئة بالدور الكبير الذي يحتمه الوضع النفسي والاجتماعي للنزلاء. ولم نتطرق لاحتمالات ما يحدث من ممارسات من بعض الأسر الحاضنة من إهمال في مراعاة الجانب الإنساني لمراهق شب في بيت حاضن، وهل يحظى هذا المراهق بحماية كافية من قبل جهاز المتابعة الذي يعتمد على نسبة من غير السعوديين الذين قد ينقصهم الإلمام بالوضع الاجتماعي الخاص للأسرة السعودية أو قد ينقصهم الجَلَد على المتابعة والحماس الكافي.

الموضوع في رمته يعنى باقتراح إيجاد آلية مرنة لاستقبال اللقيط من أمه بطريقة لا يعقبها محاسبة أو فضح على أساس منطقي جداً وهو أن من يحضر اللقيط وقد وجده في دورة مياه لا يُسأل على أساس أنه فاعل خير ولا يمكن التعامل معه على افتراض أن له علاقة أو قرابة بأم اللقيط!! وبالتالي ما الذي يمنع من التعامل بنفس الستر مع من يحضره إلى الدار مباشرة؟!! دون المرور بمرحلة الترويع والإهمال والاحتقار والتعريض للخطر المتمثلة في رميه بين مخالب القطط أو في مكان وضيع كدورة المياه أو تحت أشعة الشمس الحارقة على أمل أن يأتي من ينقذه، خصوصاً وأن هذا الأخير لا يمكن ان يساءل.

وهذا التعامل المقترح لا يمكن أن يؤدي إلى تسهيل سلوك الرذيلة، لأن من تحمل سفاحاً سواءً مكرهة أو مذنبة تمر أثناء حملها بمعاناة وخوف وضغوط نفسية هي أكبر من مجرد مرحلة وضع الجنين والتخلص منه!!

المقترحات التي تؤدي إلى شيوع الرذيلة هي تلك التي تهدف إلى ستر العمل نفسه كما يحدث في مجتمعات منحطة أخلاقياً كالدعوة إلى إباحة الإجهاض أو النصح باستخدام الواقي المطاطي. أما المطالبة بما يحول مصير نتيجة العمل وهو الطفل البريء من القمامة إلى مكان يليق به كإنسان فإنما تؤدي إلى إنقاذ العديد من الأبرياء الذين هم موضوعون على أية حال سواءً في القمامة أو الدار والله أعلم.