اليوم: 8 أبريل، 2002

صحافة، رقابة، تفتيش!!

اهتمام الصحافة بدورها كسلطة رابعة لمدة اسبوعين كشف ان الجهات الرقابية لدينا تغط في نوم عميق، وان التجاوزات والاخطاء مهما كبرت واتضحت لن تنكشف او يسعى احد الى ايقافها ما لم تدس الصحف أنفها وتشم الرائحة ثم تفضح ما لم يكن مستوراً ولكنء مغضوض عنه الطرف!!

دست الصحافة أنفها في سكة الحديد الوحيدة فأصبحت تخرج بأكثر من حادث يومياً في هذا الخط الواحد، وهي حوادث غريبة عجيبة جديرة بالنشر في الصحف العالمية وتستحق ان تلاحقها الصحافة المرئية لو كان لدينا صحافة مرئية ناقدة، غير التلفزيون الذي مازال يعتقد ان مسمى الشاشة الفضية يعني ان تلمع الأشياء وتجعلها براقة على عكس واقعها.

قطار يسيير الى الوراء بسرعة (60)كم في الساعة وآخر تعطل ثلاث مرات، وادخال قاطرة فرنسية موقوفة عن العمل، وكوابح منتهية الصلاحية تستخدم في قطار تسبب قريباً في حادث تصادم.

كل هذه الفضائح (القطارية) اليومية خرجت خلال اقل من اسبوعين لمجرد ان الصحف التفتت اليها. فكيف كانت الحال قبل اول حادث باشرته الصحافة؟! وأين الادارات التي مهمتها تختص بمراقبة هذه المؤسسة والتفتيش عليها سواء من داخل المؤسسة او الجهات الرقابية الحكومية.

مؤسسة السكة الحديدية ليست الوحيدة، هي مجرد مثال حي وطريف، مضحك مبكٍ على قيام الصحافة بدور جهة الرقابة والتفتيش والاعتماد على الصحافة كجهة رقابية وحيدة.

قبل سكة الحديد كشفت الصحافة المقروءة فضائح عدة في مجالات الهلال الأحمر والتعليم والصحة والتوظيف والقبول في الجامعات وتجاوزات بعض امانات المدن ومصلحة المياه وممارسات البنوك ومؤسسة النقد وبعض حالات الرشوة والاختلاس وغيرها كثير.

أين الجهات الرقابية عن هذه الاكتشافات؟! وأين الجهات المتخصصة في التفتيش والمحاسبة؟! لماذا لم تتحرك أصلاً وقبل ان تفوح رائحة الحوادث والاخطاء والفضائح؟!

ثمة احتمالان لا ثالث لهما ولا يعتبر احدهما عذراً لعدم قيام جهات الرقابة والتفتيش بدورها الهام والوقائي: إما ان هذه الجهات كانت تكتب التقارير وتهدد وتتوعد ولم تجد استجابة ولا دعماً فركنت للاحباط!! أو أن هذه الجهات ولدت نائمة وكانت أحد اسباب التهاون والاهمال وبالتالي حدوث النتائج الوخيمة وانها أي الجهات الرقابية لم تستشعر دورها بعد فيما حدث ويحدث، ولذا فإنها لا تزال سلبية تعتمد على الصحافة في كشف المستور والقيام بالمهمة التي من المفترض ان تضطلع بها هذه الجهات كواجب يومي.

السؤال الاهم، اذا كانت الحال كذلك فمن يراقب عمل الجهات الرقابية؟!.