اليوم: 15 أبريل، 2002

راعي البقر المصفوع يتخبط

رغم أن الصهاينة يحكمون هيمنتهم على الإعلام الأمريكي ووسائل الدعاية ورغم قدرتهم وتخصصهم في عصب العيون إلا أن الشعب الأمريكي يدرك يوماً بعد يوم ولو ببطء أن الرئيس بوش الابن يجر الولايات المتحدة الأمريكية والشعب الأمريكي لمواجهة موجة كراهية عارمة من كافة الشعوب المحبة للسلام بسياسته الهوجاء المؤيدة بوضوح لم يسبق له مثيل للإرهاب الذي يمارس ضد الفلسطينيين وبزلات لسانه المتعددة بدأ بعبارة الحرب الصليبية ثم محور الشر وأخيراً الاستسلام لتعنت شارون واستهتاره بتصريحات الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته كولن باول عندما ارتفعت نغمة التصريحات قليلاً لتطالب إسرائيل بالانسحاب “دون تأخير” وبدلاً من رفع حدة التهديد في تصريحات بوش كما هي الحال مع غير إسرائيل، راح الرئيس المهمل من قبل شارون ينصاع لتعنته واستهتاره لتصفه الولايات المتحدة الأمريكية “برجل سلام”.

رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعي المسلك الديموقراطي ظاهرياً إلى حد محاكمة الرؤساء في فضائح فساد مالي أو أخلاقي أو جنسي إلا أن سياستها الخارجية تبقى حبيسة رغبة القوى الصهيونية حتى لو تعارضت هذه الرغبة مع أمن ومصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وشعبها.

لقد تنامت الكراهية للولايات المتحدة الأمريكية عبر الزمن وتراكمت مشاعر الكراهية عبر مواقف لا تنساها الشعوب في اليابان وفيتنام وأفريقيا ومن ثم البلاد العربية والإسلامية أجمع.

والشعب الأمريكي رغم طيبته وإنسانيته هو من سيدفع فاتورة هذه الكراهية المتنامية حتى بعد أن يرحل الرئيس ويترك دفة الحكم لغيره، ولعل أوضح دليل على أن أخلاقيات الشعب الأمريكي لا تقبل الممارسات الوحشية أن من اشتركوا في هيروشيما وناكازاكي وفيتنام مرغمين عانوا من أمراض نفسية ماتوا منها إما انتحاراً أو ألماً أو تحولوا إلى مسالك إجرامية كنوع من التمرد على ذلك المسلك.

لعل صفعة 11سبتمبر جعلت الرئيس الأمريكي يمتطي جواد “الكاوبوي” ويركض متخبطاً في اتجاهات مختلفة وأثناء تخبطه يستغل الصهاينة هذا الهيجان ويمتطون صهوة الرئيس نفسه متوجهين به إلى ما أوهموه بأنه محاربة الإرهاب، في حين أنهم يمثلون قمة الإرهاب الذي يشاهده العالم أجمع بما فيهم شعب أمريكا باستثناء الرئيس “المغلوب”!! وكيف لحصان هائج أن يرى من يعتلي ظهره خاصة إذا كان يسير بسرعة لا تمكنه من الالتفات.

لابد للشعب الأمريكي أن يدرك أن الرئيس دبليو بوش يقوده إلى بحر من الكراهية يختلف في هيجانه وأمواجه عن مستنقع فيتنام وعليه أن يتذكر أن عنفوان الكراهية وتراكم الكبت والإذلال من شأنه تفريخ المزيد ممن يستهدفون أمريكا من الداخل ويهددون مصالحها في الخارج وأن سياسة بوش الحالية تحت إدعاء محاربة الإرهاب ما هي إلا دعم لأشد وأقسى أشكال الإرهاب وهو أمر من شأنه تخريج المزيد ممن لا رغبة لهم في مواصلة الحياة وممن يكنون للولايات المتحدة مشاعر الكراهية والبغض والرغبة في الانتقام، وأن أمريكا مهما بلغت من قوة لن تستطيع تصفية كل هذه الأجيال.

إن على الشعب الأمريكي، وهو شعب محب للسلام ومغرم بالإحصاءات والدراسات أن يعيد دراسته الإحصائية حول عددمن يكرهون أمريكا، وسيجد أن الأرقام بعد الممارسات الأخيرة في فلسطين المحتلة باستخدام السلاح الأمريكي والمباركة الأمريكية قد تغيرت كثيراً حتى من الأمريكيين أنفسهم وسيتضح أن عدداً كبيراً من أبناء الشعب الأمريكي يكرر عبارة “أخجل أني أمريكي”.