اليوم: 7 يونيو، 2003

شكراً للوزير

سعدت كثيراً بالتجاوب السريع والاهتمام البالغ الذي أولاه صاحب المعالي وزير الصحة الدكتور حمد المانع بالموضوع الذي طرحته في هذه الزاوية حول إهمال أحد المستوصفات الأهلية لحالة حرجة لإحدى المواطنات المصابة في حادث سير والتعامل السيىء لطبيب المستوصف وتأخيره لنقل الحالة إلى أحد المستشفيات رغم خطورة وضعها الصحية واصابتها بكسور في الأضلاع والحوض.
ففي اتصال هاتفي في نفس يوم النشر أبدى معاليه امتعاضه مما حدث ووعد بتصحيح هذا الوضع الخاطئ مؤكداً أن صحة وسلامة وتقدير حياة المواطن والمقيم هي شغله الشاغل وهو أمر غير مستغرب من معالي الوزير د. المانع فقد عرف عنه قبل وبعد توليه هذه المسؤولية الجسيمة وقوفه مباشرة على أوجه القصور في المستشفيات والمستوصفات الحكومية والخاصة وعلاج أوضاعها بالقرار السريع الفعال والأمثلة على مواقف د. حمد المانع الإنسانية يصعب حصرها في هذه المساحة أو أضعافها المضاعفة.

في الوقت ذاته أسفت كثيراً لما ورد في تعقيب مالك ذلك المستوصف من موقفه الدفاعي المغلوط عن التصرف غير اللائق لذلك الطبيب في وقت كنا نتمنى أن يعتذر المستوصف عن سلوكيات أحد أطبائه وأن يعتبرها خارجة عن سياسات وأهداف مستوصفه التي يفترض أن تكون إنسانية قبل كل شيء أو على أقل تقدير أن تعطي الجانب الإنساني نفس الاهتمام بالمكاسب المادية.

التعقيب تجنب لب الموضوع وهو رفض نقل المصابة وتعسف الطبيب وإهانته لابنها ومن أسعفها ورجال الأمن وراح يسرد خدمات روتينية بطريقة مبالغ فيها وكأنه يستجدي تعويضاً لما ركبه من أنابيب وأقنعة أكسجين وأورد معلومات مغلوطة عن مدة التأخير وطريقة نقل المريضة التي تدخل العامة في تصحيحها وكأنه يرى أن حياة مصابة من أبناء هذا الوطن لا تساوي ما صرفه من أنابيب!!.

ذكرت في هذه الزاوية تكراراً ومراراً أن مشكلة بعض المستوصفات والصيدليات الأهلية تكمن في جشع المالك الذي لا يفرق بين ملكية منشأة إنسانية طبية وملكية “قلابي” أو “وايت” حتى ان بعض العاملين من أطباء وصيادلة يستقيلون حفاظاً على أخلاقيات المهنة التي لا تتناسب مع جشع المالك ونظرته المادية البحتة!! فالمكاسب تسيطر على فكر بعض الملاك إلى درجة أن كاتب التعقيب يتوهم أن هدفي من كتابة الشكوى البحث عن “مكاسب أخرى” أي مكسب يهدف إليه كاتب من نشر معاناة ابن يرى والدته تحتضر بسبب طبيب أهوج، سوى مكسب الأجر من الله، هذا المكسب الذي لو وضعه كل مالك نصب عينيه ما وقع مثل ما وقع!!

فاكس الموافقة من مستشفى حكومي التي يتحايل بها المستوصف لا يمت للحالة الاسعافية بصلة والمقصود منه الحالة المنومة المستقرة التي تبحث عن سرير شاغر، وهذه المستشفيات والمستوصفات الخاصة التي أنشئت بدعم وإعانة الدولة يستكثر ملاكها أن يقدموا الخدمات الإسعافية ضريبة لما حصلوا عليه من دعم في تنكر واضح لجهود الدولة وواجبهم نحو مواطنيها والمقيم على أرضها ولو سايرنا رغبات بعضهم فإن طموحاتهم قد تصل إلى طلب تأثيثها بأجهزة المستشفيات الحكومية!!

على هذه المستوصفات أن تدرك انها دعمت لا لتقدم خدمات التدليك والتجميل ونواعم موظفات الاستقبال ولكن لتسهم في رعاية صحية بحجم طموح ودعم الدولة.

المصابة حجزت أكثر من ساعة وربع خلاف ما تحايل به التعقيب وكان من الممكن أن تموت من جراء هذا التأخير والطبيب حلف أن لا تنقل دون فاكس من أحد المستشفيات ولعله لم يحنث في حلفه والمرافقون والشهود أهينوا وكلهم متحمس ومستعد للشهادة بما واجهوا من معاناة وكل ذلك لا يراه المالك مستحقاً للإشارة أو رآه واقعاً يصعب إنكاره!!

وبكل تحد يتشبث الرد بقرابتي من المواطن الذي أسعفها وتابع حالتها ويتهمه بمخالفة الأنظمة وكأنه يريده أن يتركها تموت كما مات الطفل المدهوس في الخالدية على مرأى ومقربة من مستوصف يشبه صاحبنا في اعتبار العمل الإنساني النبيل ضرباً من ضروب المستحيل “هكذا يرون الناس بعيون طبعهم” يرون المصاب بعين الريال!! ومحتاج المساج بعين الرأفة والشفقة.

قريبي هذا أستاذي في جامعة الإمام، أفخر به إنساناً شهماً يربي أجيالاً وأنقذ نفساً بفضل الله، من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً وكدتم أن تقتلوها ومن قتلها فكأنما قتل الناس جميعاً.. والمسعف الآخر رجل فاضل شهم وبقية الشهود رجال أمن تربوا على بذل أنفسهم من أجل حياة الآخرين.

أعتذر من القراء الأعزاء فليس من عادتي أن أرد على مثل هذه التعقيبات لكن طيات التعقيب فيها ما قد يضلل الناس ويشككهم في حقوقهم على المستشفيات والمستوصفات الأهلية خاصة في مجال الإسعاف ومن و اجبي أن أوضحها حتى لو اضطررت للهبوط إلى مستوى لا أرغب النزول إليه.