اليوم: 20 يونيو، 2006

الموت شرط للتكريم لماذا؟!!

ثقافة التكريم لدينا تعاني من معضلة كبرى تتمثل في متطلب أساسي للتكريم وهو المغادرة.

نعم نحن لا نحتفل ولا نشكر ولا نكرم إلا من غادر ووقع صك الخروج النهائي إما من المؤسسة كشرط أصغر أو من الحياة كمتطلب أكثر إراحة نفسية للمنافسين.

صحيح أن لكل قاعدة استثناء فقد حدث أن كرمنا بعض المتميزين الأحياء ولكن ليس وهم في قمة قدراتهم الفكرية والجسدية ومع ذلك دعونا نقل إن ذلك كان الاستثناء أما القاعدة فهي أننا لا نكرم شخصاً لازال على رأس العمل أو لا زال على (رأس الحياة).

السبب لا أعرفه لكنني أعتقد أن له علاقة بطبيعة النفس البشرية ذات العلاقة بالغيرة والحسد وعدم احتمال رؤية شخص ينال حقه من التقدير والتمييز وهو لازال قادراً على منافسة رئيسه وزملائه.

العامل الأخطر في الموضوع وهو عامل مؤكد غير مبني على الظن مثل سابقه هو أن التكريم (أي تكريم) بل حتى الحصول على جائزة علمية محلية يتطلب ترشيح رئيس الموظف أو بصورة أدق رئيس القطاع الذي يعمل به الموظف.

ذلك المطلب الخطير هو مربط الفرس في شبه انعدام ثقافة التكريم لدينا لأنها ربطت الفرس بألد خصوم الفرس، وربطت التكريم بموافقة أو ترشيح من يعتقد أن المتميز يهدد كرسيه!!، يهدد منصبه!! بل ويهز صورته، أو قل يشغل البعض ولو لبعض الوقت عن اعتبار صورة المدير هي صورة المؤسسة أو الدائرة أو الوزارة.

تلك الثقافة حجبت نعمة التكريم الوطني حتى عن صغار الموظفين المخلصين فأصبح الموظف يكرم في شخص المدير وهذا جد خطير.

أتمنى أن نعيد النظر في أمر تكريم المتميزين والمجتهدين وأصحاب التضحيات بعيداً عن شرط ان يرشحهم مديروهم أو رؤساؤهم أو لنقل منافسوهم!!

أتمنى أن نصل إلى مرحلة من الوعي الوطني تجعلنا نحتفل بموظف غير المدير وبشرطي أمن وجندي مرور ورجل دفاع مدني امثال ابطال البجادية (مدخل هجرة الريشية) الذين انقذوا تسع معلمات من غرق محقق، بل وبرجل الشارع من المشاة لو قام بجهد وطني أو إنساني أو تضحية مثلما فعل ابن جازان المواطن علي بن حمود آل سريع الذي قاد صهريجاً مشتعلاً ليبعده عن حدود المساكن في تبوك واحترق بداخله.

المهم ان نرسخ مفهوم التكريم بعيداً عن اهواء المديرين، لأن التكريم من الوطن وللوطن وما عدا ذلك فلا تستغرب لو رأيت حفل تكريم تورد فيه الأسماء لمجرد تصفية الحسابات او لمجرد التلميح بأن السيف امضى من العصا لينقص قدره.