اليوم: 13 نوفمبر، 2006

الإخلاص والحماية

استوقفني أحدهم في أحد الأسواق ولمدة تزيد على نصف ساعة بدأ خلالها مؤيداً لما كتبته عن سرقة المديرين لأفكار وإنجازات موظفيهم ونسبتها لأنفسهم، واستشهد بما تعرض له هو من أن إحدى الشركات الغذائية استفادت من أفكاره التطويرية والترويجية وأساليب جديدة ابتدعها، لكنه ومع أول مطالبة بحقوقه تم الاستغناء عن خدماته .
إلى هنا والوضع، وبمنتهى الأسف، يكاد أن يكون شائعاً لدى كثير من الشركات التي تتعامل مع الموظف بمنتهى الجحود تمتص رحيق أفكاره وبمجرد ما ترتفع مرتبته وتكلفته أو يطالب بتحسين وضعه، يزال هو، وتبقى أفكاره، بل إن بعض الجهات الحكومية التي يراها المدير ملكاً له ولحاشيته قد تمارس الشيء نفسه !!.

الأهم “وطنياً” في موقف صاحبنا أنه أخذ يسرد لي سيلاً من مخالفات تلك الشركة الغذائية من حيث عدم النظافة وترك منتجاتها مكشوفة للذباب والصراصير ليلاً، ثم طرد هذه الحشرات نهاراً وبيع المنتجات الملوثة، حتى انه قال حالفاً باليمين المغلظ انه لو أشرف على الموت جوعاً ما أكل من منتجات شركته تلك، ثم عرج على ما تمارسه الشركة من رشوات وخلافه .

وجدت نفسي مضطراً لسؤاله “لماذا لم تفضح ممارسات الشركة إلا بعد أن طردوك ؟! لماذا لم تحم الناس من خطر منتجاتها عندما كانت العلاقة معهم تمراً وعسلاً؟! ولماذا تتحدث الآن بمنتهى الحماس عندما مست حقوقك ؟! بينما كنت تشهد مس الذباب والصرصار لغذاء يباع بأغلى الأسعار وأرخص أنواع الادعاء بالنظافة والجودة وكنت صامتاً كل هذه المدة، بل كنت تبدع وترسم الأفكار لمزيد من الترويج كما ذكرت بنفسك”

وأنا في فورة حماس الأسئلة نظرت يمنة ويسرة فلم أجد إلا ابني سليمان وقد أعياه الانتظار ورأس صاحبنا وقد هوى سريعاً إلى الأرض تخفيه عتبات السلم الكهربائي !!.

نحتاج وبشكل ملح وخطير إلى تنمية ثقافة التبليغ عن الممارسات الخاطئة ونحن على رأس العمل وليس بعد أن نصبح خصوماً.. لكن هذا المطلب يحتاج إلى أرضية حماية أيضاً “حماية للمواطن المخلص تدفعه إلى مزيد من الإخلاص” حماية للموظف صغير المركز كبير الضمير عندما يغلب مصلحة الوطن على علاقته مع رئيسه ومن حوله ويضحي بكل شيء من أجل وطنه ويبلغ عن المخالفات والممارسات الخاطئة، لأنه في هذه الحالة بأمس الحاجة للحماية فقد “نكش” عش الدبابير . .