اليوم: 6 فبراير، 2008

بشهادة الجراح السبيّل

لدي قناعة راسخة، مبنية على تجارب ومشاهدات وليس مجرد توقعات أو حدس أو مجاملة، قناعة تعمقت جذورها في أرض الواقع منذ سنوات، أريد فقط من كل عامل مخلص في هذا الوطن المعطاء أن يتقبلها ويقتنع بها لتكون داعما لكل عمل وطني جبار ودافعاً لاستمرار كل متفان في عمله وهدفه الصالح العام مهما واجه من تحديات على مستوى الأشخاص .
تلك القناعة مفادها أن إخلاص النية لوجه الله ولخدمة الناس ولتحقيق صالح الوطن هي المنتصر في نهاية كل تحد مهما طال لأن إخلاص النية هذا يتلاقى مع توجهات قيادة هذا الوطن ودعمها وتشجيعها، وهذا الالتقاء لا بد أن يحدث بالصبر وإذا حدث فإن كل الطموحات تتحقق بصورة أكبر مما كنت تتوقع، وبسرعة تفوق ما كنت تحلم به، فلا تستسلم للمعوقات التي قد تواجهها من مدير ذاتي الطموح أو زميل يجيد الهدم أو يريد التميز له وحده .

الدكتور محمد السبيّل استشاري زراعة وجراحة الكبد وبدعم لا محدود من رجال الحرس الوطني أسس فنيا وتنفيذيا لأكبر وأنجح برنامج زراعة كبد في المملكة والوطن العربي أجمع، وأذكر أنه وخلال العام الأول من البرنامج حقق مع زملائه بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني زراعة 88كبداً ناجحة في عام واحد، وتوالت بعدها النجاحات بأرقام قياسية.

كتب الله الحياة لمئات مرضى فشل الكبد على يد من منحوا هذا الجراح الفرصة والمناخ والإمكانات المتكاملة.

الدكتور السبيل عمل بجد وتفان بعيداً عن الطموحات الأنانية فحظي بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (كان وليا للعهد آنذاك) الذي كان يصافحه ويشد على يده بعد كل عملية زراعة كبد، لأنه،يحفظه الله، أخذ على عاتقه الاطمئنان على مريض الكبد وزيارته بمجرد أن يصبح قادرا على استقبال الزيارة فكان المليك المفدى دائما وأبدا الزائر الأول .

الدكتور محمد السبيل واجه ما يواجهه كل ناجح من صعوبات على مستوى الأشخاص والحساد، وواجه أيضا تحدياً كبيراً يتمثل في شح التبرع بالأعضاء ومنها الأكباد والتقاعس في آلية التبليغ عن المتبرعين وعمل جاهدا للتغلب عليها، فكان لا يتحدث لوسائل الإعلام عن تفاصيل نجاحاته بل يستغل الوقت والوسيلة الإعلامية للحث على توفير الأكباد وإقناع المجتمع بالتبرع بأعضاء المتوفى والدعوة إلى إستراتيجية وطنية تتعامل مع مرضى الكبد قبل أن يصلوا مرحلة الفشل الكبدي بما يحقق للوطن اكتشاف الإصابات بوقت كاف وأذكر أنه كان يقول لي إن المريض يجيء شاكياً من الفتاق فيتضح أن لديه أيضا ورماً بالكبد لم يكتشف!! .

في يوم الأحد 11محرم 1429ه وافق خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على إنشاء مركز الملك عبد الله للأورام وأمراض الكبد بتخصصي الرياض بكلفة 430مليون ريال وبسعة 300سرير، وهذا المركز إلى جانب ما سيحققه لمرضى الأورام ومرضى الكبد من تفريج كرب وتسهيل علاج فإنه سيحقق لرائد زراعة الكبد في المملكة الدكتور محمد السبيل سبل مواصلة النجاح، فكان قد واصل الركض لإنقاذ مرضى الكبد بالزراعة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض بعد انقطاعه لفترة لم تطل ولله الحمد فتمكن حتى اليوم من زراعة مائة وستين كبدا ثلثها تقريبا من حي لحي، وبإنشاء هذا المركز سيتحقق حلم جراح الكبد بإستراتيجية وطنية لمتابعة مرضى الكبد والأورام.

ألم أقل لكم إن إخلاص النية لله ثم الوطن والمواطن لا بد وأن يلتقي مع صلاح النية الصادقة الحنونة لقادة هذه البلاد وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين (ملك الإنسانية).