اليوم: 30 يوليو، 2008

لا سياحة بلا تضحيات

لا أكتب عن السياحة بحكم تخصص في اقتصادياتها أو التسويق لها أو صناعة السياحة بصفة عامة، لكنني أتناولها من منطلق كوني سائحاً، ومن منظور احتياجات السائح وما هي الأشياء التي تؤثر فيه سواء بالجذب أو التنفير .
نحن لا زلنا في سنة أولى سياحة، أو على الأصح في الصف الأول تمهيدي في علم السياحة ومع ذلك فإننا نتحدث عن السياحة الداخلية وكأنها مجرد تنظيم معرض مؤقت أو حفل موسمي دون أن نشرع أو نحاول الشروع في تجهيز أهم مقومات جذب السياح وهو التيسير عليهم، وتوفير حقوقهم، وأكثر من حقوقهم، والسياح هنا هم سياح الداخل قبل سياح الخارج، فلا تفهموني خطأ، إذ سبق أن كررت أننا طالما لم نجذب السائح الداخلي ونقنعه فلن نستطيع الجذب من الخارج .

لو فتحتَ دفتر تعبير قديماً لطالب في المرحلة المتوسطة كتب موضوعا عن السياحة منذ ثلاثين سنة، فمن المؤكد أنك ستجد شيئا يتحدث عن أن المطار وسائق الأجرة هما من يخلق الانطباع الأول، ومع ذلك فإننا إلى اليوم لم نهتم بهذين العنصرين !!، لكن الوقت لم ينتظرنا فثمة عوامل عديدة استجدت وأصبحت من أساسيات السياحة المعقولة، ولا أقول الناجحة، من أهمها التعاملات النقدية السريعة والميسرة، وأبسطها توفر جهاز يقبل الدفع ببطاقة الائتمان في كل (بقالة) ناهيك عن كل مزار ومتحف ومطعم .

سهولة التنقل ومرونة استئجار السيارات وإرجاعها ومرونة التعاملات اليومية الضرورية في المسكن والملبس والاحتياجات الإنسانية كلها متطلبات أولية للسائح لم نفكر في توفيرها أو حتى التأسيس لثقافتها.

لعلنا نختصر الأمر بالقول إن أكبر أدوات الترويج للسياحة هي حديث السائح فالسائح بطبيعته يمضي جل وقته بعد عودته من الرحلة في الحديث عنها وإذا واجه صعوبات فإن الحديث عن الصعوبات هو صاحب الأولوية وسائح السنة القادمة هو أسير ما يسمع وإذا لم يسمع عن الصعوبات فلن يحضر .

علينا إذا أردنا سياحة داخلية وتنشيط مواسم السياحة في بلادنا أن نؤسس أولا لثقافة تعتمد على التضحية شعارها أن (السائح دائما على حق) وهذه تحتاج إلى تاجر واع وطني الشعور، ورقابة صارمة وعقوبات رادعة يكون هدفها الأساس إسعاد السائح من الداخل وترغيبه فإذا لم يصبر عليك أبناء بلدك فلست مؤهلا لجذب الآخرين .

غني عن القول إن أحد أهم الضربات الموجعة للسياحة في عسير وجدة هذا العام هي أزمة المياه، فهي بلا أدنى شك قد جعلت كثيرا ممن كانوا ينوون قضاء الإجازة في عسير أو جدة يغيرون رأيهم بعد العلم عن حجم الأزمة، وأنا احدهم، لكن الأكثر خطراً على مستقبل السياحة فيهما يأتي من حديث العائدين منهما، سامح الله وزارة المياه.