خطبة عرفة وحقوق الإنسان

فاجأتنا الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في تقريرها الذي نشرته الصحف في 4 يناير 2011م بزلة أو سقطة غريبة ومستغربة حينما اعترض التقرير على الإطالة في خطبة يوم عرفة، مشيرا إلى أنها استغرقت قرابة الساعة، مما أضر بالحجاج الذين بقوا لمدة ساعة تحت حرارة الشمس ومتأثرين بحرارة الأسفلت الحارقة (على حد قول التقرير).
مصدر الغرابة أن هذه الملاحظة عارية من الأساس ولا مبرر لها البتة لعدة أسباب جوهرية وواقعية ومنطقية لا علاقة لها مطلقا بوجهة النظر الشخصية أو التوجه الفكري حتى نكون واضحين، فعلاقتها فقط بإحقاق الحق واحترام العقل وهذه الأسباب أوردها مرتبة حسب أهميتها:
أولا: إن الوقوف بعرفة حتى غروب الشمس وليوم عرفة كاملا حاصل لا محالة سواء قصرت الخطبة أو امتدت نحو ساعة، فالوقوف حاصل في اليوم كله، وبالتالي فإنه لا مبرر للاعتراض على امتداد الخطبة إطلاقا، وأجزم أن أبا حنيفة لو سمع هذه الملاحظة لمد رجليه كلتيهما وليس واحدة!!.
ثانيا: إن حضور الحاج الخطبة يوم عرفة في المسجد ليس واجبا ولا شرطا من شروط الحج بل هو سنة، ولذا فإن من حضر بطوعه وبناء على ظروف طوعية مرتبطة بقدرته على تحمل الظروف والإطالة ولو كانت الشمس حارقة والأسفلت حارا لما حضر ولو حضر ما بقي طويلا، وبقاؤه دليل إدراكه لأنه واقف يوم عرفة كله سواء في المسجد أو العراء أو في أي مكان يناسب ظروفه.
ثالثا: إن أجواء حج عام 1431هـ كانت غائمة بل وممطرة أحيانا ولم تكن الشمس حارقة ولم تذكر تقارير وزارة الصحة حالات لضربات الشمس بل تمت مباشرة حالات بللها المطر وليس العرق!!.
رابعا: إن خطبة يوم عرفة ساعة في سنة وخطبة في مناسبة عظيمة يحضرها حوالي ثلاثة ملايين حاج ويسمعها ويشاهدها أكثر من سبعمائة مليون مسلم ويتابعها العالم أجمع ويتم عن طريقها إيصال الرسالة الإسلامية الحقة السليمة عبر مناسبة إسلامية عظيمة ومشهودة يعبر فيها عن كل معاني الدين الحنيف والرسالة السماوية ويرد من خلالها على كل من يحاول تشويه صورة الإسلام سواء من أعدائه أو المنتسبين إليه، فهل يستكثر على كل هذا ساعة من سنة؟!.
أما مصدر الاستغراب فهو أن يتم التطرق لهذه الساعة في السنة وهي اختيارية طوعية عظيمة في وقت يتم فيه التغاضي عن تأجيل قرار منع العمل في ظهيرة أغسطس وترك طلاب بعض المدارس في ميادين غير مظللة وفصول غير مكيفة وإدخال جماهير الكرة من الثانية ظهرا في انتظار مباراة لا تلعب إلا بعد العشاء.
إذا لم يبق من حقوق الإنسان إلا ساعة من سنة في يوم عرفة فدعوها.

3 آراء على “خطبة عرفة وحقوق الإنسان

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    لاحول ولا قوة الا بالله !

    وين الطاقيه !
    ماذا بقي لم يتدخلوا فيه …
    باقي حقوق البعوض والذباب ( لا مؤاخذه )
    نعم
    لا تقتلهن اتركهن يسرحن ويمرحن في غرفة النوم !

    يعني يريدون منا ان نصدق ان امر يوم عرفه يهمهم أو ان امر المسلمين يهمهم ؟!!!

    طيب التفتوا للأبرياء الذين يقتلون بدم بارد ( قطبي ) مجمد ! سواء في مساجد العراق او افغانستان !
    صراحة
    ان العيب فينا ان عطيناهم وجه او ردينا عليهم !

    يعترضون على تنفيذ حكم القصاص الذي فرضه الله ( النفس بالنفس )
    و تقف حوافر خيول اعتراضهم الجامحه عاجزة عن ان تطالب الصين مثلا
    بألا يتم نحر فتاة بريئة في عمر 18 ربيعا وشرب دمها وتقطيع لحمها وطبخها وأكلها قربانا !!!
    ما هذا ؟!
    ما هذه الموازين السمجة ؟!
    اتركوا لنا ديننا
    ولتكن خطبة يوم عرفة ست ساعات ..
    فمن لم يحضر للخطبة ستجده صاعدا حول الشاخص طوال اليوم والشمس فوق رأسه !

    وفعلا ..
    حضور الخطبة سنه وليست واجبا !
    وما نقول الا ..
    عش رجبا ترى عجبا
    و عش صفرا تسمع خبرا !

    بارك الله فيك و وفقك وغفرلوالدينا ووالديك والمسلمين أجمعين

  2. الأستاذ الفاضل محمد الأحيدب
    لم ولن استغرب موقف هذه الجمعية مع الأسف ، ولا أدري ماذا تريد ؟ وحالها كما قال القائل : جبتك عون صرت فرعون !
    أخشى ما أخشاه أن تتدخل الجمعية حتى في غرف نومنا !!!!
    عموما شكرا على مقالك الرائع وليس غريبا غيرتك على دينك ووطنك حفظك الله .

  3. اخوي محمد اسمحي اختلف معك
    وبغض النظر عن هية حقوق الانسان خطبة عرفة من سنين وهي محل الملاحظة من كثير من المهتمين و الدعاة تحديدا

    فكما ذكرت حفظك اللله ان خطبة يوم عرفة هي مناسبة عظيمة ويتم عن طريقها إيصال الرسالة الإسلامية الحقة السليمة عبر مناسبة إسلامية عظيمة ومشهودة يعبر فيها عن كل معاني الدين الحنيف والرسالة السماوية…
    هذا هو مربط الفرس
    فخطبة بهذه الاهمية لابد من الاعتناء بها فهي ليست مثل خطبة جمعة في احد جوامع الرياض و سماحة المفتى جزاه الله خير مجتهد ولكن مثل هذه الخطبة لابد ان يرتب لها و لا تترك لاجتهاد فردي
    فالمفروض مساعدة سماحة وتحديد نقاط محددة تتناولها الخطبة كل عام

    لا يمكن الاستمرار في هذه الطريقة الحالية ” الحديث عن كل شىء ” فهذه الطريقة تضيع الرسالة المقصودة من الخطبة فالمصلين لا يستطيعون تذكر كل هذه الامور لذلك الانسب ان تحدد موضيع معينة للخطبة و كذلك ان تكون مختصرة فقد وردت احاديث كثيرة في فضل الاختصار
    كما ان دراسات علم النفس الحديثة تؤكد ان النفس البشرية تبدأ في التملل بعد الخمسة عشر دقيقة الاولى من سماع حديث متواصل
    وقد كتب عدة مشايخ فضلاء في هذا الموضوع ورفعوا بذلك قبل حقوق الانسان والموضوع علمنا انه يدرس ومحل اهتمام

    والحقوق نقول جزاهم الله خير وهم مجتهدين ونحسن الظن فيهم
    شكرا لك
    اخوكم ابو سليمان

    بعض ماقيل عن قصر الخطبة

    قصر الخطبة من السنة . يستحب في حق الإمام يوم الجمعة أن يقصر خطبته ويطيل صلاته، لأمره صلى الله عليه وسلم وفعله . فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت صلاته قصداً، وخطبته قصداً (1) . وعن عمار بن ياسر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحراً ) (2) . وعن جابر بن سمرة السوائي، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هن كلمات يسيرات (3) .
    وجعل النبي صلى الله عليه وسلم قصر الخطبة علامة على فقه الإمام، فإن الإقلال من الكلام أوعى لحفظ الخطبة والإحاطة بمضمونها، وعدم السآمة والملل . وإن أطيلت الخطبة أحياناً لأمور اقتضت ذلك فإنه لا يخرج الإمام من كونه فقيهاً .

    عن عمار قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقصار الخطبة رواه أبو داود .
    وعند ابن ابي شيبة في مصنفه بلفظ : نهى أن نطيل الخطبة .

    الحديث الرابع :
    عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلا قام يوما فأكثر القول فقال عمرو فلو قصد في قوله لكان خيرا له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لقد رأيت أو أمرت أن أتجوز في القول . رواه أبو داود وحسنه الألباني .
    قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم 1/260 :والبلاغة هي التوصل إلى إفهام المعاني المقصودة وإيصالها إلى قلوب السامعين بأحسن صورة من الألفاظ الدالة عليها وأفصحها وأحلاها لدى أسماع وأوقعها في القلوب وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقصر الخطبة ولا يطيلها بل كان يبلغ ويوجز
    وقال ابن حزم في المحلى 5/60 : مسألة ولا تجوز إطالة الخطبة.
    قال الشوكاني : وأحاديث الباب فيها مشروعية إقصار الخطبة ولا خلاف في ذلك .
    قال ابن القيم في الزاد 1/427 :
    وكان يقصر الخطبة ويطيل الصلاة ويكثر الذكر ويقصد الكلمات الجوامع وكان يقول إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه وكان يعلم أصحابه في خطبته قواعد الإسلام وشرائعه ويأمرهم وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر أو نهي .

    أسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا إخواني الخطباء ، والحمد لله رب العالمين

اترك رداً على عبد الله زقيلإلغاء الرد