مشرط لا يعول عليه

غريب جدا موقف وزارة الصحة من بدل العدوى، وكأن وزارة علاج المرض لا تعرف كيف ينتقل المرض!!، فتعميم وزارة الصحة، الذي حصلت «عكـاظ» على نسخة منه ونشرت ما ورد فيه الأسبوع الماضي، قصر بدل الخطر على موظفي المختبرات والأشعة وبعض الممرضات العاملات في مكافحة العدوى أو إعطاء التحصينات، واعتبر مطالبة بقية جهاز التمريض وباقي الفريق الصحي ببدل الخطر مضيعة للوقت (لا أدري ما هي قصتنا مع اعتبار المطالبات المستحقة مضيعة وقت، بينما مؤتمرات التلميع الإعلامي والوعود مكسبة للوقت).
أريد أن أدخل في الموضوع من وجهة نظر علمية ثم على أساس أولويات احتياج وطني وترتيب استحقاقات حسب الأهم فالمهم، ثم الأقل أهمية، فمن وجهة نظر علمية فإن انتقال العدوى البكتيرية لا يقتصر على موظف المختبر الذي يفحص العينات، بل إن الممرض والممرضة المتعامل مع المريض (صاحب العينة) أقرب للتعرض للعدوى؛ سواء عن طريق التنفس أو إفرازات المريض أو عن طريق أجواء العنبر بأكمله، وبالمناسبة فإن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية والأكثر استعصاء تعج بها أجنحة وعنابر المستشفيات، ولاشك هنا أن جهاز التمريض في كل الأقسام أحق ببدل الخطر، أما العدوى الفيروسية المنتقلة عبر سوائل الجسم وإفرازاته فإنها لا تفرق بين ممرضة (تحصينات) أو ممرضة علاج جروح وحروق وأسنان وتعامل يومي مع إفرازات المريض!! فأي فكر هذا الذي يبحث عن الأقلية ويتنكر للحقائق العلمية.
من وجهة نظر وطنية، فإننا في أمس الحاجة إلى تشجيع كل الكوادر الصحية على حد سواء، وخصوصا التمريض الذي تشتكي الوزارة من شح الإقبال عليه، ولنا مع كل الكوادر الصحية العاملة فعليا مع المريض تجربة يجب ألا نكررها عندما غادرت جحافل العاملين الأجانب أثناء أزمة الخليج ولم يبق لنا إلا أبناء الوطن، ولولا لطف الله وسرعة انتهاء الأزمة لحدثت كارثة صحية، فالمهم هو تشجيع الكوادر الوطنية وعدم إحباطها بهكذا فكر عقيم، والأولى في التوفير هو وقف بدلات من يعملون في وظائف إدارية وهم على كوادر طبية، بل يعاملون كاستشاريين وهم لم يمارسوا الطب منذ تولي الإدارة والركون إلى المكاتب الوثيرة، وهؤلاء كثر ويتقاضون بدلات عالية غير مستحقة، فكم من جراح لم يعد مشرطا جراحيا لا يعلى عليه ولا مشرطا إداريا يعول عليه، ومع ذلك يحصل على مميزات هذا وذاك ويستكثر على ممرضة بدل العدوى.

اترك رد