تماما وكما ذكرت في مقال سابق بعنوان (خطوطنا والرجل الواحد)، خرج علينا مدير عام الخطوط السعودية بالفضائية السعودية الرسمية (ويا للأسف) ليدعي أولا أنه جاء لينتشل الخطوط السعودية من وضع مزرٍ هابط إلى وضعٍ حسنٍ مثالي، وكأن ناقلنا الوطني كان قبل معاليه لا شيء إطلاقا، لا من حيث الأسطول ولا من حيث الموظفين ولا من حيث الإخلاص ولا من حيث الطيران العالمي ولا من حيث انتظام الرحلات!، مع أن ما حدث كان هو العكس تماما، فقد كانت الخطوط السعودية محلقة، وجاء الملحم ليتسبب إداريا في لخبطة أوراقها خاصة بالتخلص من الموظفين ذوي الخبرة والمبدعين بمنح الشيك الذهبي ويمارس جملة أخطاء إدارية انعكست على سوء الأداء وفقدان الثقة وضعف الصيانة وعدم الالتزام بالمواعيد وارتفاع حدة الشكاوى إلى ما وصلت إليه.
دعوني أربط بين ما ذكرت من أنها أصبحت خطوط الرجل الواحد وبين ما قاله مدير عام الخطوط المهندس خالد الملحم بعظمة لسانه في قناة سعودية رسمية، أولا هو نسب النجاح الذي يدعيه لنفسه وفترته فقط، ماسحا كل تاريخ الخطوط السعودية الجميل، ثانيا هو لم يذكر فضلا لغيره في هذا النجاح المزعوم لا من مساعديه (التسعة والعشرين) ولا من هيئة الطيران المدني ولا من موظفيه ولا من الوطن الذي منحه الدعم الكبير عله يرفع من شأن الناقل الوطني فهبط به اضطراريا، ثالثا وهذه ثالثة الأثافي وضع نفسه في موقع صاحب البيت الذي لا يسمح لجريدة انتقدته كجريدة «عكـاظ» بدخول هذا البيت الذي اعتبره بيته الخاص واعتبر «عكـاظ» ضيفا ثقيلا غير مرحب به فيه، بل ذهب إلى أبعد من ذلك فوضع من نفسه زوجا يطلق «عكـاظ» طلقة واحدة وإن شاء جعلها بالثلاث، ويا للأسف أن تمر هذه العبارة (الصفيقة) على مقدم البرنامج ويقلبها إلى مزحة مجاملة سائلا إياه هل هي طلقة واحدة أم طلاق بائن بدلا من أن يقول له من أنت لتستضيف وتطلق في مؤسسة وطنية يعتلي هرمها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي أشاد بـ«عكـاظ» والإعلام السعودي إجمالا في أكثر من مناسبة مشرفة للإعلام؟!.
تعالوا الآن لتبريره لموقفه من «عكـاظ» وهو موضوع الـ5 مليارات النثرية، فقد أكدها وأكد صحة ما ذكرته «عكـاظ» بل قام بالمراوغة وأدخل من ضمنها مصروفات أساسية مثل أجور المطارات والأجواء وخارج دوام الملاحين ومصروفات أخرى أساسية لو استبعدت لما بقي للميزانية الأساسية للخطوط إلا رواتب كبار الموظفين ومميزاتهم، لقد كان دفاع المدير العام في تلك الحلقة دفاعا إنشائيا غير مسنود بأدلة وبراهين وواقع على الأرض، بل أصبح يردد نحن الأفضل نحن الذين تطورنا ونحن ونحن والواقع يؤكد غير ما ذكر، حتى في دفاعه عن موضوع لحوم الحمير التي لا تؤيدها «عكـاظ» وننزه خطوطنا عنها، لم يعرض إثباتاته الداحضة بل ردد أننا أفضل من يقدم وجبة صحية وقد يفهم من ذلك أن الخطوط قدمت لحم حمار (بس حمار مستصح).
الشهر: جوان 2011
قالوا وقلنا
** قال عضو مجلس الخدمات الصحية د. العبدالكريم لـ «عكاظ» إن أولوياتنا هي ملفات الغش وتقنين صرف الدواء والتأمين الصحي.
* قلنا: (التأمين الصحي جاهز من 2006م بس أنتم سموه وبلسموه).
**
** قالوا: سوء الإدارة والصيانة والمغالاة في التكاليف يعرقل نجاح شركة الكهرباء!!.
*قلنا: (العرقلة يوقفها ضربة جزاء وكرت أحمر وطرد).
**
** قالوا: جريدة عكاظ تنفرد بتطبيق تقنية الباركود وعرض الأخبار والتقارير على شكل فيديو.
*قلنا: وبدون ضجة وادعاء جوائز وفوز في استفتاءات تجارية.
**
** قال وزير الزراعة إنه لا خوف من بكتيريا (الايكولاي) رغم خطورتها وقتلها لأربعين شخصا في ألمانيا فلدينا خططنا الاحترازية لمجابهتها!!.
* قلنا: (غير خطة الجريش طبعا؟!).
**
** قالوا: الشرطة تتعامل مع الطفل التائه الصامت وتمنحه الحلوى عله يتكلم بما يدل على هويته.
* قلنا: ووزارة الشؤون الاجتماعية صامتة وبلا هوية اجتماعية.
**
** قالت وزارة الصحة أننا سنعالج الناس في منازلهم.
* قلنا: بس الخوف تكون الأخطاء الطبية توصيل منازل.
**
** قال مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني إن 52 % من الأسر السعودية يناقشون قضاياهم على مائدة الطعام.
*قلنا: و100 % مما يناقشونه عدم مراقبة ارتفاع أسعار الطعام.
**
** قالوا إن مراجعا رفع صوته على موظفي العمل فسجن.
* قلنا (موظفو العمل تكلمهم بلغة الإشارة والتأشيرة وعساك تسلم)
**
** قالوا: ثلاث مستشفيات ترفض استقبال مسن!!
* قلنا: (يستقبلهم في المنزل).
**
** قالوا: أهالي (حلاة ثربان) ينتظرون سفلتة الطريق منذ 15 عاما.
* قلنا: (يخلون مندوب وزارة النقل يقول هالعبارة أربع مرات بدون غلط: حلاة أهل حلاة لو طريق حلاة حلو ومسفلت).
**
** قالوا: ذئب يتسلل إلى منزل عائلة في تبوك ويدخل دورة المياه ثم يخرج بصحبة صاحبه الذي ادعى أنه حيوان أليف!!.
* قلنا: (إذا توفرت دورات المياه حتى الذئب يصير «أليف» ويسحب السيفون ويطلع)
مشرط لا يعول عليه
غريب جدا موقف وزارة الصحة من بدل العدوى، وكأن وزارة علاج المرض لا تعرف كيف ينتقل المرض!!، فتعميم وزارة الصحة، الذي حصلت «عكـاظ» على نسخة منه ونشرت ما ورد فيه الأسبوع الماضي، قصر بدل الخطر على موظفي المختبرات والأشعة وبعض الممرضات العاملات في مكافحة العدوى أو إعطاء التحصينات، واعتبر مطالبة بقية جهاز التمريض وباقي الفريق الصحي ببدل الخطر مضيعة للوقت (لا أدري ما هي قصتنا مع اعتبار المطالبات المستحقة مضيعة وقت، بينما مؤتمرات التلميع الإعلامي والوعود مكسبة للوقت).
أريد أن أدخل في الموضوع من وجهة نظر علمية ثم على أساس أولويات احتياج وطني وترتيب استحقاقات حسب الأهم فالمهم، ثم الأقل أهمية، فمن وجهة نظر علمية فإن انتقال العدوى البكتيرية لا يقتصر على موظف المختبر الذي يفحص العينات، بل إن الممرض والممرضة المتعامل مع المريض (صاحب العينة) أقرب للتعرض للعدوى؛ سواء عن طريق التنفس أو إفرازات المريض أو عن طريق أجواء العنبر بأكمله، وبالمناسبة فإن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية والأكثر استعصاء تعج بها أجنحة وعنابر المستشفيات، ولاشك هنا أن جهاز التمريض في كل الأقسام أحق ببدل الخطر، أما العدوى الفيروسية المنتقلة عبر سوائل الجسم وإفرازاته فإنها لا تفرق بين ممرضة (تحصينات) أو ممرضة علاج جروح وحروق وأسنان وتعامل يومي مع إفرازات المريض!! فأي فكر هذا الذي يبحث عن الأقلية ويتنكر للحقائق العلمية.
من وجهة نظر وطنية، فإننا في أمس الحاجة إلى تشجيع كل الكوادر الصحية على حد سواء، وخصوصا التمريض الذي تشتكي الوزارة من شح الإقبال عليه، ولنا مع كل الكوادر الصحية العاملة فعليا مع المريض تجربة يجب ألا نكررها عندما غادرت جحافل العاملين الأجانب أثناء أزمة الخليج ولم يبق لنا إلا أبناء الوطن، ولولا لطف الله وسرعة انتهاء الأزمة لحدثت كارثة صحية، فالمهم هو تشجيع الكوادر الوطنية وعدم إحباطها بهكذا فكر عقيم، والأولى في التوفير هو وقف بدلات من يعملون في وظائف إدارية وهم على كوادر طبية، بل يعاملون كاستشاريين وهم لم يمارسوا الطب منذ تولي الإدارة والركون إلى المكاتب الوثيرة، وهؤلاء كثر ويتقاضون بدلات عالية غير مستحقة، فكم من جراح لم يعد مشرطا جراحيا لا يعلى عليه ولا مشرطا إداريا يعول عليه، ومع ذلك يحصل على مميزات هذا وذاك ويستكثر على ممرضة بدل العدوى.
كشف خطير
حق لوزارة الخدمة المدنية أن تنال (نوط الصراحة والشفافية) من بين جميع الوزارات، وهذه الصراحة والشفافية لها أسبابها وظروفها فهذه الوزارة أصبحت تتحمل (دون إزر) مسؤولية عدم التوظيف على وظائف شاغرة أو إشغال وظائف فنية هامة جدا بكوادر فنية لا تمارس العمل الفني بل تمارس أعمالا إدارية وتحصل على مميزات وبدلات منحت أساسا لمن يمارس عملا فنيا أو تخصصيا تشجيعا على «سعودة» هذه الوظائف والأعمال من جهة، وتعويض النقص الشديد في الممارسين المتخصصين لهذه الأعمال، وتلبية الحاجة الملحة لممارسة هذه الأعمال وليس مجرد شغل وظائفها وحسب بمن يمارس عملا إداريا.
وزارة الخدمة المدنية كشفت منذ عدة أشهر عن وجود مئات الآلاف من الوظائف الشاغرة التي لم تحرص الجهات المعنية على شغلها وخاصة في مجال الوظائف الصحية، وحظي ذلك التصريح الصريح جدا باهتمام إعلامي بالغ وكشف أن مشكلة هذا الوطن لا تكمن في شح الوظائف أو شح المخصصات المالية لشغل هذه الوظائف ولا سوء التخطيط لتقرير عدد الوظائف التي يجب إدراجها في خطة تنموية، إنما المشكلة الكبرى تكمن في سوء إدارة، وسوء نية أحيانا تتمحور في حجز البعض للشواغر عله يعين عليها قريبا أو صهرا أو صديقا ومثلما أن الشيطان وسوس للمسؤول بهذه الفكرة فقد أنساه الشيطان تلك الشواغر حتى ذكرته وزارة الخدمة المدنية بمئات الآلاف منها.
هذا ما حدث منذ عدة أشهر، أما ما حدث بالأمس فأشد وأكثر خطورة فقد رفع مديرو فروع وزارة الخدمة المدنية في بعض المناطق والمحافظات (حسب عكاظ أمس) تقارير عاجلة تفيد برفض وزارتي الصحة والتربية تزويدهم بأسماء العاملين المعينين على اللائحتين الصحية والتعليمية ويمارسون أعمالا إدارية في إدارات الشؤون الصحية والتربية والتعليم، واتجهت وزارة الخدمة المدنية لتشكيل لجنة عليا خلال أيام لتطبيق قرار عملية حصر الأسماء.
هذا الإخفاء والرفض هذه المرة له مسبباته الشخصية وليس (الواسطية) فكثير من كبار الإداريين يتقاضون بدلات فنية وبدلات تميز وبدلات خطر وهم على مكاتب لا فنية ولا مميزة ولا خطرة، وإذا حصرت الأسماء فإن الكشف خطير.
4 نوم و4 إفاقة.. يستغفلون من؟
حسنا، ربما كنت من أوائل من قالوا بمنطقية نظام المطبوعات الجديد وعدم إجحافه لأنه يمس من لم يتثبت من حقيقة ما يكتب، ويطالب الإعلام بمطالب منطقية لا تختلف عن ما كنا وما زلنا نؤيده من تغليب المصلحة الوطنية والمصلحة العامة كهدف للنقد. وربما انتقدني بعض الزملاء في سرعة تأييدي للإضافات الجديدة على نظام المطبوعات وعدم القلق من عقوباته، لكنني ما زلت مقتنعا بمنطقية الإضافات، فهل تشفع لي هذه القناعة بأن أستنجد بالنظام والأهداف النبيلة له بأن يقبل احتجاجي على عدم قانونية السلوكيات الفردية لبعض المسؤولين، وعدم عقلانية بعضها الآخر، وعدم منطقية البعض واستغفاله للإعلام والقارئ على حد سواء!
عندما يمنع مسؤول الخطوط السعودية توزيع صحيفة عكاظ على ركاب الناقل الوطني، فإنه بذلك يمنح لنفسه حق إصدار نظامه الخاص بالمطبوعات رغم صدور النظام!، ويمارس معاقبة المطبوعة على ما يعتقده مخالفة، لأنه يعتبر أي نقد لإدارته مخالفة، ولا يكتفي بإدارة الناقل الوطني وكأنه ملكه بل يطبق نظامه الخاص للمطبوعات وكأنه يطبق نظاما على أسرته في داخل منزله الخاص، فأين دور نظام المطبوعات ورجاله هنا من وقفة منطقية مقنعة تحمي النظام على أقل تقدير من أن يمسه اعتداء استباقي لا يركن إلى الإجراءات المحددة في النظام!.
وعندما ينام مسؤول عدة سنوات لا ترى منه إنجازا يستحق الذكر، ولا يتجاوب مع النقد الإعلامي المتزن والتساؤلات التي هي من حق كل مواطن عبر وسائل إعلام محلي وطني هادف وبناء، ثم يخرج عند قرب فترة التجديد أو التشكيل بمسافة أربعة أسابيع بوعود مستقبلية «ليست استعراض ما تحقق خلال أربع سنوات»، وعود أشبه بالخيال مقارنة بواقع المؤسسة وأحلام تنم عن استغفال للإعلام والقارئ والمواطن بصفة عامة وربما الوطن أجمع، ألا يعتبر هذا إساءة للعقل والمنطق والهدف السامي للإعلام؟
ليس دور الشرطة
تتحمل أقسام الشرطة جوانب القصور في جهات أخرى فتقوم بأدوار ليست من اختصاصها، ولا هم أفرادها بمؤهلين للتعامل معها لكنهم يقومون بالدور لأن أحدا آخر أهمل مهامه وواجباته، دعونا نركز بمثال لكنه بالتأكيد مجرد استشهاد لا يقصد به الحصر، هل تذكرون الطفل ذا الأربع سنوات الذي وجدته الشرطة تائها واحتضنه رجال القسم فوجدوه لا يتكلم ولا يسمع وينظر من حوله وكأنه يبحث عن شيء مفقود أو أم حانية أو أب رحيم فوجد الرحمة لدى رجال قسم الشرطة الذين اشتروا له الحلوى ولاعبوه عله يطمئن وينطق بما يدل على هويته (نشرت خبره «عكاظ» منذ أسبوعين ولم أقرأ عنه خبرا بعد ذلك (ربما فاتني بحكم سفري).
هذا الطفل يجسد العديد من الحالات التي هي من مسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعية، ويفترض أن تجند لها فريقا من الأخصائيين الاجتماعيين والأخصائيات، لكن الوزارة لا زالت لا تعير موضوع تدخل الأخصائي الاجتماعي والأخصائية أدنى اهتمام، بل ربما لا تضعه هذه الوزارة ضمن أجنداتها مطلقا فتتولاه جهات لا علاقة لها بالشأن الاجتماعي، ولأن وزارة الشؤون الاجتماعية لا ترى من مهامها إلا صرف الضمان الاجتماعي وبطريقة غير حضارية أيضا فإنني أعتقد أن على تلك الجهات الأخرى أن توظف الأخصائيين والأخصائيات الاجتماعيين (وهم كثر عاطلون) وتستعين بهم في دوائر الشرطة والدفاع المدني والمرور وكل جهة لها علاقة بالجرائم والحوادث ومحاولات الانتحار والمفقودين والتائهين والمكلومين وكل من يحتاج إلى مساندة اجتماعية.
ذلك الطفل حول في النهاية إلى جمعية (خيرية) لكن من تعامل معه في البداية في محاولة لاستنطاقه وتهدئته يفترض أن يكون متخصصا اجتماعيا ضليعا في عمله وخبيرا بتلك الحالات (تبعث) به وزارة الشؤون الاجتماعية للتعامل مع مثل هذه الحالات وحالات محاولة الانتحار التي يباشرها الدفاع المدني وأقارب ضحايا الحوادث الذين يتعامل معهم جندي المرور في موقع الحادث، لكن ما عسانا نقول ومهام وزارة الشؤون الاجتماعية لم (تبعث) بعد مع أن الحاجة لها جد ماسة!!.
افتونا في أضحية معلفة بالتبغ !
عجيب أمرنا مع السجائر، ترتفع أسعار الأسماك المفيدة غذائيا 40 % وتسبح السجائر في بحر سعرها الرخيص مقارنة بكل أنحاء العالم الجاد في محاربة التدخين، يطير الدجاج الذي لم يكن ليطير بجناحين لولا استبدال كل ريشة منتوفة بريال غير مراقب، وتحط السجائر على أعشاشها المحمية من أي ارتفاع، وترتفع أسعار الشعير أضعافا مضاعفة ويركض خلفها خروف النعيمي (الأضحية المفضلة) ليبلغ سعرا غير مسبوق وتبقى السجائر على سعرها السابق حتى قلنا ليت النعيمي يقبل التبغ غذاء لفرغنا له السجائر من محتواها وجعلناه يحلي بـ «جراك معسل بالتفاح» لنضمن ثبات سعره سنوات عديدة!!، لكن الأمر يحتاج إلى فتوى.
حكايتنا مع حماية أسعار السجائر غريبة فمع أن مستهلك السجائر ليس له حماية مستهلك، لا فعلية ولا منشغلة بـ«الإقلاع عن الرئيس» إلا أن أسعارها تنعم بحماية دائمة فاعلة لا خلاف بين أعضائها والرئيس، بل تحظى باتحاد ووئام وصفاء نفوس رغم تلويث الدخان لكل النفوس!!، لقد مضت سنوات وسنوات دفعنا خلالها ثمن تدخين الشباب والشيب من بنك صحة المجتمع ومن ميزانية علاج النتائج أرواحا وبلايين من الريالات ولازلنا نراوح مكاننا في مجال المكافحة المبنية على رفع الأسعار ومنع الدعاية والتخويف من النتائج على نفس العلبة عدا عبارة قديمة غير مؤثرة، لا بارزة ولا مقروءة ، ولازلنا على حالنا وكأننا والسجائر من حولنا قوم جلوس حولهم سجائر!!.
مررت بدول كثيرة بعضها متقدم وبعضها خلفنا بمراحل وفي كل أشاهد علب السجائر تحمل صورا مخيفة لنتائج التدخين وأثاره المميتة على الرئة والقلب والشرايين والحنجرة واللثة، صور حية لسرطان الرئة وتلف صمامات القلب وسرطان الحنجرة والفم، صور فرضتها تلك الدول الأكثر تقدما والأكثر تخلفا على شركات إنتاج السجائر ولم نفرضها نحن حتى الآن!! لماذا؟! هل نحن أكثر قسوة على المدخن من السجائر؟! أم أننا أكثر شفقة على شركات التبغ من كل دول العالم؟!.
خطوطنا والرجل الواحد
تطورات الأحداث في الخطوط الجوية العربية السعودية لا تبشر بخير مطلقا، كما أنها أحداث سلبية متكررة تشير إلى انحدار غير مسبوق في مستوى ناقلنا الوطني لا يرضاه أحد ولا يقبل به قلب يحمل لهذا الوطن وما يمثله ذرة حب وغيرة على سمعته، فالخطوط السعودية صورة (ايميج) تعكس وطنا وبلدا وأخلاق شعب، لا مجرد ناقل وحسب. فالقادم للعمرة أو الحج على الناقل السعودي إنما ينظر إلى المملكة عبر أول صورة ذهنية يطبعها في مخيلته هذا الناقل الممثل لنا جميعا، بل إن حديث العهد بالإسلام أو من يرى الإسلام ممثلا بهذا البلد الأمين يحسب تصرفات الخطوط السعودية على حساب صورة الإسلام والمسلمين. ولا أذيع سرا عندما أقول إن ركاب رحلة الخطوط السعودية رقم 820 إلى جاكرتا التي كتبت عنها سابقا وعرضت أهوالها ومهازلها على اليوتيوب كان معظمهم من المعتمرين وكان بعضهم يتمتم بعبارات أنقلها كما جاءت: (يا الله كيف مسلم سوي كذا) و(حرام كل واحد هنا فيه أولاد ينتظرونه، كيف طياره خربان خلي طير أربع مرات وممكن طيح، ما فيه خوف من الله!).. أقصد أن تجاوزات إدارة الخطوط السعودية لا تسيء إلى رجل واحد بل إلى وطن بأكمله.
لم يجمع الناس إجماعا قط مثلما أجمعوا على تدهور أحوال الخطوط السعودية وتعنت إدارتها وعدم اكتراثها بما يحدث، فأعضاء مجلس الشورى وعبر بحث دقيق ومتأن قالوا عن الخطوط إنها رجل مريض أو تعاني من أمراض عدة. وفي إشارة ذكية وواقعية نبه الكاتب علي الشدي إلى أن الخطوط السعودية مريض يرفض تناول الدواء، وأذكر أنني علقت على ذلك في زاوية الخميس (قالوا وقلنا) بأننا في الممارسة الصيدلانية عندما يرفض مريض الدواء نعطيه إياه في شكل (تحميلة) ولم أكن أمزح، ولكن تعبيرا عن أهمية وصول العلاج بأية طريقة، فماذا ننتظر؟
إن أحدث تصرف أرعن لإدارة الخطوط السعودية هو مقابلة الشفافية والنقد الموضوعي الذي تمارسه «عكاظ» بمنع توزيعها على طائراتها، وهي بالمناسبة الصحيفة الوحيدة التي تحرص على نشر الرأي والرأي الآخر في العدد ذاته، وأكثر صحيفة استضافت مسؤولي الخطوط وعلاقاتها العامة علهم يوضحون وجهة نظرهم، وليس ذنبها أنهم غير مقنعين، ومنع توزيع «عكاظ» يدل في نظري على أن المرض تطور إلى مرض نفسي!
الحل الإندونيسي وجلدنا لذاتنا
جميل ذلك الحوار الذي أجراه الزميل حمدان الحربي مع رئيس الهيئة الوطنية لتوظيف وحماية حقوق العمالة الإندونيسية السيد محمد جمهور هداية ونشرته «عكاظ» أمس (السبت) فقد كشف عن حلول جيدة لجأت إليها إندونيسيا للخروج من أزمة مشاكل العاملات المنزليات مع بعض الكفلاء السعوديين وفي نفس الوقت ضمان حق الكفيل السعودي الذي كان ضائعا بسبب الهروب ورفض العمل، وحزمة الإجراءات التي ذكرها السيد محمد جمهور جميلة ومثالية وإن كان بعضها صعب التحقيق مثل الفحص النفسي للعاملة قبل تصديرها، فمثل هذا الفحص ليس بالسهولة بمكان لأنه يجرى خارج بيئة العمل وقبل معرفتها بما سوف تواجهه في الخارج من ظروف ثم لأن الفحص العضوي المخبري أصلا يعاني من التزييف ولا يمكن المراهنة عليه فما بالك بالفحص النفسي!، وعلى وجه العموم فإن الإجراءات التي بشر بها جيدة وتدل على أننا عندما نواجه تعنت بعض الأطراف الدولية التي نتعامل معها بحزم فإنها تجبر على إيجاد الحلول وترضخ للحل المرضي للطرفين مثل حل التأمين بريال عن كل يوم عمل المضمون بالتقاضي لحصول الكفيل على حقه عند الهروب، والعاملة على حقها عند عدم دفع الرواتب.
السؤال المحير هنا هو لماذا ننتظر الحلول من الآخرين (الأطراف التي تحدث بيننا وبينها مشاكل)؟! بمعنى لماذا لانؤسس نحن أصلا لدرء حدوث المشاكل باستباق الحلول؟! والسؤال الأهم لماذا لايعمم الحل الإندونيسي مع بقية الدول التي نستقدم منها العمالة؟!، كل العمالة، وليس عاملات منزليات فقط، فهذا الموضوع (هظم الحقوق من الطرفين) موضوع مؤرق لنا وتسبب في إساءة ظالمة لسمعتنا، ومزمن لعدة عقود، ولم نحاول جديا حله!! وانتظرنا حلا مصنوعا في إندونيسيا رغم سهولته وسلاسته!!.
الأمر الآخر الهام جدا هو ما ورد في الحوار من نفي رئيس الهيئة نيته إيقاف تصدير العمالة للمملكة وأن المقصود دول أخرى منها جارتهم ماليزيا وجارتنا الكويت، بينما تصور بعض صحفنا أننا نحن من يسيء للعمالة المنزلية، وأننا المعنيون بكل منع ونحن من هذا وذلك براء وأفضل حالا من غيرنا لكننا نجيد جلد الذات.
المسؤول المختال الفخور
مجتمعنا يلقي بالتهم على الموظف الشاب بعدم تحمل المسؤولية، وهذه التهم تلقى جزافا ودون إثباتات أحيانا، ويكون لها ما يبررها أحيانا أخرى، لكن الجزء المبرر منها لا يقتصر على الموظف الصغير شابا أو كهلا، فواقع مشاكلنا المستديمة يشير إلى أن المسؤولية تعاني من الهجران في مناصب كبيرة ووظائف عليا لايقوم عليها شباب، بل من هم أكبر سنا وتجربة وأحرى بتحمل المسؤولية والالتصاق بالمسؤوليات الفعلية للمنصب ومتابعة المهام المنوطة مباشرة وعدم الأخذ من المنصب بالمميزات و(البرستيج) والتطلع إلى وظيفة أعلى أو تجديد دون منح المنصب حقه من القيام بالأمانة وتحمل المسؤولية والإخلاص من أجل الوظيفة الحالية والفترة الحاضرة و(تحليل) الراتب والمميزات ومباشرة المسؤوليات.
البعض يتلقى التهاني بالتعيين وكأنه تشريف لا تكليف، ويرى فيه مجرد مرحلة وصل إليها وينظر إلى ماهو أعلى منها، تماما وكأنها مرحلة تحصيل دراسي أو كسب شخصي يطمح إلى الأعلى أو الاستمرار دون عطاء يذكر!!، أنا لا أعترض على الطموح ولكن بعد تحقيق طموح الوطن أولا، ولا أعترض على حب الاستمرار ولكن بما يبرر الاستمرار من العطاء للوطن!!، لا أن يكون المنصب مجرد حفل تخرج يرتدي فيه المسؤول مشلحا أنيقا ويبدأ في حضور المناسبات مختالا فخورا ومسؤولياته تئن من القصور لايمثل بالنسبة لها إلا رمزا يصدر الوعود والتصريحات ويتملص من النقد ويتلو الحجج والمبررات ويتحجج بالصعوبات وكأن البحث عن حلها ليست مسؤوليته!!.
المشكلة ليست في جيل الشباب الصغير في مسؤولياته فقط، بل هي في مفهوم عصر حاضر لم يكن معتادا فقد مررنا برموز ترى في المسؤولية مهمة يجب إنجازها دون تردد أو تحجج بصعوبات ويقال إذا استشهدت فاستشهد بمن رحل لأن من هو حي يخشى عليه من التغير أو الغرور وأظن أن غازي القصيبي رحمة الله عليه ماتولى مهمة إلا قتل صعوباتها حتى قتله العمل!!، فأين نحن من ذلك الجيل.
المسؤولية تقتضي عدم الاعتماد الكلي على وكيل أو مدير وعدم قبول شهادتهم في أنفسهم إنما شهادة الإنجاز لهم وتطبيق تقييم رضى المنصب عنهم لا رضاهم هم عن أنفسهم، وعدم النوم حتى قرب تجديد أو تشكيل ثم إخراج منجزات قديمة ودعوة الإعلاميين في أغلى قاعة وتقديم أغلى طعام فالوطن أحق بأن يطعم من كل فترة المنصب لا من عسيلتها بما يضمن التجديد.
