اليوم: 31 أكتوبر، 2011

بين وزارتين

بالأمس وبعد الحديث عن رفض وزارة الشؤون الاجتماعية العرض المجاني من شركة تأمين مساهمة للتأمين على اليتامى، وعدتكم بأن أعطيكم مزيدا من التفاصيل عن خلفية تاريخية لدور البيروقراطية في إعاقة أعمال الخير بسبب اجتهادات شخصية ممن لا يعيش ولم يعايش ذات المعاناة، فمنذ قرابة ثلاثين سنة أجريت تحقيقا صحفيا عن دار رعاية المسنين (دار العجزة) بالرياض أوضح من خلاله مدير الدار آنذاك الأستاذ عبدالرحمن التويجري وجود نواقص كثيرة من الأساسيات للعجزة بدءا بالأسرة والكراسي المتحركة وانتهاء بملاعق الطعام، عندها رغب الشيخ عبدالعزيز الشويعر (أحد كبار تجار العقار) بالتبرع العيني للدار بشراء كل احتياجاتها ويسلمها بنفسه للدار، وفرح المدير فرحا شديدا لكنه صدم برفض وكيل الوزارة آنذاك للتبرع، بحجة أن الوزارة لا تقبل التبرعات، فحرم نزلاء الدار وعلى مدى أكثر من عشرين سنة من التأثيث اللائق، وحادثة مقال الأمس عن التأمين الصحي على الأيتام تدل أننا رغم تغير الكثير من المفاهيم حول ضرورة إسهام القطاع الخاص وأدائه لمتطلبات المسؤولية الاجتماعية لا زلنا نعيش ذات العقد ولكن بصورة أحدث وربما أخطر تتمثل في أسلوب (يتم التبرع عبر دهاليزنا، ويقوم المتبرع بالمسؤولية كاملة، ويحمل الجمل بما حمل).
وزارة الصحة هي الأخرى لعبت دور الحرمان من التأمين الصحي وتطبيق النظام الجاهز المدروس المقوم والمفصل منذ عهد الوزارة السابق (نظام بلسم للتأمين الصحي)، ولكن لسبب آخر ونحن ندفع الثمن، بكل فئاتنا، يتيما ومن له عائل وفقيرا وغنيا!!.
ذات الخلل الإداري هو الذي يجعل الممرضة (أهم عناصر الرعاية الصحية وأكثرها شحا) لاتحصل على حقها في بدل عدوى إلا بحكم قضائي!! والحكم القضائي الصريح بعد المداولة يدل على أن حقها في البدل كان واضحا، وحرمت منه بسبب تعنت إداري سيحرمنا من التحاق بناتنا بهذه المهنة الهامة جدا المطلوبة، لأن انتشار خبر الحصول على البدل بعد مشقة ومحاكم سيطرد القلة التي تفكر في الالتحاق بالتمريض، مع أنه بدل قليل مقارنة بما يحصل عليه الإداريون من بدلات.
التأمين التطوعي المجاني، ونظام بلسم وبدل العدوى للممرضة جميعها حقوق منحها لنا الوطن بسخاء، لكن أحدا يحرمنا منها بشح فكر إداري.