الشهر: أبريل 2015

أمر ملكي الرقم «مواطن»

ليس مصادفة أن تتوارد أفكار الأوامر الملكية مع فكرة مواطن، أو أن تأتي موافقة لرغبات المواطنين وأمانيهم، فنحن ــ ولله الحمد والمنة ــ في وطن تفكر فيه القيادة بهم المواطن وتلتقي أفكارها بفكره؛ لأن الجميع ــ مواطنين وقادة ــ يؤمنون بعقيدة واحدة موحدة ويحكمهم شرع حكيم منزل، فلا تضل عنهم الحكمة التي هي ضالة المؤمن.
دعنا نتناول الأوامر الملكية التي أشرقت بها شمس أمس الأربعاء وأطل بها فجره من بعد صلاة الفجر، نتناولها دون ترتيب أرقامها، وستجد أن رقمها الموحد هو موافقة ما يفكر فيه المواطن، وهذا ليس صدفة ولا إملاء، بل التقاء قلوب وتحقيق هدف واحد موحد.
نبدأ بالامتنان لجهود العسكريين والمؤسسات العسكرية والأمنية بصرف راتب شهر لجميع منسوبيها من أفراد وضباط ومدنيين، جاء حكيما شاملا حافظا لكرامة المواطن الذي أدى واجبا ساميا لا ينتظر عليه جزاء ولا شكورا ولا هدية متواضعة مهما غلا ثمنها!! ولم يخصص فئة أو وظيفة أو رجل مهمة بعينه، بل عم كل من يعمل في تلك المؤسسات العسكرية التي نفذت الواجب وأحسنت تنفيذه بجهد مشترك شامل وبروح عمل فريق واحد لا يتميز فيه دور فرد عن آخر، وهنا تجد الحكمة والفطنة وسداد التفكير وعدالة التقدير التي جاءت مشتركة ومتوافقة وتواردت فيها الأفكار مع رفض طيار لهدية منفردة ورفض مواطن لمجرد إعلانها أو التفكير فيها!!.
الأمثلة على التفكير بقلب رجل واحد بين القيادة والمواطنين كثيرة لا تتسع المساحة لسردها، لكن خذ منها أيضا إيكال وزارة الصحة لرجل نجح في إدارة شركة كبرى هي أرامكو، هذا القرار الحكيم تواردت فيه الأفكار مع ما طرحته هذه الجريدة الموقرة حرفيا قبل عشرة أيام في مقال (وزير الصحة القادم) بقلم الفقير لعفو ربه، وهذا مجرد توارد أفكار منبعه أن القيادة تفكر بهم المواطن وهل أكبر هما عليه من صحته التي أجزم أن رعايتها ستحقق قفزة نوعية قادمة.
المساحة محدودة، لكن شمولية حكمة الأوامر وسمو أهدافها ليس محدودا، ففيها خير عظيم لاستقرار الوطن ومستقبل سلاسة انتقال السلطة ومستقبل زاهر للعاطلين عن العمل ينسجم مع ظروف المؤسسات الوطنية وملاكها وللرياضيين وللمعلمات وللمتظلمين لديوان المظالم وللقنوات الإعلامية الوطنية، وجميعها أمانٍ كان يتمناها المواطن فوجدها حقيقة وليس حلما مع إطلالة شمس صباح مشرق.

تحويل الابتعاث إلى صراع فكري

كنت أعتقد أن موضوع الابتعاث تحديدا لا يمكن تحويله إلى سلاح يستخدم في الصراع والخلاف بين تيارين، مثلما يتم تحويل قضايا كثيرة إلى ميدان صراع، كقيادة المرأة للسيارة ومعرض الكتاب ودور السينما والأدوار العظيمة التي تلعبها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حماية القيم الدينية والأخلاق وصيانة الأعراض ومحاربة الرذيلة بكافة أشكالها من ابتزاز وتصنيع خمور وترويج مخدرات وإيذاء للنساء في الأسواق.
لكن الواضح أن البعض يصر على تحويل الاختلاف في الآراء ووجهات النظر في أمر ترقية البعثة إلى القائمة التي ينقسم حولها الفريقان لتصبح خلافا لا اختلافا!!، مع أن من يفكر في الأمر بعقلانية وواقعية يستبعد تماما أن يكون الاختلاف حول هذا الموضوع تحديدا له أدنى علاقة بخلاف ملتزم دينيا مع مدعي ليبرالية!!.
لابد من التأكيد على أن ما يحدث الآن من خطوات سديدة تضمن الاحتكام للأنظمة والإجراءات قبل وأثناء الرغبة في ترقية البعثة، هي خطوات تأطير وتطوير، وليست كما يحاول البعض تصويرها على أنها تحول في النظرة للابتعاث، وهذا ما أكدت عليه في برنامج (الأسبوع في ساعة) عندما أكدت أن ما يحدث الآن هو ضبط للابتعاث ومنع لما حدث من إساءة استغلال الاندفاع نحو الابتعاث ومرونة الإجراءات في صور محسوبيات وفساد وعدم تساو في الفرص.
نحن كتاب الرأي أكثر من طالب بعدم تضييق الواسع عند تنفيذ مكارم الوطن على المواطن فيما يخص مستفيدي الضمان والتقاعد والإسكان وغيرها، لكننا في الوقت ذاته ضد توسيع الواسع في أمور تستوجب تساوي الفرص وعدالة التوزيع، وما يحدث الآن من مطالبات ترقية البعثة من بعثة على حساب الطالب إلى ابتعاث حكومي ينطوي بعضها على لي لذراع جهات الابتعاث فيقوم الوالد الذي أنعم الله عليه ببسطة في الرزق بابتعاث ابنه على حسابه للجامعة التي يريد والبلد الذي يحدده هو والتخصص الذي يرغبه (بعد أخذ موافقة من حيث المبدأ على هذه الدراسة)، ثم يطالب بتحويلها لبعثة بينما يقف في صف الانتظار مئات من مستوري الحال ينتظرون بعثة في تخصص تحتاجه جهة عملهم وهي من يوافق على الجامعة والبلد وزمن الابتعاث!! ويريد صاحبنا أن يتخطى الطابور مستغلا قدرته على تحمل السنوات الأولى للبعثة!! فأين العدل هنا؟! العدل هو فيما يجري من ضبط لذلك الاستغلال أما مبدأ الابتعاث فقائم لأن وطني لازال ينشد التطوير.

هذا «البرنامج» يحتاج إلى حزم!!

كأنه برنامج تلفزيوني لأنه استعراضي!!، وكأنه برنامج رياضي لأنه بقي سطحيا!! ذلكم هو برنامج الأمان الأسري الذي نسمع به ولا نرى إلا استعراضا شخصيا إعلاميا متلفزا ومطبوعا لمديرته التنفيذية، وأسس ليعالج مشكلة اجتماعية خطيرة جدا تتمثل في العنف الأسري ولا زالت هذه المشكلة في تزايد كبير وأرقام مخيفة رغم علاقة هذا العنف الأسري بكل أمر خطير في مستقبل مجتمعنا وليس أخطر من الجنوح للإرهاب!!
هذا البرنامج منذ ولادته القديمة، قياسا بالعمر الافتراضي للإنجاز، عانى من عدم التخصص فمثل هذه المهمة تحتاج إلى إدارة متخصصة في علم الاجتماع وذات خبرة طويلة في التعامل مع المشاكل الأسرية والاجتماعية ولديها روح القيادة الإدارية لكن هذا لم يحدث فبقي البرنامج مجرد لوحة زينة!!
لدينا مشكلة كبيرة جدا في أمر بعض المشاريع الوطنية أو المؤسسات التي يتم تأسيسها بهدف معالجة مشكلة معينة خطيرة يعاني منها المجتمع، فهذه المشاريع أو المؤسسات رغم أهميتها ورغم أنها تدعم ماليا بملايين الريالات إلا أن تسميتها (وأقول تسميتها فقط) تجعلها بعيدة عن أعين الرقابة والمتابعة والتدقيق سواء في إنتاجيتها وقيامها بدورها أو حتى في أوجه الصرف المالي والأداء الإداري وتحقيق الأهداف.
تلك المشاريع الوطنية الهامة جدا هي في الواقع مؤسسات لا تقل في أهميتها والدور المتوقع منها وأوجه صرفها عن مؤسسات كبرى في الدولة لكن مجرد تسميتها بـ(برنامج) يجعلها بعيدة عن أعين المراقبة والمتابعة لا من حيث تحقيق الأهداف وتحقيق الإنجازات ولا من حيث أولويات الصرف وأوجهه ولا الدقة في التخصص والتعيين.
لا بد من وقف هذا البرنامج فورا وإعادة هيكلته بحزم وتحويله إلى مؤسسة حكومية لها طابع التخصص وضخها بالمتخصصين والمتخصصات في الشأن الاجتماعي ومحاسبتهم بما يوازي أهمية دورهم في معالجة مشاكل العنف الأسري وتزايد الطلاق وضياع الأطفال وإهمال الوالدين وتفكك الأسر وانتشار السلوكيات الخطيرة للأولاد والبنات المفتقدين للاستقرار الأسري والتوجيه الأبوي.

مدرسة بدون حمامات (ماشي) لكن بحمام دم لا

أن يكره طفل مدرسته لأنها بدون تكييف، أو تكره طفلة مدرستها لأنها بدون دورات مياه نظيفة ومناسبة للاستخدام الأدمي، فهذه جميعها، ومعها ازدحام الفصول بالطالبات وسوء الخدمات التوضيحية، مشاكل أكل عليها الدهر وشرب، وطالبنا كثيرا بتغييرها جذريا ببناء المباني المدرسية الحديثة على أعلى طراز معماري وتعليمي، وهذه حلول تحتاج إلى وقت وجهد ومال لا نستطيع أن نستعجل مطالبة زير التعليم الجديد الدكتور عزام الدخيل بأكثر من التفكير فيها وأخذها في الحسبان ضمن مسؤولياته الجسام؛ كأول وزير يجمع بين مسؤولية التعليم العام والعالي، وهي مسؤولية كبيرة جدا قد تستوجب إعادة الفصل بينهما، ولو بتفويض الصلاحيات لذوي الخبرة في كل فرع.
أما أن يتحول فناء مدارس البنين إلى حلبة مصارعة ومضاربة بين طالب ومعلم أو معلم وولي أمر أو أب طالب وطالب آخر!!، فيسيل الدم وتمرغ الأنوف الشامخة في البلاط وتكسر الأسنان وتستخدم الأدوات الحادة والسلاح!!، وهذه جميعا حدثت وبكثرة في السنوات الماضية، وأما أن تتحول أروقة مدارس البنات إلى ساحة عراك بين طالبتين أو معلمة وعدة طالبات أو مديرة وأم طالبة فترتفع الأصوات النابية وتتقاذف الجزم بكعوب عالية وأخلاق (واطية)، وهذه أيضا تكررت بكثرة في السنوات الماضية، فإن الحل سهل وغير مكلف، بل سيحل معه مشكلة أخرى تتمثل في بطالة المؤهلات الدنيا!!، وقد سبق أن اقترحته عبر هذه الجريدة الرائعة على عدة وزراء تربية وتعليم سبقوا قبل أن أدخل في بياتي (الشتوصيفي) الطويل، وأرجو أن يجد فيه عزام الدخيل ما يستحق سرعة التطبيق.
الحل لا يحتاج لأكثر من استحداث وظيفتين أو ثلاث في كل مدرسة من مدارس الجنسين لرجال أو نساء لديهم بسطة في الجسم ورجاحة في العقل يتولون فض النزاع!!، وقبل ذلك وأهم منه ردع حدوثه وتحقيق كل ما من شأنه توفير الأمن المدرسي، والذي ستوفر معه وظائف لائقة للعاطلين ممن لم يرزقهم الله بسطة في العلم.

مرحى آل مطير ففرحتنا صارت فرحتين

ميزة أبناء هذا البلد الأمين أنهم مؤمنون إيمانا حقا ومسلمون إسلاما صحيحا، العسكري منهم والمدني، المواطن والحاكم، ولذا فإن خبر استشهاد الجندي أول عبدالمحسن بن خلف المطيري والجندي أول ثامر بن عمران المطيري قابله والداهما بالاستبشار والفرح باستشهاد ابنيهما وهما يؤديان الواجب، وفرحنا نحن جميعا، فنحن مؤمنون بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، وأن من قتلهم مثواه النار خالدا فيها.

بعد بيان الجمعة عن نتائج التحقيق مع أحد المقبوض عليهم في تهمة الاعتداء على رجلي الأمن شرق الرياض، وما كشفه رجال الأمن البواسل من مخططات وتشريك ثلاث سيارات جاهزة للتفجير من أصل سبع سيارات، وأن القتلة يتلقون الأوامر من دواعش سوريا، فإنه حق لوالدي الشهيدين وأسرتهما ونحن جميعا أن نفرح لهما أكثر وأكثر، فهما ممن بارك الله فيهما أحياء وبعد الاستشهاد، ففي حياتهما اكتشفا شخصين مشتبها بهما، وبسبب استشهادهما كشف التحقيق عن مخططات كان يمكن أن تفتك بمئات الأطفال والنساء والشيوخ من عدة أسر.

فهؤلاء المجرمون الخوارج، وإن كانوا منا أصلنا، إلا أن ديننا وعقيدتنا وأخلاقنا منهم براء، فلا تعلم من يمكن أن يستهدفوا بتلك السيارات، فلا يستبعد أن تفجر مستشفى أو روضة أطفال أو مجمع مدارس أو أسواق، فهؤلاء لا فرق لديهم، فالمهم عندهم هو الإفساد في الأرض وترويع الآمنين وإراقة الدم وقتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وبالتالي فإن استشهاد الجنديين كان خيرا عظيما للجميع، خير عظيم لهما في الآخرة، وخير لوطننا باكتشاف وإحباط مخططات إرهابية يجب أن نتضافر جميعا لردعها والتبليغ عن كل من نرتاب فيه، وعلى من آوى ذلك المحدث الهارب أن يتقي الله ربه فيما يفعل!!، وفيما قد يفعل ذلك المجرم!!، فلا أحد يتوقع ما قد تأمرهم به شياطينهم!!.


اختراق بطاقات صراف

تلقيت شكوى من مواطنة استخدمت جهاز صراف آلي في أحد الأسواق الشعبية في شمال الرياض، فوجدت بعد استخدامه أنها تتلقى رسائل من البنك تفيد بسحب صراف بمبلغ ٤٠٠ دولار، وتوالت الرسائل حتى نفد رصيدها!!، وهي من ذوي الدخل المحدود وحالها مستورة، ومع ذلك انكشف ستر حسابها (الفقير دائما الأكثر ابتلاء من غيره والتجاوب مع بلاغاته الأقل).
المواطنة تقول بأنها بلغت البنك، فأخبرها الموظف أن جهاز الصراف في ذلك السوق (مخترق)، وأنه سبق التحـذير من استخدامه!!، طبعا هذه الجزئية من الشكوى غير قابلة للتصديق؛ لأن جهاز الصراف المخترق أو المعطوب ليس من مصلحة البنك تركه كذلك!!، ولأن التحذير لم يحدث ولا يمكن أن يحدث دون إعلان منشور، ويتضح أن ثمة سوء فهم من المواطنة لما ذكر الموظف، أو أن الموظف (صَرْف) ضحية الصراف بطريقة هوجاء.
المؤكد أن ما حدث للمواطنة صحيح؛ لذا فقد قمت بزيارة لمدير البنك صاحب الصراف وفوجئت بأن قضية الاختراق حقيقة وواقع تعرض له أكثر من ضحية، لكن ليس بسبب اختراق جهاز صراف بعينه، بل إن القضية أكبر من ذلك، فقد تعرض عدد ممن استأجروا سيارات من بعض شركات تأجير السيارات في دبي إلى اختراق بطاقاتهم الائتمانية وبطاقات الصراف، وبالتالي سحب مبالغ من حساباتهم!!، وحسب مدير البنك، فإن أحد البنوك تعرض ٥٠٠٠ من عملائه لذلك الاختراق، وبنك آخر تعرض ١٥٠٠ من عملائه لنفس العدوان!!.
ثمة أسئلة كثيرة، في هذا الصدد، أكثرها أهمية وإلحاحا هو: لماذا لم يحذر الناس من ذلك (التهكير) لبطاقاتهم عن طريق توعية مكثفة من مؤسسة النقد وجميع البنوك؟! ولماذا لا تكون لدى البنوك الإجابة الصادقة المباشرة والشفافة للضحية لشرح ما حدث بدلا من ترك المجال للشائعات؟!، ولماذا يرفض البنك تعويض العميل عن ما سحب من حسابه بسبب عدم كفاءة الحماية للبطاقة من الاختراق، فالعميل لم يسحب المبلغ ولم يهمل البطاقة ولا ذنب له في ضعف جهاز حمايتها واتفاقات ثقة التعامل بواسطتها بين الأطراف؟!.

من الصحة المال ومنها العيال أيضا!!

إدارة وزارة مثل الصحة هي حالة تزاوج بين قائد إداري ووزارة جاهزة تتوق لزوج مخلص خبير افتقدته، ولا تنطبق على هذا الزواج عبارة (منك المال ومنها العيال)، فوزارة الصحة لو وجدت من يسير أمورها بنية خالصة لمصلحة الصحة وبفكر إداري متخصص علميا مع روح قيادة عالية واتخاذ قرار حازم ووفق الأولويات الهامة، فإنها لا تحتاج إلى الكثير من المال!!.
ثمة خطوات إدارية عطلت في فترات زمنية سابقة لو تم تفعيلها بحزم لتحقق تحسن كبير لأهم جوانب القصور الحالي في الرعاية الصحية، فمثلا إعادة إحياء مشروع البطاقة الذكية المعتمدة على استخدام رقم الهوية الوطنية في توحيد سجلات الرعاية الصحية لجميع القطاعات، وهو المشروع الذي تبناه الأمير نايف بن عبدالعزيز (تغمده الله بواسع رحمته) وتعطل تنفيذه حتى اليوم من شأنه أن يوفر الصرف على ملايين حالات تكرار الفحوصات من مستشفى لآخر لنفس المريض وحرمان مريض آخر منها، ويمنع تكرار فتح عدة ملفات في عدة مستشفيات لمريض واحد وحرمان الثاني من أحدها، ويمنع تكرار صرف نفس الدواء لمريض وحرمان آخر من الحصول على دواء… إلى آخر سلبيات ازدواج الملفات!!.
ومن الخطوات الإدارية المعطلة تشديد الرقابة وتغليظ العقوبة على كثير جدا من الأطباء الحكوميين الذين يتركون مرضاهم وقت الدوام و(يزوغون) لمستشفيات خاصة بحثا عن دخل إضافي غير نظامي، مما تسبب في إهمال المريض الحكومي وتكرر الأخطاء الطبية بسبب عدم التركيز والطمع، مع أن الدولة ــ أعزها الله ــ ضاعفت رواتبهم وبدلاتهم عدة مرات لمنعهم، لكن الطماع لا يشبع.
ومن الخطوات تفعيل نظام التأمين الصحي (بلسم) الذي يحقق ضمان الرعاية الصحية للجميع في جميع الأوقات ودرس بعناية وفق تجارب دول ناجحة كماليزيا واليابان وفصل ليناسب ظروفنا لكنه أجهض لأسباب لا مجال لذكرها!!.
لو خطب ود وزارة الصحة قائد إداري متخصص في علم الإدارة وخبير في فنها ومجرب في مهام إدارية كبرى في مؤسسات نجحت، فإن هذا الزواج سينجب لنا مولودا طال انتظاره في زواج بكر بعدة أزواج يعانون عقما!!.

لماذا يرخص العرب دماءهم

الأمر الغريب العجيب الذي يستعصي على الفهم ويعجز عن قبوله المنطق هو لماذا يقاتل من يقاتل دفاعا عن شخص فاقد للشرعية والشعبية لأنه كان في يوم من الأيام رئيسا؟!، والأغرب الأعجب أنه لم يكن قط رئيسا عادلا أو مخلصا لوطنه محبا لشعبه مستميتا في تحقيق رفاهيته!!، بل كان أنانيا مستبدا مستفردا بالرفاهية هو وأفراد أسرته وحاشيته.
لك أن تستعرض أمثلة كثيرة قديما وحديثا وستجد أن دماء عربية غالية أريقت دفاعا عن دكتاتور مستبد مكروه ظالم وهو فرد يموت من أجله جماعة بل شعب بأكمله!!، مما يؤكد لك أن بعض العرب يرخصون دماءهم كثيرا في سوق مقارنة سعر فرد بجماعة دون سبب مقنع ولا مبدأ نبيل يستحق التضحية!!.
أن يرخص الإنسان بروحه ودمه وولده وماله دفاعا عن دين أو مقدسات أو سيادة وطن أو حرية أو شبر أرض أو قرار وطني أو نصرة لفرد مظلوم أو قائد عادل فكل ذلك من أمثلة التضحية العظيمة والفداء المفخرة والشجاعة التي يكتبها التاريخ بخليط من حبر ذهب ودم.
لكن أن يرخص فرد أو جماعة بقطرة دم واحدة دفاعا عن فرد لم يهن عليه يوما أن يقدم قطرة عرق خالصة لوطنه أو شعبه وعاش عشرات السنين ظالما مستبدا سارقا لخيرات وطنه وكرامة شعبه فذلك من أمثلة الخيانة العظيمة والسذاجة المفرطة والجبن الذي يكتبه التاريخ بخليط من حبر دمع ودم.
الذي يعنيني هنا هو التفسير النفسي والفهم لما يحدث!! وهو بالمناسبة لا يحدث إلا في ديار العرب!! فلماذا يقاتل هؤلاء دفاعا عن سيادة من أذلهم سيدا؟!.
لو قلنا يقاتلون مجبرين خوفا من عقاب، فهل أشد عقوبة من القتل الذي سيحدث لا محالة سواء على بلاط عبودية ذلك المتسلط أو على تراب ميدان الدفاع عنه؟!، ثم إن كان الخوف سببا متوقعا في وضع قوة الرئيس وحاشيته وحرسه فإنه ينتفي في وضع ضعفه وسحب الشرعية منه وخلعه وشن الحرب عليه، فلماذا يرخصون بدمهم من أجله؟!.
ولو قلنا هو قتال الحاشية المستفيدة من بقائه الخاسرة برحيله أو القبيلة المتسيدة بسيادته فإنك تتحدث عن أقلية يفترض أن ينقلب عليها السواد الأعظم سواء في الجيش أو الشارع!!.
من يقاتلون مع بقايا علي عبدالله صالح وهو يدعو لحرق اليمن أو مع أذناب بشار وهو يصرح أنا ومن بعدي سوريا وقبلهم من قاتل مع القذافي وهو يصرخ في مخبئه أحرقوا كل ليبيا من أجلي لا يمكن تفسير سلوكهم إلا بأن الاستعباد أنساهم قيمة أنفسهم!!.

بين وزير التجارة وماجد عبدالله

ثمة ناجحون يجمع الناس على حسن إنتاجهم وحلاوة ثمارهم، لكنهم لا يسلمون من الحجارة التي ترمى بها الأشجار المثمرة!!.
وأنا أتابع الإنجاز تلو الآخر لوزير التجارة والصناعة د. توفيق الربيعة خاصة في تحقيق حلم كل مواطن في حمايته كمستهلك وتحصيل أمواله كمساهم وضمان حقوقه كعميل لوكلاء السيارات والأجهزة الثمينة، تذكرت المحاولة اليائسة لبعض خصومه بالنيل منه مستغلين صورة نشرت له وهو ينتظر دوره في صالون حلاقة (قد لا يكون له أدنى علاقة بها، ومن المؤكد أن لا حاجة له بنشرها).
عندما بلغت الهجمة على الوزير توفيق الربيعة ذروتها وساءني أن يتعرض لها رجل يعمل بذروة طاقته لإسعاد مستهلك كان تعيسا!!، تبادر إلى ذهني رد بليغ لا أدعي أنه جاء من قريحتي أو بنات أفكاري، لكنني استحضرته من رد لرجل بلغ من سرعة البديهة ذروة سنامها وهو المرحوم بإذن ربه الأمير الراحل عبدالرحمن بن سعود رئيس نادي النصر السعودي.
كان ماجد أحمد عبدالله قد بلغ قمة المجد، يسعد بأهدافه الإعجازية مع المنتخب كل سعودي ويقفز بها فرحا كل مواطن مخلص لوطنه على اختلاف ميولهم، وتتشابك غترهم، وتختلط عقلهم، وتجمع عقولهم قبل قلوبهم على حبه، وعندما يسجل هدفا لناديه يعجب بإبداعه الخصم والحكم ويصفق له المعارض قبل المؤيد.
خرج ماجد ذات مباراة مصابا وجلس على مقعد البدلاء فمرت الصورة سريعة على لمعان العرق حول رقبته السمراء فبدا لخصومه من الإعلام المتعصب وكأنه سلسلة، أو هكذا أرادوا!!، فانبرت أقلامهم تتحدث عن (قلادة ماجد)، عندها سأل مراسل صحفي الأمير عبدالرحمن بن سعود عن رأيه في الحملة الصحفية على (قلادة ماجد) فرد وكان رجلا إذا رد ردا لم يتردد الركبان في ترديده، فأوضح الحقيقة ثم قال (يا رجال خلهم يلعبون بعشر فنه ويلبسون رشرش!!)، و(الرشرش) لمن لا يعرفه هو قلادة ذهب عريضة ثقيلة تغطي كامل الصدر!!.
استحضرت ذلك الرد المفحم وأنا أتابع الحملة على صورة الوزير توفيق الربيعة في صالون الحلاقة فقلت: (دعهم يعملون بعشر إخلاصه ويصورون في الدور عند دكان حجامة).

سعود الفيصل الإعلام الفريد

يكاد الصوت الإعلامي للعالم الإسلامي وكذا العربي أن يكون غائبا تماما عن مخاطبة شعوب العالم، في وقت نحن خلاله في أمس الحاجة لبث رسائل إعلامية للشعوب تصحح المفاهيم الخاطئة المتتالية التي تروج لها سلوكيات مجموعات إرهابية غير مسلمة وربما لا تمت للعرب بصلة.
لم تشهد سمعة العرب والمسلمين تشويها مثل الذي شهدته هذا العام بسبب قتل بعض الرؤساء المخلوعين لشعوبهم وسط صمت دول عظمى وتأييد أخرى، وبسبب جرائم بشعة يرتكبها إرهابيون ويروجون لمقاطعها وكأنها باسم الإسلام وهو منها ومنهم براء. في إحدى حلقات برنامج (الأسبوع في ساعة) منذ أكثر من شهر طالبت بوحدة إسلامية عربية على المستوى الإعلامي، وذلك أضعف الإيمان في هذا الوقت تحديدا لبعث رسائل تصحيح المفاهيم الخاطئة وتسليط الضوء على مواقف دول عظمى تدعي الإنسانية والمثالية وتمارس عكسها تماما وفضح مواقفها أمام شعوبها المغيبة عن حقيقة ما يحدث في المنطقة العربية والإسلامية.
الشخصية المتميزة لوزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل ونعمة الجاذبية (الكاريزما) التي يتمتع بها الأمير لدى المتلقي عالميا وتصريحاته المقتضبة بالغة العمق في نكهة ساخرة عوضت كثيرا الغياب الإعلامي، فطبيعة تصريحات الأمير سعود الفيصل تجبر الركبان على تناقلها تماما مثلما يتم تناقل بيت شعر مؤثر وفريد.العبارة ليست الميزة الوحيدة لتصريحات وردود الفيصل، لكن الموقف أيضا مميز ويلفت الأنظار ويجبر الإعلام الغربي والشرقي والعالم أجمع على تداوله وتسليط الضوء عليه، ويفترض أن يوظفه الإعلام العربي، لكن الإعلام العربي لا يجيد توظيف المواقف الإيجابية!!.
مداخلة الأمير سعود الفيصل، في رده على رسالة بوتين لمؤتمر شرم الشيخ بعد تلاوة الخطاب مباشرة كانت أحد وأحدث الأمثلة الكثيرة، فقد كانت ضربة معلم لا أعتقد أن بوتين وروسيا تعرض لمثلها في تاريخه، وهي بتداولها ستلفت انتباه من لا ينتبه من الشعب الروسي والعالم أجمع، ليس فقط لتناقض المواقف الروسية بل وبجاحتها.
ستبقي مواقف و(التقاطات) سعود الفيصل رسائل إعلامية خالدة مثلما خلد التاريخ مواقف وعبارات وحكم والده الملك فيصل بن عبدالعزيز ــ تغمده الله بواسع رحمته.