الشهر: أغسطس 2018

كل عسكري يجرح إلا العسكري السعودي يداوي

قلت ذات (تغريدة) منذ أربعة أشهر، وتحديداً في الثاني من رمضان ١٤٣٩هـ أن (كل العساكر تجرح إلا عساكر السعودية، مملكة الإنسانية، تداوي)، وكانت التغريدة تلك تعليقاً على صورة عسكري سعودي يعالج جرحاً في قدم معتمرة ربما أعياها المشي أو الطواف أو السعي.

في حج هذا العام تكررت صوراً ومقاطع فيديو لعسكريين سعوديين يقدمون خدمات إنسانية لحجاج بيت الله بعفوية وتلقائية وشعور إنساني قديم جداً وموروث منذ تأسيس هذه المملكة وخدمتها للحرمين الشريفين، فخدمة الحجاج لوجه الله أحد ركائز تربية أبناء هذا الوطن، بدأ بالمواطن العادي من سكان مكة المكرمة، أو المواطن العادي من الحجاج أو المنتدبين وظيفياً لموسم الحج، ومروراً بالكشافة ورجال الإسعاف والمتطوعين وانتهاءً برجال الأمن من مختلف القطاعات العسكرية.

السلوك قديم تربوي ومتوارث ومتكرر، والجديد هو تصوير هذه المشاهد الإنسانية ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق الحجاج أنفسهم، امتناناً لمواقف جنود وضباط صف وضباط وأفراد تربوا وتدربوا على خدمة الحجاج، فهذا يخلع حذائه العسكري ليلبسه لحاجّة كانت تنتعل كرتوناً صنعه زوجها (غير عسكر السعودية لا يخلع حذائه إلا للقمع والإهانة!)، وآخر يحمل حاجّة على ظهره لتكمل مناسك الحج، وثالث يحمل طفلة ليمكنها من رمي الجمرات، ورابع يرش الماء ليبرد رأس حاج مسن، وخامس يحمل حاجاً ويسير به بين المشاعر مردداً (لا يوجد تعب).

هذه المواقف الإنسانية تحدث على مدار الساعة وتتكرر آلاف المرات وما نراه منها هو ما تم تصويره ونشره فقط، وهذا أحد أسرار ما ينعم به هذا الوطن من خير وأمن وأمان واستقرار ونعم كثيرة يحسد عليها كثيراً، ويحصد بها  شكر ودعاء المنصفين أكثر وأكثر وأكثر.

ما يدريك فلعل العسكري السعودي (عسكري مملكة الإنسانية) يسن بمداواته للحاج سنة حميدة لعسكر العالم فيصبح كل عسكري في العالم مثل العسكري السعودي لا يجرح بل يداوي.

نشهد تغييراً عظيماً فلا تختزلوه في قيادة مرأة ورقص رجل

حفلت ميزانية الربع الثاني لعام ٢٠١٨م بأخبار سارة وأرقام إيجابية وبنسب عالية جداً لارتفاع  الإيرادات الفصلية وانخفاض العجز. وهذه الأرقام المفرحة هي بوادر نجاح ما تم التخطيط له في الشأن الاقتصادي لوطننا سواءً في التحول أو الرؤية.

الميزانية أرقام متغيرة، تحكمها ظروف متعددة وعرضة لاحتمالات يعرفها علماء المال والاقتصاد ولست منهم، فقد ترتفع الإيرادات الفصلية وقد تنخفض وكذا العجز، لكن الأهم والثابت، بإذن الله، هو تطبيق مفهوم الشفافية بإعلان ميزانية ربع سنوية واضحة وشفافة تتيح معرفة الوضع الاقتصادي والتعاطي بناءً عليه كل ثلاثة أشهر، بعيداً عن التخمينات على مدار عام ثم الإعلان السنوي لمفاجأة.

هذه الشفافية تأتي متزامنة مع عهد تغيير سريع شامل وجوهري، وكم يؤسفني كمواطن وكمتابع وكناقد أن هذا التغيير الجذري السريع الذي نشهده في هذا العهد الزاهر تم اختزاله لدى بعض السذج في خطوات إجرائية عادية، وهو أكبر من ذلك وأعظم، فتم تركيز الضوء إعلامياً على أمور تنظيمية إما مرورية أو رياضية أو ترفيهية مع أن التغيير الحقيقي أعمق بكثير، وكان جدير بكل حامل قلم أن يفخر ويفاخر بالتغيير العظيم الأكثر تأثيراً وعمقاً.

لقد شهدنا خطوات عظيمة، كمحاسبة (كائن من كان) على الفساد واسترداد مبالغ ضخمة، وشهدنا استرجاع مئات الكيلومترات من الأراضي المنهوبة بصكوك مزورة، وشهدنا دحراً لمحاولة التمدد الإيراني بعاصفة عزم وحزم وإعادة أمل، وشهدنا موقفاً قوياً رادعاً للخيانة ودسائس الحمدين التي صبرنا عليها صبر الأخ الأكبر حتى نفذ الصبر وطفح الكيل فكلنا لهم بما أشعر الحمدين وأذنابهم  بحجمهم الصغير في عين العالم وكبر حجم شعب قطر في أعيننا، فكشفنا صغارهم وحفظنا قدر كبارهم، وشهدنا تسريعاً لمشاريع التنمية والتطوير مع ترسيخ للنزاهة وردع  لكل متعود على فساد وإراحة للمقاول من هم (دهن السير) على حساب جودة المنتج.

وشهدنا فضحاً بشفافية وفي حدود الشرع للخونة من زوار السفارات ومحاكمتهم محاكمة عادلة حازمة لا تقبل تدخلاً سافراً، فجاء موقفنا الحازم تجاه حمق ارتكبته كندا ليوجه إنذاراً للجميع، كبيراً وصغيراً، أن السعودية العظمى لم تقبل قط تدخلاً خارجياً ولن تقبله ووجهت للعموم درساً على طريقة مثل شعبي بليغ يقول (اضرب الحمار يتأدب الأسد) وليس لمن يحاول أن يستأسد على المملكة إلا عقاب جاد حازم.

إن التغيير الذي شهدناه مدعاة للفخر والسعادة والرفاه وأكبر من أن يختزل في قيادة مرأة أو رقص رجل.

إسراف عسير يوجب الحساب العسير

لم يعد الهياط والإسراف في الولائم وإهدار النعمة سلوك خاص بصاحبه ولا يجوز أن يبقى كذلك، فالعقوبة الإلهية قد تكون عامة إذا وأخذنا الله بما فعل السفهاء منا، ونسأل الله أن لا يؤاخذنا بما يفعل السفهاء منا، لكن علينا أن نتخذ موقفاً رسمياً سريعاً لوقف هذا الهدر في النعم، وإذاقة من يفعله طعم العقوبة الرادعة مثلما يذوق الفقير المحتاج طعم الألم وهو يرى هذا الإسراف والمبالغة المقيتة المستفزة.

لا شك أن غضب الخالق سبحانه وعقوبته أمر مخيف، لكن الأمر الآخر الخطير جداً هو أننا لم نعد لوحدنا نمارس ما نمارس من أخطاء وحماقات داخل أسوار مغلقة معزولة، نأمر بعضنا البعض بالمعروف وننهى عن مثل هذا المنكر ويقف الأمر داخل وسطنا الاجتماعي الخاص ويقبله من يقبله ويرفض النصيحة من يرفض، فقد تغيرت الأحوال بتحول عالمنا إلى قرية صغيرة جداً قد تنتشر فيها صورة ذلك الهدر العظيم خلال ثوان معدودة عبر (تويتر) و(فيسبوك) وخلال أجزاء من الثانية عبر (الواتس آب) ولهذا الانتشار ردود فعل خطيرة لا تخص مرتكب تلك الحماقة وحده بل يحكم من خلالها على مجتمعنا وأخلاقنا وقيمنا ووعينا وديننا ويدفع الثمن وطننا ويحرجنا مع العالم أجمع أيما إحراج.

نعم لا يوازي رضا الرب علينا رضا، ولا يقارن غضبه وسخطه بأي غضب، لكننا أيضاً سنعرض بذلك السلوك المشين وطننا ومواطنيه لتهكم الشعوب الواعية وسخط الأفواه الجائعة وسيهدم ذلك الأحمق خلال ثوان معدودة (زمن تحميل صورة في جوال) ما بنيناه بجهد سنوات في رسم صورة رائعة لوطننا تمثل حقيقته وخلق غالبية شعبه وتمسكهم بتعاليم دين حنيف تبذل الدولة أموالاً طائلة لنشره والدعوة له ثم يأتي أرعن فيشعر العالم أن ثمة تناقض يقلل المصداقية ويشكك في الالتزام.

لابد أن نقتنع وطنياً أن المسرف المبذر لا يسيء لنفسه فقط وليس حراً في العبث بالنعمة بما يسيء للوطن ويشوه صورة المواطن، حتى لو كان يعبث بحر ماله أما من يعبث ومن مال عام أو من راع رسمي فحسابه يجب أن يكون أعسر من العسير.

 

القصاص لمنحرف يحرف سيارة

كثرت وتكررت مقاطع الفديو للحوادث الناتجة عن معاقبة سائق مركبة لسائق آخر بحرفه عن الطريق أي باللهجة الدارجة (حدّه) إما بالتمويه أو الصدم وإخراجه عن مساره ليصدم بالرصيف أو بعمود كهرباء أو بسيارة أخرى، وفي أحدث مقطع لحادث شنيع قام سائق بملاحقة آخر والإحتكاك به لينحرف ويعبر الرصيف للمسار المعاكس ويعترض كما هائلاً من السيارات القادمة مسبباً حوادث شنيعة لابد أنها أزهقت العديد من الأرواح البريئة التي كانت أمنة مطمئنة ولا ناقة لها أو جمل بالخلاف بين سائقين.

بديهي جداً أنه ليس من حق كائن من كان معاقبة الآخر في الطريق مهما كان السبب، وغني عن القول أن من يتعمد معاقبة آخر بسيارته هو كمن يعاقب شخص بمسدس أو رشاش أو سكين أو أي أداة تقتل، بل أن المركبة أداة قتل جماعي قياسا بحجمها ووزنها وسرعتها وقوة اصطدامها.

لذا فمن الطبيعي جداً بل ومن العدل أن يقاضى ذلك المعتدي ويحاكم كقاتل متعمد ويحكم عليه بالقصاص إذا ما نتج وفاة نفس واحدة بسبب ذلك الإجرام.

لكن السؤال المهم هو لماذا يحدث هذا في طرقنا وبشكل متكرر؟!، ولماذا تم الاستهانة بالمركبة كأداة قتل وأصبحت تستخدم باستهتار وتهور؟!، سواءً من مفحط  يريد أن يتسلى على حساب أرواح بريئة أو من غاضب لسبب تافه يريد أن يعاقب سائق أزعجه بالمنبه أو أخطأ وانحرف عليه لوهلة فأغضبه!.

أما السؤال الأهم فهو أين المرور الميداني مما يحدث؟! لماذا يمضي رائد طريق أكثر من ربع ساعة وهو يتابع شجار حديدي بين مركبتين ولا يرى ذلك المرور الذي يفترض أن يوقف أي مركبة تسير بطريقة غير طبيعية ، فما بالك بمركبتين تتناطحان في طريق سريع؟!.

الجواب على السؤال المهم، في ظني، هو لأنه لم يعلن بعد عن تنفيذ حد القتل في قاتل استخدم سلاح السيارة! ولو حدث ذلك فإن كل من في قلبه مرض سيرتدع وسيرتجف قبل وضع يده على (زناد)  المقود ليوجهه إلى خصمه.

أما إجابة السؤال المهم فهو أن لدينا  جهاز مرور آلي (ساهر) يرصد فقط ما يمكن تصويره من مخالفات بكاميرات ثابتة، لكن ليس لدينا جهاز مرور ميداني يستطيع تغطية ٢٪ من طرقنا ومن يقول غير ذلك فهو يغالط نفسه وعليه مراجعة مقاطع اليوتيوب عن تلك الحوادث وسيجدها أكثر من دوريات المرور السري!.