اليوم: 2 ديسمبر، 2018

الحاسد حقير وعلاجه احتقاره

ليس أشد من حسد الأخ  منذ عصر قابيل وهابيل، ولذلك فإن الأعرابية العجوز الخبيرة عندما أرادت أن تدعو لابنها الوحيد، اختصرت بالقول (اللهم اجعله من المحسودين) لأنها تعلم أنه لا يحسد إلا ذي نعمة.

انظر إلى المملكة العربية السعودية، الممثل الوحيد للعرب والمسلمين (قولاً وعملاً) في مجموعة العشرين والذي سيحمل الهم الاقتصادي، وربما السياسي، في اللقاءات الجانبية التي سيعقدها أهم ضيوف القمة ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وتعتبر المملكة في هذه المجموعة سفيراً للأشقاء العرب والإخوة المسلمين ومع ذلك تتعرض لهجمة الإعلام المأجور وبعض المنظمات العربية التي لا تمثل الشعوب، لكنها تستميت في ترويج شائعات التشكيك في المشاركة، وشن حرب إعلامية حاقدة تستهدف البلد الذي جند كل ما يملكه من قوة سياسية وتأثير اقتصادي وأهمية دولية، بشهادة رؤساء الدول العظمى، جندها لخدمة العالم العربي والإسلامي.

من غرائب الحسد كمرض نفسي بشري أن هؤلاء الحاقدين تركوا ١٩ دولة، منها دول استعمرت أوطانهم ودول قاتلتهم ودول ساندت من قاتلهم ودول استغلت ثروات أوطانهم الطبيعية وسلبتها، ودول دعمت قيادات دكتاتورية أذلتهم، تركت كل هذه الدول التسعة عشر، وهاجمت المملكة، السفير العربي الإسلامي (فعلياً، قولاً وعملاً وتشريعاً) الوحيد  في مجموعة العشرين!.

الحسد ليس جديد علينا، ولكننا مطالبين أكثر من أي وقت مضى، بتجاهله وتجاهل شياطينه، وفي الوقت ذاته تسخير ماكينة إعلامية فاعلة لتنوير من يريد أن يعلم وتحصين الشعوب في العالم أجمع ضد التأثر المحتمل بتلك الأكاذيب، وحقيقة أننا لم ننجح في ذلك بعد ويجب أن نعيد حساباتنا السابقة المبنية على الصبر والمجاملة.

فيما يخص التجاهل فقد سبق أن طالبت كثيراً بأن لا يتم إعادة نشر المقاطع المسيئة ولو بهدف الرد عليها، ففي رأيي أن إعادة النشر (ولو للرد) هو ترويج ساذج للمقطع خصوصاً أننا الأكثر متابعة في مواقع التواصل، خاصة (تويتر) وأتمنى أن يصدر تشريع يجرم إعادة نشر المقاطع المسيئة للوطن ورموزه، حتى ولو كان للرد عليها فيمكن الرد دون إعادة النشر!.

الأمر الثاني أن علينا أن نعيد النظر في تعيين قيادات القنوات المتلفزة التي تمثلنا سواءً التجارية أو الرسمية فقد ثبت أننا في حاجة لقيادات أذكى وأكثر تخصصاً ومهنية وجدية في الطرح وحسن الإدارة، فالكتابة ليست مؤهل للإدارة.

ثالثاً: ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن التعامل بحسن نية مع الأفراد الحاقدين والحاسدين لا جدوى منه ولا يغير في حالهم ولا يشفي أمراضهم النفسية، لذا علينا أن نتوقف عن دعوتهم في المناسبات الثقافية وإكرامهم، لا في الجنادرية ولا غيرها، فالحاقد الحاسد علاجه في الترفع عنه واحتقاره لأنه حقير وكفى.

بين بنت القريات وسفيه لندن

الأطفال لا يجاملون ولا ينافقون ومشاعرهم لا تكذب، ما الذي يجعل طفلة لم تتجاوز ثلاث سنوات تبكي لأنها لم تقابل الملك سلمان؟ ثم عندما رأته تستجمع كل قواها لتركض نحوه وتحضنه بلهفه؟.

ما كانت طفلة لتبكي بحسرة لعدم رؤيتها للملك سلمان أو لتركض نحوه لولا أنها عاشت بين أفراد مجتمع يتحدثون بحبه، وتربت بين أناس أحبوا سلمان فأحبته، سمعتهم يدعون له في ظهر الغيب ويذكرونه بكل خير فتعلقت به، سمعتهم في المنزل والروضة والسوق وفي زيارات الجيران، فشهدت على حبه.

الأطفال أصدق الشهود وأنقاهم، وهم مرآة صادقة لكل من حولهم وكل من يحيط بهم، وحب الشعب السعودي لقادته قديم بقدم التأسيس.

حب الشعب السعودي لقادته له طابع خاص متميز ومنبعه وتغذيته تأتى من حب متبادل له ما يبرره ويرسخه وسنأتي على ذكر تلك الأسباب، وبالمناسبة فإن هذا الحب يحدث في منطقة شرق أوسطية لا تشهد الكثير من الود بين القيادات والشعوب، فلهذا الحب المتميز أسباب مميزة هي الاخرى.

في السعودية يطبق شرع الله وحكمه العدل على الجميع، ويتفق الجميع على الإعتدال والوسطية وعدم المساس بثوابت الدين، ومنها على سبيل المثال أنه (ولا تزر وازرة وزر أخرى…الآية) ففي السعودية لا يؤخذ أحد بجريرة غيره ولو كان أخ أو إبن أو أب، فهذا من تنكر لوطنه يسب ويشتم من لندن لعشرات السنين وأشقاؤه يحققون النجاحات ويحصلون على التكريم وأعلى المناصب (هذا مثال من عدة أمثلة)، بينما في دول أخرى كثيرة وعلى رأسها إيران فإن العائلة كلها تسجن وتعاقب إذا تمرد منها فرد واحد، بل قد تحرق كل شجرة عائلته وتحاصر قريته ويتم تصنيف قبيلته، وهذا مثبت بوقائع تصفيات ليست منا ببعيد.

في السعودية الملك وولي عهده دوماً قريبين من المواطن في كل مناسبة ومكان ودون حواجز وجدران أمنية فاصلة، ولعل المقاطع الحيّة التي تجمع الملك بالمواطنين وما يدور فيها من حوارات عفوية وتلقائية ومقاطع اجتماع ولي العهد بالصحافيين والكتّاب ثم ما تبعه من تواجده بين الشباب في تجمعاتهم البرية والرياضية وفي مواقع عملهم، بينما تفصل أسوار عظيمة بين بعض القادة و شعوبهم بالإضافة لحواجز نفسية تصل أحياناً حد العداء.

غني عن القول أن كل من يحارب المملكة من مرتزقة قنوات أو هواتف عملة، هم ممن تعرضوا لقمع ومهانة وإذلال في أوطانهم بسبب خيانتهم، وبالتالي فهم لم يعرفوا الحب بين القيادة والشعب، ويحسدوننا لأنهم يرون أننا جميعاً ولدنا على حب بمثل حب بنت القريات أو ربتنا أم هي بنت قريات أخرى.

وزارات تقاضي من يهدي العيوب!

شرفنا حضور معالي الدكتور عواد العواد وزير الإعلام لديوانية جمعية كتاب الرأي (رأي)، كان لقاءاً رائعاً اتسم بالصراحة والشفافية والهدوء، تطرقنا فيه للتقليعة الجديدة أو (الموضة) التي بدأت تتبعها بعض الوزارات برفع قضايا على الكتاب والنقاد عن طريق مراكز الشرطة ابتداءً ثم النيابة العامة التي تحيلها للمحكمة الجزائية!.

ولأن المحكمة الجزائية تنظر للقضايا بعين العدل والعقل والمنطق فإن أغلب تلك القضايا تنتهي بعدم الإدانة، لكنها ترهق الكاتب بالمراجعات والمرافعات، ومثل هذه الشكاوى يفترض أن تنظرها لجنة مختصة في وزارة الإعلام.

قلت لمعالي الوزير وصحبه والزملاء الأفاضل أن كثير من تلك القضايا لا ترفع بعلم الوزير أو من الوزارة، بل من أشخاص في إدارات صغيرة وفرعية في محاولة لإنهاك الكاتب وثنيه عن الاستمرار في فضح قصور موظف أو مدير أو إدارة، بل أن الأمر وصل إلى رفع دعوى على كاتب من شخص اعتقد أنه المقصود بالمقال (حسحس رأسه يحسب أن عليه بطحاء أو ريشة، كما تقول الأمثال).

معالي الدكتور عواد العواد كان متفهماً لوجهة نظر الكُتّاب و مؤيداً لها.

تحدثت مع الوزير والزملاء الكرام عن ظاهرة غريبة انتشرت مؤخراً وقد تكون خلف ما يحدث، وهي أن بعض الزملاء الإعلاميين (مذيعين ، صحافيين ، وكتّاب) يتحولون من العمل الإعلامي إلى الاستثمار في الإعلام، وهذا من حقهم، لكنهم يتغيرون ويغيرون مبادئهم ويتجاهلون المعايير المهنية، وأحياناً أخلاقيات المهنة، بأن تتولى مؤسسته الإعلامية التحريض على زميل مهنة أو ناقد بالبحث، بحكم الخبرة الإعلامية، عن طرق وثغرات توقف النقد أو ترد عليه بحجج واهية، بدلاً من استثمار الخبرة في تصحيح القصور في الإدارة أو الوزارة المتعاقدة معه وإيضاح استراتيجية التصحيح للناقد.

كثرت مؤسسات العلاقات العامة (PR) التي يقوم عليها إعلامي سابق، كان ينتقد ويكتب عن جوانب التقصير ثم أصبح بقدرة قادر فم كبير( BIG MOUTH)، كما يقول الأمريكان، للوزارة أو الإدارة أو لشخص بعينه!، وهذه ثالثة الأثافي عندما تكون المؤسسة الإعلامية لتلميع شخص لا إبراز منجز!.

أحدهم عندما كان مذيعاً ومقدم برامج، كان يبحث عن أدنى خلل ويضخمه ويحاورك مستجدياً نقداً لاذعاً، واليوم يزعج كتاب الرأي برسائل (واتساب) عن مقاطع تبرز من تعاقد معه وتلمعه، وفي الوقت ذاته لا يلتفت لأي نقد لنفس الجهة، بل يغضب من النقد و يحاول إخفاؤه أو اسكاته!.

تعليق المعلمين بسيارات برمائية

شبه إجماع من النقاد وأهل الخبرة وأهل العقلانية وأنصار المنطق، على أن الإصرار على حضور المعلمات والمعلمين رغم تعليق الدراسة للطلاب بسبب السيول أمر غير مقبول وتشدد تعسفي غير مبرر!.

أنا رأيته أكثر من مجرد تشدد وأخطر من تعسف، ففيه تؤكد الجهة المسؤولة عن التربية على أن الحضور أهم من الإنتاجية في زمن يقاس فيه النجاح الحقيقي على كافة الأصعدة بمقدار ما تنتج وليس بما تمضي من زمن في مكان عملك! ولا بعدد المتواجدين في مكان العمل، وهما علتان عانينا منهما عقوداً من الزمن، في شكل حضور غير منتج في دوائرنا الحكومية، وتضخم في الكم من الموظفين لا الكيف في الإنجاز.

وبه تؤكد الجهة المسؤولة عن التعليم أن تواجد المعلم في صف خالٍ مثل تواجده بين طلابه، والمعلمة والمعلم لا يستحقان من وزارة التعليم هذه الإهانة!.

كلنا كبيراً وصغيراً رجلاً وامرأة تعلمنا على يد معلم أو معلمة، وبالتالي فأياً كان من اتخذ هذا القرار فقد جحد دور من علمه وقلل من أهميته باعتباره مجرد رقم في قائمة حضور وغياب.

ثم أن من يتخذ مثل هذا القرار العدائي في حق المعلمات والمعلمين هو إداري يصل لمكتبه متى أراد ويستأذن متى أراد ويحصل على إجازته متى أراد وينتج بمقدار ما يريد ويتعامل مع ورقة أو مراجع يتعامل دون استفزاز بحكم عمره وحاجته، بينما المعلم (والمعلمة طبعاً) محكوم بساعة حضور صباحية باكرة، ولا يمكنه الاستئذان ولا يحصل على إجازته إلا صيفاً ومضطر للإنتاج الدائم لإنجاز مقرر في زمن محدد ويتعامل مع طلاب قد يعجز والديهم عن التعامل معهم!، فهل يحق بعد هذا أن نجبره على الحضور في ظروف أجبرنا فيها الطلاب على عدم الحضور؟! وهل للمعلمات والمعلمين سيارات برمائية تختلف عن سيارات الطلاب؟!.

هل عود موت المعلمات على طرق المناطق النائية يومياً المسؤولين في وزارة التعليم أن المجازفة بالحياة مطلب تعليمي؟! (هم بالمناسبة يجازفون يومياً فيكفيهم مطراً ما تمطر به سياراتهم ورؤوسهم من أحجار، وهو ما لا يحدث لأي موظف آخر).

لماذا يحسد أصحاب الجلوس على الكراسي الإدارية الوثيرة أصحاب الوقوف على الأقدام التعليمية طويلاً؟! يحسدونهم على يوم  علقت فيه الدراسة  لأسباب بيئية تهدد الحياة.

إذا قلنا أن المعلم والمعلمة يستمر في الحضور والدراسة معلقة، فحسب قاعدة العكس صحيح، فإن الدراسة يمكن أن تستمر مع تعليق المعلم والمعلمة وهذا من شر البلية المضحك.