“تعسير” فاتورة كهرباء أم سالم

وأم سالم عجوز عصامية عرفتها منذ عشرات السنين تبيع في بسطة في سوق العويس بالرياض، وعرفتها لأنني كنت وما زلت أحب التحدث لكبيرات السن اللاتي يبعن في الأسواق، قبل قرار إيكال البيع للفتيات، ويعملن بجد ومثابرة لكسب العيش وإعاشة أسر كاملة (لا لشحن جوال أو لشراء شنطة ماركة أو جوال جديد)، وحديثي معهن لا يشمله قانون التحرش، لأنه حديث للتعلم لا للتحرش فمن أم سالم وزميلاتها تعرفت (سابقاً) على معاناتهن من قسوة مراقبي البلديات بسحب البضاعة والطرد (مع أنها ملابس لا غذاء ولا دواء)، حتى رحمهن ربي بالدكتورة ليلى الهلالي في أمانة مدينة الرياض، التي تبنت مشروع الأسر المنتجة والبساطات، فسمح لهن وانبسطن البساطات ولم تنبسط ليلى بتكريم، إلا بنجاح إنجازها الإنساني، فلم تشكر وتدعم بعد ذلك.

ما علينا، أم سالم أرملة تولت أسرة تزيد عن عشرة أولاد وبنات، أهلت الأولاد للدخول لدورات ومعاهد عسكرية وسيخدمون هذا الوطن الحب، وعلمت بناتها الكسب عبر العمل مع مواصلة الدراسة ثم زوجتهن بشهادة تربية عليا وكفاح أعلى، وبلغت أم سالم اليوم من الكبر عتيا وأرهق قلبها المرض وهم الدنيا ولا زالت تبيع في العويس بعد عملية صمام قلب!.

قابلتها الأسبوع المنصرم وسألتها عن الحال، فحمدت الله وشكرت وطناً وفر لها تقاعد زوجها المتوفى وضمان اجتماعي وحساب مواطن ووفر لها فرصة تيسير البيع وكسب الرزق بعد عسر مضى، لكنها تشتكي من شركة الكهرباء (ومن لا يشتكي من شركة الكهرباء؟!)، تقول أم سالم: خدعونا ببرنامج (تيسير) واكتشفنا أنه (تعسير)، تقول عودونا على قسط لا يتجاوز ١٣٧ ريال شهرياً، ثم فجأة قالوا أن عليك فاتورة ب ١٥٠٠ ريال وذهبت وسددت ثم قالوا عليك ١٥٠٠ ريال مرة ثانية، وعندما جمعت المبلغ وذهبت للتسديد قالوا: عليك تسديد ٣٥٠٠ ريال كاملة، وطبعاً لا أملك هذا المبلغ دفعة واحدة فرجعت، والآن فصلوا الكهرباء ويطالبونني بمبلغ ٤٤٠٠ ريال! فأين التيسير؟!، هذا تعسير!!.

أعرض لشركة الكهرباء حالة أم سالم وهي بالمناسبة تمثل حالة شريحة كبرى من ذوي الدخل المحدود اللذين (وهقتهم) الشركة بنظام (تيسير) الذي اعترض عليه النقاد ولم يشرح للمشتركين بطريقة توضح سلبياته ونتائجه الوخيمة إذا تراكم على المشترك مبلغ كبير.

أطالب شركة الكهرباء أن تتحمل أخطاء توريطها لذوي الدخل المحدود بنظام التقسيط هذا (تيسير) الذي ثبت أنه (تعسير) وتعيد لأم سالم وغيرها من المشتركين خدمة الكهرباء وتقوم بتسوية المبالغ المتراكمة كديون غير مرجوة (غير محصلة) ولا تربطها بفصل التيار، و(خلوا حيلكم على الي ما يسدد واستهلاكه الشهري يدل على أنه قادر).

 

اترك رد