اليوم: 30 أكتوبر، 2019

تناقضات عجيبة لبعض الوزارات

بالرغم من افتقاد مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي للحس الإعلامي كونهم طارئين على المشهد الإعلامي، وبالرغم من تدني المستوى التعليمي لكثير منهم، وبالرغم من شح الرصيد المعرفي والثقافي لغالبيتهم، وبالرغم من ما يقعون فيه من أخطاء خطيرة في استغلالهم لشهرتهم، إلا أن بعض الوزارات والموسسات والهيئات أصبحت تعتمد عليهم اعتماداً كبيراً وواضحاً كشريك إعلامي، وأصبح المسؤول (وزير، أو محافظ أو رئيس هيئة) يمنح حظوة لمشاهير التواصل الاجتماعي (مشاهير السوشيال ميديا) مبررها الوحيد كثرت متابعيهم ، بصرف النظر عن صحة رقم المتابعين وكونهم أشخاص حقيقيين أم مجرد معرفات وهمية، لكن دعنا نقول أن عدد المتابعين هو عنصر الإغراء والجذب الذي اعتمد عليه المسؤول في منح تلك الحظوة.

حسنا، إذا كان عدد المتابعين مهماً جداً للمسؤول فهذا معناه أنه يرى أهمية كبيرة للجماهير والتفاعل معهم ومعرفة انطباعاتهم، لكن هذا الاستنتاج المنطقي ينتفي تماماً حين نعلم أن المسؤول نفسه بمجرد تعيينه، وزيراً أو محافظاً أو رئيس هيئة، يلغي متابعته (تويتريا مثلاً) للمئات ممن كان يتابعهم ويكتفي بأقل من عشرة أسماء، وهنا تناقض واضح، فلو كانت وجهة نظر الناس ورجع صداهم تهمه كثيراً لكان زاد عدد من يتابعهم وخصص وقتاً أطول لمعرفة ما يدور حول وزارته في مواقع التواصل الاجتماعي التي منح الحظوة لمشاهيرها وأصحاب الشعبية فيها وحرص على الاستعانة بهم رغم ضحالة مخزونهم المعرفي والثقافي وضعف حسهم الإعلامي وتواضع تجربتهم في التعاطي مع الإعلام (الحساس جداً).

لو كان منح تلك الحظوة لكتّاب الرأي في أعمدة الصحف، وصاحب تلك الحظوة إلغاء متابعته للمئات والإبقاء على أقل من عشرة، لقلنا أنه يكتفي بقراءة أعمدة كتّاب الرأي في صحفهم، سواءً ورقياً أو عبر الموقع الالكتروني للصحيفة فيتأثر بما يكتبون ويؤثر فيهم بما يطرح في حسابه أو حساب الوزارة، وهذا أمر طبيعي، لكن هذا الاندفاع خلف مشاهير التواصل الاجتماعي ومحاولة كسب (أو قل شراء) ودهم لا يمكن تفسيره إلا برغبة في التلميع الساطع الواسع على يد من لا يدرك خطورة سلاح الإعلام المشهور قديماً بأنه ذو الحدين، فحتى من يرافقون حملات بعض الوزارات الرقابية ويروجون لها افتضح أمر كثير منهم أنه مجرد أجير دعاية وإعلان لا يدرك خطورة ما يفعل ولا يملك القدرة ولا الرصيد المعرفي والتخصص الذي يمكنه من مساءلة الجهة التي تستخدمه وتمحيص المحتوى وطرح الأسئلة المنطقية العلمية التي تحرج الوزارة، وربما أن هذه هي الميزة الوحيدة التي تغري لمنحه الحظوة وليست جماهيريته أو عدد متابعيه.