اليوم: جانفي 24, 2022

مؤتمرات صحفية بلا كتاب رأي!!

لم يعد لائقا أن تذهب دعوات المؤتمرات الصحفية والمناسبات الإعلامية لمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي لمجرد كثرة متابعيهم، ولا لغير المختص من المراسلين والإعلاميين ممن يمثلون مواقع تواصل اجتماعي غير متخصصة وربما سطحية، ذلك أننا في عصر مختلف متجدد ومتطور، ويحترم التأهيل والتخصص، ويقدر السؤال الوجيه والتغطية الشفافة، فما بال جهات حكومية ذات قيمة وأهمية تتجاهل كتاب الرأي وأهل الاختصاص في الاقتصاد والسياسة والصحة والمال والأعمال والعقار والشأن الاجتماعي، وتدعو لمؤتمراتها الصحفية ومناسباتها الإعلامية ثلة من مشاهير مواقع التواصل ممن يفتقدون للمعلومة والثقافة والإحاطة بموضوع النقاش، وربما يفتقد أغلبهم للهدف السليم، فهم طلاب مال وباعة شهرة ليس إلا؟!.

الأمر يعتمد على ماذا تريد الجهة صاحبة الشأن والمسؤول عنها؟ هل تريد سؤالا وجيها يمثل استفسارات السواد الأعظم وإجاباته تطمئنهم وتشبع فضولهم وتجيب تساؤلاتهم؟! أم تريد ترويجا لما قال ذلك المسؤول من طرف واحد، وما تصرح به تلك الجهة في اتجاه واحد لا يقبل النقاش الثري؟!، هل تريد حوارا بناء تخرج به الجهة بأفكار وانطباعات وتسمع عن معاناة قد تغيب أو تُغَيب عن المسؤول؟! أم أنها تريد أن تُسْمِع ولا تسمع.

مررنا في حياتنا العملية الحكومية وحياتنا الصحفية بنماذج تمثل الشطر الثاني من الأسئلة -وأعني وزراء ومديري العموم ومديرين تنفيذيين- لا تريد أن تسمع سؤالا وجيها لأنها لا تملك إجابة، ولا تريد أن تدخل في حوار بناء لأنها تخشى الحوار وتتحاشى المواجهة!!، وهذا النوع يريد جمع أقل الناس علما وتأهيلا وإلماما ليسمعهم ما يقول ولا يسمع منهم، ويريهم ما يرى ولا يهمه ما يرون، لكن الوقت تغير، ووطننا تحول إيجابا نحو سماع الرأي السديد واحترام الرأي والرأي الآخر، وبلغت الشفافية حدا زجاجيا صافيا (ومكافحة الفساد مثال ناصع)، لذا أستغرب أن تستمر بعض الجهات في تجاهل دعوة أهل الرأي والتخصص وتحديدا كتاب الرأي والنقد الهادف والمتخصصين في شأن المؤتمر الصحفي، ممن يثري الحوار بسؤال وجيه أو رأي سديد أو نقل معاناة ثم ينقل للناس نقلا موثوقا رزينا، وتكتفي بدعوة مشاهير التواصل الاجتماعي ممن لا يملكون علما ولا تأهيلا ولا هما إلا هم المال، وهؤلاء أسئلتهم مخجلة وسطحية ونقلهم سيكون خاطئا وقاصرا، هذا إذا نقلوا لأنهم لا يتفاعلون من دون ضمان الدفع، فهم مجرد معلن.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 18 شوال 1442هـ 30 مايو 2021م

شيء في الرؤية 2030 لم تروه

إيجابيات كثيرة مميزة وفريدة وإصلاحات مؤثرة شهدناها في السنوات الخمس الأخيرة، وتحديدا منذ بداية تنفيذ عناصر التحول 2020، لا ينكرها إلا جاحد ولا تخفى على مبصر ذي بصيرة، لعل أقوى أمثلتها مكافحة الفساد، وتعزيز النزاهة بجدية وشفافية عالية وعدل وعدم مجاملة، وبقية أمثلة التحول كثيرة في شأن الصحة والإسكان وإجراءات وزارة العدل والحكومة الإلكترونية، وأمور كثيرة ليس المجال هنا لتعدادها كلها، ويكفي ماذكر من استشهاد.

الأمر الذي لاحظته، ولا أدعي أنني لاحظته دون غيري لتميز في نباهة أو دقة ملاحظة، ولكن ربما لأنني أكثر من لاحظ غيابه سابقا، وعانى من تكرار حدوث عكسه أو حدوث السلوك الذي يفترض أن لا يحدث، ولاحظت اختفاءه بكل فخر في الأربع سنوات الأخيرة، ومنذ أن جمعنا سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لاطلاعنا ككتّاب رأي على خطته في التحول ورؤيته المستقبلية حتى 2030م، وتفاصيل ذلك اللقاء ذكرته في قناتي على “اليوتيوب” دون مجاملة ولا إخفاء.

الظاهرة السلبية التي لاحظت أنها اختفت سبق أن تحدثت عن وجودها، وكتب عن المعاناة من حدوثها آنذاك كثر لأنها مضرة، لكن أحدا لم يتطرق -حسب متابعتي- إلى أنها اختفت بكل فخر.

الظاهرة باختصار شديد كانت تكمن في هدم كل وزير أو مدير سابق لما بناه سلفه، والبداية من الصفر سواء في مشروعات جبارة أو منشآت مهمة أو نظم وإجراءات، وهو أمر كان شائع الحدوث، فما أن يعين جديد حتى يصل لمقر عمله يحمل مساحة وإصبع طباشير فيمسح ما كتب سلفه ويبدأ في كتابة ما يراه، وهذا -وربي- وبكل إحقاق للحق وبكل فخر اختفى اليوم تماما، فقد أصبح لدينا استراتيجيات وخطط ثابتة وموحدة؛ لأنه رسم لها أهداف واضحة ومتفق عليها في مجالس عليا، وبرؤية مستقبلية مرسومة بدقة لا اجتهادات فيها ولا ارتجالية.

أما ادعائي أنني عايشت وعانيت حدوث تلك السلوكيات السابقة من أن كل جديد يهدم ما بناه سلفه، فاستشهدت بأمثلته في حينها، ولا مانع من التذكير ببعضها ممن مازلنا نعاني من هدمه وسوف نستعيد بناءه بحول الله، ومن الأمثلة أنني عايشت وبسعادة وفرحة افتتاح مركز لمرضى الإقامة الطويلة بسعة 88 سريرا وخطة زيادتها لـ200 سرير، وذلك لاحتواء المرضى ممن يحتاجون عناية طبية وتمريضية متوسطة لا يستطيع ذويهم القيام بها لأنها تبقى رعاية طبية متخصصة وبعضهم على أنابيب تغذية عبر فتحة في الحلق، ولم تستمر الفرحة بضعة أعوام حتى جاءت سنة ألغي فيها المركز، وعادت المستشفيات لمقولة (أخرج أمك وأخرج أباك) ممن يحتاجون رعاية طبية طويلة.

وشهدت أيضا وتألمت لإلغاء كلية الطب بمدينة الملك فهد الطبية، وتجميد (بلسم) للتأمين الصحي، وهو فكرة جبارة كانت ستحل مشكلة القبول في المستشفيات، وتجميد ربط الملف الطبي بالهوية الوطنية لمنع تكرار زيارة البعض لأكثر من مستشفى متقدم وحرمان غيرهم من مستشفى واحد، (وهذه ستعود الآن وبقوة ولله الحمد)، وشهدت أيضا إلغاء خطوات لضمان حماية المستهلك من جور التجار. ونحمد الله أن ظاهرة هدم ما بناه الوزير السالف اختفت في عهد الحزم والعزم والخطط المدروسة فعليا.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 11 شوال 1442هـ 23 مايو 2021م

استشاري ينصح واستشاري يفضح

أصبح وجود الأطباء الاستشاريين في (تويتر) أكثر من وجودهم في عياداتهم وفي غرف العمليات في المستشفيات الحكومية، بينما كنا نتمنى وجودهم في المستشفيات، وهو ما يحتمه الواجب المهني لهذه المهنة الإنسانية.

تكررت في أخبار (تويتر) وفي عناوين الصحف الإلكترونية عبارة (استشاري ينصح) والنصح طيب، ولكن عندما يكون في مجال التخصص الدقيق وليس في تخصصات دقيقة آخري.

الأصل في الطبيب الاستشاري أنها درجة مهنية تعني تعمق الطبيب في مجال طبي دقيق وحصوله على شهادات وخبرات في هذا التخصص، وبالتالي فإن استشارته يجب أن تذهب أولا للطبيب المتدرب والطبيب الأقل درجة وخبرة فيكون مرجعية مهنية وربما علمية في هذا المجال تحديدا، ويقوم بالتدخلات الطبية والإجراءات أمامهم، لذا فهو طبيب استشاري في مجال تخصصه الدقيق فقط، لكن ذلك للأسف لم يعد يحدث، فضاع الخريج والمتدرب وافتقدوا لكل من المدرب والمعلم والقدوة الحسنة، إلا من رحم ربي وهداه وأخلص لعمله.

لقد خطفت المستشفيات الخاصة والأهلية وقت الاستشاري الحكومي من المستشفى الحكومي بطريقة غير مشروعة ولا نظامية ولا مدفوعة المقابل لمؤسسات الدولة، وهذا تحدثت عنه وكتبته كثيرا وسوف أستمر.

لكن الجديد الآن، المرتبط بظاهرة الفساد تلك، هو أن بعض الاستشاريين يريد أن يكسب مزيدا من الأضواء الإعلامية، ومزيدا من المتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف الحصول علي شهرة تجذب الزبائن وبالتالي تحث المستشفى الخاص على الاتفاق (غير المشروع) معه لفتح عيادات في الخاص على حساب وقت المستشفى الحكومي وأثناء دوامه الرسمي فحرم منه المريض الحكومي والطبيب الجديد والمتدرب، وهذا الاستشاري يفضح ولا ينصح.

أصبح الاستشاري ينصح في غير مجال تخصصه وفي مجال لا يخصه وقد لا يلم به، فتجد الاستشاري النفسي ينصح في قضايا اجتماعية صرفة وربما شرعية، وتجد استشاري القلب يتنمر على أخصائي التغذية ويحذر من غذاء أو ينصح بآخر رغم أن للتغذية خبيرها المتخصص وهو يعلم ذلك ويعلم أنه يحيل المرضى له ليرسم لهم خطة الغذاء ومحاذيره، لكنه في (تويتر) يتنمر على التخصص وأهله، وتجد استشاري الجلدية ينصح في أمور الجراحة والسمنة، واستشاري العيون ينصح أمراض الدم، ورغم شح المعلومات المتوفرة عن سلوك فيروس كورونا وسلالاته وتحولاته إلا أن استشاري الأمراض المعدية يتحدث عن سلوك الفيروس وكأنه من درسه واكتشفه، ويتحدث عن اللقاح ولمن يصلح ومن لا يحتمله وكأنه من اخترعه، علما أن لعلم الفيروسات أهله من الباحثين، وأن شركات إنتاج اللقاح لم تكشف بعد عن كل تفاصيله وأسراره وفي كل يوم تضيف معلومة وما زالت الجهود حثيثة لجعل تفاصيله متاحة والتنازل عن براءة اختراعة.

مختصر القول، إن الطبيب الواحد العارف بكل شيء أصبح من الماضي القديم، حينما كان طبيبا في حي غميته (المرقب) في الرياض مثلا، هو طبيب الباطنة والجراحة والعيون والأسنان والختان والتطعيم، وأصبح اليوم لكل مجال تخصص دقيق وفروع أدق واستشاري يحق له النصح.

نشر في صحيفة الرياض يوم الثلاثاء 6 شوال 1442هـ 18 مايو 2021م

شكراً لوزير الصحة ورئاسة الحرمين

أولا، نحمد الله أن بلغنا رمضان، ونحمده أن مكننا من أداء الصلاة والتراويح في المساجد فأعادت لنا روحانية رمضان التي افتقدناها العام الماضي، ونسأل الله أن يزيل الغمة عن كل هذا العالم فيتمكن من يمد الله في عمره ويدرك رمضان القادم من أداء الصلاة والتراويح وقيام آخر الليل دون تحديد وقت وتباعد واشتراطات.

ثم الشكر لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين اللذين حرصا كل الحرص على إقامة الصلاة في المساجد وتمكين من يريد العمرة والصلاة في الحرمين الشريفين، وبذلا الغالي والنفيس لإتمام ذلك بيسر وسهولة وأمان، وحرص قيادة هذا البلد الأمين على ارتياد المساجد والعناية بها ليس بغريب ولا مستغرب ولا ينكره أو يتنكر له أو يقصر فيه إلا جاحد أو ضال، وليس أدل على ذلك من المشاريع الجبارة لتوسعة الحرمين في كل الظروف ورغم كل المعوقات ومهما شح الاقتصاد أو زادت الصعوبات.

كما أن مشروع ولي العهد لتطوير وترميم وإعادة بناء المساجد التاريخية دلالة راسخة على أن بيوت الله وارتيادها وعمارتها، بل وإحياء ذكريات ارتياد القديم منها لم تغب لحظة عن فكر وتفكير سموه، وهذا درس لمن يتهاون في تقدير مشاعر رواد بيوت الله، وليت عمري لو تم عمل برنامج متلفز يسجل مشاعر أهل القرى والمدن والهجر التي أعيد تطوير مساجدها التاريخية ليعلم من يجهل أهمية مشاعر من اعتادوا ارتياد المساجد إذا عادوا إليها فلا يستهين بأمر حرمانهم منها، جزى الله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خير الجزاء على هذه الخطوة والفكرة المؤثرة والدرس العظيم.

شكرا لمعالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة رئيس لجنة متابعة جائحة كورونا على ما بذل من جهود وحرص على عدم قفل المساجد وتمكين المصلين من أداء التراويح وفق شروط اتباع الاحتياطات والتباعد ولبس الكمامات واحضار السجادات والتي التزم بها المصلون أجمل التزام لم يشبههم فيه غيرهم من رواد المقاهي والمطاعم والأسواق والتجمعات، وإن كنا تمنينا مد الوقت أكثر تلافيا لاستعجال الأئمة والتمكين من صلاة التهجد أسوة بالحرمين الشريفين، ظنا منا أنه لا فرق بين 30 دقيقة بعد العشاء و30 دقيقة بعد منتصف الليل، ولكن يشكر معالي وزير الصحة ومن دعمه في اللجنة فقد تمكن المصلون من التراويح ورفعوا أكف الدعاء لهذا البلد الأمين وسائر بلاد المسلمين وهو دعاء له دور عظيم فيما ننعم به من نعيم.

الشكر الجزيل لرئاسة شؤون الحرمين الشريفين برئاسة الرجل المخلص لدينه وقيادته ووطنه معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، فقد بذلت الرئاسة العامة جهودا عظيمة في ضمان الالتزام بالاحترازات والإجراءات الوقائية وفي ذات الوقت تمكين ضيوف الحرمين من أداء العمرة وصلاة التراويح والتهجد وختم القرآن الكريم في يسر باحتراز، وهذا ديدن المسؤول الحريص الراغب في تكثيف الجهد والإخلاص في العمل وتقليل القول واختصار التوجيه وبذلك حقق أماني وتطلعات ضيوف الحرمين وبفضل الله ثم دعم وتوجيه قيادة هذا الوطن ضمن سلامتهم، فله ولكافة أعضاء رئاسة شؤون الحرمين الدعاء بخير الجزاء.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 27 رمضان 1442هـ 9 مايو 2021م