الشهر: فبراير 2022

يا تجار اللبن ردوا الجميل

ارتفاع سعر الحجم العائلي من الألبان بنسبة تقارب 50 % خلال قرابة سنة، حيث كان سعره تسعة ريالات وأصبح الآن أربعة عشر ريالا ونصف، أمر غريب جدا وغير مسبوق، والأغرب منه اتفاق جميع المنتجين على نفس السعر بالهللة وبالمليلتر لكل أحجام اللبن، وإحجامهم جميعا عن عمل عروض تخفيضات على هذا المنتج تحديدا حتى في أحد أهم أيام الوطن يوم التأسيس!!

تلك الشركات التي نهلت من خير هذا الوطن فمنحها منذ بداياتها الأرض والقرض ثم معونة الأعلاف ثم شهادة الجودة ثم الأفضلية في المشتريات الحكومية لجميع المناسبات وعقود الإعاشة، لم تبادر منهم شركة واحدة وتعمل تخفيضا على سعر اللبن (تحديدا) في يوم التأسيس، مع أن اللبن هو من أغذية التأسيس الأساسية، بل فاخرنا كثيرا على المستوى الوطني، وبكل فخر وشجاعة، أننا في الأزمات قادرون على العيش على التمر واللبن!!

ومما يزيد الأمر غرابة أن تلك الشركات، التي يبدو واضحا اتفاقها وتكتلها في أمر سعر اللبن، وعدم عمل عروض تخفيض على سعره مهما كانت المناسبة، لم تتفق بل فتحت الباب في عمل عروض وتخفيضات على منتجاتها الأخرى بمناسبة وبدون مناسبة، مثلا العصائر، فتجد عصير شركة بسعر 15 ريالا والشركة الأخرى عصيرها لنفس الفاكهة بثمانية ريالات (حوالي نصف السعر!!) أي أن الاتفاق لا يشمل منتجا آخر غير حبيبنا التراثي “اللبن”!!

ألا يدعو هذا الأمر للاستغراب وضرورة البحث والتشديد والمحاسبة والمساءلة من قبل الجهات ذات الاختصاص؟!

أرجو ألا يقول أحد إن الأبقار هي السبب (لا تفهموني خطأ) فالأبقار حلوب وتؤيد الحلب حتى لو تم التخلص من حليبها إذا زاد الإنتاج عن الطلب لتستقر الأسعار!!، فلا تظلم الأبقار، وإنما قصدته ألا يخرج علينا أحد ويقول إن سعر الأعلاف هو السبب، لأن عروض التخفيضات موجودة على الحليب طويل الأجل فسعر الكرتون يصل لستين ريالا لشركة ونفس العبوة تجدها معروضة بتخفيض لنفس الكرتون بـ 37 ريالا فقط وأيضا الزبادي تجده بـ 15 ريالا لشركة ومعروضا بـ 10 ريالات لأخرى، مع أنها جميعا تأتي من البقرة!!

أما ما يدعو للاستغراب أكثر والعتاب أكثر وأكثر أن بعض شركات إنتاج الألبان وضعت على عنق كل عبوة لبن عبارة (من بدينا) في بطاقة إضافية واضحة تراها فتظنها عرضا وتخفيضا بمناسبة يوم التأسيس، لكنك تفاجأ بأنها استغلال للمناسبة دون أي إسهام فيها، وهذا وربي قمة البخل والشح والجحود، فهل يعلم القائم عليها الآن أنه (من بدينا) و(من بديتم) وهذا الوطن يدعم استثماراتكم ويضمن نجاحكم بأرض منحة وقرض حسن ميسر وإعانة أعلاف وتسهيل استقدام عمالة ومجاملة وتفضيلكم في عقود إعاشة ضخمة وتسهيل تصدير، ثم لا يجد منكم إلا تعليق بطاقة؟!

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 26 رجب 1443هـ 27 فبراير 2022م

طريق ومطار وجامعة وجامع التأسيس

اقترحت ظهر الجمعة الماضي بتغريدة في حسابي بموقع (تويتر) إطلاق مسمى التأسيس على عدة منجزات، ما كان لها أن تتحقق لولا فضل الله ونعمته، ثم تأسيس هذا الوطن، فيوم التأسيس بالنسبة لنا يوم أنعم الله علينا فيه بفضل عظيم من الله، مستحق الحمد والشكر والثناء لوجه الكريم، ويوم التأسيس يوم تحول عظيم يستحق أن نتذكره في كل شؤون حياتنا، فنحمد الله ونزيده شكراً، وندعو لكل من أسهم فيه وعمل على استمرار ما نعمنا به من أمن وأمان واطمئنان ورغد عيش بفضل تطبيق شرع الله وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، وزيادة في العلم والتعليم المجاني، والرعاية الصحية الفائقة المجانية، وطباعة للقرآن الكريم وحفظ له وتحفيظه في بيوت الله وحلقات التحفيظ، وما شهدناه من تطور عظيم في كل سبل العيش والحياة التي نحسد عليها.

اقترحت تسمية أمثلة من تلك المنجزات بـ(التأسيس)، لتذكرنا به وتذكر العالم، ويذكرنا التأسيس بتلك المنجزات، ومما اقترحته تسمية أحد أطول الطرق في وطننا الغالي بطريق التأسيس، وتسمية أحدث وأكبر مطار ننجزه بمطار التأسيس، وتسمية أحد أكبر المواني بميناء التأسيس، وتسمية إحدى الجامعات الرئيسة بجامعة التأسيس، وتسمية واحد من أكبر جوامع كل مدينة بجامع التأسيس، وتسمية أحد أكبر المستشفيات الرئيسة بمستشفى التأسيس أو مدينة التأسيس الصحية.

وكل تسمية مما ذكرت ستجدها تجسد وتذكر بنعمة من نعم الله التي أنعم بها حينما تفضل علينا بذلك التأسيس، فكل جامع تأسيس في كل مدينة سيذكرك بنعمة تطبيق شرع الله وجعل كتابه الكريم دستور هذا الوطن والحرص على طباعة القرآن الكريم وحفظه وتحفيظه، وطريق التأسيس ومطاره وميناؤه سيذكرنا ويذكر العالم بالنهضة العظيمة في مجال النقل الآمن السريع الذي ننعم به، بعد عصر مضى على آبائنا وأجدادنا كانوا فيه لا يأمنون على أنفسهم وأموالهم عند التنقل، وهو أمر سمعه جيلي من روايات الآباء غير بعيد في زمن الجوع وعدم الأمن (يروي والدي سليمان -رحمه الله- أنه مر بهم جوع عظيم، وكان يسير في البر واصطاد ضباً كبيراً، فلحق به أحدهم يهدده بالقتل إذا لم يعطه الضب).

وجامعة التأسيس ستذكرنا بنعمة التعليم المجاني بل بما فيه من مكافأة وابتعاث لمن يرغب العلم، ووطني هو أكثر بلد في العالم شجع مواطنيه على التعليم في الداخل وبالابتعاث، وصرف عليهم ليزدادوا علماً، ومستشفى التأسيس أو مدينة التأسيس الصحية ستذكرنا برعاية صحية مجانية فائقة نعمنا وننعم بها في هذا البلد الأمين.

أرجو أن أكون وفقت فيما اقترحت، سائلاً المولى لهذا الوطن وسائر بلاد المسلمين الخير والأمن والأمان.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 19 رجب 1443هـ 20 فبراير 2022م

«نمشي أو ما نمشي» يا استشاري الغفلة!

لم يمض أسبوعان على مقالي الذي حذرت فيه من تصريحات حب الظهور الإعلامي التي يمارسها بعض الأطباء الاستشاريين بإيراد معلومات طبية لا تستند لحقائق مثبتة ومنشورة علمياً وموثقة ومحكمة وتعتبر معلومات مضللة، أقول لم يمض أسبوعان حتى وقع ما أخشاه وفي أمر مهم جداً يتعلق برياضة المشي التي تعتبر من أهم سبل الوقاية والعلاج إذا تمت ممارستها بالطريقة الصحيحة والتوقيت المناسب، ومن أخطر الممارسات لو تمت بطريقة خاطئة أو توقيت خاطئ.

فهذا طبيب قلب يكثر من الظهور الإعلامي بمناسبة ومن دون مناسبة، وفي مجال تخصصه أو في أي مجال، يقول إن أفضل وقت للمشي هو بعد تناول وجبات الطعام مباشرة، يقولها من دون سند وبحث علمي محكم ومنشور، بينما يرى طبيب آخر أن المشي بعد الأكل مباشرة يشكل خطراً على الصحة وربما الحياة!

المتلقي الذي يظن خيراً بالاستشاري، ويعتقد أنه يغرد عن علم وتوثيق، أصبح في حيرة من أمره، هل يأكل ويمشي مباشرة كما يقول محب الظهور أم لا يمشي إلا بعد ساعتين إلى أربع ساعات من الأكل كما يقول المقل؟!، أي هل يمشي على شبع أم يمشي على جوع؟! والجوع الحقيقي هو الجوع للحقيقة العلمية المثبتة التي غلبها الجوع للشهرة!

كنت قد حذرت وقلت في ذلك المقال منذ أسبوعين: استشاري عيون يفتي في مجال القلب، واستشاري نفسي أصبح (عكوزاً بكوزا) يفتي في مجال علم الاجتماع، واستشاري جلدية يروج معلومة عن تكميم المعدة، واستشاري أنف وأذن وحنجرة يفتي بمعلومة غير موثقة عن أمراض العيون، وطبيب قلب يفتي عن كل شيء ويكرر الظهور لو تعلق الأمر بأعطال السيارات، وفي كل لا توجد مرجعية علمية ولا بحثاً مؤكداً ولا مرجعاً محكماً.

أصبحت المناسبات الصحية والأمراض والأوبئة والقلق بيئة مناسبة للفت الأنظار والظهور على حساب المعلومة الصحية الصحيحة والتوعية الصحية المثالية، ولذا يجب وقف هذه المهازل وتنظيمها، ومساءلة كل استشاري يفتي إعلامياً عن مستنده ومرجعه وأرقامه، من أين حصل عليها؟ فالناس لا ينقصها القلق.

وأؤكد اليوم أنه إذا ترك الحبل على الغارب لكل باحث عن شهرة أن يصرح بمعلومة غير مؤكدة ومثبتة علمياً، فإن الأمر سيشكل خطراً على حياة الناس وسلوكياتهم وحياتهم الأسرية والزوجية وربما أمنهم في منازلهم كنتيجة حتمية لمعلومات خاطئة وتغرير وتضليل يساعد على نشره مواقع تواصل اجتماعي التي أصبحت تحشر المعلومات حشراً في أدمغة الناس من مدعي علم وهو جاهل أو استشاري غفلة يستغفل، ووقف هذه الممارسات المضللة أصبح ضرورياً أكثر من أي وقت مضى ونحن في وقت الحزم المناسب.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 12 رجب 1443هـ 13 فبراير 2022م

الولاء والسيرة الأخلاقية يا مواردنا البشرية

أولاً، الحمد لله الذي جعل في برامج ومواقع التواصل الاجتماعي بعض نعمة وكنا نظنها نقمة كلها، فقد خرج علينا عبر هذه المواقع من يكشف نفسه ويفضح ما ستره الله عليه، وما لم تصل إليه عين الرقيب، ولا أعني فقط مذيعة فضحت عداءها لنا وحسدها وحقدها على وطن أبرزها ودللها، وأغدق لها العطاء والرعاية الصحية والاجتماعية، ومنحها الشهرة الإعلامية وجعلها مثل مواطنيه، ولا أقصد فقط موظفاً في شركة لم تطله السعودة ولم يقطع عنه رزقه، بل فضلته الشركة (للأسف) على من تقدم من السعوديين قبله، ولا أقصد كاتباً فتحنا له صدر صحفنا ومنحناه الوظيفة والراتب بلا ضرائب، وآويناه بعد تشرد، ثم قلب لنا ظهر المجن، وأصبح يشتمنا بضجيج يشبه صراخ (قطوين) يتزاوجان.

أقصد كل أولئك المذكورين أعلاه، ومعهم من فضح ستره بتحرش بفتاة أو ابتزاز أخرى، ومن فضح نفسه بالتسبب بحادث مميت لأبرياء، ومن فضح ستره بحيازته لمسكر أو مخدر أو عبثه بسلاح، أو سارق مارس السطو والضرب وفضحته الكاميرا والنشر عبر جهاز الجوال، كل هؤلاء جاهروا بالمعصية وفضحوا ما ستره الله عليهم ونشروه في مواقع التواصل التي كنا نظنها نقمة كلها، وفي كل فضيحة (تم القبض).

هذه التقنيات الحديثة نعمة تستحق الحمد، لكن الاعتماد عليها وحدها أمر يستحق التوقف وإعادة النظر، خاصة في حالة من توظفهم الشركات أو حتى المؤسسات الحكومية ثم نكتشف أنهم ألد الخصوم أو أن ولاءهم لأعدائنا، فهؤلاء يفترض أن نتخذ إجراءات توظيف أكثر حيطة لكشفهم قبل التوظيف وكشف ومعاقبة من سهل أمر توظيفهم بدلاً عن مواطن سعودي أكثر منهم كفاءة.

يمكننا، أولاً، مراجعة السيرة الأخلاقية للمتقدم قبل السيرة الذاتية الوظيفية التي يحتج بها من يساعدهم، وهذه المراجعة أمر سهل ويسير بوجود التقنية التي نحن أفضل من يمتلكها حالياً، فمن السهل جداً عمل مسح شامل للمتقدم، خاصة أنه غير سعودي ولا نعرف عنه الكثير، ونستطيع أن نعرف لو أخلصنا قليلاً واحتطنا كثيراً.

الأمر الثاني توسيع نطاق الجولات الرقابية لوزارة الموارد البشرية على الشركات للتأكد من مبررات عدم السعودة بأن تشتمل على فحص شامل للموظف الذي لم تتم سعودة وظيفته، هل هو أكثر تأهيلاً من المتقدمين السعوديين؟!، ومن هو؟ وكيف جاء؟ وكم أمضى عندنا؟ ويشترط مدة لا تقل عن 5 سنوات للمقيمين في الداخل يتبعها تقصي شامل من الجهات المعنية عن سلوكياته وأخلاقياته وولائه وكأنه سيحصل على الجنسية، لأن وجوده في موقع حساس ووجوده بيننا لا يقل كثيراً عن أهمية انتمائه لنا، أما المتعاقد معه من الخارج في وظيفة حساسة فبطلب سجل عنه من السفارات يتقصى الكثير عنه وهو في بلده.

هذا ولا يفوتنا أن نحيي حزم وزارة الموارد البشرية وسرعتها في فصل وطرد المقيم المسيء، فمن لا يشكر النعمة لا يشكر المنعم، ويستحق ما جنى من جحوده.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 5 رجب 1443هـ 6 فبراير 2022م