الشهر: مايو 2022

كأس فيحاء سدير والمعلق الأجنبي

ليس غريباً أن تفوز أندية منطقة سدير بكأس الملك سلمان -حفظه الله-، ولا غرابة أن تجتهد لتتشرف بالحصول على هذه الكأس الغالية على الجميع، فأفضال الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد الله، على منطقة سدير وسائر المناطق التابعة لإمارة الرياض عظيمة مذ كان أميراً لمنطقة الرياض، شأنها شأن جميع مناطق مملكتنا الحبيبة التي تنعم في عهده الزاهر، عهد الحزم والعزم والمشروعات الجبارة الشاملة، والمدروسة بعناية في تخطيطها، والمراقبة بحزم في تنفيذها.

الغريب أن يجهل بعض مقدمي البرامج الرياضية وبعض المعلقين السعوديين تاريخ منطقة عريقة من مناطق المملكة مثل منطقة سدير، التي ذكرها المؤرخون وتغنى بها الشعراء منذ آلاف السنين، والأغرب أن يخطئ هؤلاء الذين يفترض بأنهم إعلاميون في نطق اسم مدنها، فعلى أقل تقدير، إذا بلغ أحد أنديتها نهائياً غالياً مثل كأس الملك أو تأهل لدوري المحترفين فمن المهنية أن يتعلم مقدم البرنامج أو المعلق نطق اسم مدينة ذلك النادي ويعرف تاريخ منطقته، كونها إحدى مناطق وأقاليم هذا الوطن الغالي الذي إن لم يعرفه أحد من أبنائه فما هو إلا جاهل لا يليق به تولي مكاناً إعلامياً يسمعه الناس أو يشاهدوه.

عندما وصل الفيصلي لنهائي كأس الملك، كان أحد مقدمي البرامج ينطق اسم “حَرمه” بكسر الحاء، فنبهته كثيراً عبر الواتساب لكنه استمر، ثم جاء معلق المباراة لينطقها تارة بكسر الحاء، مثل صاحبنا، وتارة أخرى بضم الحاء “حُرمه” -أي امرأة-، ولأنني لا أعرف رقم هاتفه استعنت بالزميل إدريس الدريس -من أهل حرمه-، فذكر لي أن مندوب الجزيرة موجود بجانب المعلق وسوف يتصل به، لكن المباراة انتهت ولم يعدل نطقه، ثم تأهل الفيصلي لنهائي الكأس وفاز بها، ولم يتعدل النطق لا عند المقدم ولا المعلق، فقلت: (خل حرمه في كبد أهلها) مع أن الأصل (خل حريملاء في كبد أهلها).

المجمعة لا يمكن أن يخطئ أحد في نطق اسمها، لكنه حصل الأدهى والأمر، فرغم وجود ثلاثة معلقين منهم فارس عوض، الذي أعشق عباراته ومرادفاته واستعاراته وتشبيهاته الفريدة، إلا أنني تابعت المعلق السعودي فهد العتيبي الذي أحبه أيضاً، لكنني صدمت به يتجاهل الفيحاء وكأنه فريق أجنبي، رغم مستواه الرائع في تصفيات الكأس وهزيمته للاتحاد متصدر الدوري، ونتائجه الرائعة أمام الأندية الكبيرة وتفوقه رغم فارق الإمكانات المادية وتوفر المواهب في سدير مقارنة بالرياض أو المنطقة الغربية، فقد كان العتيبي مثل معلق مبتدئ يجامل الأكثر جماهيرية والأقوى إعلامياً، حتى أنه قلل من إمكانية فوز الفيحاء (عكس التاريخ والواقع)، وقلل من نسبة مسانديه في اللقاء من دون سند إحصائي غير علو الصوت الذي يحكمه توزيع مواقع اللاقطات الصوتية في الملعب، فهل سيأتي يوم نطالب فيه بمعلق أجنبي مثلما أصبح الحكم الأجنبي مطلباً؟!

أخيراً سبق أن اقترحت هاتفياً و(تويترياً) على رئيس الفيصلي أن من حق أبناء مدن وقرى سدير الذين ساندوا الفيصلي أن تجوب الكأس كل مدن وقرى وهجر سدير، وتحتفل بها في متنزهاتها الرائعة، وللأسف لم يتحقق ذلك إطلاقاً، وأملي في الأستاذ عبدالله أبانمي وأعضاء مجلس إدارة الفيحاء أن تحقق هذه الأمنية، فالنادي فخر لسدير، وجماهيريته في قلوبنا جميعاً، ومبارك لأهل المجمعة وأهالي سدير كافة هذا الإنجاز.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 21 شوال 1443هـ 22 مايو 2022م

أطباء الفساد.. بدِّلوا قلوبكم ووداعاً

ما بال قلوب بعض الأطباء قست، وأصبحت تستسهل أمر ترك المريض يعاني طويلاً، ويفوت عليه الموعد تلو الآخر، لأن طبيبه ترك مكان عمله الحكومي وذهب يبحث عن مزيد من الريالات في مستشفى خاص، مخالفاً كل الأنظمة ومضيعاً كل جهود وإمكانات الدولة -أعزها الله- التي وفرتها للرعاية الصحية؟!

هذه الممارسات الخاطئة الفاسدة كتبت عنها كثيراً جداً، وتحدثت عنها تلفزيونياً، وواجهت حولها كثيراً من بعض الأطباء في مناظرات متلفزة ولم يستطع واحد منهم الدفاع عن تلك الممارسات، بل فشلوا فشلاً ذريعاً أمام الملأ لأن الباطل يصعب الدفاع عنه، بل من المخجل الدفاع عنه أو محاولة تبريره، لأن الأمر يتعلق بمهنة إنسانية شريفة وممتهِن وفرت له الدولة راتباً مجزياً وبدلات عالية علّه يقوم بدوره نحو المريض كما يجب.

وعلى أي حال فإن عهد الحزم والعزم عالج هذه الممارسات، وأصدر مجلس الوزراء حزمة من ضوابط تنظم عمل الأطباء الحكوميين في القطاع الخاص، وتراقبه عبر منصة إلكترونية، بما يضمن أن يكون العمل خارج الدوام الرسمي، وبعد وفاء الطبيب بنصاب عمله الحكومي كاملاً، وبموافقة جهة عمله الحكومية، ومراقبة المنصة الإلكترونية، وعدد من الضوابط غرد بها معالي وزير الصحة الأستاذ فهد الجلاجل، ونشرتها الصحف والمواقع، وفصلتها تفصيلاً في سلسلة تغريدات ومقال سابق.

ما أنا بصدده الآن أمر غريب، وهو ما يردني من امتعاض بعض الأطباء والطبيبات مما كتبت حول هذا الموضوع، فلا أحضر مناسبة اجتماعية إلا وأجد من يسألني لماذا لا يحبك الأطباء؟! وآخر يقول: امتدحتك في مجلس فهاجمني طبيب حاضر واعترض وعرّض بك، وذات انتخابات سمع أحدهم كاتبة طبيبة تقول: لن أنتخب هذا الأحيدب لأنه يكتب ضد الأطباء.

أحبتي الأطباء الشرفاء النبلاء الغيورون على الدين أولاً والمهنة ثانياً، يعلمون جيداً أنني إنما أدافع عن حق المريض مثلما أدافع عن حق المستهلك وحق الموظف الصغير المخلص وحق المظلوم، وما أكتبه نابع عما رأيت من معاناة لمرضى حضروا في مواعيدهم من قرى وهجر ومدن بعيدة ولم يجدوا الطبيب الحكومي لأنه (زوغ) لمستشفى خاص، وهو أمر لا يرضاه أي طبيب أمين شريف نبيل، وما دام الأمر كذلك فإنه لا يشرفني أن يمتدحني طبيب يرضى مثل هذه الممارسات ولا أن تنتخبني طبيبة لا ترحم المريض من تلك المعاناة.

لكن السؤال الذي أخرج به مما سمعت وأسمع هو: ما بال قلوب قلة من الأطباء قست فأصبحت معاناة المريض من مخالفات الطبيب تسهل عليهم مقابل التعصب للمهنة؟! هل إنهم مثلما يتعودون على رؤية الدم والجراح والإصابات والوفيات (وهو أمر مقبول) يتعودون على رؤية حقوق المريض تنتهك (وهو أمر مرفوض)؟! عندها أقول لهذه القلة: استبدلوا قلوبكم ووداعاً للممارسات الخاطئة، فهذا عهد الحزم والعزم ومحاربة الفساد.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 14 شوال 1443هـ 15 مايو 2022م

حماية المواطن من نفسه مطلب اقتصادي

حماية الإنسان من نفسه عن طريق سن أنظمة وإجراءات، أو فرض غرامات وعقوبات تمنعه من تعريض نفسه أو الآخرين للخطر، وتكون حمايته بهذه الطرق ضرورة قصوى عندما لا تجدي معه سبل التوعية والنصح والإرشاد.

وقد مارسنا هذا النوع من الحماية ونجحنا في حالات كثيرة من أشهر أمثلتها رفع قيمة غرامات المخالفات المرورية، خاصة عدم ربط حزام الأمان (وهو حماية للنفس) وعدم استخدام كرسي الأطفال في المركبة (وهو حماية للتابعين) ومخالفة استخدام الجوال أثناء القيادة وفيه حماية للنفس وحماية للآخرين، وبطبيعة الحال فإن غرامات السرعة والتفحيط فيهما حماية للنفس والآخرين.

ومن أمثلة الإجراءات التي تحمي الإنسان من نفسه وسلوكياته قرار رفع الرسوم على منتجات التبغ بعد أن لم تكفِ حملات التوعية بالأمراض الخطيرة التي يسببها التدخين، ووضع صور أضرار السجائر على علبها من الخارج.

ولعل مثال التدخين هو المثال الأوضح والأقرب لما أود المطالبة به هنا، وهو أن نسن أنظمة تحمي الإنسان من الإضرار بنفسه غذائيا، وهو الأمر الذي عجزت عنه التوعية والنصائح الصحية، فما زال شبابنا يتناولون مشروبات ثبت ضررها علميا وبحثيا وعلى رأسها ما يسمى بمشروبات الطاقة، وهي في واقعها مشروبات هدر الطاقة وإتلاف الكلى وخلايا المخ، وثبتت أضرارها علميا، بل شهدنا بسببها حالات وفيات لشباب رياضيين، ولم ينفع مع هذه المشروبات الرفع الطفيف في أسعارها، ومثلها المشروبات الغازية التي هي من أسباب أمراض السكري والسمنة وما ينتج عنها من مضاعفات.

انتشار مطاعم الوجبات السريعة معدومة الفائدة الغذائية عالية الدهون والزيوت معادة القلي وهي الأطعمة المسؤولة عن انتشار السمنة وتثدي الذكور وأمراض القلب والشرايين والكبد.

لا شيء مادي أو اقتصادي يقارن بصحة الإنسان وحياته فهي الأثمن والأهم، ولا أحب أن أربط بينها وبين الأمور المالية، لكن لا بد من التذكير بأن تلك المشروبات والمأكولات (لا أسميها أغذية) الضارة لا تؤثر على متعاطيها فقط، بل تؤثر أضرارها وأمراضها وما تسببه من فقد على الحالة النفسية للمجتمع ممثلا في الأقرباء، ونصرف على علاج الأمراض التي تسببها مبالغ طائلة سنويا، وهذه الأسباب مجتمعة وأهمها صحة الإنسان وحياته مدعاة لأن نتخذ خطوات حازمة لحماية الإنسان من نفسه.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 7 شوال 1443هـ 8 مايو 2022م

لم نخسر قراءته وكسبنا إدارته

منذ نحو تسع سنوات وبعد عام من تعيين معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس رئيسا عاما لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي كتبت في هذه الزاوية المنشورة في صحيفة عكاظ في 28 يوليو 2013 م مقالا بعنوان (لكيلا نخسر قراءة السديس وختمته) عبرت فيه عن قلق قلت فيه: لا شك أن أعمال الإدارة والمتابعة والإشراف تحتاج إلى وقت وتركيز وجهد قد تقتطع جميعا من وقت وتركيز وجهد الشيخ السديس الإمام ذي الصوت العذب الذي يصل إلى القلب قبل الأذن، والخطيب الذي يحسن اختيار قضايا الساعة فيتناولها بشمولية لا تستغرق وقتا، ودقة انتقاء تقطر حكمة، ووصول للهدف النبيل دون مجاملة ولا مداهنة ولا إثارة ولا فتنة، وصاحب دعاء الختمة في رمضان الذي ينتظره المسلمون في المعمورة أجمع على اختلاف مواقيتهم وأعمارهم، تنتظره العجوز لتدعي، ويعقد معه المسن موعدا ليلبي، ويتسمر أمامه الفتى الشاب خاشعا يبكي.

ثم عبرت فيه عن رجاء قلت فيه: أحمل إلى الشيخ الجليل توسلات الملايين بأن لا ينشغل بالإدارة عن الإمامة والخطابة، ودعاء ختم القرآن، ونحن نثق بقدرات من يخلفونه في الإمامة ونتطلع لبروز ما لديهم من قدرات وإمكانات تتدفق من معين خير لا ينضب وسيستمر ينجب وينجب، لكننا نقترح أن يساوي الشيخ بين الإنابة في الإمامة وتوزيع الصلاحيات في الإدارة والإشراف؛ لكيلا نخسر الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس الإمام الخطيب عندما كسبناه رئيسا عاما نشيطا ذا حراك ومنجزات.(انتهى).

واليوم مرت عشرة أعوام على تعيين معالي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس رئيسا عاما لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي واستمر (ولله الحمد والمنة) إماما وخطيبا، وشهدت الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين توهجا وعملا بصمت في خدمة حجاج بيت الله والمعتمرين وزوار المسجد النبوي بتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين ودعم كبير لكل ما يسهل على مرتادي الحرمين والمشاعر، مما جعل أكف المسلمين في المعمورة ترتفع بالدعاء للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا، ورأينا وسمعنا عبر جميع وسائل التواصل الرسمية والخاصة والشخصية عبارات الامتنان والشكر والثناء على جهود المملكة في خدمة الحرمين الشريفين ودعاء مخلص وصادق من المسنين وأصحاب الاحتياجات الخاصة والكهول والشبان والشابات نساء ورجالا جميعهم يدعون لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين على أعمال التوسعة والتسهيلات التي تمت بسرعة وجودة عالية.

رئاسة الحرمين الشريفين سخرت التقنية والأجهزة الدقيقة وواكبت العصر فتخطت أزمات شديدة مثل جائحة كورونا بصمت ودون تكلف وبحسن إدارة وحكمة خلقت مودة ومحبة من العاملين والجهات المشاركة والمتطوعين، وهذه من نعم الله على من يؤتيه الحكمة، ورئاسة الحرمين تدار بحكمة ولذا لم نخسر قراءة الشيخ السديس ولا ختمته وكسبنا حسن إدارته وحكمته، فالحمد لله ثم الشكر للقيادة حكيمة.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأحد 23 رمضان 1443هـ 24 أبريل 2022م