لم أسافر لبلد أوروبي غربي أو شرقي إلا جبت شوارعه وأزقته وامعنت النظر في طريقة حياة الناس فيه، حتى لو تعرفت على بعضهم وصادقت أحد أفراد الأسرة وعزمته على مطعم ثم زرته في منزله، يهمني جدا أسلوب الحياة وطريقة العيش وسلوك الفرد والأسرة أكثر من زيارة المتاحف أو الأماكن القديمة، بل أنني أثناء الدراسة في إنجلترا كنت أسكن مع العائلات و أحرص على التغيير من عائلة لأخرى ما استطعت لذلك سبيلا.
تلك ليست مقدمة استعراضية لكوني أسافر لدول أوروبا كما قد يفسرها البعض، لكنها مدخل علمي ومقدمة مرجعية ضرورية لتخبرك كقارئ أنني أتحدث عن تجربة بحثية حقيقية ومعايشة عن قرب وليس مجرد رأي شخصي أو انطباع متحيز لفكر أو ظن.
حسنا ،، جبت شوارع وأزقة في أكثر من عشر دول أوروبية كان آخرها هولندا منذ يومين، ولن أدعي مثالية وأقول أنني دخلت بطريق الخطأ أو تائها للأزقة غير المحترمة وغير الأخلاقية مثل حي سوهو في لندن أو الشارع الأحمر في أمستردام أو شبيهه في براغ أو ستوكهولم وغيرها من المدن والعواصم الأوروبية غربا وشرقا وحتى في أمريكا، بل دخلت تلك الأزقة الحمراء عنوة فرأيت فيما يرى المبصر وليس الأعمى، وفيما يرى المستيقظ وليس النائم، رأيت عجبا عجاب، رأيت ويرى كل زائر وسائح أن المرأة توضع في أقفاص زجاجية (فترينات عرض) شبه عارية أو عارية تتلوى مستعرضة جسد أنهكه الاستعراض على أمل التأجير، في قفص أشبه بأقفاص عرض الحيوانات في حدائق الحيوان، بل أن الحيوانات سواء كانت قرودا أو سناجب توضع في مكان واسع يشبه بيئتها فتلهو وتتسلق، أما في أقفاصهن فإنها تتلوى في قفص زجاجي ضيق على أمل أن يستأجر جسدها رجل مخمور نتن فيتسلقها ليقضي وطره!! فأي حقوق مرأة تلك؟! وأي احترام للمرأة هذا؟! ثم تأتينا تلك الدول وبكل وقاحة و بجاحة لتثير موضوع حقوق المرأة وحريتها عندما ترفع أوبك سعر النفط أو عند أي اختلاف في وجهات النظر السياسية أو الاقتصادية في محاولة يائسة للضغط على وطن همته بحجم وثبات جبال طويق ومنح المرأة كل حقوقها واحترم إنسانيتها وحفظ كرامتها وصان عرضها.
في شوارعهم ووسائل اعلامهم تستخدم صور جسد المرأة ومفاتنها في إعلانات الجذب التجارية ويستخدم جمال المرأة وشبابها كوسيلة جذب للزبائن ورجال الأعمال وتتعرض في شبابها لتحرش الأثرياء والمشاهير وبعض المسؤولين وتفني عمرها في معاشرة صديق متربص مستمتع وتنجب منه أو من غيره بلا زواج ولا بناء أسرة (كثير جدا من قضاياهم الأسرية أثبت الحمض النووي أن الأبناء ليسوا لمن ظن أنه الأب!!) ثم ينفصلان وتتحمل هي تربية أبناء تجهل هي ويجهلون أباءهم، ثم إذا بلغت من الكبر عتيا رموا بها في دور المسنين، فلا نسل أصيل يرعاها ولا زوج ولا ولد ولا أسرة ثم يقولون حقوق المرأة، بل أن المرأة التي تستتر وتتحجب قد تتعرض للنبذ في مواقع العمل وحدث أن نزع حجابها قسرا في باريس التي تسمي نفسها عاصمة الحريات!! وعوقبت على الستر في بعض الدول وشجعت على التعري.
على الجانب الآخر من الأزقة الحمراء وأقفاص عرض النساء، تنتشر شعارات وألوان دعم الشواذ جنسيا وهم ذكور (لا أقول رجالا) بأجساد وصفات إناث ينافسون النساء على الرجال فضاعت عندهم المرأة فلم تجد لا ظل رجل ولا ظل حائط!! فلم يجدن رجالا يعتمد عليهم ولا إنجاب ولا أسرة حقيقية، فأصبحن هن شاذات يلهين ببعضهن، وأصبح المجتمع أحادي الجنس يتكون في غالبه من نساء وأشباه نساء!!.
الحمدلله الذي أنعم علينا بالإسلام ومنحنا، نساء ورجالا، حرية منضبطة تتمناها شعوبهم وتنكرها حكوماتهم لأهداف سياسية لا إنسانية، فيثيرون موضوع حقوق المرأة كلما اضطروا له كورقة ضغط بالية مكشوفة.
لقد منحنا المرأة كافة حقوقها المشروعة، ومكناها من التعليم والعمل والتجارة والاستثمار مع الحفاظ على كرامتها وصيانة عفتها، بتفعيل أنظمة وعقوبات شرعية صارمة تطبق على المتحرش كائن من كان، لا تفرق بين ثري أو فقير ولا مغمور أو مشهور و تمكنا خلال ست سنوات من خفض نسب البطالة الى أقل من الرقم المستهدف في رؤية 2030 قبل التاريخ المحدد بعدة سنوات، وبرز لدينا من النساء في مجالات الكيمياء والفيزياء وعلوم الفضاء والطب والصيدلة وسائر العلوم التطبيقية والنظرية من أبهرن العالم وحصدن أعلى الجوائز ووصلن لأعلى المراتب مع أعلى درجات الستر والكرامة، فعن أي حرية مرأة يتحدثون دون خجل ولا حياء وهم من يعرض النساء في (الفترينات) طمعا في ضريبة دخلهن في أبشع صور إهانة المرأة والمتاجرة بجسدها.
لذا رأيت أن علينا أن نذكرهم أن النساء المعروضات في أقفاص الشوارع الحمراء يمثلن أبشع صور انتهاك حقوق الإنسان وسلب كرامة المرأة والإتجار بالبشر.