وكالة الطبل الوقائي

* نشرت النشرة الوبائية السعودية التي تصدر عن الوكالة المساعدة للطب الوقائي وبرنامج الوبائيات الحقلي بوزارة الصحة بالمملكة في المجلد الرابع ـ العدد الثالث والرابع يوليو ـ ديسمبر 1997م دراسة خطيرة تدين أول ما تدين الوكالة المساعدة للطب الوقائي “الناشر” ولا أعتقد انها نشرتها من باب حرية الرأي او الاعتراف بالقصور بقدر ما هو عدم ادراك لخطورة ما ورد من معلومات أو جهل بحجم المسؤولية التي تقع على هذه الوكالة إزاء ما يحدث فالبعض لا يدري ولا يدري انه لا يدري وهذه وربي معضلة كبرى.

الدراسة تشير إلى ان 32عيادة أسنان في 24مركز رعاية صحية في مدينة الرياض تابعة لوزارة الصحة “هي عينة البحث” وجد ان النسبة الكبرى منها “تفوق 59%” لا تولي أي اهتمام بتعقيم بل وتنظيف الأدوات المستخدمة في عمليات وعلاج الأسنان بمعنى انها تستخدم نفس الأدوات لمريض تلو الآخر دون تعقيم بجهاز التعقيم وأحيانا دون تنظيف بالمنظفات والمطهرات المعتادة.

وتلقي الدراسة الضوء على جوانب قصور أخرى خطيرة على الأطباء والفنيين والمرضى مثل عدم ارتداء القفزات والأقنعة وواقيات العيون. ولكن دعونا نركز على الإهمال أو القصور الذي يعرض المرضى للخطر والوطن لانتشار أمراض خطيرة يذهب ضحيتها أعداد كبيرة من المرضى وإذا لم تكلّف الأرواح، فإن علاجها يكلّف مبالغ طائلة تفوق تكاليف الوقاية مئات الأضعاف مثل التهاب الكبد الوبائي نوع “ب” ونوع “ج” والايدز والأمراض المعدية الأخرى.

تقول الدراسة ان 16% من العيادات لديها أجهزة متكاملة وان 30% فقط من الأطباء يعقمون الأدوات اليدوية بجهاز التعقيم Autoclave وان 90% من هؤلاء الأطباء يعقمون في نهاية الدوام وليس بعد كل عملية وتشير الدراسة إلى ان 32% فقط من المساعدين يعرفون الحرارة والوقت المناسبين للتعقيم بالجهاز المذكور و 45% فقط يعرفون الحرارة والوقت المناسبين للتعقيم بالتسخين الجاف وان 47% فقط من العيادات بها جهاز تعقيم “أوتوكلاف” و 47% لديها جهاز تعقيم جاف و 6% ليس لديها جهاز على الاطلاق. وان 50% فقط لديها أطقم معايرة التعقيم. وعن تعقيم الأشعة وجد ان 23% فقط من المساعدين يطهرون الجهاز يوميا و 26% يعتقدون ان لا ضرورة لذلك.

وبعد إذا كانت هذه هي عيادات الأسنان بمستوصفات الوزارة أو مراكزها الصحية، فكيف ستكون الحال في العيادات الخاصة للأطباء المحنطين الذين حصلوا على تراخيصهم قبل عصر “الأوتوكليف”، القابعين في شقق أشبه بالمخابىء ممن يستكثرون شراء القطن؟! وما هي حال المستوصفات الخاصة التي يتمنى ملاكها شراء عدة خلع الأسنان من العدد اليدوية في الغرابي “أرخص”.

هل تعلم وكالة الوزارة المساعدة للطب الوقائي ان هذه الممارسات وذلك القصور هو أحد أهم مصادر انتشار الأمراض الوبائية وخاصة التهاب الكبد والايدز؟! وهل تعي انها المسؤول الأول عن وقف هذه الممارسات بأية وسيلة بحكم مسؤوليتها عن انتشار الأمراض؟! مشكلة هذه الوكالة انها “غير مساعدة” وبحكم المحنطين فيها تعتقد ان دورها لا يتعدى الإعلان عن حملات التطعيم!!

إن الأمراض أيها الأعزاء لا تحارب بالتطبيل ولا يقضي عليها النيام، انها تحتاج إلى جهود مشتركة وكوادر متخصصة شابة متحمسة.

إننا أيها السادة إزاء مصدر هام جدا لانتظار أوبئة فتاكة، وهو مصدر طبي في وقت كنا نعتقد فيه ان مصدر التهاب الكبد هو الحجامة وغلي الإبر.

اترك رد