اليوم: 1 مايو، 2002

الإيدز والحقيل وخوجة

في مداخلة علمية رائعة ومخلصة عقب الطبيب عبدالله الحقيل على ما كتبته عن سماح بعض الدول المجاورة بدخول أعداد كبيرة من بائعات الهوى خاصة من فتيات أوروبا الشرقية مما يشكل نوافذ خطيرة لدخول الإيدز وأسهب مشكوراً في الرد على تعقيب الطبيب توفيق خوجة المدير التنفيذي لمجلس وزراء الصحة بدول الخليج العربي حول الموضوع نفسه.

وحتى لا أفهم خطأ فيما سوف يلي من سطور فإنني معجب أشد الإعجاب بتناول الطبيب الحقيل استشاري ورئيس شعبة الأمراض المعدية بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث لهذا الموضوع بتلك الواقعية والصراحة والجرأة.

ولكن أخي العزيز عبدالله الحقيل نسب لي شيئاً لم أكتبه ولم أذهب إليه أو أقصده فيما كتبت، حتى بدا لي أنه لم يقرأ ما كتبت بل استشفه من تعقيب أخي العزيز توفيق خوجة وكان اعتماده على هذا التعقيب شديداً إلى درجة أنه حكم عليّ بأن هذه المعلومة يجب أن أعرفها كعامل في الصحة وتلك حقيقة غير معلومة لي، وأفترض أن الحل من وجهة نظري ككاتب هو تشديد القوانين والتأكد أن كل قادم لتلك البلاد يجب أن يكون خالياً من المرض.

وعلى أي حال فإن هذا الفهم الخاطئ لم يغير شيئاً من إيجابية المداخلة وأهميتها إلى درجة أنني أتمنى أن تعتمد كأساس لرسم استراتيجية صحية لمحاربة الإيدز في الداخل، خصوصاً وأنها جاءت من استشاري يشاهد الحالات عن كثب.

كما أن إعجابي بآراء الطبيب الحقيل في هذا الصدد لا يمنع من أن أوضح له أنني كتبت معترضاً على موضوع السماح بدخول أعداد من بائعات الهوى لدول مجاورة ثلاث مرات، تشترك جميعها في اعتقادي بوجوب سد نوافذ الإيدز هذه بالعلاقات الدولية، أي بإغلاق هذا الباب الذي سيلحق الضرر بدول الجوار والتي لا ذنب لها فيما يحدث من إهمال ومن أهم هذه الدول في نظري الممملكة.

لم يسبق أن تطرقت إلى موضوع إجراء التحاليل على القادمين أو تشديد القوانين للتأكد أن كل قادم لتلك البلاد يجب أن يكون خالياً من المرض، فمعرفتي بهذا المرض وطرق انتقاله وسبل اكتشافه، وإن كانت لا ترقى إلى خبرتك الطبية كممارس، إلا أنها كافية لأدرك أن الفحص لمنع الدخول غير ذي جدوى.

كتبت في المرة الأولى بعنوان “الإيدز المعلب يا وزراء الصحة العرب” في 14فبراير 2001م. وذكرت أن ما يحدث الآن من تواجد تلك الغانيات في دول قريبة يمثل استيراداً لمعلبات الإيدز وتيسيراً لانتقاله وتسهيلاً لصعوبات الوصول إليه وأن على وزراء الصحة العرب وبالذات الخليجيون مسؤولية كبيرة إذا لم يتحركوا بسرعة نحو وقف هذا الزحف بالتنسيق مع الجهات المختصة فالمشكلة لا تعني الدول الموبوءة فقط والتي سمحت بدخول هؤلاء النسوة بل كل دولة مجاورة أو قريبة بل كل العالم.

وكتبت في المرة الثانية بعنوان “معلبات الإيدز.. الحل بالعلاقات الدولية” وذكرت أن الموضوع يجدر الاهتمام به في الدول القريبة التي يحتمل تضررها بنسبة كبيرة ويجب أن تتحرك وعلى رأسها المملكة لوقف هذا الخطر فوراً عن طريق اتفاقات دولية أو تفاهم أشقاء. وتطرقت إلى أن الإيدز محمول خفي ليس من السهل اكتشافه وليس من الخطوات العملية أن يفتش عنه في المداخل والموانئ.

أما الثالثة فكان الموضوع مثار الحوار. وتشترك كل المواضيع الثلاثة بالمطالبة بإيقاف هذا الزحف وعدم السماح بدخول معلبات الإيدز البشرية ويبدو جلياً من افتراض أن بائعات الهوى مصابات أصلاً أو ناقلات للمرض أنني لا أعير أي اهتمام لفحصهن بقدر ما أطالب بمنع السماح لهن أصلاً. ولم أنف وجود الإيدز في الداخل ولكن أكدت على أن المملكة استطاعت أن تحصن نفسها داخلياً ضد الرذيلة بالالتزام الصارم بتعاليم وقيم الدين الحنيف ومحاربة الرذيلة بأشكالها ويجب أن لا تذهب هذه الجهود هدراً بالسماح بتقريب بؤر الإيدز، ولعل أخي العزيز توفيق خوجة والقائمين على الصحة أدركوا جيداً ما أريد، فطلب مني يحفظه الله، أن أرفع بهذا الأمر للقيادات في دول الخليج رغم معرفته أن تلك مهمة وزير الصحة فهو من يحضر مجلس الوزراء وليس أنا والله أعلم.