الوزير مجموعة إنسان

عندما ننتقد وزيراً أو مسؤولاً، فإننا لا ننتقده في شخصه، لا ننتقده في ملبسه أو مشربه أو منزله أو ابتسامة أسنانه للكاميرا الصحفية.
نحن نأخذ عليه مثلاً أن ينشىء أكثر من مكتب لمعاليه أو سعادته جميعها ذات كلفة عالية احدها في موقع الشق الأصلي من مسؤولياته والآخر يبنيه استجابة لمجاملات المقربين، في الشق الآخر من المسؤولية رغم أنه لن يستخدمه ورغم أنه في الوقت ذاته يحتج بقلة الاعتمادات في عدم توفير أساسيات في مبان خدمية حكومية يتطلبها خلق جو مناسب أو خلق بيئة تليق سليمة وصالحة للاستخدام الآدمي نرى أنها أهم من خلق بيئة عمل مظهرية مبالغ فيها في مكتب لا يجلس فيه وإن كان قد يزوره “كل سنة مرة”.

ننتقده في تكشيرة أسنانه لطفل مريض وأب يريد حلاً لفلذة كبده.

الوزير أو المسؤول أيها السادة الأعزاء يبقى إنساناً استطاع أن يقنع من حوله بأحقية منحه الثقة كوزير يخدم المواطن بما أوتي من مؤهلات بناء على متطلبات ومواصفات هذا المنصب كما هي لدينا، أي ما يسمى بـ “الكريتيريا” وبناء عليها استحق أن يتحمل ما أولي إليه من مسؤوليات جسيمة وأمانة عظيمة وأصبح جديرا بأن يكون في حجم أمل القيادة وحرصها على المواطن.

ومن حقه علينا ألا نمس شخصيته مثله كغيره من بني الإنسان وهم جميعا سواء في ضرورة عدم المساس بما يتعلق بشخصيتهم مباشرة ولا يضر الناس وليس فيه تحريم. مثلما ان عدم المساس بمشاعرهم ومصالحهم وما وفرته بلادهم لهم من خيرات أمر أساسي لا يقبل النقاش هو الآخر.

الوزير والمسؤول، إنسان يخضع كغيره لكل أهواء النفس البشرية من حب للذات وتصديق للمديح واقتناع بمشورة موسوس يريده أن يستغل فرصته ومنصبه، لكنه يفترض أن يكون أقل تأثرا من غيره من عامة الناس بحكم تعليمه وتجربته وخبراته وحنكته وهي عناصر يفترض أن تكون متوفرة وإذا توفرت يفترض أن تكون رادعة عن أي مسلك واذا لم يحدث ذلك وجب علينا أن نكون عينه الثالثة وان ننصحه وننبهه وهذا ليس نقدا شخصيا طالما لم يخرج عن ملاحظات حول استخدامه للمنصب.

أستطيع أن ألخص ما ذكر أعلاه بأن الوزير هو في الواقع “مجموعة إنسان”: في عينه اليمنى من الورد بستان وفي عينه اليسرى عجاج السنين، تهزمه النجلاء وهو ند فرسان ويخفي طعونه ومحبته لنا تبين!! مع الاعتذار للشاعر المبدع خالد الفيصل.

وعلى هذا الأساس وأساس ما ذكر في بداية هذه الزاوية فإننا يجب أن نفرق بين نقد المسؤول ونقد شخص المسؤول ولا نخلط بين ما هو جزء من شخصيته البحتة كإنسان خارج عمله وما هو شيء من شخصيته المرتبطة بمسؤولياته وواجباته والتي لو “جلس في بيت أمه” كما ذكر المصطفى لما حصل عليها. والله أعلم وهو من وراء كل قصد وهو حسيبنا على ما نكتب ونفعل مثلما أنه حسيبهم على ما يفعلون.

اترك رد