اليوم: 21 أغسطس، 2004

إنجاز أمني أُهمل

مثلما أن على الكاتب أن ينبه للسلبيات لمعالجتها فإن عليه أن يشير إلى الإنجازات، خاصة تلك التي قد تمر دون ملاحظة أو توقف أو قد لا تسترعي انتباه الكثيرين رغم أهميتها.
في حربنا على الإفساد في الأرض حققنا نجاحات أمنية كثيرة تعتبر جيدة بالنسبة لمجتمع عاش أمناً منذ أن تم توحيده واستقراره، وقد أشيد بالإنجازات الأمنية من منظور عام وإجمالي.

ما يهمني هنا إنجاز مرّ مرور الكرام دون إشادة أو توثيق رغم أهميته القصوى وصعوبة تحقيق النجاح فيه على دول سبقتنا في مجال محاربة الإرهاب وتمرست فيه كالولايات المتحدة الأمريكية مثلا.

القتل الخاطىء لمشتبه به بريء أمر يكثر حدوثه في الأزمات الأمنية التي يصبح فيها رجل الأمن مهدداً بالقتل كردة فعل من المجرم أو يكون طابع تنفيذ الجريمة سريعا مثل تفجير النفس بحزام ناسف أو سيارة مفخخة وهي حالات لا يكون فيها لرجل الأمن وقت كاف لاتخاذ القرار أو التأكد أو الإنذار وتستوجب حماية الغير والنفس اتخاذ قرار إطلاق النار في ثوان معدودة لا تتجاوز الثلاث، ومع أننا تعرضنا للأشكال الثلاثة من التهديد إلا ان توفيق الله أولاً وعظم قيمة النفس البشرية لدى الجندي المسلم وتوكله على الله وتثبته منع تماما حوادث قتل مشتبه به بريء لمجرد الحذر والاستعجال وسجل رجال الأمن رغم صعوبة مواقفهم نجاحا باهرا في هذا الصدد علما أنهم تعرضوا لمواقف مثل فيها طيبة البعض أو سرحانهم أو جهلهم سبباً كافياً للشك فيهم وبالتالي إطلاق النار عليهم إلا ان رجال الأمن تحلوا بالصبر والتروي والحس الإنساني والوازع الديني وهو الأهم الذي ألهمهم بعدم الاستعجال رغم توفر كل عوامل الشك في بعض الأبرياء ممن قادتهم الطيبة أو نقص الإدراك إلى دخول مواقع ممنوعة أو عدم التوقف لرجال الأمن “أعرف شخصا دخل بطريق الخطأ لموقع تقطنه رعايا من الغربيين بسيارته وتوقف أمام أحد المطاعم المكتظة بهم ولم يدرك إلا والرشاش موجه إلى رأسه، ورجل الأمن يصرخ به أن يترجل فما كان منه إلا ان ذكر الله وتشهد فكانت هذه اخر عباراته قبل أن يرشه رجال الأمن بالماء ليفيق من حالة فقدان الوعي التي أصابته وهو يعتقد انه مقتول لا محالة”، إلا ان رجل الأمن كان يشعر بطمأنينة إلهية منعته من ضغط الزناد أكثر من مرة وأدرك بفراسة عالية أن المشتبه به فقد الوعي وأنه ضحية جهل.

في دولة مثل أمريكا وفي ظروف عادية وروتينية قتل أكثر من طفل بريء أصابه الذعر من رجل الشرطة فهرب أو شخص كان يحمل في يده أداة اعتقد الشرطي انها مسدس وقد تسبب قتل الشرطة لأبرياء بطريق الحذر المبالغ فيه موجة احتجاجات على هذا التسرع وسن تشريعات جديدة تحد من تسرع رجال الشرطة ومنها الإنذار أكثر من مرة بعبارة “توقف” أو إطلاق النار في الهواء.

وقياساً بما حدث ويحدث في دول أخرى فإن من حقنا ان نفخر بهذا الإنجاز الأمني ونبرزه ونحتفل بنجاحات رجال الأمن ونثمّن جهودهم في جميع الأحوال وليس في حالات الشدة فقط!!