لاشك أن صحافتنا تسير يوماً بعد يوم نحو هامش جيد من المرونة في الطرح والشفافية وحرية الرأي واحترام الرأي الآخر.
ثمة ملاحظة أرجو أن يجد فيها القارئ ووزارة الثقافة وهيئة الصحفيين ما يفيد مستقبل الصحافة السعودية، والأهم من مستقبلها هو مستقبل الإفادة مما يطرح فيها، والاستفادة من هامش الحرية المتاح وذلك الذي سيتاح في عملية الإصلاح وتقويم ما قد يوجد من اعوجاج في بعض الدوائر والمؤسسات والوزارات والقطاع الخاص والأهلي والتجاري.
لازلنا نتعامل مع نقد المؤسسات سواء الحكومية أو التجارية التي تورد أسماء المسئولين على أنه «تشهير» تحاسب المطبوعة عليه وقد تغرم أو تطالب بالاعتذار بصرف النظر عن توفر الأدلة الداحضة للحجج وتكامل كافة أدوات العمل الصحفي المهني وهذا وربي قصور عن الوصول إلى مصاف الإعلام الفاعل المؤثر.
من غير العدل أن نساوي بين العمل الصحفي المدعوم بالأدلة المحسوسة العينية وذلك المبني على توقعات صحفي كسول لم يبذل جهداً.
كيف لصحافتنا وصحفيينا أن يسهموا مع الجهاز الرقابي في الدولة في فضح وإيقاف الممارسات الخاطئة ومحاربة الفساد إذا كانت عقوبة التشهير تنتظر الصحيفة والصحفي حتى لو دعموا عملهم بالأدلة والبراهين والصور؟!
إن اعتماد توفر الأدلة والوثائق كوسيلة لإسقاط دعوى التشهير، مثل ما هو معمول به في الدول المتقدمة، لا يخدم فقط حرية الصحافة ونجاح الإعلام في الإسهام في عملية الإصلاح بل أنه يخدم إصلاح المهنة ذاتها ويشجع الصحفي والصحيفة على توثيق ما تطرح لأنه سوف يصبح ثمة فرق كبير في التعامل مع من يوثق ومن «يفبرك» وهو فرق غير موجود نظاماً في الوقت الحالي فيما يخص مفهوم التشهير تحديداً.