من إحقاق الحق القول إن أمانة مدينة الرياض تنهج أسلوباً حضارياً قيادياً في كثير من تعاملاتها ومواقفها، خاصة في السنتين الأخيرتين، ولعل تقديم مؤشر أسعار السلع الغذائية ثم مؤشر أسعار سلع مواد البناء أحد الأمثلة الحديثة لنهج أمانة مدينة الرياض يضاف للعديد من الخطوات الحضارية الراقية مثل معرض الزهور واحتفالات الأعياد والأيام البيئية والصحية والرياضية التي تتميز بها مدينة الرياض عن غيرها .
مضامير المشي، خاصة ذلك المضمار المتكامل في طريق الملك عبدالله والذي بدأ مضماراً لمشي الحوامل وسمي باسمهن (شارع الحوامل) حتى أصبح مشهداً حضارياً لا يدل على انتهاج أمانة مدينة الرياض للأسلوب الحضاري وحسب بل يعكس وعي الشعب السعودي نساءً ورجالاً لأن الاعتناء بالصحة والوزن والاهتمام برياضة المشي تعكس بلا أدنى شك درجة عالية من الوعي تتمثل في تزاحم الناس في المضمار وهدوئهم وقلة مشاكلهم وهي عناصر تثلج الصدر وتؤكد، كما سبق أن ذكرت في مقال سابق أن وعي الشعب السعودي وصل درجة تستوجب إلغاء حجة الوعي كشماعة لبعض المسئولين في تبرير القصور .
هذا لا يمنع بطبيعة الحال حدوث صور نادرة من المخالفات التي تنم عن عدم تجاوب مع اللوحات الإرشادية أو النظم وتستوجب تحرير عقوبة بطريقة أو بأخرى، لأن الغرامة المادية في حد ذاتها صورة حضارية طالما تمت في إطار احترام الإنسان، أي دون إهانة أو شتم أو اعتداء جسدي .
من المظاهر الحضارية لأمانة مدينة الرياض، عبارات في مضمار المشي تقول بكل لطف ان هذا المضمار للمشي وليس للعب الكرة أو الزلاجات ..الخ وذلك بكل تأكيد للحفاظ على سلامة المشاة، لكن الملاحظ أن عدداً من الشباب يمارسون لعب كرة القدم في مواقع من المضمار، وأخشى أن يأتي يوم وتضع إحدى الحوامل حملها بسبب كرة طائشة مؤدية إلى مبالغة في تحقيق (شارع الحوامل) لهدفه، فالهدف من مشي الحامل تسهيل نزول الجنين بالرأس وليس سقوطه على رأسه في مضمار المشي. كما أن لعب الكرة في ذلك المكان الذي يعج بممارسي وممارسات رياضة المشي لا يخلو من حدوث مكاتفة غير قانونية !! أو مخاشنة غير مقصودة لبعض المارة في ظل غياب الكرت الأصفر ناهيك عن الأحمر، وهذا هو بيت القصيد .
لماذا نحن نمنع ولا نغرم المخالف ؟! فثمة الكثير من الممنوعات دون مساندة المنع بغرامة رادعة .
رمي النفايات من السيارة، البصق على الأرض، التدخين في الدوائر الحكومية والمطارات وبعض الأماكن الممنوع فيها التدخين، الكتابة على الجدران، تسرب مياه الصرف الصحي من الصهاريج أثناء السير ورشها على المارة وركاب السيارات المجاورة، وتطاير التراب والحجارة من شاحنات نقل الأتربة وأنبوب العادم (الشكمان) الجانبي للناقلات كلها صور ممنوعة منعاً باتاً ولكن لا تطبق عليها غرامات ولا رقابة صارمة مكثفة لاصطياد ممارسيها وتغريمهم فوراً ليتحقق الردع .
لو خصصنا كرسي بحث للأضرار الصحية لما يمارسه البعض من البصق على الأرض وتكلفة علاج هذه الأضرار ومنها الأمراض المعدية التي ينقلها الهواء، والجدوى الاقتصادية من تغريم ممارسها مبلغ 500ريال (في سنغافورة 500دولار) فإننا سنجد نتائج تستحق توظيف مراقب لكل باصق .
