اليوم: 19 أكتوبر، 2010

لياقة الصحافة ووهم نجاح «التطنيش»

لا أحد ينكر أن الصحافة المحلية لعبت وتلعب دورا هاما في مشروع الإصلاح، فهي العين الثالثة وهي قناة الشكوى الفعالة والسريعة، وهي التي تضع الإصبع على الجرح أملا في وقف النزف إلى أن يأتي الإسعاف بالعلاج.
ولكل من تولى مسؤولية وتوجس قصورا في قدراته وخشي أن تكتشفها عين الصحافة أسلوبه في التعامل معها سواء بعقد صلح مع صحيفة أو إغراء أخرى بالإعلان أو زرع أقلام في ثالثة، لكنه بالتأكيد لن يفلت من الرابعة والخامسة والسادسة ولن يسلم من الفضائيات المحلية والخارجية ولن تدوم له الحال مع من عقد معهم صلحا أو أغراهم فدوام الحال من المحال، ودور الإعلام في مشروع خادم الحرمين الشريفين للإصلاح ومحاربة الفساد يستعصي على من يحاول التحايل عليه.
الصورة الثانية من التحايل تتمثل في ممارسة (التطنيش) وتجاهل الرد أو الإيضاح أو حتى التعليق والتحاور حول الخلل الذي تكشفه مقالة أو ينقله خبر وهذا الأسلوب يوهم بالنجاح كونه يراهن على أن لياقة الصحافة ضعيفة وذات نفس قصير وتمل بسرعة من تكرار نفس النقد، وما تلبث أن تتوقف فيتنفس المسؤول الصعداء، وهو ما أشار له بعض الزملاء بالتعبير عن مسلك (التطنيش) كسلوك أصبح يتبعه البعض، وأعتقد بل أجزم أن الاعتقاد بنجاح هذا الأسلوب محض وهم لعدة أسباب: الأول أن مشروع خادم الحرمين الشريفين لم يغفل هذا الجانب، فقد تم التأكيد على ضرورة رد الدوائر الحكومية على ما يكتب في الصحف خلال مدة أقصاها 15 يوما من نشره، وهذا وربي أوضح دليل على الاهتمام بوزن ما يكتب ورفض إهماله بأي حال من الأحوال ومن كائن من كان وهذا أحد العلامات المميزة لجدية وحزم مشروع الإصلاح، أما الثاني فإن ما يكتب في الصحف هو تدوين للتأريخ، فإذا لم يعلق عليه فإنه لا يسجل ضد مجهول بل يكتب في صفحة من أهمله على أنه قبل بما جاء فيه، أما السبب الثالث فهو أن الإعلام بطبيعته أو الإعلامي والصحافي تحديدا يتمتع بذاكرة جيدة وقدرة على العودة للأرشيف، فسرعان ما يعود لنبش الماضي والتذكير به مجددا خصوصا بعد نعمة الشيخ (قوقل) وهو الشيخ الوحيد الذي لا تشيب ذاكرته، إذا فإن التجاهل و(التطنيش) لما يكتب لا يخدم صاحبه بل هو للضرر به أقرب وما نجاحه إلا وهم لا يلبث أن يفاجئه بالخيبة فما يكتب في الصحف يقرأ وما يتم طرحه يجد الاهتمام والتجاوب ممن يحترم دور الصحافة ويقدره وجربه وامتن له، وإذا كان تجاوب المستوى الأدنى غاب أو غيب فإن المستويات العليا تتفاعل مع هم المواطن ولا تغفل وإن كانت تراقب بصمت الحكيم، فلا خوف على المواطن ولا أمان للمقصر وإن (طنش).