الشهر: سبتمبر 2011

لماذا يا وزارة الصحة؟! لماذا؟!

من واجبنا جميعا أن نتعامل بإيجابية وتفاعل عملي مع ما يطرحه قائد هذا الوطن وقدوته، خادم الحرمين الشريفين الملك الشفاف بحزم عبدالله بن عبدالعزيز، فهو يحث في كل مناسبة على الإخلاص في العمل والصدق والوضوح وآخر ما أكده ــ حفظه الله ــ أنه لا مكان لمتخاذل ومتهاون، ومن أساسيات دور الإعلام أن يتفاعل بإيجابية مع مثل هذه التوجهات الوطنية المخلصة، ليس بالإشادة بها وحسب ولكن في لعب دوره في علاجها.
أمامي الآن عدة وثائق ومخاطبات رسمية تؤكد أن الحملة المكثفة التي أعلنت عنها وزارة الصحة وروجت لها ترويجا إعلاميا غير مسبوق وهي حملة التطعيم ضد مرض الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف قد حان موعدها المحدد في 19 شوال 1432هـ الموافق 17/9/2011م دون أن يتم توفير اللقاح من قبل الوزارة للتموين الطبي في مديريات الشؤون الصحية في المناطق وأن مديرية الشؤون الصحية في منطقة الرياض على سبيل المثال حددت حاجتها لمليون وسبعمائة ألف جرعة، وحل موعد بدء الحملة ولم يسلم لهم سوى 300 ألف جرعة فقط وهذه لا تكفي تطعيم مدارس مدينة واحدة، بل إن الكمية المصروفة في اليوم المقرر لبدء التطعيم لم تتجاوز 262200 جرعة، بينما حددت المديرية احتياجاتها وتقديرها لعدد المستهدفين والصعوبات التي ستواجهها مباشرة وبعد التعميم بالاستعداد للحملة.
لا تكمن المشكلة في قرار الوزارة في انطلاق حملة مشتركة مع وزارة التربية والتعليم قبل أن تستعد لها بأهم أساسيات الحملة بل عنصرها الوحيد وهو توفير اللقاح، لكن الطامة الكبرى هو أنه عندما حل موعد بدء الحملة، وكانت وزارة التربية والتعليم ممثلة في المدارس قد وجهت خطابات لأولياء أمور الطلاب بأن أبناءهم سوف يطعمون في يوم 19/10/1432هـ وأن التطعيم إجباري لأهميته، لم تتعامل وزارة الصحة بالشفافية المطلوبة وتعلن تأجيلها للحملة لعدم توفر اللقاح (وهو أمر لا عيب فيه إذا وضحت أسباب عدم توفره ومن الذي تسبب في الخذلان، هل هو الوكيل أم الطب الوقائي) لكن الوزارة عمدت لعذر غريب لا يتناسب مع المخاطبات الرسمية في هذا الشأن وقالت إنها قررت أن تكون الانطلاقة بحملة توعية فقط (عجبا لتوعية بلقاح ضروري وإجباري) وتم فعلا تدشين الحملة في موعدها وعبر وزيرين وزير التربية والتعليم ووزير الصحة وحضر الإعلام والاحتفالية ببدء حملة (توعية) بالحملة في غياب أهم عناصرها وهو اللقاح الذي لم يصل بعد وحتى تاريخه لم يتم تطعيم أطفالنا، وتقول مصادري الموثقة إن العذر القادم للتأجيل سيكون قرب إجازة عيد الأضحى وغياب عدد كبير من الطلاب ومشاركة وزارة الصحة في موسم الحج.
كان الأجدر أنه لا مكان لمتخاذل وأن يحاسب من خذل الوزارة في الاستعجال بإعلان حملة غير مكتملة العناصر وأن نمارس الشفافية التي حثنا عليها ولي الأمر ــ حفظه الله ــ ونبين الأسباب كما هي ولا عيب في الصدق والمصداقية وممارسة الشفافية.

قالوا وقلنا

•• قالوا: تطبيق تقنية تتيح التعرف على سيارات المطلوبين للقضاء عبر كاميرات الضوء الأحمر، وكاميرات أخرى للتعرف على ملامح الأشخاص ذوي الدوافع الإجرامية في الشارع.
• قلنا: الحاجة أكبر لكاميرات تتعرف على ذوي الدوافع الإجرامية في المكتب.
**
•• قال الشيخ غازي الشمري: إن الرجال ينافسون النساء في الشكوى من العنف الأسري.
• قلنا: طقتين من كعب الشوكة على الرأس توجع.
**
•• قالوا: طالبات مدارس البنات يخرجن إلى الشارع بسبب انقطاع الكهرباء والحر الشديد.
• قلنا: تكثيف شركة الكهرباء الأضواء على الجائزة العالمية أحرق «الفيوز».
**
•• قالت «عكاظ»: إن معيدة حاصلة على الماجستير بمعدل 4.86 وحققت المركز الأول على دفعتها حرمتها البيروقراطية في جامعة الملك عبدالعزيز من التسجيل لاستكمال الدكتوراة ثلاث سنوات وانتهت بمرض نفسي.
• قلنا: إنعاش لسوق شراء الدكتوراة من الخارج!!
**
•• قالوا: اكتشاف وقوع رئيس وزراء بريطانيا توني بلير في علاقة غرامية مع سيدة أعمال إسرائيلية.
• قلنا: هاه، وأنا أقول ليش كان «عبد» أعمال اسرائيلية.

عبد المحسن التويجري مجموعة إنسان رحل

صاحب الفضل الأكبر بعد الله في مشاريع صحية إنسانية عملاقة مثل تأسيس زراعة الكبد في المملكة ومركز إنتاج الأمصال واستحداث العديد من التخصصات النادرة وابتعاث عدد من الأطباء والصيادلة والفنيين، دون أن يقبل أن يذكر اسمه رحل بالأمس بصمت كما كان يعمل بصمت، ترك هذه الدنيا بعد صراع مع المرض خاضه وحيدا وبصمت أيضا، بعد أن قدم للوطن عملا جليلا دون منة، إنه أكثر رجل شاهدته في حياتي تواضعا وتسامحا وإنسانية وحسا مرهفا ورفقا بالضعيف، أسميته (مجموعة إنسان) لما شهدته بنفسي من عطفه على الضعيف وتلطفه مع الصغير قبل الكبير وتفاعله مع صاحب الحاجة قبل أن ينطق بها، عرف الناس بخصائصه تلك، والناس تكتشف الطيب وتشم رائحته وتنجذب إليها مثلما تشم الرائحة الكريهة وتبتعد عنها، فكان بمجرد حضوره إلى اجتماع أو لحظة ولادة إنجاز في مستشفى الملك فهد بالحرس الوطني منذ تأسيسه يتناقل الزملاء خبر وصوله ويأتي كل صاحب حاجة أو باحث عن تفريج كربة مرضية أو اجتماعية أو إنسانية ويدخل عليه (لم يكن لمكتبه بواب ولاحاجب) ولا يخرج إلا وقد فرج كربته دون تأجيل، بل أن أحد الزملاء دخل عليه ولم يكن يعرفه وسلم ثم خرج وبعد خروجه سأل عنه فأخبر أنه فلان فقال وكنت أسمع (يبدو أنه يريد أن يقول شيئا واستحى) وأرسل خلفه من رده، وقربه وهمس يسأله حتى شجعه على عرض حاجته فقضاها، كان رحمه الله من سمو الأخلاق إلى درجة أنني جالسته ساعات طوال وليالي عديدة قبل مرضه وبعده ولم أسمع قط أنه ذكر أحدا بما يعيب بل أشهد الله أنني سمعت كثيرا من ينقل له كلاما يستدعي العتاب أو موقفا من شخص يستدعي الانتقاد فلا يرد إلا ممتدحا أو باحثا للمذكور عن عذر.
اسمه قد يبدو رنانا مدعاة للمجاملة والتزلف، لكنه ليس كذلك فلم يحظ قط رغم اسمه بالمكانة التي يستحقها وظيفيا لكنه حضي بها في قلب كل من عرفه وهو منصف، إنه الطبيب الدكتورعبدالمحسن بن عبدالله التويجري ربما سمعت به فقد بدأ يكتب مؤخرا في جريدة الجزيرة لكنه بالتأكيد كتب لهذا الوطن ولإنسانه إنجازات لم تسجل باسمه لكن أجرها عند الله سيذهب له، فقد قدم الكثير وأخذ القليل مقارنة بغيره وما أردت مما كتبت إلا حثكم على الدعاء له فقد غادر إلى دار العدل والإنصاف وجني الثمار اليانعة التي كان يبحث عنها بصمت، اللهم أجزه عنا خير الجزاء.

أخشى على الوطن من مصير رمضان

أخشى أن يصيب الوطن ما أصاب المساجد، تكتظ بالناس في مناسبة رمضان ثم تهجر بعد العيد، وهذا عيب مشاعر المناسبات والاحتفاليات، فهي قصيرة النفس ومؤقتة، وعابرة، ومحدودة المدى، والدين والوطن يستحقان مشاعر دائمة وطباعاً مستديمة وسلوكيات ثابتة صالحة لكل زمان ومكان لا يزعزعها الوقت ولا ينحتها الزمن.
هذا ما دار في خلدي وأنا أتابع احتفالياتنا باليوم الوطني خصوصا أنها في مجملها احتفاليات شكلية، سلوكية وتلقائية، فخشيت أن تكون وقتية أيضا، فالوطن ليس يوما فقط ينتهي بزفرة تعب بعد الاحتفال والوطن ليس أغنية يرددها فنان لا يدرك بعض معاني كلماتها ويحدث أن يطبق ما يناقضها في يوم الوطن وربما في لحظته، والوطن ليس أغنية تطلب في برنامج ولا لونا نتوشح به في يوم.
في التاسع والعشرين من رمضان يشدد العلماء وطلبة العلم والوعاظ و أئمة المساجد ومن شابههم من العقلاء على عدم هجر المساجد والقرآن بعد رمضان فالصلاة ركن ليس في رمضان فقط و قراءة القرآن وتدبره واجب في كل وقت وليس في شهر رمضان وحسب، ومع ذلك تنخفض صفوف المساجد بعد رمضان وتقل قراءة القرآن بعده ويشتكي من الهجر، وأخشى من الاحتفال باليوم الوطني أن يكون تحديدا لما هو عام وقصرا لما هو شامل، فنكتفي بحب يوم عن حب دهر وبتفاني يوم عن تفاني عمر، ويتضح هذا من بعض المسؤولين المكلفين بما هو هام لترسيخ الحب والولاء، فتجدهم يستعرضون الوعود بالإنجازات وتحقيق المنجزات بمناسبة اليوم الوطني، فإذا زلت المناسبة، جاءت الأخرى ولم يتحقق شيء، وتراهم يتفننون في الحث على حب الوطن والإخلاص له كلما حضرت (كاميرا) المناسبة واشتعلت فلاشاتها وكأنهم لا يدركون أن الحب هو في العمل للوطن لا في الوعظ عنه، والإخلاص يبدأ من إخلاصهم هم، والولاء يزداد كلما أنجزوا هم، وعودهم ليس قبل أن يرتد لأحدهم طرفه بعد قوة الفلاش ولكن قبل اليوم الوطني المقبل.

والد اللاعب خالد عزيز لا تسامحنا

عندما كتبت عن عدم حفظ الخصوصية الشخصية للمواطن السعودي في كثير من الجهات سواء البنوك أو المستشفيات أو شركات الاتصالات مستشهدا بما حدث في الإعلام الرياضي نحو لاعبين مشهورين أحدهما قيل إنه مصاب بالسكر والآخر سربت معلومات والده الصحية، اعتذرت لوالد اللاعب خالد عزيز نيابة عن المجتمع لما تعرض له من تسريب معلومات، وتغيير العنوان إلى «لا تسامحنا» ليس لأنني اكتشفت أن التعصب الرياضي وصل عندنا حد أن يفضل المشجع أن تهمل حقوقه على أن يمس ناديه، لكنني غيرته لأن تجاوب القارئ الواعي والإعلام الرزين كشف لي بعد نشر المقال الأول أن خصوصية المعلومات الشخصية لدينا منتهكة انتهاكا صارخا وغير مقبول إطلاقا، بل أن هذه الخصوصية مهملة تماما، فهذا معلق على المقال يقول إنه عندما طلب تأجيل زواجه بسبب مرض والدته ذهب والد الخطيبة إلى المستشفى وحصل على تفاصيل حالة والدته الصحية وأخبره أن حالة والدته لا تستدعي تأجيل الزواج، وهذا مواطن آخر يشتكي من أن شركات التقسيط ومؤسسات الإقراض تستفسر بطريقتها الخاصة من البنك فيكشف لها رصيد المتقدم ووضعه المالي دون إذنه وآخر يقول إنه من رقم لوحة سيارته استطاع أحد المزعجين أن يعرف رقم هاتفه وعنوان منزله ويتسبب في إزعاجه حتى الآن.
ثم طرحت «سبق» تحقيقا على خلفية مقال (خالد عزيز) فأوضح علماء شرع وقضاة ومحامون وحقوق الإنسان شدة حرمة الانتهاك وهذا البرنامج الشهير في أم بي سي أف أم الذي يقدمه الزميل داوود الشريان يطرح الموضوع للمناقشة أول أمس فيكشف عن حال لا تسر فعيادات التجميل والجلدية تسرب أرقام هواتف النساء وملامحهن بعد وقبل عمليات التجميل لشباب يشترونها بثمن بخس ريالات معدودة لابتزاز الفتيات وتهديد المتزوجات بوصفهن لأزواجهن، وهذا متصل أزعجه رقم هاتف وأصبح يرسل له لقطات فيديو للابتزاز بعد أن حصل على جواله بسهولة ولم يترك جهة دنيا ولا عليا إلا واشتكى لها ولم يكف عنه الأذى ومتصل ثالث يقول إن والد خطيبته عرف تفاصيل مستواه الدراسي وسجله الأكاديمي من جامعته دون إذنه، ثم تطرق المختصون في مجال تقنية المعلومات أن المعلومة متاحة بسهولة وأن الأنظمة نحو التعاطي مع تسريبها مسنونة وموجودة ولكن العقوبات لا تطبق إطلاقا والخصوصية الشخصية غير محمية مطلقا.
وما دام الأمر كذلك فإنني أكرر اعتذاري لوالد اللاعب خالد عزيز وأقول يا أبا خالد لا تسامحنا بل عليك أن تشتكي وتطالب بحقوقك وعلينا في مجتمعنا أن نسعى في نشر ثقافة الشكوى والمطالبة بحماية الخصوصية الشخصية فالوضع بعد ما قرأنا من تعليقات وما سمعنا في برنامج الثانية مع داوود يوحي بأن الأمر خطير جدا ويحتاج إلى المطالبة لا المسامحة.

قالوا وقلنا

** قال الشيخ العبيكان: أناشد ولاة الأمر إيقاف نظام ساهر وإعادة هيكلته.
* قلنا: بالعكس محتاجين ساهر للحد من سرعة الفتاوى والتصريحات.
**
** قالوا: محمد نور على رأس قائمة المرشحين لأفضل لاعب أسيوي وريكارد يستبعده من المنتخب بحجة أن عمره كبير.
* قلنا: لأن عمره كبير، والا فيه تدخل أحد؟!
**
** قال وكيل أمين سابق لجدة مخاطبا المحكمة: قضيتي لا تخصكم.
* قلنا: بس قضية اللي أغرقتهم تخصنا!!
**
** قالوا: خطأ طبي يقتل امرأتين ويحيل 16 طبيبا وممرضة للتحقيق!!
* قلنا: توأمة غياب المحاسبة والتبرير جعلت الخطأ الواحد يقتل اثنين!!
**
** قالوا: مسنة في العقد السادس تشكو تعرض ابنها للضرب المبرح والتعذيب في دار الملاحظة الاجتماعية بحائل، ومدير العلاقات والإعلام بوزارة الشؤون الاجتماعية يعترف بورود عدة شكاوى ويقول «تألمت جدا لما حصل».
* قلنا: وغيره عساه ما تألم بعد؟!! شكلكم تتألمون من النشر!!
**
** قالوا: عامل يمني يتلذذ بشرب زيوت المحركات ويتناول ثلاث علب يوميا.
* قلنا: من زمان نقول لكم الزيوت مغشوشة وما تصدقون!!
**
** قالوا: المياه المعبأة تدخل لائحة (ارتفاع الأسعار)!!
* قلنا: قاطعوها تحت شعار خلوها تثلج!!
**
** قالوا: ارتفاع أسعار الإبل يجدد الجدل حول رفع قيمة دية الميت!!
* قلنا: والإنسان الحي متى نرفع قيمته؟!
**
** قال وكيل وزارة التعليم العالي: من لا تنطبق عليه شروط الابتعاث الخارجي لا يراجعنا.
* قلنا: إلا بواسطته معه!!

لووا عنق الحقيقة وأقامه السديس

ليس من الذكاء الإعلامي ولا من المهنية الإعلامية لي أعناق الحقائق والتحايل على كل تصريح أو أمر أو توجيه لتوظيفه لخدمة توجه خاص لفئة معينة أو هدف أحادي أو فكر توحدي لأن هذا التحايل الرخيص ينم عن ضعف الحيلة والانهزام والتشبث بكل قشة مما يعتقد أنه قابل لسوء الفهم وادعاء فهمه على غير مقصده واستخدامه للإساءة للطرف الآخر بتخصيص ما هو عام واختزال ما هو شامل وتضييق ماهو واسع، وهذا ما حدث تحديدا مع ما صدر عن أهمية التمشي بما جاءت به الشريعة وأكدته الأنظمة والتعليمات، وكفالة حقوق الأفراد وحرياتهم وعدم اتخاذ أي إجراء يمس تلك الحقوق والحريات إلا في الحدود المقررة شرعا ونظاما وهو التشديد الصادر من وزارة الداخلية أيدها الله ووفق القائمين عليها، وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية لتحقيق مساعيهم الزاخرة بكل ما فيه خير هذا الوطن ومواطنيه ومن يقيم في أرضه ومن يزورها، فذلك التوجيه الكريم الشامل رغم دقة صياغته وتركيزه على الحدود المقررة شرعا وهو الأمر الذي ينم عن حكمة وحرص وتأكيد على ضرورة كفالة حقوق الأفراد وحرياتهم بما يتمشى مع شرع الله الذي اتخذته هذه البلاد تشريعا ودستور حياة، إلا أن إحدى القنوات الفضائية الإخبارية دأبت على استضافة من يعمد إلى التعليق على الخبر دون مهنية ولا حيادية بلي عنق الحقيقة المستقيم ومحاولة حجب شمس التوجيه بمنخل الفكر الأحادي وترك كل شمولية الأمر وسعة أفقه وبعد النظر فيه ليقول إنه موجه لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حماية لحقوق وحريات مرتادي الأسواق!!، عجبي كيف أن توجيها شدد وركز على التمشي بما جاءت به الشريعة وكرر ذلك وصدر من وزارة يقوم عليها رجل عرف بمواقفه الراسخة المؤمنة بأهمية شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذبه عنها في أكثر من مناسبة بكل ما أوتي نايف بن عبدالعزيز من قوة وحكمة ووضوح، ثم يأتي من يغالط الحقائق دون أن يستحي من وضوح الحق، والعيب يشمل القناة التي استضافته في رابعة نهارها وكأنه لا ينطق العربية في هذا البلد إلا ذلك الولد!!.
تلك المغالطة (في ظني) هي التي جعلت فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام يخصص خطبة الجمعة الماضية لإيضاح الحقيقة جلية واضحة ناصعة البياض نبيلة المقاصد حسنة الظن في هذا البلد الأمين الملتزم بالشرع الحكيم. أمد الله في عمر الشيخ ونفع بحجته وبيانه وفصاحة لسانه.

القرش وسمكة المكرونة

بعض الأمثلة التي تبدو صغيرة تعكس واقعا كبيرا لا يستهان به، وتجعل التساؤلات محيرة للغاية، فمثلا في الوقت الذي تدعي فيه جهات حكومية عدم وجود سند نظامي يخولها لسحب بضاعة مخالفة من تاجر كبير (هامور)، أو قل (قرش كبير) دون عرضه على لجنة مختصة تتيح للتاجر فرصة المشاركة والدفاع عن نفسه بنفسه، أو من يوكله، ثم تسجيل محضر بذلك، يشتمل على شهادة المبلغ، ومن ضبطوا المخالفة، فإن نفس الجهة أو جهة حكومية أخرى تداهم بضاعة امرأة عجوز تتاجر فيما ينفع ولا يضر (طواقي ، ثياب ، أقمشة ، شرابات) وتصادرها عيني عينك، وأمام الملأ دون إتاحة أدنى فرصة لها في التعبير ناهيك عن الدفاع عن نفسها، أو حتى السؤال إلى أين تذهب البضاعة.
نفس الشيء يحدث من الجهات التي تتعقب الألعاب النارية، وتلاحق بائعاتها في الأسواق، وعلى الأرصفة فإن ذات الجهة تعرف جيدا المستودعات الضخمة، والمورد الرئيس والموزع الحصري، لكنها تغض الطرف عنه و(تستقوي) على امرأة تحيط بضاعتها من (الشروخة) بعدد من الأطفال والرضع على فخذها الأيمن واحد وعلى الأيسر واحد وفي حجرها ثالث والرابع واقف يترقب، (لي في تحيزكم شهود أربع) وقد لاحظت في صور إتلاف الألعاب النارية أنها كانت من النوع المفرد، لا توجد بينها كراتين جملة.
هذه الأمثلة التي تبدو صغيرة هي ليست كذلك، هي ليست صغيرة، لكنها تعكس واقعا أكبر وأخطر من الازدواجية والكيل بمكيالين، وتتيح الفرصة لتنامي شعور عام بأن أسنان القرش الحادة وزعانفه الضاربة وأشواكه النافذة تجعله في مأمن عن اللمس والاصطياد، بل ومجرد الاقتراب فإذا ما طرح سؤال صحفي أو عفوي عن سبب عدم الاقتراب منه. جاء التبرير بعدم وجود مسوغ نظامي، والحاجة إلى أمر وتصريح وقرارات لجان، وربما حكم قضائي فإذا ما خرج ذات الصحفي أو صاحب السؤال العفوي إلى الشارع وشاهد ذات الجهة تتفنن في اصطياد (سمك المكرونة) المسالم عرف أن الأمر لا يتعلق بنظام أو لجنة أو حكم قضائي، وبدأ بالتفكير (والمعاذ بالله) بفارق الفصيلة بين القرش وسمكة المكرونة.

لا سرير ..لا ثلاجة

المؤكد أن صحيفة (عكاظ) نبهت ومنذ 20 رمضان الماضي، أن ثمة أزمة استيعاب في ثلاجات مستشفيات منطقة جازان، وقالت إن خمسة عشرة جثة مكدسة في ثلاجة ليس بها غير ستة أدراج، وإن جثة مقيم أفريقي مات دهسا رفضتها كل الثلاجات في المنطقة، ووضعت في غرفة عادية أمام مكيف!!، وصحيفة (سبق) هي الأخرى نبهت إلى أزمة (الموتى) الذين لم يجدوا ثلاجة بعد الممات، مثلما أنهم لم يجدوا سريرا في الحياة!!، والمؤكد أيضا أن تصرف مدير الشؤون الصحية في منطقة جازان (الذي تم استبداله) الدكتور محسن طبيقي باستئجار ثلاجات خضار، تصرف يستحق عليه الشكر والبقاء، فهو تصرف إداري مسؤول خصوصا إذا كان قد طلب من وزارة الصحة توسعة لاستيعاب الثلاجات وألح في الطلب ولم يجد التجاوب، وهو بكل تأكيد تصرف أفضل وأكثر حكمة وأقل استفزازا من البيان الصحفي الصادر من المدير الجديد لذات الشؤون الصحية والذي يقول «إننا ننتظر صدور أوامر الدفن من الجهات المودعة»، وهو يعلم أن هذا الحل في يد أطراف أخرى، ولو كان ليتحقق لتحقق منذ سنتين، و الإداري الناجح لا يراهن على الحلول التي ليست بيده، وإنما يسعى لحلوله الخاصة حتى يأتي الفرج، وعلى ما يبدو فإن المدير الجديد يريد تحميل الأزمة على أطراف أخرى عوضا عن حلها، بل إنه رفض تبرع جهة خيرية ببناء ثلاجة في جازان بقوله لو أضيف أكثر من 1000 درج فسوف تمتليء خلال شهر، وهذا غير صحيح بدليل اعترافه بأن البرادات المستأجرة حلت المشكلة فكيف ببناء ثلاجة جديدة؟!!
ما حدث للمدير القديم يمكن أن يدفع أي مدير آخر إلى الاكتفاء بالمطالبة تلو المطالبة دون أن يجتهد من أجل الوصول إلى حل خوفا من أن يصيبه ما أصاب مدير صحة جازان.

هل من معتبر؟!

كانت العجوز تجلس على سجادة صغيرة تأكل وتشرب وتصلي عليها ولم يكن أحد (رغم قوة الاستخبارات وذكاء أجهزة الأمن وتكرار دخولهم عليها) يدرك سر بقائها بهذه الصورة أكثر من عشرين سنة، بعدها أتى الفرج وزال الخطر فتحركت من على سجادتها ورفعتها فأماطت اللثام عن غطاء أسمنتي صغير يؤدي إلى حفرة سرية خبأت فيها ولديها أكثر من عشرين سنة ترمي لهما بالطعام وترفض خروجهما من الحفرة!!.
لو أن هذه القصة رويت بعد القبض على صدام حسين في حفرة مشابهة وتحت غطاء أسمنتي مشابه، لكنا قلنا أنها فبركة من المعارضة ورواية مختلقة من نسج خيال واعظ، لكن العجوز صورها الإعلام وبث حوارا معها وصور السجادة والحفرة والغطاء قبل عدة أشهر من القبض على صدام حسين في الحفرة المشابهة وتحت الغطاء المشابه، والفرق الوحيد أنه مكث مدة أقل بكثير بمقياس الزمن (أربعة أشهر فقط) لكنها بالنسبة لزعيم عاش مرفها ومن قصر إلى قصر ومن حديقة إلى نهر أثقل من أربعين سنة مما تعد تلك العجوز وولديها الذين عاشوا فقراء، وواضح أنها استجابة لدعوة مظلوم.
لم يعتبر معمر القذافي بتلك القصة ولا بنهاية ظلم وجبروت صدام على شعبه رغم أنه كان يحذر القادة العرب من شنق مشابه في خطبته الشهيرة التي تكررها القنوات حاليا فقد عميت عيناه وغفل قلبه عن العبرة بظلم الشعب واعتبر فقط بخيانة الغرب!!، فاستمر في ظلمه ونعت شعبه بالجرذان وها هو يطارد كالجرذ من جحر إلى جحر، وها هو حسني مبارك يتنازل عن كل ما امتلك دون وجه حق مقابل عدم محاكمته ويشاء الله أن تجمعه بولديه، اللذين ورثهما ثروة طائلة وكاد أن يورثهما السلطة، زنزانة واحدة وهو ممدد وهما قائمان وجميعهم يردون على منادي المحكمة (أفندم) بعد أن كانت تقال لهم.
هذه المواقف والعبر تزيد المؤمن إيمانا بأن الله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل وتجعلني أتوقع أن ذلك الذي أمر جنوده بأن يعذبوا الناس ويجبروهم على قول (لا إله إلا بشار) ستكون نهايته نهاية من قال (أنا ربكم الأعلى) وقد (والله أعلم) يموت غرقا ففي الشام فرعون وفي اللاذقية بحر!!، وقد يكون الانتقام أكبر، ولله فيما يفعل حكمة، ولكن السؤال هو لماذا تتكرر الإنذارات والعبر ولا نجد من معتبر؟!.