اليوم: 7 سبتمبر، 2011

وزراء العجب

أعجب لبعض وزرائنا كيف تزدوج عندهم المعايير في التعاطي مع دور الإعلام، فمن الواضح أن توجههم قبل المنصب وأثناء ممارسة مهام المنصب وأحيانا بعد الإعفاء يؤكد قناعتهم بأهمية الإعلام السعودي تحديدا وتأثيره في سير دفة المجتمع ومحاولة كسب وده إلى درجة أن الواحد منهم يتقرب لوسائل الإعلام ويقرب المراسل الصحفي ويحاول كسب رضا ابن خال ولد جيران رئيس تحرير، إلا أنهم في الوقت ذاته وعندما يتعلق الأمر بالقضايا السلبية المطروحة أو حتى التساؤلات المنطقية التي تنبع من المواطن وإجابتها تعود إليه فإنهم يمارسون استفزازا وخلق جفاء مع الإعلام إلى درجة أن الواحد منهم يتجاهل قضايا جوهرية أثيرت في أكثر من وسيلة إعلامية، وأسئلة طرحتها وسائل الإعلام ولم تجد الإجابة، ولابد أنها سوف تطرح عليهم يوما ما مثلما طرحت على غيرهم، ومن الأفضل أن تكون إجابتها اليوم بدلا من العودة إلى ملفات قديمة وتبادل التهم وترديد عبارة (مسؤول سابق وأسبق وقبل الأسبق).
هذه الازدواجية في التعاطي مع دور الإعلام (الشعور بأهميته القصوى عند محاولة استغلاله وتجاهله عندما ينتقد ويسأل) لا يمكن تفسيرها إلا بأحد سببين: الأول يشرحه مثل شعبي قديم يقول ناصحا: (ادفن البير يقل ورده واحفر البير يكثر ورده)، ومعناه أنك حين تدفن بئر الماء لايرد عليه أحد وحين تحفره ويكثر ماؤه يكثر من يرد عليه من الناس فيشتهر، وهم بتطبيق هذا المثل يدفنون الخبر أو السؤال أو النقد بعدم التعليق والرد حتى يموت، وهنا على الإعلام أن يمارس أسلوب النفس الطويل بتكرار الطرق والإلحاح في النقد. أما السبب الثاني فهو لأن البعض من شدة شعوره بخطر الإعلام وأهميته فإنه إذا أقبل عليه الإعلام مصارحا وناصحا دس رأسه في الرمل، وهذا مصيره أن يفترس، فعدم رؤية الخطر لا يعني أنه غير موجود.
الأعجب من الوزراء هي وسائل الإعلام نفسها، فلماذا لا تدرك أنها مأكولة مجحودة مثل الخشبة التي يأكلها المنشار ذهابا وإيابا فتمارس دورا أكثر مهنية فتكف عن التلميع وتكثف من النقد.