لم أكن قط في حاجة إلى إثبات ما كنت أطرحه من نقد ولفت نظر لما أثبتته لي التجربة والممارسة والمتابعة عن قرب لواقع الصحة في وطننا وأسباب ما يعتريها من خلل، لكن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أثبتت مشكورة كل ما كنت أطرحه عن أوجه القصور وأسبابها وعلاقتها بالتعصب لممتهن واحد هو الطبيب وإيكال الأمر لغير أهله، أثبتته الهيئة عبر كشفها لأسرار كراسي الغسيل الكلوي حسب ما نشرته «عكاظ» أمس السبت بعنوان (نزاهة تكشف سر كراسي الغسيل الكلوي للصحة.. المقاعد مخالفة للمواصفات والشركة مملوكة لمسؤول سابق)، من حالة تحقيق واحدة حول الكراسي أثبتت هيئة مكافحة الفساد عدة أسباب للخلل من تلك التي كنت أدعيها وأركز عليها سواء عبر هذه الزاوية أو من خلال الحوارات المتلفزة.
دعونا نبدأ من الأهم وهو أن تحليل عروض المنافسة حول عينة مما تم توريده من الكراسي أوكلته الوزارة لأحد الأطباء وهو ما اعتبره تقرير الهيئة ينطوي على عدم الحيدة، خاصة أن الطبيب قد انتهى إلى ملاءمة العينة الموردة من الكراسي مخالفا كل ما ظهر من ملاحظات على الكراسي(انتهى)، وإيكال أمر تقييم كراسي الغسيل لطبيب يندرج ضمن ما ذكرته أكثر من مرة من تعصب الأطباء لبعضهم وعدم ثقتهم في غيرهم وانفرادهم بكل القرارات حتى التي لا تخصهم ولا يفقهون فيها وللمعلومية فإن ثمة قسما متخصصا في الأجهزة الطبية يعمل به مهندسون مؤهلون وخبراء في هذه الأجهزة كما أن من يعمل على الجهاز من الفنيين أدرى من الطبيب فأين رأيهم ومشورتهم وتحليلهم وتقييمهم ولماذا قصر على رأي طبيب قاصر في هذا المجال؟!.
الأمر الثاني هو تعمد الترسية على مؤسسة مملوكة لمسؤول سابق في وزارة الصحة، وهذا سبق أن حذرت منه كثيرا وقلت إن إدارة الصحة يجب أن توكل لمتخصص إداري وأن إيكالها لممتهن مثل الطبيب تجعله يجهز أرضية للمتاجرة في هذه المهنة والاستفادة من النفوذ الإداري لخدمة التخصص، وهذا ما يفسر الترسية على مسؤول سابق ويفسر التساهل حتى مع المستشفيات الخاصة.
وقد يكون لنا عودة لمزيد من تحليل أسباب ما حدث لنسهم مع الهيئة والوطن أجمع في الإصلاح ما استطعنا.
اليوم: 12 أغسطس، 2012