الشهر: فيفري 2014

التجاوب ينخفض

ليس من المصلحة أن ترتفع حدة أصوات الصراخ ولا تجد رجع صدى، فالصوت مثل المادة لا تفنى ولا تستحدث!!، فالصوت لا يستحدث لأنه يحدث من أصل معاناة، وهو لا يفنى لأنه موجات تستمر في التضخم حتى تصطدم بجدار صلب صخري، فتعود كرجع صدى حتى يمتص بملامسته لسطح لين هين مرن يتمثل في تجاوب فعال.

هذه ليست فلسفة أو تلاعبا بالألفاظ، بل هي استعارة للفيزياء في تصوير (السيكيولوجيا)، أو الحالة النفسية لصاحب الشكوى التي تبحث عن من يتجاوب معها.

بفعل تزايد قنوات الإعلام وسرعة انتشار آليات التواصل الاجتماعي ومواقعه، فإن الشكوى أصبحت تجد أكثر من وسيلة تنشرها، وأكثر من قناة تنقلها، وأكثر من تقنية توصلها وتكرر إيصالها، حتى تحولت الشكوى إلى صراخ. وفي المقابل، فإن التجاوب من بعض المسؤولين مع الشكوى وصل أدنى مستوياته وأضيق حدوده وأقل نسب حدوثه.

من حيث المستوى، فإن أمر الرد على الشكوى أصبح يتولاه موظف صغير في مسؤولياته وقدرته على الوفاء بما يعد، وهو في الغالب مسؤول علاقات عامة أو ناطق رسمي!!، بينما في السابق يتولى الوزير شخصيا الرد على شكوى الناس، ويعد شخصيا بالتفاعل السريع معها، وكان غالبا يفي بوعده (غازي القصيبي ــ رحمه الله ــ أحد أشهر من جسد هذا المستوى من التجاوب مع الإعلام).

ومن حيث الحدود، فقد ضاقت كثيرا، فحتى مسؤول العلاقات أو الناطق الرسمي أصبح لا ينطق كثيرا في ما يخص شكوى الناس، ولا يتوقف أبدا عن النطق في ما يخص التلميع.

ومن حيث نسبة الحدوث، فقد انخفضت كثيرا جدا، ولك في الصحف عبرة، فقد كانت ردود الجهات الحكومية تنهال تلقائيا وتخصص لها أكثر من صفحتين يوميا وبعدة مسميات بالرغم من أن الرد يذيل بعبارة (على أن ينشر في نفس مكان الشكوى)، واليوم ــ بالكاد ــ تجد ردا من مسؤول وبعد إلحاح مراسل!!.

ارتفاع الصراخ وانخفاض درجة ومستوى التجاوب ليس مؤشرا جيدا، ويجب تصحيح المؤشر وبسرعة.

حالة خطيرة

يسعد الناس حينما تنتقد تقصير جهة حكومية نحوهم وعندما تطالب بعدالة تقديم الخدمة للجميع ويجمعون على تأييدك، لكن الأمر في الرياضة يختلف، فلا يحدث الإجماع لأن ثمة مستفيدا وخاسرا، ونحن ــ ككتاب رأي ــ نهدف للمطالبة بأن تكون المِلكية الحكومية العامة متاحة للجميع دون تحكم أهواء المناط به تشغيل هذا الملك العام، سواء كان حديقة أو مدرسة أو مستشفى أو إسكانا عاما، هكذا نحن، وعلى من يتقبلنا هنا أن يقبل رأينا هناك.

شئنا أم أبينا، فإن الشأن الرياضي هو الأكثر تأثيرا في شريحة كبرى من الناس، وزلاته وتجاوزاته واستغلال الصلاحيات فيه تؤثر في نفسيات غالبية المجتمع وتشعرهم بعدم إنصاف كان بالإمكان تلافيه، وأعتقد أن ما حدث ويحدث من استغلال مخرج أو مصور أو حتى مقدم برنامج لنفوذه بتسخير برنامج أو نقل مباراة في القناة الرياضية السعودية لصالح فريق دون آخر، ووفقا لميوله وأهوائه ومن يحب أو يكره، أمر خطير وتكمن خطورته في أنه عبث في شأن جماهيري مرغوب!!.

حرمان الرياضة السعودية خاصة، وجمهور الدول العربية والعالم أجمع من المشاهد الرائعة والحضور الكثيف وتفاعل جمهور فريق النصر طوال مباراتهم الأخيرة مع ممثل محافظة سدير نادي الفيصلي، هو حرمان من تسخير إمكانات كاميرات القناة وتقنياتها التي أعلن أنه صرف عليها مئات الملايين لنقل صورة مشرفة للعالم نحن في أمس الحاجة لها، ونحن من دعا الجمهور لرد اعتبار الحضور الجماهيري والعودة للمدرجات، وهو حرمان لمبدعين من نقل إبداعهم بقناة وطنهم، لماذا؟! لأن مخرجا لا يروقه ما يفعلون، وهو حرمان للدوري السعودي من إطلاع العالم أجمع على جماهيريته وقوته ورقي جماهير الكرة السعودية التي شاء الله أن يمثلها جمهور النصر هذا الموسم.

صحيح أن مخرج المباراة أجبره دخول اللاعبين على نقل جمالية (تيفو) الواجهة بلمحة سريعة وغض طرف كاميراته عن (التيفو) الجانبي، لكنه تجاهل أيضا حركات أمواج منظمة وحركات فرح رائعة وهتافات راقية (غير عنصرية) كان من حق من قام بها أن يفرح بنقل قناة الوطن لها، خصوصا أن المعلق كان يستجدي ذلك!!.

الأمر مرتبط بفعل له أثر كبير على نفسيات الناس وجدير بأن يتدخل فيه رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون شخصيا، خصوصا أنه تم بذل جهود كبيرة والتضحية بمليارات ليكون نقل المباريات حصريا لقناة الوطن لتتاح المشاهدة مجانا للجمهور كهدية وطنية قيمة، وهو ما أشدنا به كثيرا، ونجحت الهيئة وبتميز في الأصعب وهو الحيلولة دون احتكار قنوات تجارية للنقل التلفزيوني، وبقي الأسهل وهو الحيلولة دون احتكار التحكم في توجيه الكاميرات باهظة الثمن.

لا تزايدوا على روح فتاة الجامعة

لن تقوم لنا قائمة ولن نشخص أخطاءنا ونعالج القصور ونحن نستغل إهدار الأرواح في تمرير أجندات هذا وذاك والابتعاد عن الأسباب الحقيقية للإخفاق إلى الأسباب التي تريدها أهواؤنا.

في حادثة وفاة طالبة الماجستير آمنة باوزير يصر بيان جامعة الملك سعود على أن الجامعة ليست مسؤولة عن الوفاة مع أن الجامعة تتحمل كامل المسؤولية في جوانب لم يتطرق لها بيان الجامعة (سوف نأتي على ذكرها) ولأنها تدرك حقيقة إخفاقها فقد ركزت على نفي منع دخول المسعفين ولم تعترف بما هو أهم مع أنها كصرح أكاديمي تملك مستشفيات تدرك الحقيقة وتدرك أيضا أن الاعتراف يذهب الاقتراف، لكنها مثل أية جهة بيروقراطية تصر على أن اعتراف الناطق الرسمي في حد ذاته اقتراف!!.

على الجانب الآخر تلقفت وسائل الإعلام العالمية المغرضة والمتربصة خبر منع دخول رجال الإسعاف على أنه حقيقة واقعة وسلوك مقبول في المملكة مع أن التعليمات والتعاميم الرسمية ترفضه والمنطق ينكره، إذ أن رجال الهلال الأحمر بما لديهم من صلاحيات وتوجيهات سابقة يمكنهم الدخول دون انتظار إذن حراسات أمنية تابعة لمؤسسات أو شركات أو حتى لجهة مدنية كإدارة الجامعة فلا مجال للإذعان للمنع من أداء الواجب وقد يكون التأخير ناجما عن معرفة أقرب المداخل لموقع الحادث!!، وللأسف فإن هذا التلقف لخبر المنع ينحاز له بعض المتصيدين فيركزون عليه دون غيره لحاجة في أنفسهم لا تليق بالموقف وضرورة أن ننحاز للأسباب الحقيقية ونشخصها ونعالجها.

القصور الحقيقي الذي أدى للوفاة ولم يتطرق له أحد وتجاهله بيان الجامعة هو ضياع الدقائق الذهبية الأربع دون تدخل أي أستاذة أو إدارية أو طالبة مدربة على إنعاش القلب والرئة للضغط على صدر الضحية عدة مرات وإعادة قلبها للنبض بل يبدو أن الممرضات والطبيبة تأخرن أو لم يكن مدربات على هذه الخطوة الأساسية في كل موقع يحتوي على عدد كبير من الناس، فكيف بجامعة بها آلاف الطالبات وتمتلك مستشفيات ومراكز تدريب ولم تفكر في تدريب طالباتها ومعلماتهن على إنعاش القلب؟!.

أبلغ ما سمعت في هذا الصدد قاله الدكتور سمير الحامد رئيس قسم الطوارئ بالشؤون الصحية للحرس الوطني لإذاعة (يو اف ام) حول الحادثة فقال: لا فائدة من وصول طبيبة ولا ممرضة إذا كانت غير مدربة على الإنعاش القلبي، ولو وجدت طالبة أو معلمة تدربت ولو على الأساسيات لكانت أهم آلف مرة (انتهى). وأضيف أن وجود تلك المرأة العادية المدربة أو حتى رجل حراسة مدرب على إنعاش القلب أهم من وصول وسرعة دخول الإسعاف لأن وصوله لن يكون في أول أربع دقائق ذهبية.

شريك في كارثة صحية!!

كارثة صحية جديدة شهدها شمال الرياض وشهدت عليها وغردت بها في حينه وجاء رد أحد منسوبي صحة الرياض بأن مفتشي الشؤون الصحية بالرياض توجهوا للموقع للتفتيش فور الاطلاع على التغريدة للتحقق مما حدث، والتجاوب جيد وأمر محمود لكن الأهم منه تغيير سياسة الوزارة لإنهاء الأسباب واجتثاث عروق المسببات.

تكمن (كوارثية) الحادثة فيما سآتي على ذكره بعد وصف ما حدث، وهو أن رجلا دون الخمسين من العمر جاء مع ابنه وزوجته إلى أحد المستوصفات الذي تعلوه لوحة كبيرة (إيهامية) تشير إلى عيادات تخصصية، وكان الرجل يشكو من شعور بالبرد وتعرق وبدأ وجهه يشحب وشفتاه في التحول للون الأزرق (أي طالب كلية صحية يعرف أنها نذر توقف قلب) ولم يتعامل معه طبيب المستوصف بما يشير إلى علم وتخصص فوقع أرضا وأغمي عليه ونظرا لارتباك الطبيب وعدم توفر اسطوانة أكسجين في العيادة فقد بحث عنها في عيادة أخرى فضاع الوقت وبدأ الابن والزوجة المطالبة بنقله بسيارة إسعاف المستوصف لمستشفى خاص كبير وقريب جدا، إلا أن سيارات الإسعاف الثلاث الواقفة أمام المستوصف كانت معطلة ومجرد ديكور لإرضاء مفتشي الصحة والسائق غير موجود (هذا احتيال معتاد تعرفه الوزارة ونعرفه وتعرفه فرق التفتيش).

لم يكن في فريق المستوصف فرد واحد مدرب على إنعاش القلب والرئة (أحد أهم عناصر تصنيف وترخيص هيئة التخصصات الصحية للممارسين الصحيين لكن يتم التحايل عليه بإرفاق سند دفع رسوم التدريب كإثبات ولا تطلب الشهادة وهذا تخلف تسأل عنه الهيئة!!).

الابن والزوجة صعقهما مشهد قريبهما مسجى في منشأة طبية دون مساعدة ولا تدخل طبي فطالبا بالاتصال بالهلال الأحمر لإنقاذه وهنا ما أشرت إليه بأنه كارثة!!، فالطبيب بدلا من طلب مساعدة الهلال الأحمر يتصل بالمرعب المالك (الكفيل) لإشعاره بما حدث في ملكه واستئذانه لمخاطبة الهلال الأحمر والمالك لا يرد فيلجأ الحضور للاتصال بالإسعاف ليصل وقد انتقل الضحية إلى الرحمن الرحيم وزوجته تنظر إليه وتصرخ (كان سليما وأفطرنا معا!!)وابنه ينظر للوحة المستوصف التي خدعته وغدرته في والده!!.

إذا كان مهني مثل الطبيب لا يجرؤ على القيام بمهامه الإنسانية خوفا من المالك والمالك لا يرى هيبة للوزارة (الرقيب) والمنشأة الطبية المرخصة لا تستطيع التعامل مع حالة هبوط دورة دموية وسيارات إسعافها معطلة، وتنتظر توجيهات المالك في كل خطوة، فإن لوحات المستشفيات الخاصة مجرد وهم وسراب، فكيف يكون القطاع الخاص شريكا للوزارة في تقديم الرعاية الصحية كما تدعي إلا إذا كان المقصود بالشراكة شراكة في ملكية المستوصف أو شراكة في الكارثة!!.

قبل مقاضاة العنصري لا تـقبل يـده !!

حسب قناة العربية منذ يومين فإن امرأة سعودية تعمل كابتن طيار رفعت قضية في المحاكم السعودية ضد فتاة عنصرية وصفتها بلفظ عنصري مسيء وكلنا عبيد لله إلا أنها كانت تشير إلى لون بشرتها بعنصرية ممقوتة، وأن المرأة من شدة استيائها من تلك العنصرية شرعت في (تويتر) بعمل وسم (هاشتاق) مناهض للعنصرية ومثل هذه السلوكيات المشينة.

المقاضاة في هذه الحالات أمر مطلوب ويجب دعمه وأرجو أن لا يأتي من يريد دس رأسه في الرمل فيقول إن إثارة هذا الشأن في (تويتر ) أو الكتابة عنه مدعاة لترويجه أكثر أو لفت النظر له أكثر، فالموضوع أصبح يشكل هاجسا اجتماعيا بل إن بعض برامج إذاعات (إف إم) ومنها قناة (يو اف إم) تلقفت الخبر على الفور وعملت عنه برامج وحوارات واستفتاءات واستقبلت الاتصالات حوله، ولابد من أن فتيات وشبانا يعانون من تلك النعوت المسيئة في مدارسهم وجامعاتهم ويكفي أن قناة (العربية) بثته للعالم وموقع (العربية نت) لازال يعرض الخبر فأعتقد أن إصدار حكم رادع ونشر روح المقاضاة في هذه الأمور المشينة يحمي المجتمع من شرورها أكثر من تجنب ذكرها..

الأهم من شيوع وتشجيع ثقافة المقاضاة في هذه القضايا المذلة، التي تقسم المجتمعات إلى قوي وضعيف وعلية قوم وأدناهم وسيد وعبد، هو أن يعمل الناس أنفسهم على عدم قبول الخنوع لبعضهم البعض لا بالقول ولا بالعمل، و (ينعتقون) من بعض صفات المجاملة أو التذلل لغير الله سبحانه وتعالى.

يكفينا فخرا أن ولي الأمر نفسه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله منع تقبيل اليد منذ أول يوم تولى فيه الحكم في رسالة حكيمة وإشارة تربوية واضحة لا تحتاج إلى شرح.

قالوا وقلنا

** قالت (عكاظ): مياه المجاري تداهم مستشفى صبيا وإخلاء مؤقت للمرضى.

* قلنا: من أمن عقوبة مياه المطر أساء بمياه المجاري!!.

**

** قال رئيس هيئة الأمر بالمعروف لصحيفة (مكة): نطور عملنا الإداري بـ(التدوير) السنوي.

* قلنا: (وش تدورون بالضبط؟!!).

**

** قالت دراسة علمية: عصير الرمان يذيب الشحوم.

* قلنا: وتراكم الشحوم يذبل الرمان!!.

**

** قال برازيلي النصر إلتون: جمهور الشمس لم أشاهد مثله في البرازيل!!.

* قلنا: وهم لم يشاهدوا مهاجما يضيع الفرص مثلك في حواري الشميسي!!.

**

** قالت (الوطن): مواطن يتعرض للضرب والنهب في المغرب والسفارة تعالج القضية.

* قلنا: وتعتبرون سرعة تسفيره علاجا؟! ضربوه ونهبوه في المغرب ورجعتوه (بين عشوين)!!.

**

** قالت (عكاظ): اتهام أكاديمي باستلام جهاز جوال رشوة.

* قلنا: (ومستلمه بدون شاحن!!).

**

** قالت (عكاظ): إيقاف أي زيادة في رسوم المدارس الأهلية!!.

* قلنا: بعد ما دفعنا وطارت المدارس بأرزاقها؟!!.

**

** قالت (الوطن): 300 ألف من أمانة الشرقية تنهي قضية الشاب (المصعوق)!!.

* قلنا: لكنها لا تنهي قضايا الصعق!!.

**

** وقالت أيضا: (نزاهة) تتوعد المتهاونين بتعبئة (استبيان الفساد)!!.

* قلنا: والمتهاونين بتعبئة (جيب الفاسد) من يتوعدهم؟!!.

**

** قالت (عكاظ): التحقيق مع خمسة قياديين تلقوا هدايا عينية.

* قلنا: (عينية.. يعني عيني عينك!!).

فرصتك يا المرور كأس الهلال ثم النصر

منذ بدأت الطفرة وبدأ كل شاب يمتلك سيارة (بعد أن كنا نذهب للمدرسة المتوسطة والثانوية على مرتبة سيكل)، ومنذ بدأ بعض الشباب المترفين يتطاولون في هياكل السيارات وماركاتها وسرعتها وعدد أسطوانات ماكينتها (6 و8 و12 سلندر)، ونحن في المملكة عامة، وفي العاصمة الرياض تحديدا، نعاني من حمى ليلة ما بعد مباريات (الديربي) بين النصر والهلال، خصوصا في النهائيات، فبمجرد فوز أحدهم بالكأس تتحول الشوارع إلى فوضى مرورية، وتبدأ أخبار الوفيات من حالات الدهس داخل الحارات والأزقة، ويستنفر المرور منذ كانت إمكانياته محدودة ويحاول جاهدا تخفيف النتائج الكوارثية.

السرعة وتعليق (البواري) والتفحيط وإثارة الغبار والأتربة لم تكن حكرا على شارع التخصصي أو التحلية كما هي الآن، بل كانت تحدث داخل حارات الديرة والحلة وثليم ومعكال والجرادية والمرقب والعود وشارع الخزان والشميسي، فكان يذهب ضحيتها شيخ عجوز يعبر من المسجد لمنزله بعد صلاة المغرب (كانت المباريات تقام عصرا)، أو عجوز اشترت للتو قوت عيالها من خبز تميس وفول، أو مجموعة أطفال يلعبون كعوبة أو (عظيم سرى).

منذ ذلك الوقت، ومباريات الهلال والنصر يعقبها كوارث وفوضى مرورية، خصوصا عندما يفوز الهلال وكان فوزه أندر وأقل، وكان من لا تعنيهم كرة القدم يشعرون بالارتياح عند هزيمته لتهدأ الرياض، ورغم تساوي الجماهير في مدرجات ملعب الصايغ أو الملز منذ ذلك الحين (لا تزال الصور موجودة)، إلا أن الإعلام الرياضي المتعصب كان يعترف بالفوضى ويعتبرها دلالة تفوق جماهير الهلال، بينما كان الصوت الإعلامي الوحيد رئيس النصر عبدالرحمن بن سعود ــ رحمه الله ــ يعزو الهدوء لرقي جماهير ناديه.

اليوم، تطور المرور وتطورت أدوات رصده ودورياته، ومع ذلك تحدث الحوادث والوفيات والدهس!!، وكجانب توعوي ولإذكاء روح التنافس الإيجابي الذي بدأنا نلاحظه في جوانب الرقي والتنظيم، خصوصا التنظيم الدقيق لـ(التيفو)، فإنني أقترح على صديق الإعلاميين مدير عام المرور أن يسخر إحصائيات المرور ورصده المتطور ويعلن دون مجاملة أو تحفظ أو تحسس مقارنة بين نهائي كأس ولي العهد بين الفريقين، العام الماضي، الذي فاز به الهلال، وهذا العام، والذي فاز به النصر، من حيث عدد الحوادث والوفيات والمخالفات وحجم الفوضى المرورية لتكون هذه الأرقام سببا في التنافس الذي يريح المرور ويحفظ الأرواح مستقبلا، فلن يجد أي باحث إحصاء ومقارنات حالتين مشابهتين في كل شيء تتيح المقارنة العادلة مثل هاتين الحالتين المتساويتين في كل المتغيرات (عدد جماهير ونفس المكان ونفس البطولة وفارق عام واحد!!) ثم يكرر ذات الإعلان التحفيزي في كل ديربي في أي مدينة.. فهل يفعلها مرورنا المتطور؟!.

الرعاية الصيدلانية في خطر الأهواء

الأصل في الرعاية الصيدلانية الحديثة للمرضى هو التأكد من صحة الدواء الموصوف مقارنة بالحالة المرضية والتشخيص الذي حدده الطبيب، والتأكد من صحة الجرعة التي كتبها وتناسبها مع عمر ووزن المريض، وحالة أجهزة جسمه المسؤولة عن التخلص من الدواء، والتأكد من عدم وجود تعارض أو تفاعل بين الأدوية الموصوفة للمريض، أو تعارض بين أحد الأدوية ومرض آخر يعاني منه المريض هذا إلى جانب إعطاء شرح مفصل لكيفية تعاطي الدواء وأوقاته ومحظوراته.

هذه الرعاية الصيدلانية يقدمها الصيدلي المتخصص بعد أن أمضى حوالى ست سنوات في دراسة علم الصيدلة في كلية الصيدلة مع التدريب، وحصل على شهادة البكالوريوس في هذا التخصص الهام، وأكثر أوجه تقديم هذه الرعاية أهمية وحرجا وتعدادا هو مجال صرف الدواء للمريض سواء المنوم أو المراجع للعيادات الخارجية، حيث يقف الصيدلاني حائلا دون تضرر المريض من خطأ الطبيب (غير متخصص في الدواء) سواء في الوصف أو الجرعة أو الخلط بين أدوية متعارضة مع بعضها أو مع حالة المريض ويقدم الصيدلاني المعلومة الصحيحة لزميله الطبيب، ويتفقان على تعديل الجرعة أو نوع الدواء أو أوقات تعاطيه بما يخدم سلامة المريض، والحفاظ عليه من الضرر.

وصدقوني من واقع تجربة وخبرة أن العمل اليومي لصيادلة المستشفيات فقط يشهد إنقاذ عشرات الأرواح يوميا من أخطاء فادحة غير مقصودة طبعا.

منذ حوالى 50 سنة ونتيجة لوفرة عدد الصيادلة في الولايات المتحدة الأمريكية وأرجو وضع 50 خطا عن كل سنة تحت جملة (وفرة عدد الصيادلة) أرادت أمريكا استغلال وفرة الأعداد في فتح مجال رعاية صيدلاني أكثر قربا من الطبيب بإدخال صيدلاني متخصص في تخصص دوائي دقيق (أدوية القلب أو الضغط أو السكر أو المضادات الحيوية أو أدوية السرطان أو أدوية الأطفال.. إلخ) ضمن الفريق الطبي لرعاية المريض المنوم سريريا واسمته تخصص (صيدلة إكلينيكية) يفترض أن يلي الحصول على درجة البكالوريوس في العلوم الصيدلانية.

لكي لا أطيل فقد درس عدد من الصيادلة السعوديين هذا التخصص في أمريكا (حيث معقله) لكنهم عادوا لفرضه على دراسة الصيدلة في المملكة (حيث لا تكفي أعداد الصيادلة العامين حاملي البكالوريوس حاجة الوطن ولا بنسبة أقل من 10% وتحتاج المملكة لأكثر من 400 عام بنسب المخرجـات الحـالية لتغطية الحاجـة للصيدلي العام غير الإكلينيكي) وحاليا وبفعـل تولي بعض المتخصصين في الصيدلة الإكلينيكية لمناصب في كليات الصيدلة والمستشفيات فإنهم قد ضيقوا الواسع، ويريدون من كل الصيادلة المبتعثين أن يتحولوا إلى صيادلة إكلينيكيين وهذا أمر خطير جدا على الرعاية الصيدلانية في الوطن بتفريغ التخصص الأصلي وتحويله للفرع.

ليلة نصر عالمي بدروس وطنية!!

استغربت سابقا ممن لا يريد من كاتب شأن اجتماعي أن يكتب عن الرياضة وخاصة كرة القدم، مع أن هذه اللعبة تمثل عندنا قمة اللهو البريء والمتعة المباحة ونحن نفخر ونعتز بأن وطننا لا يحتضن إلا كل لهو مباح، أدام الله علينا عز المحافظة والتمسك بالدين والقيم.

البارحة الأولى وأثناء إقامة العرس الكروي الجميل كنت على متن طائرة قادمة من خارج الوطن، كان حديث غالبية الركاب عن النصر والهلال والنتيجة، لأن المباراة كانت تصعد والطائرة تهبط، وفي المطار كان الغالبية يتساءلون عن النتيجة، حتى ضابط الجوازات (فخر الوطن دوما) كان يضرب الختم على الجواز و صاحبه يخبره أن (أجنبي) النصر أضاع فرصة لا تضيع.

الأجنبي والمحلي هما مربط الفرس عندي ويعنيني في هذا المقال عن المباراة فقد شاهدنا دروسا لا بد أن يستذكرها الوطن ويستفيد منها فجمهور الفريقين رسم لوحة وعي شعبي منظم لا يتجاهله إلا مغالط وأثبت أن أكثر من 65 ألفا من خليط شباب وشيب وأطفال من هذا الوطن يمثلون كل الشرائح مثلوا الوعي والتفاعل المنظم فلا يحق لنا بعد ذلك أن نقول إن المواطن فوضوي أو غير منظم!!، فقط أعطوا هذا المواطن الفرصة والثقة وستجدون إنسانا خلاقا مبدعا في كل مجال!!.

65 ألف دربوا أنفسهم على رسم لوحات وألوان وشعارات (تيفو) عالمية جميلة في المدرج في استاد ليس فيه خدمات عالمية تليق بهم حتى لتناول كوب ماء أو شاي أو قهوة أو شطيرة، أو دخول دورة مياه فمن غير الواعي؟! (الكاتب القدير عيسى الحليان كتب في مقالة أول أمس السبت بعنوان النصر والهلال عن إهمالنا في الاستثمار في صناعة كرة القدم ووفى وكفى ولا مزيد على ما قال).

ما يعنيني هنا هو أن الشاب السعودي أثبت مشجعا ولاعبا ومدربا أنه الخيار الأفضل، تحدثنا عن المشجع وجاء دور اللاعب والمدرب فالفريق الذي لا يمثله إلا أجنبي واحد (البحريني عندنا ليس أجنبيا) هو من انتصر ولولا إضاعة أجنبي النصر للعديد من الفرص المحققة لفاز بأربعة أو تزيد صنعها محليون لا أجانب!!، وفي المقابل فإن منح الهلال الثقة لشاب سعودي لتدريبه لم تمنعه من الوصول دون غيره للنهائي ولم تقلل من شأنه كند عنيد لأجنبي خبير وسبق للنصر أن فاز على ذات الفريق بالمدرب الوطني يوسف خميس ضد أجنبي داهية وبثلاثة لواحد!!.

الأهم من هذا كله وما لفت نظري حد الفخر هم شباب سعودي من جماهير نادي الهلال قوامهم أربعون مسعفا مدربا تطوعوا للتواجد بين الجمهور الهلالي لإسعاف من يصابون بحالات الإغماء نتيجة ارتفاع أو هبوط الضغط أو السكر أو توقف القلب ويحسب لبرنامج (في المرمى) استضافتهم وإيضاح دورهم وأنهم يسهمون في إنقاذ المصاب أيا كان موقعه في جماهير الناديين وهذا التطوع دلالة واضحة على أن المواطن السعودي قمة في الوعي ويحتاج لمواطن مسؤول يقدر هذا الوعي!!.

الملاجئ ناقشناها في حرب الخليج ثم نمنا

قلت سابقا إننا نتعامل مع الاحتياجات والاحتياطات بطريقة آنية تلقائية عاطفية، تعتمد على حدث الساعة أو حالة طارئة استفزتنا في وقتها، فتفاعلنا معها، ثم ما نلبث أن ننسى حتى لو كانت حالة متكررة الحدوث واحتمالات أن تكون خطورتها إذا تكررت أكثر حدة.

خذ ــ على سبيل المثال ــ موضوع الملاجئ الجماعية في حالات الحروب ــ لا سمح الله، أذكر أننا تحدثنا عنها كثيرا عندما حلت أزمة احتلال الكويت ثم تحريرها وتعرض أجواء المملكة للاعتداء بصواريخ سكود واحتمالية حملها لرؤوس أسلحة كيميائية، فكان الحديث ــ آنذاك ـــ عن غياب تلك الملاجئ تحت العمارات والمباني وفي مواقع محددة، ولعلنا ــ آنذاك ــ جميعا في الصحف والبرامج الحوارية المتلفزة ناقشنا غياب تلك الأساسيات الوقائية بإسهاب ونقد ووعود.

انتهت الأزمة ــ ولله الحمد والفضل والمنة ــ بسلام، ولم نتأثر بغياب تلك الملاجئ، فكانت إنذارا مر بسلام، وتذكيرا يفترض أن نستفيد منه لكننا لم نفعل وتوقف تعاطينا مع عدم وجود تلك الأساسيات بمجرد انتهاء الأزمة.

لا أذكر أن أحدا ناقش هذا الموضوع بعد زوال الغمة ولا أمانة مدينة واحدة، بما فيها العاصمة، ذكرت الملاجئ في شروطها لبناء العمارات أو المجمعات السكنية أو مشاريع الإسكان، سواء التجاري أو الحكومي!!.

قد يكون من ضمن حلولنا الوقتية العشوائية استخدام مواقف السيارات تحت الأرض، لكن هذه ستكون مصيبة أخرى، فهي غير مهيأة لهذا الغرض وما يتبع من احتياجات إنسانية، والصحيح أن نستفيد من التخطيط السليم ونبني ملاجئ مجهزة تجهيزا صحيحا ومتكاملا وتحظى بصيانة دائمة، مع التوكل على الله والدعاء بأن يغنينا الله عنها ولا يحيجنا لها ويديم علينا نعمه التي يستوجب دوامها الشكر والصلاح وترك المعاصي التي تزيل النعم وتنذر بحدوث الكوارث، خصوصا ما يفعله السفهاء ويؤاخذ به العقلاء فيحل البلاء.