كارثة البرازيل؟

يوماً بعد يوم تثبت كرة القدم أنها فعلاً أفيون الشعوب، بل لم أر أعجب ولا أغرب من هذا المخترع في تناقضاته قبل توافقاته وفي قوة تأثيره وسرعة ذلك التأثير ومساحته وطيفه!!.

الغالبية الساحقة على كافة المستويات تعشق كرة القدم وتهتم بها اهتماماً بالغاً مبالغاً فيه!!، والغالبية أيضاً لا تريد الاعتراف بذلك!!، بل مازال الاعتراف بعشق كرة القدم من أصعب الاعترافات التي يمكن أن تنتزعها من شخص!!، مع أنه لا عيب في عشق لعبة سيطرت على ألباب الناس وحظيت بأعلى أرقام الحضور بل أعلى مستويات الحضور أمام الناس!!، فأكثر رؤساء دول العالم حضروا لمساندة فرقهم الوطنية، ومنهم من تصرف تصرفات تلقائية عجيبة وهو يتفاعل مع منتخب بلاده!!، ومع ذلك تبقى كرة القدم تعاني من إنكار الاهتمام وكأنها عيب!!، أو شأن أقل!! ربما لأنها شبهت بالأفيون ولا أحد يحب أن يعلن تعاطيه مخدرا.

من غرائب كرة القدم أنها أكثر أنواع العشق في العالم انتهاء بالجحود!!، فهي فعلاً اهتمام وحب وعشق كبير وتأجير للعقل ليس منتهياً بالتمليك بل منته بالبيع، فأكثر مشاهير كرة القدم حباً ينساهم الناس بمجرد تركهم لكرة القدم، وقد شاهدنا كيف أن كثيراً من مشاهير كرة القدم السعودية (مثلاً) كان الناس يتمنون دعوتهم أو التصوير معهم بل أشهد بأن المستشفيات كانت تتسابق لعلاجهم عن طريق مدير مستشفى عاشق للاعب أو ناد ثم أصبحوا بين عشية وضحاها مجهولين يستجدون زيارة محب أو علاجاً في مستشفى عبر الصحف (ربما لأنها شبهت بالأفيون ومال المخدرات وشهرتها لا بركة فيها!!).

غرائب كرة القدم لا يتسع مجال لحصرها، لكن أعجب ما حدث من قلة خاتمتها هو ما حدث للبرازيل، فهذه الدولة قدمت لها كرة القدم كل شيء، قدمت لها الشهرة وحب الشعوب الأخرى ودعم الاقتصاد عن طريق عقود اللاعبين الخارجية وإقامة المناسبات الرياضية، ثم في لحظة واحدة وبسبب خسارة السبعة من ألمانيا مساء أمس الأول أصبح أمنها مهدداً بشكل خطير!!، وكأنها لم تستفد من ريادتها في كرة القدم لعدة عقود!!.

كرة القدم عندنا مازالت بخيرها وشرها ذات إيجابيات ومنافع للناس فلهو الشباب فيها وحولها خير من لهوهم في غيرها، وأصبحت مصدر رزق لأسر ما كانت تحلم بأن يصل دخل ابنها لخانة المليون فانتفعت الأسرة ومن حولها، وبوصولنا لكأس العالم أربع مرات أوصلنا رسائل هامة لا يمكن التقليل منها حتى وإن كانت في كرة قدم.

وكرة القدم عندنا أصبحت مصدر بهجة وسعادة بل رفعت من روح النكتة بشكل كبير ويكفي أن تتابع (تويتر) بعد مباراة فتستمتع بإبداعات رموزه الرياضية!!، وبالرغم من أننا لا يمكن أن نقارن بالبرازيل في مستويات كرة القدم إلا أننا بالأمس كنا نقارن بها في الهزيمة من ألمانيا !!، ومن أروع ما قيل من النكت أمس (باقي هدف ونصير ندخل البرازيل بالبطاقة!!).

اترك رد