اليوم: أوت 2, 2015

الرضيع الذي أحرق أمريكا

النار هي ذات النار خاصة في حرقها للجسد البشري فدرجة الحرارة التي تشوي الجسد هي ذات الدرجة، هي نفس النار التي صهرت هياكل البرجين في الحادي عشر من سبتمبر الشهير، وهي ذات النار التي أجبرت حرارتها العاملين في البرجين على الانتحار بالقفز من فوق ناطحة السحاب. وهي ذات النار التي أحرقت الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا، وهي ذات النار التي أحرقت ضحايا أوكلاهما، وهي ذات نار المحرقة النازية التي تعاقب دول أوروبا وأمريكا من ينكر حرقها لليهود!، وهي ذات النار التي أحرق بها المستوطنون اليهود الجسد الغض للرضيع علي الدوابشة في فلسطين المحتلة.
الفارق الكبير هو في موقف أمريكا من مضرم النار!، موقف أمريكا من التعاطف مع المحروق وموقفها من معاقبة الحارق!.
في كل حوادث الحرق السابقة كانت الولايات المتحدة الأمريكية تشجب وتستنكر، حتى في حادثة حرق الرضيع الفلسطيني شجبت واستنكرت، لكنها في كل حوادث الحرق السابقة كانت تعاقب أو تشارك في عقاب مضرم النار وتحرق الحارق، إلا في حالة حرق الرضيع ووالديه وعمه وأبناء عمومته وشعبه فإنها كانت ولا تزال تقف عائقا دون معاقبة الحارق المحتل وترفع حق النقض (الفيتو) ضد كل قرار أممي يدينه أو يفكر ولو مجرد تفكير في ردعه!.
نعم رضيعنا الذي لم يبلغ الفطام أحرقه الصهاينة المعتدون وهو حي يتألم وصهروا هيكل عظامه الرقيقة مثلما صهرت ذات النار الهيكل الفولاذي المتين للبرجين، ومات الرضيع حرقا لكنه أحرق معه كل مصداقية لإنسانية أمريكا وأحرق كل ما تدعيه من حقوق إنسان وكل ما تزعمه من حرب على العنصرية فهي من وفر للصهاينة غطاء الإبادة الجماعية للعزل، وهي من وفر للصهاينة الحماية من مغبة ممارساتهم غير الإنسانية كقتل محمد الدرة وتكسير ذراعي شابين دقا بالحجر وقتل الناشطة الأمريكية بحركة التضامن مع الشعوب ريتشيل كوري دهسا بجرافة عسكرية!، وهي من ترى النار عليها إرهابا ونار الصهاينة على الرضيع بردا وسلاما!.
هذا كله أمر شائع ومعلوم، لكن المهم أن يقيس عليه ويتعلم منه قلة من المخدوعين لدينا بمزاعم أمريكا في حرصها وحمايتها لحقوق الإنسان فها هي ترفض حرمان أجساد الشواذ من شهوة جنسية شاذة وتقبل حرق أجساد الرضع بنار إرهابية شاوية.

من تصطاده «كمراتنا» لا يفلت!

وعدت، في مقال الأمس، باستكمال وجهة نظري حول ما كشفته كاميرات السوق من كذب المتحرشين بالفتاة المحتشمة في الطائف، وأنهم أدخلوا للسوق ثم أخرجوا منه لسوء سلوكهم، فحدث ما حدث، وهو أمر متوقع بسبب ضعف شخصية وصلاحيات وقدرات حراسات الشركات الأمنية المتعهدة بالأسواق، ونتيجة طبيعية للإحباطات التي قد يتعرض لها رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
تصرف هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان سابقا هو الأمثل، وهو ما يجب العودة له بحزم وعزم وسرعة في عهد إدارتها الجديد، فرجال الهيئة يراقبون وينصحون، ثم إذا ثبت لديهم تحرش وإساءة قبضوا على المتحرش وحولوه للتحقيق والادعاء العام عبر الشرطة وبطريقة موثقة دقيقة لا تقبل تسيبا وإطلاقا أو واسطة!، وبالمناسبة هذا هو ذات الأسلوب المتبع في دول يعيرنا بها بعض المتلبرلين على أنها تطبق قانونا!، لكنهم حساسون جدا لكون الهيئة هي من يقوم بالرقابة والقبض لعلمهم أن قبضتهم قوية!، فأي قانون يريدون أكثر من إحالة المتهم للتحقيق والادعاء العام ومنحه فرصة الدفاع أو إدانته دون ظلم ومنح الضحية حق مقاضاته؟!.
أما حراسات الشركات فمجرد أفراد يجتهدون ويتعبون ويتعرضون للضرب والإهانة وهم بلا صلاحيات ولا ثقة ولا تدريب ولا رواتب مجزية، بل ثبت عندي ما كتبته سابقا من أن كثيرا منهم غير سعوديين ويخشون الاكتشاف!.
سألت مسؤولا رسميا في إحدى الدول التي يعيرنا بأنظمتها بنو ليبرال وتتباهى بانتشار (الكمرات): لماذا لا نرى في أسواقكم نفس سلوكيات شبابنا في أسواقنا؟!، فرد أننا نوزع شرطة سرية مدنية وبمجرد رؤية شاب يتحرش يمسكون بيده ويقتادونه لأقرب مخرج ويحول للشرطة ويسجن!.
هذا هو ما تفعله الهيئة لدينا، ولكن بطريقة أكثر عدلا وشرعية إسلامية، أهمها أنه لا بد من صاحب حق يأخذ حقه الشرعي وهو المتحرش به أو المعتدى عليه، وهذا عنصر غائب لديهم تماما ولا يعنيهم!، الثاني التثبت، فلا تثبت شرعيا إلا بمدعٍ وشهود وتقصٍّ، الثالث المناصحة فالشاب لا يؤخذ على حين غرة!، بينما رجل الشرطة السري في تلك البلاد قد يتشابه عليه شابان فيأخذ أحدهما مظلوما (خاصة مع شبابنا، فهم يفرحون بالقبض عليهم لأتفه سبب ودون تثبت).
وعموما، فلأننا نطبق شرع الله ونتثبت ونعدل، فإن قدراتنا الأمنية تفوقهم وتفوق غيرهم بمراحل بل تدرسهم، وأكبر دليل أن من تصطاده (كمراتنا) لا يفلت ولنا الفخر بوطننا.