الأسرة والمنزل والحالة الاجتماعية هي من تؤثر تأثيرا بالغا في سلوكيات الفرد، وهي من تحول طفلا ولد على الفطرة وديعا إلى شاب عنيف أو انتحاري، أو شاب أكثر وداعة وناجحا ومفيدا لأسرته ومجتمعه ووطنه، ويجني أصحاب الأهواء والأجندات والتعصب للرأي على الوطن عندما يوهمونه بأن ما نتعرض له من خطر الإرهابيين الانتحاريين هو بسبب مناهج أو دروس على يد علماء أو تشدد في الدين، ويحولون الاهتمامات الوطنية إلى الطريق الخاطئ، بدلا من البحث والتقصي الأسري، وبذلك وقعنا ضحية لتكرر حالات لم تدرس ولم تبحث.
هؤلاء الصغار ما كان لهم أن يقعوا فريسة لأعداء الوطن من المخربين أو من شابههم من جميع أشكال أعداء القيم والصلاح؛ كمروجي المخدرات وعصابات السرقة والملحدين وعبدة الشيطان والمثليين لولا أنهم (أي هؤلاء الصغار) واجهوا مشاكل أسرية من عنف وحرمان وانفصال والدين وأخطاء في التربية، أو إرهاصات اجتماعية جعلتهم بيئة مناسبة لتقبل التوجيه للجريمة ووسطا جاهزا للإقناع والإفساد.
لذلك، ركزت في مقال أول أمس الثلاثاء على لوم أساتذة الجامعات في عدم إجراء دراسات اجتماعية وأبحاث استقصائية لأحوال صغار يفجرون أنفسهم من أجل قتل مصلٍّ ساجد أو يهربون للقتال مع جماعات لا يعرفون أهدافهم ولا توجهاتهم.
في ذلك المقال، ركزت على فضح حال الأبحاث لدينا، والتي يحتال فيها بعض أساتذة الجامعات، بإيكال أمرها لمساعد متعاقد يفبركها ويكتبها باسم رئيس القسم أو الدكتور الذي يعمل مساعدا له، واليوم أركز على أهمية تلك الأبحاث والدراسات وطنيا في الحرب على كل فساد وجريمة، ومنها الإرهاب، وأدعو إلى تشديد الرقابة على أبحاث الجامعات وكراسي البحث (ولو أن جميعها منح)، وضرورة وضع آلية أكثر حزما وشدة تجبر عضو هيئة التدريس على إجراء أبحاث ودراسات تفيد الوطن أو يترك الجامعة لمن يستحق البقاء فيها.