الشهر: أوت 2015

أطباء مخالفون يهددون الوزير!

تماما مثل ما حدث في السنة اليتيمة التصحيحية التي بدأها القائد الإداري غازي القصيبي، رحمه الله، في عمله الجاد كوزير للصحة بالانتصار للمريض وتصحيح إعوجاج الأطباء في إهمالهم للمرضى، يحدث الآن الشيء نفسه مع الوزير المهندس خالد الفالح الرجل الذي نجح في جميع مناصبه كقائد إداري، فقد بدأ الأطباء الحكوميون المخالفون الذين يتركون مواقع العمل في المستشفيات الحكومية أثناء الدوام الرسمي للعمل غير النظامي في مستشفيات خاصة والأطباء الذين يتقاضون رواتب وبدلات ممارسة الطب وهم يقبعون في كراسي إدارية وثيرة، بدأ هؤلاء الأطباء في التكاتف ضد الوزير الذي وضع إصبعه على جرح الوزارة القديم النازف لسنوات وهو تستر إدارة الأطباء على مخالفات الأطباء.

أخبار وزارة الصحة والخدمات الصحية في القطاعات الأخرى بما فيها الجامعية تقول إن ثمة اجتماعات و(لوبي) أطباء يستهدف إعاقة الخطوات التصحيحية التي شرع فيها وزير الصحة بجدية وصمت لوقف المخالفات التي يمارسها بعض الأطباء الاستشاريين الحكوميين بتركهم مرضاهم في العيادات وغرف العمليات للأطباء المتدربين وأطباء الامتياز و(التزويغ) من الدوام لعمل غير نظامي في مستشفيات أهلية وخاصة!، وهي المخالفة التي صدر بحقها عدة توجيهات عليا وتحذيرات ومنح الطبيب من أجل التوقف عنها زيادات في الرواتب ومميزات مالية وبدلات ضخمة هي الأعلى مقارنة بدول الخليج والدول المتقدمة إذا أخذ في الاعتبار قلة ساعات العمل وعدم وجود ضرائب، كما أنها تعادل أضعاف ما يدفعه القطاع الخاص للطبيب كراتب لو تفرغ للمستشفى الخاص!، ولذلك فإنهم يهددون بالانتقال للقطاع الخاص ولا يتجرؤون على تنفيذ التهديد.

أحد مقترحات الضغط على الوزير هو استغلال التفاعل مع مواقع التواصل الاجتماعي والترويج لتهديد بالاستقالة، وهذا التهديد هو تماما مثل تهديد التجار بنقل نشاطهم التجاري واستثماراتهم للخارج، وخاصة دبي، عند مطالبتهم بالسعودة، أي أنه تهديد يعلم المهدد جيدا أنه لن ينفذه بل لو فرض عليه فسوف يتوسط ويتوسل للتراجع عنه!، ذلك أن التاجر يعلم أن السوق السعودي هو الأكثر زبونا والأقل تعقيدا بالقوانين والغرامات والعقوبات والأكثر ربحية.

نفس الشيء مع الطبيب الذي يهدد بالانتقال للقطاع الخاص فهو يعلم جيدا أن القطاع الخاص لن يدفع له نفس ما تدفعه له الدولة من رواتب وبدلات، ولن يجد فيه نفس الأمان الوظيفي، ولا ذات الراحة في ساعات العمل فالقطاع الخاص قطاع ربحي تجاري يريد طبيبا متميزا مشهورا في مستشفيات الحكومة يعمل لديه جزئيا بطريقة غير نظامية فيجلب له (زبونا) هو للأسف مريض حرم حقه من الرعاية الصحية بسبب هروب ذات الطبيب من الدوام!

امض وزير الصحة وابشر بطول سلامة طالما أن هدفك هو المريض الضعيف.


استغفال تقرير جامعة تبوك

فرحت جامعة تبوك كثيرا بتقرير اللجنة التي حققت في قضية وفاة المعلمة التي لم تقبل ابنتها في كلية الطب بعد أن دخلت في نقاش مع (مجهول) في عمادة القبول والتسجيل ومطالبتها بمقابلة مسؤول لم تقابله وانتهى النقاش بارتفاع ضغطها ووفاتها رحمها الله في مواقف حرم الجامعة.

والحقيقة أن التقرير بل التحقيق في حد ذاته جاء مخيبا للآمال وحاول إنقاذ الجامعة، خاصة في هذا الوقت الذي لا يرتاح فيه بال لمقصر ولا يضيع حق لمواطن أو مقيم مستحق.

التقرير ركز عنوة على خطوات قبول الطالبة وشقيقها بالأسماء والدرجات من واقع النظام الإلكتروني للقبول، ولم يتطرق (مطلقا) لأساس المشكلة وسبب وفاة المراجعة وهو أنها تطلب اسم الشخص الذي تتحاور معه ويرفض وتطلب مقابلة المسؤول الذي بيده الحل والعقد، إما بإقناعها أو الاقتناع بقبول ابنتها في الطب! وهو ما حدث فعلا بعد أن وقع الفأس في الرأس فقد أدانت الجامعة نفسها ولجنة التحقيق بقبولها الطالبة في الطب لأحقيتها في ذلك لو وجدت من يستمع لوالدتها.

مشكلتنا الكبرى التي تنم عن تخلف أو عدم مواكبة للعصر هو أنك تتعامل مع مجهول لم يضع بطاقة تعريفية، رغم أهمية هذا الجانب التعريفي، وإصدار بطاقات تعريف لا يعلقها أحد لا في المستشفيات ولا الوزارات ولا البنوك ولا جميع مواقع المواجهة المستفزة للجمهور!!، وهذا ما ركزت عليه شخصيا في تناول القضية ووضعته بين قوسين فقد كانت تصرخ (وش اسمك؟!).

السبب المهم الآخر في رفع الضغط الذي أدى للوفاة هو عدم مقابلة المسؤول عند تأزم الأمور البيروقراطية رغم أننا في بلد يفتح قادته أبواب مكاتبهم ومنازلهم لمقابلة الناس، وهذا أيضا عنصر تجاهله التقرير تماما!.

اللجنة أصلا لا تعتبر محايدة طالما أنها لا تشتمل على أعضاء من خارج وزارة التعليم ولا عضو يمثل الضحية ويذكر حججها ويطالب نيابة عنها!، وهذه مشكلتنا أيضا مع لجان (الخصم الحكم).

بقي مأخذ هام جدا على التقرير وهو ذكره أسماء ونتائج ودرجات ابنة وابن الضحية تفصيلا مع أنها تخضع للسرية الشخصية وفي الوقت نفسه عدم ذكر اسم الموظف الذي كانت تسأله (وش اسمك؟!) رغم أن اسمه حق مشاع يفترض أن يكتب على بطاقة!!.


الرضيع الذي أحرق أمريكا

النار هي ذات النار خاصة في حرقها للجسد البشري فدرجة الحرارة التي تشوي الجسد هي ذات الدرجة، هي نفس النار التي صهرت هياكل البرجين في الحادي عشر من سبتمبر الشهير، وهي ذات النار التي أجبرت حرارتها العاملين في البرجين على الانتحار بالقفز من فوق ناطحة السحاب. وهي ذات النار التي أحرقت الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا، وهي ذات النار التي أحرقت ضحايا أوكلاهما، وهي ذات نار المحرقة النازية التي تعاقب دول أوروبا وأمريكا من ينكر حرقها لليهود!، وهي ذات النار التي أحرق بها المستوطنون اليهود الجسد الغض للرضيع علي الدوابشة في فلسطين المحتلة.
الفارق الكبير هو في موقف أمريكا من مضرم النار!، موقف أمريكا من التعاطف مع المحروق وموقفها من معاقبة الحارق!.
في كل حوادث الحرق السابقة كانت الولايات المتحدة الأمريكية تشجب وتستنكر، حتى في حادثة حرق الرضيع الفلسطيني شجبت واستنكرت، لكنها في كل حوادث الحرق السابقة كانت تعاقب أو تشارك في عقاب مضرم النار وتحرق الحارق، إلا في حالة حرق الرضيع ووالديه وعمه وأبناء عمومته وشعبه فإنها كانت ولا تزال تقف عائقا دون معاقبة الحارق المحتل وترفع حق النقض (الفيتو) ضد كل قرار أممي يدينه أو يفكر ولو مجرد تفكير في ردعه!.
نعم رضيعنا الذي لم يبلغ الفطام أحرقه الصهاينة المعتدون وهو حي يتألم وصهروا هيكل عظامه الرقيقة مثلما صهرت ذات النار الهيكل الفولاذي المتين للبرجين، ومات الرضيع حرقا لكنه أحرق معه كل مصداقية لإنسانية أمريكا وأحرق كل ما تدعيه من حقوق إنسان وكل ما تزعمه من حرب على العنصرية فهي من وفر للصهاينة غطاء الإبادة الجماعية للعزل، وهي من وفر للصهاينة الحماية من مغبة ممارساتهم غير الإنسانية كقتل محمد الدرة وتكسير ذراعي شابين دقا بالحجر وقتل الناشطة الأمريكية بحركة التضامن مع الشعوب ريتشيل كوري دهسا بجرافة عسكرية!، وهي من ترى النار عليها إرهابا ونار الصهاينة على الرضيع بردا وسلاما!.
هذا كله أمر شائع ومعلوم، لكن المهم أن يقيس عليه ويتعلم منه قلة من المخدوعين لدينا بمزاعم أمريكا في حرصها وحمايتها لحقوق الإنسان فها هي ترفض حرمان أجساد الشواذ من شهوة جنسية شاذة وتقبل حرق أجساد الرضع بنار إرهابية شاوية.

من تصطاده «كمراتنا» لا يفلت!

وعدت، في مقال الأمس، باستكمال وجهة نظري حول ما كشفته كاميرات السوق من كذب المتحرشين بالفتاة المحتشمة في الطائف، وأنهم أدخلوا للسوق ثم أخرجوا منه لسوء سلوكهم، فحدث ما حدث، وهو أمر متوقع بسبب ضعف شخصية وصلاحيات وقدرات حراسات الشركات الأمنية المتعهدة بالأسواق، ونتيجة طبيعية للإحباطات التي قد يتعرض لها رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
تصرف هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان سابقا هو الأمثل، وهو ما يجب العودة له بحزم وعزم وسرعة في عهد إدارتها الجديد، فرجال الهيئة يراقبون وينصحون، ثم إذا ثبت لديهم تحرش وإساءة قبضوا على المتحرش وحولوه للتحقيق والادعاء العام عبر الشرطة وبطريقة موثقة دقيقة لا تقبل تسيبا وإطلاقا أو واسطة!، وبالمناسبة هذا هو ذات الأسلوب المتبع في دول يعيرنا بها بعض المتلبرلين على أنها تطبق قانونا!، لكنهم حساسون جدا لكون الهيئة هي من يقوم بالرقابة والقبض لعلمهم أن قبضتهم قوية!، فأي قانون يريدون أكثر من إحالة المتهم للتحقيق والادعاء العام ومنحه فرصة الدفاع أو إدانته دون ظلم ومنح الضحية حق مقاضاته؟!.
أما حراسات الشركات فمجرد أفراد يجتهدون ويتعبون ويتعرضون للضرب والإهانة وهم بلا صلاحيات ولا ثقة ولا تدريب ولا رواتب مجزية، بل ثبت عندي ما كتبته سابقا من أن كثيرا منهم غير سعوديين ويخشون الاكتشاف!.
سألت مسؤولا رسميا في إحدى الدول التي يعيرنا بأنظمتها بنو ليبرال وتتباهى بانتشار (الكمرات): لماذا لا نرى في أسواقكم نفس سلوكيات شبابنا في أسواقنا؟!، فرد أننا نوزع شرطة سرية مدنية وبمجرد رؤية شاب يتحرش يمسكون بيده ويقتادونه لأقرب مخرج ويحول للشرطة ويسجن!.
هذا هو ما تفعله الهيئة لدينا، ولكن بطريقة أكثر عدلا وشرعية إسلامية، أهمها أنه لا بد من صاحب حق يأخذ حقه الشرعي وهو المتحرش به أو المعتدى عليه، وهذا عنصر غائب لديهم تماما ولا يعنيهم!، الثاني التثبت، فلا تثبت شرعيا إلا بمدعٍ وشهود وتقصٍّ، الثالث المناصحة فالشاب لا يؤخذ على حين غرة!، بينما رجل الشرطة السري في تلك البلاد قد يتشابه عليه شابان فيأخذ أحدهما مظلوما (خاصة مع شبابنا، فهم يفرحون بالقبض عليهم لأتفه سبب ودون تثبت).
وعموما، فلأننا نطبق شرع الله ونتثبت ونعدل، فإن قدراتنا الأمنية تفوقهم وتفوق غيرهم بمراحل بل تدرسهم، وأكبر دليل أن من تصطاده (كمراتنا) لا يفلت ولنا الفخر بوطننا.