الشهر: يناير 2016

افحصوهم نفسيا يا اتحاد القدم!

الاتحاد السعودي لكرة القدم وضع نفسه بنفسه في مشكلة حتى أصبح مهددا بالتجميد، لا يفصل بينه وبين التجميد إلا منطقية شكوى رئيس لجنة مقال وقبولها.
هذه الحالة ذكرت كثيرا من المتابعين والنقاد والمحللين بالمثل الشعبي (يا من شرى له من حلاله علة)، أما أنا فذكرتني بأمرين، أولهما مقولة (وعلى نياتكم ترزقون)، أما الأمر الثاني والأهم وطنيا فهو ضرورة اعتماد الفحص النفسي قبل الترشيح لأي منصب أو وظيفة، وهنا لا أقصد الترشيح لرئاسة لجنة في إتحاد قدم أو يد أو سلة فقط، بل كل منصب حساس تلعب فيه الحالة النفسية للمرشح دورا في تعاطيه مع أمور حساسة بتصرف أو تصريح أو حتى موقف!.
بالمناسبة هذا الأمر كان معمولا به في السابق عن طريق إجراء مقابلة شخصية يجريها عدة أشخاص ويطرحون أسئلة متعددة تكشف إجاباتها عن جانب من شخصية المتقدم أو المرشح، لكنها في هذا الزمن غير كافية، كما يبدو من مفاجآت البعض، لذا فأنا أقترح إخضاع المرشح لفحص نفسي دقيق، وهو أمر معمول به في كثير من الدول المتقدمة، بل إن بعضها ذهب إلى جهاز فحص الكذب وهذا قد نحتاجه في فحص بعض الوعود بالمشاريع والخدمات في الوزارات الخدمية، لكنه ليس ضروريا في رؤساء و أعضاء اللجان.
اتحاد كرة القدم السعودي يعتمد على ترشيحاته في رئاسة وعضوية اللجان على عنصر واحد فقط، هو الميول لناد معين، وهذه نظرة مائلة بل عوراء، لكنها أصبحت واقعا حتى في رعاية الشباب، للأسف، وها هو إتحاد كرة القدم يدفع ثمن اعتماده على الميول.
علينا أن نستفيد من دروس الرياضة في كل مجالاتنا، فلا الولاء وحده يكفي ولا الشهادة وحدها تكفي ولا السيرة الذاتية التي يقدمها المتقدم للوظيفة تكفي، لا بد من الرجوع للجهة التي عمل بها المتقدم والسؤال عن تفاصيل دقيقة، ثم إجراء المقابلة الشخصية بعناية وتدقيق، هذا للوظائف العادية، أما للمواقع الحساسة فيجب إجراء الفحص النفسي!، وإلا فإن براقش ستجني على نفسها كثيرا، خاصة إذا كانت نية براقش مبرقشة بالألوان.

أوقفوا تدليس المأكل والمشرب

يتعرض المستهلك السعودي لتدليس واضح في كثير من المأكل والمشرب والعلاج، ويأتي هذا التدليس موثقا بالكتابة على العلب بالنسبة للأطعمة والعصائر والألبان، وموثقا بدعايات مغلوطة لبعض المستحضرات العلاجية غير الدوائية مثل الكريمات ومعاجين الأسنان وبعض الأدوية التي تباع دون وصفة.
بعض الأطعمة يكتب عليها أنها طبيعية خالصة وهي صناعية خالصة أو مخلطة، وبعضها يكتب أنها لا تحتوي على مواد حافظة أو محسنات صناعية أو أصباغ وهي تحتوي على كل هذه العناصر أو بعضها!.
وفي العصائر نرى العجب العجاب فتجد أن أصباغا خالصة ومواد ملونة مركزة تم تخفيفها لا تمت للطبيعة بصلة ويكتب على اللاصق أنها (عصير طبيعي)، ويروج لها على أنها عصير طبيعي، وهذه الأصباغ والمواد الملونة لها أضرار ومخاطر كبيرة لمن يتناولها وهو يدرك أنها أصباغ فيحد من تناولها، فكيف بمن تم إيهامه أنها طبيعية فصدق؟!.
في معجونات الأسنان كثرت الممارسات غير الأخلاقية لأطباء أسنان، (أو ممثلين يدعون أنهم أطباء)، يخرجون في مشاهد تمثيلية إعلانية تمجد معجونا على أنه يعالج التسوس أو يمنع نزف اللثة وهو مجرد مواد تنظيف أسنان عادية لا تتميز عن غيرها بغير قدرة الشركة المصنعة على الخداع الدعائي، والشيء نفسه يقال عن مستحضرات الشعر (الشامبو) التي يدعي منتجوها أنها تحتوي مواد تعالج التساقط أو القشرة دون إثبات!.
هذا التدليس محرم شرعا وممنوع نظاما وهو من أسباب الحث على الاستهلاك طلبا لفائدة غير موجودة ومن صور عدم العدالة في تساوي الفرص بين منتج مدلس وآخر صادق، ويجب وقفه فورا لما تقتضيه المصلحة العامة، خصوصا أن وزارة التجارة تعيش أوج مجدها في مجال حماية المستهلك والمصداقية.
وحقيقة فإن الأدوية لا يشملها هذا التدليس ذلك أن هيئة الغذاء والدواء تفرض سرد المحتويات الفعلية للدواء سواء على العلبة أو في نشرة الدواء وذكر العيوب بجانب المميزات، إلا أن ما يحدث من دعاية لبعض الأدوية، مثل أدوية الصداع أو الزكام أو كريمات الروماتيزم والالتهابات أو المقويات الجنسية، مخالفة صريحة وبها مبالغات وتدليس يجب وقفه فورا بتكاتف من الجهات المعنية وهي وزارة الصحة ووزارة الإعلام وهيئة الغذاء والدواء بمعاقبة المعلن وليس الوسيلة الإعلانية، فالمعلن (سواء الشركة المنتجة أو الوكيل) يعرف النظام وهو من يمارس التدليس!.

بين نفع الداعية و ضرر شبه الليبرالي

لكل منبره ولكل موقفه ولكل أولوياته، ومواقع التواصل الاجتماعي منبر مشترك للكل، يطل منه كل فرد ويرمي بما في جعبته و ينضح كل إناء بما فيه.

أثبتت المواقف والإطلالات أن المواطن الداعية ذي المنطلق الشرعي الديني أنفع للوطن وللمجتمع وللأمة و أكثر إيجابية و أخلص موقفا وأكثر دقة في تحديد الأولوية ممن يدعي (ليبرالية) هو أبعد ما يكون عنها.

في منابر الدعاة تجد نصائح مدعمة بأدلة من الكتاب والسنة تحث على توحيد الصف وطاعة ولي الأمر والبر بالوالدين والرفق بالقوارير والقيام بالمسئولية نحو الأسرة واللطف مع الزوجة والأبناء والحث على الصدقة ونبذ الإسراف والتبذير، وتذكير بما نحن فيه من نعمة أمن و استقرار ورغد عيش وكيف نحافظ عليها بشكر النعم وعدم هدرها، ونصح وحث على إطعام البائس والفقير وكفالة اليتيم والرفق به والحفاظ على ماله، ونشر للأدعية والأذكار الواردة في سنن المصطفى عليه أفضل الصلاة وآتم التسليم ودعوات للصلاح وعدم الإفساد في الأرض، وتذكير بعظم أمر قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وفضل القصاص وفضل تطبيق أحكام الله في المجرمين في حفظ الحياة والأمن، وتذكير بعظم أمر الدفاع عن الدين والوطن والإستشهاد في سبيل ذلك، ومنزلة من قتلوا في سبيل الله وطمأنة ذويهم وعزاء كل من أصابته مصيبة وصبر وفضل الصبر على المصاب، وغير ذلك من ذكر ونصائح لها مردود إيجابي في الحفاظ على مجتمع متماسك، صالح، صحيح نفسيا، وعناية بأهم الأولويات من منطلق شرعي وليس سفائف أمور من تقليد غربي كما يفعل بعض أدعياء الليبرالية.

لقد شهدنا الجمعة الماضية كيف ركزت خطب الجمعة على نبذ مظاهر الإسراف وهدر الموائد والتباهي بالهدر والهياط، بل هذا الأسبوع كله رأينا مواقف منابر الدعاة في ( تويتر) وغيره من أمر الهدر و (الهياط) وقبل ذلك من تأييد لتنفيذ أحكام الله في المفسدين وقبله بتشجيع أبطال الحد الجنوبي والتذكير بفضل ثباتهم وأجر تحملهم لمشاق البرد والفراق ومنزلة الشهداء.

على الجانب الأخر لدى أدعياء الليبرالية تجد في منابرهم بعدا عن هموم الوطن وأولياته وتركيزا على أمور بعضها سطحي هش أقل ما يقال عنه أنه (سخيف)، وبعضها مقبول الأهمية لكن ليس في التوقيت المناسب وبعضها مدعاة للسخرية، فهذا يريد حضور نساء لملعب كرة وذلك مطلبه دور سينما وثالث همه أن تقود المرأة السيارة وكأنه انجاز العصر أو مطلب غالبية النساء، وآخر همه إلغاء جهاز الهيئة وأخرق أو خرقاء يعتبر المفسد في الأرض وقاتل النفس معبرا عن رأي! متجاهلا حق الأرواح التي أزهقها ومشاعر ذويهم وحقوق الإنسان في أن يبيت أمنا في سربه!، فيا عجبا من هؤلاء ويال إعجابنا بأولئك وكفى.

التجارة والدواء بعد زيارة رالف نادر وخطأ نادر

كان رالف نادر المحامي والناشط الأمريكي في حماية المستهلك يزور المملكة منذ ٣٢ سنة، وكنت آنذاك محققا صحفيا في جريدة (الجزيرة) معنيا بقضايا المجتمع والمواطن فاستغللت الفرصة و أجريت معه حوارا نشر على صفحة كاملة في ١٦ جمادى الآخرة ١٤٠٤هـ الموافق ١٨ مارس ١٩٨٤م حول وجهة نظره عن حماية المستهلك في المملكة العربية السعودية، فقال كلاما كثيرا عن الحقوق والضمانات الضائعة خاصة في تجارة السيارات والأجهزة وعدم فحص الأغذية والأدوية ومجالات عدة كانت قاصرة آنذاك، لكنني لا زلت أذكر تصريحه الذي اتخذته عنوانا حين قال (وزارة التجارة سحبت سيارة إحدى الشركات من السوق السعودية وذلك إنجاز كبير لحماية المستهلك)، كما ذكر أن الجهود في مجال فحص الأغذية جيدة لكنها في مجال فحص الكيماويات والأدوية لم تحقق النتائج المطلوبة.

بالمناسبة رالف نادر رشح منذ سنوات قليلة لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية و لا زال عند مبادئه ومواقفه نحو المواطن وتحديدا المستهلك وربما لهذا السبب لم يفز!، وأنا أعيد قراءة الحوار اليوم وبعد مرور ٣٢ سنة تمنيت لو أن رالف نادر زارنا مرة أخرى ليرى أن حماية المستهلك تراجعت كثيرا مقارنة بوضعها عند زيارته حين كان الدكتور عبدالرحمن الزامل وكيلا للوزارة، ثم هوت إلى مستوى سحيق لعدة سنوات، حتى جاء د. توفيق الربيعة وزيرا للصناعة والتجارة فأعادها لمستوى رفيع لم يصل القمة بعد، لكن سحب السيارة لعيب صناعي أصبح خبرا عاديا في وطني و أن الدكتور الصيدلي محمد المشعل جعل من هيئة الغذاء والدواء صمام أمان للأغذية والأدوية لا يقل أمنا عن هيئة الغذاء والدواء عندهم في أمريكا!.

نادر لو جاء مرة ثانية سيدرك أن وطني لديه كل الإمكانات ولديه حرص القيادة ويتغير أداء أجهزته الخدمية ١٨٠ درجة عندما يكسب الرجل المناسب في المكان المناسب، وهذا ما حدث في حماية المستهلك بسحب السيارات المخالفة وفي فحص الأدوية والأغذية والتي كان نادر يعتبرها انجازا نادرا !.

هذا لا يمنع من القول بأننا ننتظر المزيد من وزارة التجارة في حماية المستهلك، وننتظر منح هيئة الغذاء والدواء صلاحيات أكبر خاصة في تحديد العينة العشوائية لفحص الغذاء الوارد للجمارك و اعتماد تقرير مختبراتها في رفض الشحنة الفاشلة، ومنع دخولها، فهو قرار هيئة الغذاء في كل أنحاء العالم بما فيها بلد السيد نادر وترك القرار لإدارة الجمارك خطأ نادر.


تصدير خارجي

كنت ومازلت أطالب بوقف وردع الممارسات غير النظامية لبعض الأطباء السعوديين الموظفين في مستشفيات حكومية برواتب وبدلات عالية لم تكفهم، فعمدوا لدخول مالية إضافية بطرق تتعارض مع أخلاقيات مهنة الطب الإنسانية.
تتراوح الممارسات بين ترك المريض في المستشفى الحكومي والخروج أثناء الدوام ومنذ ساعات الصباح الباكر للعمل في مستشفيات خاصة توفر لهم عيادات غير مشروعة، ثم تطور الأمر بالغياب عن عمليات جراحية مجدولة، وترك المريض لأطباء متدربين، ثم وكعادة التجاوزات تزيد طمع صاحبها فأصبح القرار الطبي يختلف فيرفضون الحاجة لإجراء تدخل جراحي عند زيارة المريض لهم في المستشفى الحكومي وعندما يزورهم المريض نفسه في عيادة المستشفى الخاص يقررون أن العملية عاجلة وضرورية ويحددون مبلغا كبيرا، ثم تتنوع التجاوزات إلى درجة أن أطباء العظام والعمود الفقري يحيلون مرضى الكسور لشراء الأجهزة والداعمات من دكاكين محددة تدفع لهم نسبة وترفع السعر إلى أربعة أضعاف أو يزيد.
الآن بعض المستشفيات الخاصة التي تشغل الأطباء بهذه الطرق غير النظامية افتتحت لها أفرعا خارجية، وطبعا لن تتمكن من تشغيل أطباء المستشفيات الحكومية في تلك الدول في مستشفياتها؛ لأنها تعلم أن الأنظمة صارمة والرقابة أكثر صرامة وسيكشف أمرهم فورا، فعمدت إلى استقطاب الأطباء أنفسهم وهذه المرة بشد الرحال خارجيا بالسفر أثناء الدوام الرسمي (لأن الطبيب لا يسأل عن الحضور والغياب مثل ما يحدث مع الموظف الإداري أو بقية أعضاء الفريق الصحي)، أو اللجوء لأخذ إجازة اضطرارية أو مرضية (بتقرير زميل آخر) والسفر لذلك المستشفى وهجر المرضى في المستشفى الحكومي للوطن الذي علّمه ودربه ومنحه الراتب العالي والبدلات الأعلى.
النتيجة لهذه الممارسات التي تطورت وتم تصديرها خارجيا ستكون فضائح خارجية بعد أن كانت فضائح داخلية ما لم تتداركها الجهات المعنية ووزير الصحة ومديرو القطاعات الصحية الحكومية الأخرى، فما سيحدث (وضعوها في المفضلة) هو حدوث أخطاء طبية واكتشاف أن الطبيب لا يتبع نظاما للمستشفى الخاص الخليجي ولا يرتبط بمريضه قانونا ومن ثم رفع قضايا ومطالبات قانونية تجعل الرائحة النتنة لتجاوزات أطبائنا تنتشر خارجيا.
مثل كل مرة أكرر التحية لرواد طب سعوديين قدموا لهذا الوطن ولهذه المهنة جهودا ونجاحات رائعة ولم يأخذوا إلا أقل من حقهم ماديا وإعلاميا أمثال محمد الفقيه، محمد السبيل، محمد القطان ومحمد المعجل، خالد الربيعان، فالح الفالح، مؤيد الزئبق، هاني نجم، وسعود التركي وغيرهم كثر أجزم أنهم يتألمون لما يحدث لمهنة الطب اليوم.

الشورى ناسي!

ذكرت وزارة الداخلية مجلس الشورى بأن هيئة رد الاعتبار موجودة ومشكلة بقرار من مجلس الوزراء منذ عام ١٤١٦، أي منذ حوالى عشرين سنة، وحسب صحيفة «عكاظ» أمس الاثنين فإن مجلس الشورى الذي يدرس مقترحا يتعلق بمشروع نظام التسجيل الجنائي ورد الاعتبار، تلقى برقية من وزير الداخلية نصت على أن ما يتعلق برد الاعتبار صدرت بشأنه قرارات من مجلس الوزراء كان آخرها عام 1416، تضمنت تشكيل هيئة من مدير التفتيش القضائي بوزارة العدل وعضو قضائي من ديوان المظالم ومستشار شرعي من وزارة الداخلية ومدير الأدلة الجنائية بالأمن العام، للبت في طلبات رد الاعتبار، وأكدت البرقية أن هذه الهيئة قائمة وتمارس أعمالها، كما أنها شارفت على الانتهاء من إعداد لائحة خاصة بتنظيم أعمالها.

هذا النسيان (مجاملة) أو عدم العلم (صراحة) لا يليق بطالب دراسات عليا أو طالب يعد مشروعا بحثيا، بل ولا حتى طالب مرحلة ثانوية كلف بإعداد مادة بحثية!، فكيف بمجلس شورى متفرغ وبه لجان متخصصة وسكرتارية ويفترض به أن يركز في بحث وتقصي كل مشروع نظام يزمع إصدار مقترح حوله؟!.

يبدو جليا أن مجلس الشورى في الدورة الحالية أو منذ ثلاث سنوات تقريبا يتخبط كثيرا، ولا يؤدي أعضاؤه واجباتهم (there home work) جيدا وهذا محبط، فحري بمجلس الشورى أن يتقصى الأنظمة والقرارات السابقة وقرارات مجلس الوزراء حول القضية مثار البحث، ويستفاد منه لا أن يفاد ويذكر وهو ينسى أو يفوت!.

الطريف أن خبر «عكاظ» عن تذكير الداخلية لمجلس الشورى تزامن مع خبر (جريدة واحدة لكل عضو شورى) والذي خفضت من خلاله الأمانة العامة للمجلس خيارات الصحف للأعضاء إلى صحيفة واحدة فقط فجال في خاطري هاجس مفاده (هذا والأعضاء كانت تصلهم كل الصحف فكيف وقد أصبحت واحدة؟!).


(مهايطية) سفهاء..عالجوهم بمواقفكم

هذا يضع مائدة من عشرين حاشيا وأطنان من الأرز، وذلك يضع ذبيحة لكل فرد يجلس على صحنها منفردا، وآخر يغسل أيادي الضيوف بدهن العود النفيس… الخ من أشكال مرض الشعور بالنقص الذي يعوضه المريض بما يظنه تميزا وانفرادا ولفتا لأنظار ما كانت لتلتفت إليه بسبب نقصه (أو هكذا يشعر).

لم يكن ذلك السلوك مقبولا في أي زمان ولا مكان قط، فهو من التبذير والإسراف واستفزاز الجياع والفقراء والمعدمين وقهرهم وحملهم على الحقد على الوطن وأهله والأبرياء من ميسوري الحال ممن لا يبذرون ولا يسرفون ويتصدقون ويعطفون على المحتاج، وهم الغالبية ولله الحمد والمنة.

أقول لم يكن ذلك السلوك مقبولا في أي زمان ولا مكان أبدا، لكنه اليوم أكثر خطورة من ذي قبل وأحرى بالرفض والمحاربة والردع، ذلك أن ظروف انتشار الجوع والفقر والحصارات لا تحتمل مزيدا من الاستفزاز، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي وسرعة انتقال الصورة والمشهد وانتشارهما باتت أكبر وأوسع وأسرع وقهرها أكبر!.

أولئك القلة من السفهاء يجب أولا تذكيرهم بشكر النعم ومن شكرها احترامها واحترام مشاعر المحروم منها وعدم الإسراف والتبذير، وهذا التذكير دور أهل العلم وخطباء المساجد والدعاة ويجب أن يكثف هذا الدور ويركز عليه بشفافية عالية لا تخلو من الأمثلة.

وثانيا على الدولة أعزها الله أن توجه توجيها صريحا بوجوب فرض القدوة الحسنة في هذا الشأن الخطير (وكل شأن) ومن ذلك توجيه الوزارات وإمارات المناطق والمؤسسات باتخاذ أقصى درجات التوفير والقصد في الحفلات والمناسبات وجعلها مبسطة جدا أيا كان الضيف أو كانت أهمية المناسبة، فتلغى الولائم الكبيرة وتبسط ويحث على هذا النهج.

كما يجب عدم الاستجابة للدعوات والاحتفالات والمناسبات من قبل أمراء المناطق والمسؤولين والوزراء إلا بعد اشتراط قائمة طعام وتقديم محددة مبسطة، وكلما كان الضيف أهم وكانت الوليمة أبسط انتشر المفهوم وسادت القدوة الحسنة وعلم (المهايطية) أن إسرافهم يؤخر ولا يقدم.

غني عن القول إن أصحاب الثراء والمال والجاه كلما اقتصدوا في حفلاتهم ومناسباتهم وزواجاتهم وجعلوها بسيطة مبسطة سنوا سنة حسنة واقتدى بهم الغير وأصبحت البساطة هي السائدة ولم تعد المبالغات وسباق الإسراف ميدانا للتنافس.


نصيحة للوزير الفالح

سبب تدني الخدمات وعدم رضا ٧٠% من المواطنين على الصحة، وشيوع الأخطاء الطبية وتكرار حدوثها، ليس في الأجهزة والتجهيز ومستوى المستشفيات بل في تسيب الأطباء وعدم التزامهم بالدوام والعيادات وإجراء العمليات في مستشفياتهم الحكومية وانشغالهم عن مرضاهم بالخروج أثناء الدوام الرسمي الحكومي للعمل في مستشفيات خاصة وأهلية!، والدليل أن المشكلة عامة في كل القطاعات الصحية ذات المستشفيات المتطورة وليست في مستشفيات وزارة الصحة فقط.

المشكلة أن الأطباء المتعصبين لأنفسهم ممن لا يتحلون بأخلاق ومواثيق شرف المهنة ويمارسون شتى أشكال الفساد المهني، هم أنفسهم من كانوا يرون أن الطبيب هو أساس الرعاية الصحية و(الكل في الكل) ويستهينون بدور غيرهم من الفريق الصحي، لكن عندما نقول بأن سبب تدني الرعاية الصحية هو سوء سلوك ذلك العضو من الفريق الصحي، وهو الطبيب، فإنهم يعترضون!، وعجبا كيف يرضون أن يكون أساسا في النجاح وثانويا في الفشل.

على الجانب الآخر فإن الأطباء الناجحين، الملتزمين بأخلاق ومواثيق مهنة الطب، يجمعون على أن ممارسات الجشع الحالية، غير الأخلاقية، لكثير من الأطباء الحكوميين، هي أهم أسباب ما نعانيه من كوارث صحية، والأمثلة كثيرة من هؤلاء الأطباء المثاليين، ولنأخذ منهم مثالا اليوم الطبيب جاسر الحربش وهو طبيب عصامي أدى واجبه الحكومي على الوجه الأكمل وعندما أدى ما عليه حكوميا لم يتحول للقطاع الخاص جزئيا، بل تقاعد وفتح عيادته الخاصة وعمل فيها بما يرضي الله، ويعلق جاسر الحربش على نتيجة الدراسة قائلا كان يفترض أن يتم تقييم الرضا من داخل المؤسسات الصحية أولا وركز على سؤال أعضاء الفريق الصحي وصغار الأطباء عن رضاهم على كبار الأطباء من حيث الالتزام والتواجد وإعطاء التدريب حقه!، وأردف مقترحا أن لا يسمح للقطاع الخاص بخطف الكوادر الطبية إلا بعد أن يدفع للدولة نسبة لا تقل عن نصف الراتب المحدد للطبيب شهريا كبدل تعليم وتدريب واكتساب خبرة وشهرة.

اقتراح الدكتور الحربش رائع جدا وينم عن إحساس بما أشرنا إليه من خجل الأطباء الغيورين على المهنة من واقع الجشع المادي المرير لكثير من أطباء اليوم، أما أنا فأقترح أن يعاقب كل من الطبيب الحكومي المخالف والمستشفى الخاص، الذي يشغله بطريقة مخالفة وغير أخلاقية، عقابا مجزيا للطرفين يعادل أضعاف دخل المخالفات مجتمعة، وإذا أراد المستشفى الخاص استقطاب طبيب حكومي متميز فليدفع مهره، ويطلب انتقاله إليه رسميا، ويدفع راتبه كاملا، على أن تستمر عياداته وعملياته في المستشفى الحكومي بمعدل لا يقل عن مرتين أسبوعيا لمدة لا تقل عن زمن الدراسة والابتعاث، وبذلك لا يحرم منه مريض المستشفى الحكومي ولا الخاص وتعوض الحكومة عن إعداده، ولا يحصل عليه التاجر دون عناء وعلى طريقة (باردة مبردة).


هدف صندوق الموارد تسلل!!

أخيرا اعترف مدير عام صندوق الموارد البشرية إبراهيم المعيقل لبرنامج (ياهلا) أن (هدف) كان ومازال يصرف دعم التوطين للشركات دون رقابة كافية تضمن عدم سوء الاستخدام.
وكان المعيقل ومازال يغضب حين نقول إن دعم صندوق الموارد البشرية بدفع نصف الراتب للقطاع الخاص الذي يوظف سعوديا يتم استغلاله أسوأ استغلال خاصة من طرف رجال الأعمال والشركات التي استغلت «هدف» ولم تحقق إلا أهدافها غير النزيهة، بل أثبتنا بالأمثلة أن ذلك الدعم أصبح يعلم أبناءنا التحايل والكذب مجبرين فيوقع على راتب ويستلم نصفه وهو ما يدفعه الصندوق كدعم للمؤسسة المحتالة.
الزميل الهادئ جدا خالد العقيلي والمحامي القدير فيصل الطايع حشروا الصديق العزيز إبراهيم المعيقل في الزاوية عندما حاول المزايدة على الوطنية أمام المواجهة بأن ٥٠٠ سيدة يعملن في منشأة يدعمها الصندوق وليس لديها مقر نسوي أو بيئة عمل نسائية! فأين الرقابة؟!، فرد قائلا: يا فيصل أعطني اسم المنشأة تحت الهواء ولن يأتي يوم الأحد إلا وجميع المراقبين يحيطون بالشركة!، قلت أين رقابتك على ٥٠٠ موظف في منشأة مدعومة قبل الشكوى؟!، وإلى متى ننتظر البلاغات ولا نستبقها مثلما نتسابق لنفي التهم؟!.
وقال مدير الصندوق: إذا حدث تواطؤ بين الموظف والمنشأة فكيف للصندوق أن يعلم؟! فعجبت لماذا لا يشارك الصندوق في صياغة العقد ليحمي الشباب من جور الشركات بإجبارهم على التوقيع بوعود كاذبة؟!، خصوصا أن الصندوق طرف يدفع نصف الراتب!، فلماذا لا يكتب صيغة الاتفاق ويصادقها؟!.
الأهم من هذا كله أن مدير عام الصندوق بعد الاعتراف بأنه لا يستطيع تفتيش ١٠٠ ألف منشأة مستفيدة من الصندوق، بالتواجد الجسدي، تفتيشا أسماه التفتيش العادي في الوقت الحاضر، (لعله يقصد التأكد من عنصر واحد هو عدم وهمية التوظيف)، وعد وعدا غريبا هو الأصعب، فقد قال: الدعم الحالي سيتغير وسيكون الدعم أجزاء يعتمد كل جزء على إتمام خطوة فلتوظيف السعودي يصرف من الدعم جزء، ثم لرفع راتبه جزء ثم لاستمراريته عندك جزء ثم جزء لتدريبه تدريبا جيدا موثقا بشهادات ثم جزء لتوفير بيئة نسائية وآخر لتوفير بيئة لذوي الإعاقة!.
بالله عليكم إذا كان الصندوق اعترف بعجزه عن مراقبة ١٠٠ ألف منشأة في عنصر واحد فقط هو (حقيقة التوظيف)، فكيف سيراقب نصف درزن من العناصر المتغيرة التي تحتاج تواجدا جسديا؟!.
يجب أن يعترف (هدف) أنه لم يحقق إلا هدفا واحدا هو (تدليع) التاجر وعدا ذلك فإن أهدافه كلها كانت تسللا.

شاطرين على «السكيورتي»

لن أدافع عن رجل الحراسات الأمنية الصناعية المشهور بـ(السكيوريتي) الذي دفع خمسينيا فأوقعه من فوق مدخل أحد البنوك في مقطع أثار تعاطف مواقع التواصل الاجتماعي، فحاشا لله أن أدافع عن مثل ذلك الفعل المشين في حق شخص مسن، وهذا التعاطف المستحق وصل حد اعتبار فعل رجل (السكيوريتي) البدين فعلا مع أن الواقع أنه ردة فعل لفعل سابق لم نشاهد منه إلا اندفاع المسن نحوه مرددا (لا تتكلم علي كذا.. ما نيب أصغر عيالك).

الذي أريد أن (أدفع به) غير (مدافع عن الفعل المشين) هو سرعة تجاوب وتفاعل كل الجهات المعنية و(غير المعنية) بمعاقبة رجل (السكيورتي) في إنزال أشد العقوبات به، بل أقصاها وهو الفصل من الخدمة دون محاكمة عادلة، بل دون البداية في المقاضاة أصلا!!.

تخيل، حتى البنك، الذي هو أصلا مستأجر لخدمة الحراسة من شركة متعهدة بالخدمة أعلن على الفور فصل موظف الحراسة الذي لا يتبع له أصلا!!، وكل من له علاقة، ومن ليس له علاقة بذلك الموظف (الذي لا أدافع عنه) أعلن فصله! وأعلن معاقبته! وإيقافه! كل حسب العقوبة التي يتمناها بصرف النظر هل يملك حق تنفيذها أم لا!!، ناهيك عن عدم بدء محاكمة عادلة للموظف!.

صراحة فإن تسارع إعلان العقوبات ضد موظف (السكيوريتي) لم أجد وصفا له أبلغ من وصف عادل إمام لحالته عندما لم يدفع أجرة (الأوتوبيس) في مسرحية (شاهد ما شاف حاجة) حين قال: (الكومسري يضرب والرجالة تضرب والستات تضرب وعيال صغيرة تعمل حاجات غريبة وتضرب!).

لماذا يا جماعة أجمعتم هذه المرة (وأقصد الجهات المعنية وغير المعنية) على سرعة عقاب الموظف؟!، هل فقط لأنه (سكيورتي) ضعيف؟!، لقد نقلت لنا مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية والورقية حوادث ضرب، أذكر منها: طبيب كسر أسنان خمسيني وأدخله العناية المركزة ونشرته (سبق) موثقا، و لايزال يحرر صفحة طبية، وموظف الخطوط السعودية الشهير الذي ضرب راكبا وسبه، وصاحب (رح اشتر)، والطفل المشجع حامل القميص النصراوي الشهير الذي جلد جلدا بسبب قميص، وفي كل تلك الحالات كان المعتدي موظفا ولم يفصله أحد!!.

أكرر، لا أدافع عن ردة فعل رجل (السكيورتي) لكن يسوؤني جدا الاستقواء عليه من كل الجهات رغم أن مشكلات هذه الفئة من الموظفين السعوديين مع الشركات الأمنية ومع صندوق الموارد البشرية ومع التأمينات الاجتماعية ووزارة العمل ومع الشباب والمجتمع بأسره تطرح منذ سنوات ولم يفصل أحد!!.