اليوم: 3 يناير، 2016

عضو شورى مستفز

من يعترض على مقدار الزيادة في أسعار الوقود مصرحا بأنها قليلة ويفترض أن تكون أكثر لا يقل ضررا بل يزيد، بل يزيد وأكررها بل يزيد ضررا على من يعترض على مقدار الزيادة بأنه كبير ومرهق، فكلاهما يثير استفزازا في نفوس العامة ليس هذا وقته ولسنا بحاجة له، لكن عضو الشورى الذي يطالب بمضاعفة زيادة سعر البنزين إلى المستويات العالمية (١٨٠ هللة) أكثر استفزازا وضررا من حيث لا يعلم أو جعلته (مجاملته) لا يعلم ولا يحسن التوقيت والأدوات، خصوصا أن أحدا لم يطلب منه هذه المشورة على مستوى القرار، وقديما قال المثل الشعبي (شور من لا يستشار مثل السراج في النهار!!).

الدولة أعزها الله درست الزيادة بعناية بحيث تتناسب مع مجمل ظروف اقتصادية من بينها انخفاض في سعر البترول، وهي ذات الدولة أعزها الله التي خفضت سعر الوقود إلى معدلات ميسرة جدا عندما كانت الظروف تسمح، والدولة ممثلة في مجلس الوزراء وهيئة الخبراء ومستشاريها لا تنظر للأسعار بعين الغني المستغني ميسور الحال الذي أوسع الله له في الرزق بسبب تجارة رابحة أو إرث كبير من أب أو أم، بل تحسب حسابا لمستور الحال والفقير والجائع والمعتر، وتدرس الأمور من هذا المنطلق الحكيم، بينما عضو الشورى الذي أشار دون أن يستشار ينظر لسعر البنزين مثل نظرة الطفل الفرنسي التي تريد من طفل أفريقي جائع لم يجد قطعة خبز أن يأكل كيكا!.

ثم يفترض من عضو شورى ينشد التجديد أن يجدد في دراساته المقارنة ففي دول العالم، التي يريد رفع السعر لسعرها، تتوفر بدائل نقل لا توجد لدينا، وكان الأجدر به أن يطالب باسم المواطن أن تطور تلك البدائل ويسرع بتوفيرها في كل مدينة وقرية حتى لا تخنقه رائحة التلوث من زيادة استهلاك وحرق البنزين، وإلا فإن الناس ستلجأ لسيارات الديزل الأرخص وتكتم أنفاس السيد العضو فلا يجدد له بسبب الحالة الصحية!


الهيئة.. وكيف زل الشورى؟!

أن يحجب هوى النفس بصيرة فرد أو اثنين فيطالب أو يطالبان بإلغاء جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستبداله بجهاز مشابه تماما هو (بوليس الأداب)، لا يختلف عنه في شيء إلا إبعاد الإطار الشرعي لجهاز الهيئة، وتماما كما ذكر الشيخ بدر العامر في برنامج «الأسبوع في ساعة» على قناة روتانا خليجية أن لدى هؤلاء حساسية للإطار الشرعي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا سبب تلك المطالبة الغريبة.
ارتكاب موظف جهاز لخطأ لا يبرر المطالبة بإلغاء الجهاز بأكمله، ولا يطالب بها عاقل وإلا لألغينا جهاز وزارة الصحة مع أول خطأ طبي! كما أن تشابه المهام بين الشرطة والهيئة لا يبرر المطالبة بإلغاء أحدهما، لأن تفاصيل الأدوار والتخصص وطبيعة العمل تختلف رغم تشابه المهام، فتشابه وزارة التجارة مع هيئة المواصفات لا يبرر إلغاء هيئة المواصفات، ولا تزال مهام وزارة الصحة تتشابه بل تتقاطع مع هيئة الغذاء والدواء ومع ذلك تلقى هذه الهيئة دعما متزايدا لا مطالبة إلغاء.
إذًا، هي الأهواء من تحجب عقلانية الرؤية وإضعاف البصيرة لفرد أو آخر، لكن الغريب أن تصيب الغشاوة رؤية ١٥٠ عضوا في مجلس الشورى أو على الأصح غالبيتهم، فيؤيدون توصية بأن تحدد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المنكرات، وهم يعلمون أنها هيئة تنفيذية لا تشريعية، وأن التشريع منوط بجهات تشريعية أخرى، وأن مثل هذا التحديد للمنكرات، إذا كانت غير معروفة، أو على أساس أن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات هو من اختصاص هيئة كبار العلماء، ويفترض أن تحدد المنكرات للهيئة لا أن تطالب بتحديدها!.
كيف فات هذا الأمر على جماعة يشكلون مجلسا يصوت فيه ١٥٠ عضوا ويؤخذ فيه بالغالبية؟! أمر جد محير، ولا تفسير له في رأيي الشخصي إلا أن المجلس افتقد للتركيز لأن تركيزه كان منصبا على الإسراع في خروج توصية بتحديد المنكرات ففات عليه أن تكون مستنكرة.