الهيئة.. وكيف زل الشورى؟!

أن يحجب هوى النفس بصيرة فرد أو اثنين فيطالب أو يطالبان بإلغاء جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واستبداله بجهاز مشابه تماما هو (بوليس الأداب)، لا يختلف عنه في شيء إلا إبعاد الإطار الشرعي لجهاز الهيئة، وتماما كما ذكر الشيخ بدر العامر في برنامج «الأسبوع في ساعة» على قناة روتانا خليجية أن لدى هؤلاء حساسية للإطار الشرعي في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا سبب تلك المطالبة الغريبة.
ارتكاب موظف جهاز لخطأ لا يبرر المطالبة بإلغاء الجهاز بأكمله، ولا يطالب بها عاقل وإلا لألغينا جهاز وزارة الصحة مع أول خطأ طبي! كما أن تشابه المهام بين الشرطة والهيئة لا يبرر المطالبة بإلغاء أحدهما، لأن تفاصيل الأدوار والتخصص وطبيعة العمل تختلف رغم تشابه المهام، فتشابه وزارة التجارة مع هيئة المواصفات لا يبرر إلغاء هيئة المواصفات، ولا تزال مهام وزارة الصحة تتشابه بل تتقاطع مع هيئة الغذاء والدواء ومع ذلك تلقى هذه الهيئة دعما متزايدا لا مطالبة إلغاء.
إذًا، هي الأهواء من تحجب عقلانية الرؤية وإضعاف البصيرة لفرد أو آخر، لكن الغريب أن تصيب الغشاوة رؤية ١٥٠ عضوا في مجلس الشورى أو على الأصح غالبيتهم، فيؤيدون توصية بأن تحدد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المنكرات، وهم يعلمون أنها هيئة تنفيذية لا تشريعية، وأن التشريع منوط بجهات تشريعية أخرى، وأن مثل هذا التحديد للمنكرات، إذا كانت غير معروفة، أو على أساس أن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات هو من اختصاص هيئة كبار العلماء، ويفترض أن تحدد المنكرات للهيئة لا أن تطالب بتحديدها!.
كيف فات هذا الأمر على جماعة يشكلون مجلسا يصوت فيه ١٥٠ عضوا ويؤخذ فيه بالغالبية؟! أمر جد محير، ولا تفسير له في رأيي الشخصي إلا أن المجلس افتقد للتركيز لأن تركيزه كان منصبا على الإسراع في خروج توصية بتحديد المنكرات ففات عليه أن تكون مستنكرة.

اترك رد