الشهر: أبريل 2018

كل شيء تطور إلا البنوك

عزيزي العميل استخدم بطاقتك الإئتمانية الفلانية في سفرك خلال  شهر يوليو وستحصل على خصم مباشر قدره ١٠٪ على جميع العمليات! ثم لا خصم!، عزيزنا العميل استخدم بطاقتك (….) مدى للصرف الآلي أو بطاقتك الائتمانية (….) خارج المملكة لتربح قسائم سفر!، ثم لا قسائم!، عزيزي العميل استخدم بطاقة (….) الائتمانية على موقع كذا خلال الفترة ١٧-١٨ سبتمبر واحصل على خصم ١٥٪ لحد أعلى ٧٥٠ ريال! ثم لا خصم!، عزيزي العميل احجز حجرتك الفندقية باستخدام بطاقتك الائتمانية واحصل على خصم ١٥٪ عند الدفع بالبطاقة الائتمانية! ثم لا خصم!، استخدم بطاقتك الائتمانية قبل ٢٥ مارس ٢٠١٨م وادخل السحب لحضور كأس العالم! كذبة كبرى.

هذه عينة لإعلانات بعض بنوكنا التي تغري العميل بتخفيضات ثم لا تطبقها أو بجوائز ثم لا تحصل أو بدخول سحب تحصل بموجبه على حضور كأس العالم وأحياناً دخول سحب للفوز بمبالغ مالية كبيرة، لكنها كذبة كبيرة!

هذا التعامل من البنوك غير المراقب ولا المحاسب من مؤسسة النقد أو أي جهة رقابية يدعو للغرابة ويدل على أن بنوكنا والجهة المسؤولة عنها تغرد خارج سرب تطور نشهده على كافة أصعدة الخدمات لا يمكن إنكاره، فهناك تطور على مستوى حماية المستهلك وحفظ الحقوق، إلا مع البنوك!.

إذا أضفنا إلى ما ذكر فشل البنوك في توفير عملات نقدية عالمية كاليورو والدولار والجنيه الاسترليني يحتاجها المسافر، خاصة في الصيف، وإذا أضفنا إليه عدم توفير البنوك لكمية كافية من النقد عند رغبة العميل في سحب مبلغ كبير بالريال، وتعطيله أو تحويله لعدة فروع لتجميع ما يحتاج من ماله الذي أودعه واستفاد منه البنك دون دفع فوائد!، وأضفنا إلى كل ذلك تقاعس البنوك نحو القيام بالمسئولية الاجتماعية التي يفترض أن تسهم فيها بقوة تعادل التسهيلات التي تجدها وعدم قبول غالبية العملاء الحصول على فوائد لودائعهم (أرباح عظيمة مضمونة)، فإنك تتيقن أن بنوكنا تغرد خارج سرب المحاسبة التي نعيشها هذه الأيام بردع القصور والتقصير ومحاربة الفساد، وخارج سرب تطور نشهده في كل التعاملات إلا البنكية!.

 

تربية الشعوب بمنح الثقة

حتى لا يساء الفهم من غيور أو متحمس، فإنني لابد أن أؤكد، قبل الشروع في الفكرة، أنني أدرك أن لدينا من التعاليم الدينية والقدوة الحسنة العظيمة  والقيم الاجتماعية ما يغنينا عن الاستشهاد بغيرنا أو تطبيق تجاربهم، لكن عبارة (وجدت إسلاماً ولم أجد مسلمين) تتجسد كثيراً عندما تزور بلدا غير مسلم وترى، على أقل تقدير أنهم لا يندمون كثيراً على الثقة بالأخر وكأنه مسلم ملتزم بتعاليم هذا الدين العظيم الذي يمثل منهج حياة أمنة مطمئنة سليمة، لو طبقت تعاليمه!.

عندما أسافر ولو في مهمة علمية أو عمل أحب أن أجرب الخدمات العامة التي يستفيد منها مواطن البلد البسيط الكادح وخاصة في أهم العناصر التي يحتاجها الإنسان بما يحقق احترام إنسانيته، وأعتقد أن أهم هذه العناصر على الإطلاق توفير دورات مياه عامة تحترم الحاجة الإنسانية لهذا المخلوق الراقي والخدمات الصحية التي تحترم حقه في علاج ألامه وعلاج إصاباته ورعاية صحته (ليس من بين هذه الأساسيات لا نفخ شفايف ولا إزالة شعر بالليزر)  وخدمات النقل العام التي تغني عن امتلاك سيارة، ناهيك عن قيادتها، وتعليم مجاني في بيئة نظيفة تشتمل على كل ما يحترم إنسانية الدارس وحريته.

هذه الأيام أحضر مؤتمراً دولياً للسموم في بيلغراد عاصمة صربيا، وبعد ساعات محاضرات ونقاشات المؤتمر الطويلة، أجرب ما ذكرته سابقاً، ومن ضمن ما جربت التنقل مشياً على وسيلة نقلي الخاصة (الأقدام) أو بوسائل النقل العام (الحافلات و الترم).

في الأولى وجدت احتراماً للماشي على قدميه أو من يركب دراجة في حق العبور والسير الأمن واحترام المسارات، لكن ذلك ليس موضوعنا في هذه العجالة، فما يهمني، ونحن مقبلون على مرحلة نقل عام مبشرة بالقطار الأرضي والحافلات هو حجم الثقة الكبيرة التي يمنحونها للراكب بما يكفل تربيته على الثقة حتى يصبح على المدى الطويل ( موثوقاً) وأهلاً للثقة.

تركب الحافلة ببطاقة مسبقة الدفع (رخيصة جداً) ومن مميزاتها أنك تدفع بها للمشوار الأول ثم لك أن تركب مجاناً خلال الساعة ونصف القادمة دون أن تمسح البطاقة على الجهاز حتى لا يخصم من رصيدك، أي تتنقل مجاناً خلال ساعة ونصف تكفي للتغييرات والعودة السريعة، لذا فقد لاحظت أن كثر يركبون دون مسح البطاقة على الجهاز أو دفع للسائق!، أما ما يحدد أنك فعلاً تحمل بطاقة واستخدمتها للتو فهو الثقة مع رقابة طفيفة مفاجئة.

تساءلت في داخلي عن السر في هذه الثقة العمياء التي قد تستغل وتخسر مؤسسة النقل، فأدركت دون عناء تفكير أنها خسرت  في البداية، لكن البلد كسب ثقة المواطن وانتماءه ثم كسب تربيته على الثقة ثم ربحت مؤسسة النقل لأن الغالبية تدفع ولا تغش!.

 

سدير في حضرة الملك

مقولة شهيرة حكيمة خالدة قالها الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه عندما كان أميراً لمنطقة الرياض، قال: (من لا خير فيه لقريته لا خير فيه لوطنه) قالها حفظه الله رداً على من انتقد مجموعة أطباء تطوعوا لفتح عيادات فحص أثناء عطلة نهاية الأسبوع في قريتهم ومناطقها المجاورة، فكانت عبارة حكيمة شجعت كثير من القادرين على التكفل بمشاريع وإنشاءات تخدم قراهم ومسقط رأس الواحد منهم، فثمة فرق كبير بين المناطقية المقيتة التي تقصي الآخر وبين الأعمال التطوعية التي تخص قرية أو منطقة أو إقليم بعينه لأنها لا تستطيع أن تشمل الجميع.

وللأمانة التأريخية فإن أول من طبق هذه المبادرة في منطقة سدير (حسب علمي ومتابعتي) هو الدكتور خالد بن محمد بن براهيم بن عثمان الجبير  إبن وزير العدل سابقاً ورئيس مجلس الشورى سابقاً معالي الشيخ محمد بن جبير تغمده الله بواسع رحمته، والدكتور خالد استشاري عيون في مستشفى الملك فهد للحرس الوطني وتطوع رغم طول ومشقة الدوام بفتح عيادة في المجمعة تخدم كل أهالي منطقة سدير فكان عوناً لكثير ممن عانوا مضاعفات تأثير الأمراض على الشبكية والعيون عامة وخاصة كبار السن.

و مؤخراً ومنذ ما يزيد عن سنتين تأسس في مدينة جلاجل (برنامج الطبيب الزائر) وهو نشاط تطوعي طبي كبير ومنظم حيث تم استغلال المركز الصحي الذي أنشأه مشكوراً وتبرع بكل تكاليف إنشاؤه وتشغيله وسكن موظفيه الشيخ عبدالعزيز بن علي الشويعر، فتم فتح باب التطوع أمام جميع الأطباء من أهالي جلاجل وهم كثر يزيدون عن عشرين استشاري في كافة التخصصات وذلك لاستقبال المرضى أثناء نهاية الأسبوع والعطل وفعلاً بدأت العيادات بأكثر من عشرة استشاريين بينهم أطباء من خارج منطقة سدير استهواهم التطوع وانظموا إليه ومنهم الدكتور علي بن محمد بن سلمه استشاري جراحة المخ والأعصاب وأحد أهم جراحي فصل التوائم الملتصق بالرأس.

المبادرات التطوعية شملت جميع مناطق المملكة ولله الحمد لأن المواطن السعودي يملك انتماءً عالياً للوطن وللقرية والمدينة ومسقط الرأس، لو كان بيت طين أو بيت شعر في الصحراء، وفي منطقة سدير التي أعرفها بحكم الإنتماء، ما كان لفريق مثل الفيصلي فريق حرمه الشهير بعنابي سدير ليصل إلى نهائي كأس أغلى الناس والمثول أمام الملك لولا دعم سخي من أهالي حرمه ووصولهم تشريف لمنطقة سدير التي نعمت مثل غيرها بخيرات هذا الوطن المعطاء وقيادته الحانية.

ما تحتاجه منطقة سدير حالياً هو حفظ مسمى (سدير) وهو اسم دونه التأريخ لأحداث هامة ووديان وشعاب ومواقع تاريخية و تغنى به الشعراء منذ آلاف السنين ويكاد يندثر بمسميات جديدة تذكر في مناسبات رياضية واجتماعية فحق حفظ تأريخ سدير ومن للتأريخ غير سلمان بن عبدالعزيز الذي يفخر به التأريخ ويتشرف به التوثيق، ومثول فريق فيصلي سدير في حضرة الملك أفضل مناسبة لحفظ التسمية.

تحذير من لجنة تحضيرية يا وزارة الخدمة

تنوي لجنة تحضيرية تسليم وزارة الخدمة المدنية محضراً يتناول تعديلات وضوابط البدلات والمميزات للممارسين الصحيين (بدل الندرة والتميز والتدريب والإشراف) بالاعتماد على وجهة نظر طبيب أعد المحضر بتأني لكنه لم يمنح القطاعات الصحية للتعليق عليه سوى مهلة أسبوع منه يومين عطلة! وإذا اعتمدت وزارة الخدمة المدنية على محضر تلك اللجنة الإعدادية الصغيرة في أمر يمس جميع أعضاء الرعاية الصحية في الوطن فإنها ستكرر خطأ ارتكبه ديوان الخدمة المدنية وسبب إشكالات كبيرة سأتي على ذكرها.

واللجان التحضيرية التي تعد محاضر المقترحات لتعديل بدلات أو مميزات تمس فئة من الموظفين أو شريحة عامة من المواطنين هي حجر الأساس الذي تبنى عليه القرارات، فمن  طبيعة اللجان اللاحقة أنها تتأثر كثيراً بمحاضر اللجان الإعدادية مهما صغرت وقل عدد أعضاءها وقل تنوع الأعضاء في اللجان التحضيرية، وبعض تلك اللجان يسيطر عليها أمينها أو رئيسها ويطوع محاضرها لتخدم مصالح التخصص الذي ينتمي إليه!، بل غالبية اللجان التحضيرية تتكون من عدد قليل من الأفراد وجميعهم أو غالبيتهم  ينتمون إلى تخصص واحد.

واللجان التحضيرية لما يتعلق بالكادر الصحي تتكون غالباً من الأطباء مما جعل الكادر الصحي يخدم هذه الفئة من الموظفين دون بقية أعضاء فريق الرعاية الصحية من صيادلة وفنيين وأخصائيين وهؤلاء أعدادهم وتفرعاتهم تزيد عن الثلاثين وجميعهم تمسهم مقترحات المحضر وبالتالي القرارات اللاحقة، فيبدأون في الشكوى والتذمر، وهذا ما جعل الكادر الصحي منذ صدوره منذ أكثر من ٢٠ سنة يتغير ويعدل أكثر من خمس مرات، ذلك لأن ديوان الخدمة المدنية آنذاك اعتمد في إعداده على وكيل وزارة طبيب أطفال فكاد الكادر أن يظلم حتى طبيب الكبار، لكنه بالتأكيد ظلم بقية أعضاء الفريق الصحي، وسبب إزعاجاً لديوان الخدمة المدنية آنذاك وللجهات المختصة والجهات العليا.

على وزارة الخدمة المدنية أن توسع نطاق اللجان الإعدادية ليكون شاملاً ويمثل فيه كل تخصص لعضو في الفريق الصحي، وعلى وزير الصحة المطالبة بذلك فمعاليه وزير رعاية صحية شاملة.

 

فاهمين المنصب غلط

لا مانع أن تستهل اليوم الأول لإستلامك المنصب بتغيير ثوبك وشماغك وتشتري مشلحاً جديداً وربما سيارة فخمة (تواجه)، فهذا شأنك الشخصي ومن حقك بأن تغير من مظهرك، لكن المنصب لا يبيح لك أن تغير جوهرك فتغير من تعاملك مع الناس و تتعالى على من أوكل لك خدمتهم ووليت زمام أمورهم، خاصة وأن أول تصريح لك بالثوب الجديد والشماغ الطويل و(البشت) الثمين تؤكد فيه أن المنصب تكليف لا تشريف!، حسناً تغير على الناس كمكلف لا مشرف!.

أمر التغير بعد تولي منصب رفيع  ومسؤولية عليا يعود (في ظني) لحجم الثقة في النفس، بل ودرجة استحقاق المنصب أصلاً، وقد مررنا بنماذج وطنية زادها منصب التكليف الرفيع قرباً من الناس وتواصلا معهم واحتراماً لشيخهم وتودداً لصغيرهم (لاحظ أنني لا أستخدم قط كلمة تواضع، لأنني أرى الناس سواسية في أمر إنسانيتهم فلا يجوز عندي أن أقول تواضع فلان لفلان، أو إنسان متواضع)، والنماذج الوطنية التي زادها المنصب قرباً من الناس وتواصلاً معهم كثيرة ولله الحمد، وليس المجال هنا لسردهم والحديث عن مواقفهم.

ما أنا بصدد الحديث عنه هم أولئك اللذين ما أن يتولى مسؤولية حتى يتعالى على الناس وتنقلب شخصيته من حمامة إلى طاووس (لم أقل من صقر إلى طاووس لأنه لو كان صقراً ما تغير)، فيتغير في تعامله مع المراجعين وأصحاب الحاجات ويتغير حتى على أصدقاءه وسكان حيه وجماعة المسجد وربما تغير تعامله مع زوجته!.

يهمني  تغيره على المراجعين وأصحاب الحاجات وعلاقته العملية في القيام بمهامه، فتجده ينهر هذا ويرفض مقابلة هذا ويطرد ذاك، ولا يناقش صاحب المشكلة مباشرة بل يعتمد على مدير مكتبه وسكرتيره في فهم قضية المراجع والحكم عليها وكأن مؤهلاته هو في فهم قضايا الآخرين وإيجاد الحلول لمشاكلهم لم تكن ذات قيمة أصلاً!.

تبلغ حالة جنون العظمة به، رغم قلة خبرته أن لا يقبل رأياً من زميل خبير، ولا يقبل نقاشاً ويرى أن (سم) و(الشور شورك) هي المشورة المثلى من المتخصص والخبير، لا يتواصل مع زملاء العمل إلا عن طريق مدير مكتبه، ولا يتصل بزملائه، حتى هاتفياً، إلا عن طريق السكرتير (أطلب لي فلان)، ومن أطرف ما عايشت أن نائباً لرئيس قطاع صغير يطلب زميلاً من قطاع آخر أكبر منه سناً وأكثر خبرة لاجتماع (تشاوري) عاجل بواسطة السكرتير الذي حين سأله المدعو عن موضوع الاجتماع قال: (لا أعلم)، وعندما عاتب المدعو النائب على دعوته لاجتماع لا يعرف هدفه، رد لم أخبر السكرتير لأن الأمر سرّي!، المدعو ترفع حتى عن أن يقول له (سرّي؟! لماذا لم تتصل بنفسك؟!).

نصيحتي للمعين في منصب جديد رفيع: غير في المنصب لا تجعله يغيرك!.