حماية حقوق الممارس الصحي فكرياً ومهنياً

هل تلاحظون معي أن عمليات جراحة القلب هي العمليات الوحيدة التي ينسب الجهد فيها لكامل الفريق الصحي وليس لطبيب بعينه ويجير فيها النجاح للفريق وليس لشخص يتصدر المشهد، وتصاغ أخبارها بطريقة مهنية متجردة من الاستحواذ على الشهرة لشخص؟

أعيدوا قراءة الأخبار في الصحف أو مواقع التواصل الاجتماعي أو شاهدوها في القنوات الفضائية وستجدون أن أطباء القلب مثل مؤيد الزيبق أو محمد بلغيث البارقي لا ينسبون نجاحاتهم في التدخلات الجراحية في القلب أو زراعة القلب أو تركيب الصمامات أو توسيع الشرايين أو علاج مشكلات القلب المعقدة، لأنفسهم أو للأطباء فقط، بل لكافة الفريق الصحي والذي يتكون من عدد من الممارسين الصحيين في عدد من التخصصات المختلفة، فلا يستحوذ فرد أو ممارس بعينه على الشهرة أو التقدير.

هذا السلوك الإعلامي المهني لقادة طب وجراحة القلب لدينا مثل د. مؤيد الزيبق أو د. محمد بلغيث وغيرهم كثر لا يحضرني حصرهم، هو السلوك الصحيح السليم المهني المثالي والذي يجب أن يندرج على كل إنجاز لفريق عمل، وهو يقودنا لسؤال عريض (متى نشرع في حفظ الحقوق الفكرية والمهنية للممارسين الصحيين في كافة التخصصات ونحفظ لهم إنجازاتهم بعدالة وانصاف لأدوارهم جميعا في النجاح؟!).

تريدون الصراحة فإنه مثلما سرق حقوق فكرية لمفكرين ومبدعين ومخترعين فقد سرق حقوق مهنية وإبداعية لممارسين صحيين ونسبت لغيرهم ومنهم فنيو تخدير ومختبرات وفنيو تنفس وصيادلة، بل وحتى أطباء جراحة مخ وأعصاب وجراحة أوعية دموية وليمفاوية دقيقة وجراحة عظام وجراحة مسالك بولية نسب إبداعهم ونجاحهم لرئيس الفريق ولم يأتِ لهم ذكر وأحبطوا وذهب أصحاب حب الظهور بالأجور.

ونحن نعيش اليوم في عهد حزم وعزم ومهنية ونشهد توجها جادا لاستراتيجية وطنية لحماية الحقوق الفكرية أجدها مناسبة لاقتراح أن تقوم وزارة الصحة والقطاعات الصحية الأخرى بإعادة تقييم شامل للإنجازات الصحية عن طريق مختصين ثقات وإعطاء كل فرد من أفراد الفريق الصحي حقه وتميزه سواء كان طبيبا متخصصا في تخصص دقيق أو أي ممارس صحي كل في مجاله وفنه وإبداعه وعمل الفريق يجير للفريق وليس لفرد حتى لو كان رئيس فريق، ولعل أكبر دليل على أن لكل ممارس في الفريق الصحي أهميته أنه حينما أصبح التأمين عن الأخطاء الطبية مطلبا وشرطا للممارسة، شمل به بقية الممارسين وذكروا فيه سواء الصيادلة أو الاختصاصيين أو التمريض أو الفنيين بينما كان النجاح ينسب لممارس صحي واحد، فعجبا كيف ينسب النجاح لممارس واحد هو الطبيب ويؤمن عن الفشل للجميع؟! هذا لا يستقيم مع المنطق والعدل في توزيع الأدوار ودرجة أهمية كل فرد في الفريق.

نشر في صحيفة الرياض يوم الأربعاء 4 جمادى الآخرة 1444هـ 28 ديسمبر 2022م

اترك رد