اليوم: 3 يوليو، 2002

ضحايا تفسير النظام

لا شك أن أحد أهم أسباب شيوع الانزعاج النفسي في المجتمع وغياب الابتسامة وتسيّد حالة عدم الاستقرارالنفسي وظهور العامة بمظهر الانشغال والقلق يعود إلى غياب النظم والإجراءات السلسة التي يفترض أن تحكم شؤون الناس ويحتكمون إليها وتسهل سير معاملاتهم اليومية دون انزعاج وبحث عن وسيط أو الركون لحالة إحباط تام عند أول عقبة غير مبررة بنص قرار أو فقرة من نظام واضح.

وفي الوقت ذاته وكما سبق أن ذكرنا فإن غياب قنوات تقديم الشكوى ضد أي جهة تمارس تعطيل مصالح الناس دون مبرر نظامي ونعني القنوات المحايدة التي لا تعيد الشكوى إلى الخصم ليصبح الحكم ولا تعطل الشكاوى أكثر من تعطيل الجهة للمعاملة، نقول إن عدم توفر قنوات استقبال الشكاوى والبت فيها يأتي سبباً ثانياً إلى وضع الانشغال الذهني وربما الكآبة المستمرة والشكوى الدائمة التي تشغل المساحات الأكبر في الصحف المحلية منذ زمن بعيد تشاركها فيه حالياً الشبكة العنكبوتية، وذلك كون الصحافة و”النت” هما القنوات الأسرع والأجدى للشكوى التي قد تحظى باستجابة أو على أقل تقدير تحقق تخفيف الضغط النفسي عن طريق “التنفيس”.

الأدهى والأمرّ من غياب النظم والإجراءات الواضحة في الجهات الحكومية هو تفسير هذه النظم إذا وجدت فالمراجع الساعي وراء متابعة شؤونه أو مصالحه عرضة للإعاقة من قبل أصغر موظف نتيجة تفسيرهذا الموظف للنظام على حسب فهمه المحدود لفقرة النظام وتمسكه بهذا الفهم أو استغلاله بقصد لتفسير خاطئ للنظام وغالباً ما ينتهي سعي بعض المراجعين الحثيث والطويل إلى نتيجة “تفسير خاطئ للنظام”، وهذا التفسير ليس من خبير أو عضو في لجنة تشريعية ولكن من موظف محدود الفهم يفسر الفقرة بناءً على فهمه الخاطئ.

بيت القصيد أنه سواء غابت الأنظمة والإجراءات التي تحكم علاقة المراجع بالدائرة الحكومية أو تواجدت هذه الأنظمة وأسيء تفسيرها فإن مصلحة المواطن عرضة للإهدار دون أن يتوفر سبيل سهل وحيادي للشكوى واستئناف الركض وراء الحق فليس أمام صاحب الحق إلا شكوى الجهة على وزيرها والذي بدوره سيعيد المعاملة إلى نفس القسم مثار الجدل.. أو أن يعمد إلى الشكوى للصحف عسى أن يجد من يستجيب أو أن يركن إلى الاستسلام للإحباط فيصبح عكر المزاج دائم الانفعال ومن غير المستبعد أن يمارس الشيء نفسه مع مراجع آخر إذا كان موظفاً .. وهكذا يستشري الأمر مع أن حلوله سهلة وممكنة بشيء من المرونة.