امتداداً لما كتبته في هذه الزاوية يوم الأربعاء الماضي بعنوان “عقوبات تشجع الغش التجاري” حول ما أظنه من عدم كفاية غرامة مائة ألف ريال وقفل المستودع (90) يوماً في حق من يبيع أو يوزع حليب أطفال منتهي الصلاحية وهشاشة هذه العقوبة في حق مثل هؤلاء المجرمين في وقت ترتفع فيه الرسوم تدريجياً على ذوي الدخل المحدود في حين يفترض رفع الغرامات فيما يخص المخالفات التجارية ومنها الغش قبل التفكير في أي شيء آخر.
أقول امتداداً لهذا الموضوع أجد من الضروري التطرق لأمر ورد في نفس الخبر أو نفس اليوم في عدد من الصحف وهو إعادة كميات من الحلوى الأردنية غير الصالحة لاستخدام الآدمي وأخرى من سوريا غير مطابقة للمواصفات وبعض المواد الغذائية من دول أخرى وجد أنها في حال سيئة أو غير صالحة للاستخدام الآدمي.
هنا لابد من وقفة هامة تتعلق بمفهوم اعادة ما يصل إلى موانىء المملكة من مواد غذائية غير صالحة للاستخدام الآدمي أو أثبتت فحوصات مختبرات الجودة عدم صلاحيتها أو عدم مطابقتها للمواصفات، فهذه المادة طالما أنها ترد إلى وكلاء يعلمون جيداً ضرورة مطابقتها للمواصفات وصلاحيتها للاستخدام الآدمي، وهي تصدر من تلك الدول من مصانع تدرك هذه الحقيقة فإن من المفترض عدم إعادتها بإتلافها واعتبارها لم تصل للوكيل وبالتالي فإن المصنع أو المصدر يتحمل مغبة هذا الإجراء وما يترتب عليه من خسارة كما يجب أن يتحمل الوكيل في المملكة غرامة مجزية تعادل الخطورة المترتبة على استخدام هذه المواد لو نجحت في المرور أو اجتازت العينة العشوائية منها الفحوص وأعطت انطباعاً خاطئاً عن صلاحيتها وبالتالي وصلت لمستخدم وسببت له أضراراً صحية..
إن تطبيق الاتلاف للمواد غير الصالحة يحمل عدة مضامين إيجابية تشتمل على سبيل المثال لا الحصر: تشكيل رادع قوي لمن تسول له نفسه تمرير مواد غير صالحة فهو إذا علم أن هذه المواد سوف تتلف إذا ضبطت فإنه لن يجازف بإرسالها للمملكة أما إذاكان يعلم بأن أقصى ما سيتعرض له هو إعادتها فإنه في ظل غياب الضمير لن يتردد بتصديرها فليس هناك ما يدعو لمجرد القلق.
الإيجابية الثانية هي حماية الإنسان في دول أخرى ليس لديها إمكانية إجراء الفحوص أو تفتقر إلى وجود أنظمة رقابية متطورة وبالتالي فإن مصير هذه المواد بعد إعادتها سيكون إعادة تصديرها لهذه الدول وتضرر سكانها.
الإيجابية الثالثة تتمثل في توفير عناء إجراءات الإعادة على موانىء المملكة وما يسببه الأخذ والرد في هذا الخصوص من شغل هذه المواد لمساحات في الموانىء.،، وفي حين لايكلف الاتلاف سوى تشكيل لجنة من كافة الأطراف بما فيه المصدر والوكيل والاتلاف السريع لتلك المواد الضارة..
وللمعلومية فإن إجراء الإتلاف هذا تطبقه وزارة الصححة السعودية في حق كل دواء لا يجتاز فحوص المختبر المركزي حتى الأدوية المصنعة في المملكة،، وهي خطوة تشكر الوزارة على تطبيقها دون هوادة ما جعل للمملكة هيبة شديدة في هذا الصدد، وتجد هذه الخطوة قبولاً لدى الجميع بما فيهم مصانع الأدوية الوطنية ويشكل الإتلاف أحد أهم العوامل في رفع كفاءة الصناعة الدوائية السعودية إلى جانب الهدف الأسمى وهو حماية المريض من أن يداوى بما هو داء.
أتمنى أن تستفيد وزارة التجارة والجهات المعنية في الموانئ من تجربة وزارة الصحة في هذا الصدد وأن نسمع قريباً عن إتلاف المواد الغذائية غير الصالحة بدلاً من إعادتها كما ورد في الخبر.