اليوم: 10 مايو، 2003

شاحنات الدمار الشامل!!

تطرقت في زاوية يوم الأربعاء إلى تغاضينا عن السلوكيات السيئة التي تمارس بوضوح وتعلن عن نفسها ولا تجد أدنى استجابة أو أي تفاعل من أية جهة مسؤولة بل إنه حتى الآن لا يعرف من هي الجهة المعنية بها، وكان من ضمن الأمثلة رمي القاذورات من السيارة على مرأى من الجميع أو البص في الشارع وخلافه.
ولأن شيوع الممارسات دون أي رادع أو حتى مساءلة هو أحد أهم أسباب التمادي إلى أن تصبح الممارسة أمراً طبيعياً وسلوكاً عاماً يعكس صورة سيئة ودلالة تخلف، ولأننا ولعدة اعتبارات نصنف، دون مكابرة، كمجتمع منظم يسهل عليه إذا أراد ردع كثير من دلالات التخلف مثل تلك السلوكيات فإن من المستغرب أن تنعدم لدينا الرقابة الميدانية على السلوكيات اليومية باستثناء إيقاف دورية المرور لعابر إشارة حمراء أو متجاوز للسرعة إذا صادف وجود دورية.

نحن مجتمع منظم يسهل عليه تطبيق العقوبات إذا أراد لأننا نطبق الحاسب الآلي في جميع التعاملات فيسهل علينا تسجيل المخالفات وضمان تسديدها، ونحن قوم نقدر تسجيل المخالفات وتطبيق الحسومات واحتساب الرسوم على غير المخالفين فمن باب أولى أن نبدأ بالمخالف ليكون مصدر الجباية قبل غير المخالف وكل ما نحتاج إليه هو تدعيم طرق هذه الجباية ميدانياً ومن حسن الحظ أن لدينا الدوريات المتعددة ولدينا شوارع فسيحة تضمن إيقاف المخالف دون عرقلة السير.

كل ما ينقصنا هي نواحٍ إدارية تتمثل في تعريف المخالفة وتحديد الجهة المسؤولة عن المراقبة وتطبيق العقوبة ثم تحديد عقوبة رادعة وإعلانها.

لقد بلغ اهمال هذا الموضوع حداً جعل حتى مجرد الكتابة عنه غير ضرورية ولا تعد أولوية مع أنني أعتقد أنه من الأولويات في هذا الوقت خاصة وأننا خطونا خطوات كبيرة نحو الوصول إلى مدن نموذجية نظيفة تعنى بجانب الذوق والذوق العام فأصبحت الممارسات السيئة تبدو فيها أوضح وأكثر قبحاً.

دعونا ندلل على قصور منع الأخطاء بمثال أوضح من ممارسة فردية ونضعه في شكل سؤال له جائزة وأجزم أن الإجابة ستكون صعبة أو غير معروفة أصلاً.

عندما تقف عند إشارة المرور وبجانب سيارتك شاحنة بأنبوب عادم جانبي (شكمان جانبي) ينفث كمية كبيرة من عادم الديزل داخل السيارات المجاورة “ربما من بينها سيارات مرور” فمن هي الجهة المسؤولة عن منع هذا الخطأ هل هي إدارة المرور أم حماية البيئة أم أمانة المدينة أم الفحص الدوري أم مكافحة التدخين أم وزارة الصحة أو لجنة حماية الطفولة أم هيئة دولية لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل؟؟!!

كل تلك الجهات تعتبر معنية بالأمر كونه على الترتيب يعتبر ضرراً من سيارة، تلويث للبيئة، تلويث وتشويه للمدينة وأضرار بسكانها، وهو مخالفة لمتطلبات الفحص الدوري، تدخين سلبي لغازات خطرة إجبارياً ولجميع الأعمار، إضرار بالصحة العامة، خطورة بالغة على الأطفال الأبرياء خاصة مرضى الربو وأخيراً وبشيء من المبالغة على أساس عدد الشرائح المتضررة فهو دمار شامل.

كل ما نحتاج لمنع هذا الضرر اعتبار الأنبوب الجانبي مخالفة وتحديد جهة المسؤولية ومتابعة التنفيذ وسنجد أنها مجرد أيام وأصبحت أنابيب العادم تعانق السماء.

هل وقف بجانبك وايت صرف صحي مليان إلى حد رشق كل من حوله بأوسخ الأشياء وأنجسها وأخطرها وأكثرها إهانة و”قرفاً”؟! عندما يستعد للاقلاع يقذف المزيد من الحمم (!!) فهل رأيت من يوقفه ويحرر مخالفة؟! فكر من المسؤول بل من يجرؤ على الاقتراب؟!