اليوم: 28 مايو، 2003

مستوصف الاستفزاز الطبي

سبق أن كتبت عن إمهال الوزراء الجدد فترة ثلاثة أشهر دون توجيه النقد لهم لأنها فترة الاطلاع على أحوال الوزارة، وأرى أن من الضروري ان نسهم في إطلاعهم على بعض الأحوال.
أسوق إلى معالي الدكتور حمد المانع شكوى للمواطن صالح بن محمد الحواس، مما نعانيه جميعاً من استبداد المستوصفات والمستشفيات الأهلية خاصة في مباشرة الحالات الإسعافية معتمدين في ذلك على تصريحات سابقة لمعالي وزير الصحة السابق تقضي بتحديد استقبال الحالات الإسعافية بالحالات الحرجة جداً “وليس ثمة تحديد للحرجة” وكنت اعترضت على ذلك التصريح الصحفي المعلق في غرف الإسعاف عدة مرات دون استجابة ولا زال الوضع الخطير قائماً وإليكم قصة أخطر بكثير يرويها ذلك الذي ذهب ضحية هو ووالدته والناس والدورية لممارسة حرق أعصاب وإهانة من قبل طبيب “المستوصف الطبي الحديث” في حي الربوة، يقول المواطن:

في صباح يوم السبت الموافق 1424/3/23هـ كنت أقود سيارتي وبمعيتي والدتي في داخل احدى الحارات بالقرب من شارع الأمير متعب بن عبدالعزيز في الربوة وحدث التصادم المروري في أحد التقاطعات في الساعة الحادية عشرة إلا ربعاً مع سيارة جيب وقد تم اسعاف والدتي من قبل اثنين من المواطنين وكانت حالتها حرجة للغاية والذي تبين بعد ذلك انها مصابة في رأسها وانتفاخ في شق وجهها الأيمن وفك حنكها السفلي وثمانية كسور في أضلاعها اليمنى وكسر في حوضها كما هو مبين في التقرير ولأن الحادث وقع بالقرب من المستوصف تم نقلها إلى ذلك المستوصف، وكان استقبالهم سيئاً وبمنتهى البرود وحاول أحد منسوبي المستوصف وضعها في كرسي متحرك لكن أحد المسعفين رفض هذه الطريقة البدائية خوفاً من تفاقم اصابة والدتي وامتداد أثر الاصابة إلى العمود الفقري وأصر جزاه الله خيراً بضرورة أن تحمل على نقالة كما هو متبع في مثل الحالات الحرجة. وكنا ننتظر من الطبيب المناوب ان يتفاعل مع حالة والدتي لكنه حينما كشف عليها سأله أحد المسعفين عن حالتها فأجاب ببرود شديد “حالتها غير مستقرة” ثم تركها مع ممرضتين، وبدل أن ينهي معاناة والدتي ويؤدي رسالته الطبية المؤتمن عليها تجاه المرضى ذوي الحاجات الحرجة غير المستقرة رأيناه يشرع في استقبال حالة أخرى عادية جداً، على الرغم أنني كنت أعاني من ألم شديد في رأسي حتى أنه لم يكلّف نفسه أو يأمر غيره بالكشف عليّ، ألا يخشى هذا الطبيب أنني أعاني من نزيف داخلي من جرّاء الحادث وربما تطور الأمر إلى أبعد من ذلك. لماذا لم يكشف عليّ؟ بل تركنا أنا ووالدتي كل في غرفة نعاني الأوجاع والآلام وسط اندهاش واضح من الجميع لهذا التصرف غير المسئول فضلاً عن نفسيتي وأنا أشاهد والدتي أغلى وأعز إنسان عليّ في هذا الوجود وهي في حالة لا يعلمها إلا الله وكل المؤشرات تؤكد أنها إن تركت بهذا الشكل ستقضي نحبها ثم بدا على والدتي خفوت صوتها مع أنها في الأصل كانت لا تشعر بمن حولها في إغماءة متواصلة، فما كان من الحاضرين إلا أن دخلوا على الطبيب وأخبروه بأن حالتها تسوء تدريجياً وأن سيارة الاسعاف الخاصة بالمستوصف قد وصلت، وعلى الرغم من وصول السيارة متأخراً بعد مرور 25دقيقة تقريباً إلا أنها مع الأسف لم تكن مجهزة بالمعدات الطبية اللازمة، وظننا أن مجيء سيارة الإسعاف كفيل بنقل والدتي لكن الجميع فوجىء بتعنت المذكور وغطرسته واحتقاره للحاضرين وصار يزمجر ويرعد دون احترام لأحد ويعلنها صراحة بعدم نقل والدتي عبر سيارة الاسعاف وأن نظام وزارة الصحة يقضي بمراسلة أي مستشفى ولابد من أخذ الموافقة بالنقل عن طريق الفاكس وأن الوزارة هي المسئولة بهذا الشأن وبدون ذلك فانه لا يتحمل المسئولية، وحاولنا ثنيه عن قراره التعسفي لكنه أصر على موقفه، وحينما طلب منه رجل الدورية ضرورة نقلها خوفاً على حياة والدتي تشدد المذكور في موقفه طالباً من رجل الدورية إثبات هويته وكأن المسألة تحدّ بينه وبين الحاضرين بمن فيهم رجال الأمن وقد حمّله الحاضرون جميعاً مسئولية ما يجري وانه بهذا التصرف يكون سبباً مباشراً في وفاة والدتي لكن ذلك لم يزده إلا غطرسة وتكبراً، وفي نهاية المطاف وبعد توسلات وإلحاح من الجميع وافق على نقلها، ولا أدري هل وافق من تلقاء نفسه نتيجة الضغط المتزايد من الحاضرين؟ أم أنه تلقى رداً عن طريق الفاكس بقبول نقل والدتي.

ومع الأسف لم يكن طاقم المستوصف مهيئين لحملها فشاركهم الحاضرون في نقلها، ومما زاد الطين بلة أن السيارة لم تكن مهيئة وظهر الارتباك على الطبيب والممرضات حتى أن أحد المواطنين شارك في فك أنبوبة الاوكسجين الموجودة في المستوصف للاستفادة منها أثناء نقل والدتي إلى مستشفى الشميسي، وظلت والدتي فترة وهي في سيارة الاسعاف في هذا الحر الشديد، دون وجود أي طاقم اسعافي يذكر، وكانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهراً وعشر دقائق، ووصلت بحمد الله إلى المستشفى وهناك تم تشخيص حالتها ولازالت ترقد في الشميسي.

وللمعلومية فعناوين المواطنين المسعفين ورجل الدورية وصاحب الجيب رجل المرور “الطرف الثاني في الحادث” جميعهم مستعدون للشهادة بما ذكر.

انتهى ما ورد في رسالة المواطن. بالنسبة لي سيكون شرح أبعاد هذه السلوكيات لاحقاً لإنارة معالي الوزير ولو “بسراجي” المتواضع وأكتفي اليوم بالإيضاح للمواطنين والمالك الذين قد ينخدعون بما ذكره ذلك الطبيب الأهوج عن ضرورة ارسال فاكس كمتطلب من وزارة الصحة بأنه وبسبب جهله المدقع “وهذه مشكلة أخرى أخطر من ضعف المؤهلات وضعف النفس” أقول أنه بجهله خلط بين مخاطبة المستشفيات لنقل حالة مرضية مستقرة تبحث عن سرير شاغر في مستشفى وبين نقل حالة اسعافية عاجلة لا يستطيع المستوصف مباشرتها وفي وضع والدة المواطن فإن الحالة اسعافية صرفة، حرجة شديدة الخطورة تستدعي استخدام سيارة الإسعاف التابعة للمستوصف لنقلها فوراً.