من ضحايا التأمينات

نظرياً فإن نظام التأمينات الاجتماعية نوقش كثيراً ولمع أكثر، لكن المرآة الحقيقية لكل نظام هي مشاكل ما بعد التطبيق.أمامي قضية أستطيع أن اسميها «ارحموا عزيز قوم أذلته التأمينات»، كان مديراً إقليمياً يستلم ما يزيد عن عشرة آلاف ريال، أصيب (أثناء عمله) و(بسبب ضغوط العمل كما يقول طبيبه) ولكن هذا لا يهم هنا لأنه يسهل نفيه ويصعب إثباته لمن همه النفي، المهم أنه أصيب بجلطة قلبية وأجريت له قسطرة قلب وأصبح لا يتحمل أدنى مجهود بدني أو ذهني فتقاعد تقاعداً مبكراً، وبناءً على تقارير طبية صريحة لكنه تعرض لما يلي:

أولاً: مر ثلاث سنوات بين تاريخ ثبوت العجز المهني وتاريخ فحصه من قبل لجنة طبية للبت في أمر العجز وخلال هذه السنوات الثلاث لم يصرف له ريالاً واحداً من التأمينات بالرغم من أن تأخر فحصه كان عيباً بيروقراطياً لا ذنب له فيه، والرجل دفع جزءاً من راتبه للتأمينات على مدى عشرين سنة، فبأي حق يمنع من راتب التأمين (على ذمة التحقيق) ثلاث سنوات لا لذنب اقترفه ولكن لأن النظام بيروقراطي بطيء؟! وكيف سيصرف على أبنائه وبناته وعددهم تسعة وكيف سيواجه متطلبات الحياة التي دفع جزءاً من راتبه لكي يأمن غدرها؟!.

ثانياً: كان يعالج في مستشفيات خاصة ضمن بند التأمين على موظفي الشركات وبطبيعة النظام والحال فقد أصبح المستشفى يرفضه بعد التقاعد مما نجم عنه تدهور حالته وعدم قدرته على شراء دواء الضغط فارتفع الضغط في إحدى عينيه وفقدت البصر!! فهل هذا نظام التأمينات الذي طالما صفق له مسؤولوا المؤسسة ولمعوه صحفياً وهل يمكن القول أن نظاماً يتسبب في العمى قد أسس على بصيرة؟!.

ثالثاً: وحسب ما أمامي من إثباتات وتقارير طبية فإنه عرض على لجنتين من عدد من الأطباء، اللجنة الأولى فحصته جيداً وقررت أن عجزه مهني وانه يستحق استمرار راتبه التقاعدي. أما اللجنة الثانية فلم تفحصه مطلقاً بل طلبه أحدهم في غرفة منعزلة وسأل كيف حالك (وكان الطبيب يحمل سيجارة!!) ثم طلب منه الانصراف (لا أدري أي فحص هذا إلا إذا كان ينوي سؤاله عن ولاعة!!) وهذه اللجنة هي التي قررت عدم استحقاقه. أي أن الأمر فيه قولان أخذ بالقول المضر بالمؤمن عليه فهل هذا هدف النظام؟!.

رابعاً: أياً كانت نصوص النظام وبنوده وفقراته فإننا نتحدث عن واقع موظف كان دخله الشهري جيداً وتحول بسبب جلطة سريعة إلى فقير يتصدق عليه الناس مع أنه دائن للتأمينات الاجتماعية ومن المؤكد فإن ذلك النظام الموضوع ليس قرآناً (أعز الله كتابه) ولا بد والحال هذه أن النظام ولد غير كامل ولا شامل.

أضف تعليق