عندما يستهدف الوطن بغير الحق فالدفاع عنه فرض عين، والإدلاء بشهادة الحق مطلب ديني (ولا تكتموا الشهادة).
صرح أحد مقاولي تشغيل المستشفيات أن وزارة الصحة استدعت الشركات العاملة في مجال تشغيل المستشفيات وأوضحت لهم أن عروضهم متدنية وطلبت منهم إعادة النظر في الأسعار، وأنهم (المقاولون) رفعوا الأسعار بواقع 50في المائة، ويردف قائلا بأن الوزارة بذلك عملت كميناً للمقاولين ليقوموا برفع أسعار السوق لتحصل على اعتمادات من وزارة المالية!!.
كلام المقاول مردود عليه فوزارة المالية لديها تجربة الشئون الصحية بالحرس الوطني الرائدة ولديها تقديرات دقيقة وعملية لكلفة التشغيل ولا يخدعها رفع أسعار المقاولين، ثم أنتم، أيها المقاولون، لو كنتم أمناء، فما الذي يجعلكم ترفعون أسعاركم 50في المئة لأن أحدا طلب منكم ذلك (إذا كان طلب كما تدعي)؟! ولماذا لم تكن ذكيا وأمينا وتضع سعرك الواقعي بالربح المعقول وتفوز بالعطاء؟!.
والقول بأن تكلفة التشغيل الذاتي تفوق التعاقدي محض افتراء وتجربة الحرس الوطني الناجحة بكل المقاييس، وعلى مدى عشر سنوات، منذ 1996م عندما قرر معالي الدكتور فهد العبد الجبار التحول للتشغيل الذاتي، تدحض هذا القول فقد تحقق توطين وظائف إدارية ومالية وصحية هامة وخفض تكاليف عقود وشراء أجهزة وأدوية ومستلزمات وتحقيق (الأمانة) والنزاهة في سير التعاقدات والجودة النوعية العالية فوفر مبالغ طائلة وسعءوَد آلاف الوظائف وأصبح الشباب السعودي المؤهل هو من يدير كل قسم في صحة الحرس وتخلص من مئات (العجزة) من أوروبا وكندا وأمريكا ممن تقاعدوا في بلادهم، وجلبتهم شركات التشغيل!!.
هذا إضافة إلى توفر عنصر تخطيط سليم مبني على نظرة شاملة، بدلا من تخبط الشركات التي تتغير خلال ثلاث سنوات وتفتقد للنظرة والتخطيط والتخصص.
ثم يعمد ذلك المقاول إلى الأسلوب الرخيص، الممل، الذي يتبعه بعض ضعاف النفوس ممن دعمهم هذا الوطن ليصبحوا تجارا من لا شيء، وهو أسلوب الابتزاز والتهديد بالنزوح إلى الاستثمار في الخارج، وهنا افتراء في افتراض، فهو يفترض أن شركات التشغيل هذه متخصصة وستجد فرصاً استثمارية في الخارج بينما الواقع أنها شركات غير متخصصة وغير مؤهلة لتشغيل مركز حجامة!!، فمن سيقبلها لتشغيل مستشفى في الخارج؟! وهل سيمنحها الصبر والتشجيع وتحمل الأخطاء مثل الوطن الذي احتضنها أول مرة؟!.
ثم هل نتوقع أن يقبل عاقل التصديق بأن الكفاءات التي تستقطبها شركات التشغيل أفضل من تلك التي تستقطبها الوزارة وبنصف الراتب !! كيف؟! وبأي معادلة منطقية يقبل الأكثر تأهيلا وكفاءة نصف راتب الأقل ؟!
أما عن المطالبة بمقارنة شفافة وواضحة تبين أيهما أفضل: التشغيل التعاقدي أم الذاتي فقد تمت هذه المقارنة عمليا وعلميا ومن خلال التجربة الرائدة للشئون الصحية بالحرس الوطني وقد عرضها معالي د. فهد العبد الجبار في مناسبات عدة، كما عرضها الأستاذ محمد بن زيد العريج المدير التنفيذي للشئون المالية في محاضراته وفي الإعلام، ولولا نجاحها الباهر وتوافقها مع المصلحة الوطنية والاحتياج الوطني وارتياح وزارة المالية لها لما استمرت وتم تعميمها رغم ما تعرضت له من قبل شركات التشغيل من حرب مشابهة لما تفعلونه مع وزارة الصحة الآن، لكن البقاء للأصلح، ونحن في مرحلة استمرار وتسارع عجلة الإصلاح.